للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَالْعَذِرَةِ أَوْ بِمَا مِنْ غَيْرِ الْآدَمِيِّ أَوْ بِمَا مِنْ ذِي الْحَافِرِ أَوْ أَعَمَّ وَهُوَ مَا فِي الدَّقَائِقِ فَعَلَى غَيْرِهِ أُرِيدَ بِهِ الْأَعَمُّ تَوَسُّعًا (وَبَوْلٌ) وَلَوْ مِنْ طَائِرٍ وَسَمَكٍ وَجَرَادٍ وَمَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَمَّى الرَّوْثَ رِكْسًا وَهُوَ شَرْعًا النَّجَسُ وَأَمَرَ بِصَبِّ الْمَاءِ عَلَى الْبَوْلِ، وَحِكَايَةُ جَمْعٍ مَالِكِيَّةِ قَوْلًا لِلشَّافِعِيِّ بِطَهَارَةِ بَوْلِ الطِّفْلِ غَلَطٌ.

وَاخْتَارَ جَمْعٌ مُتَقَدِّمُونَ وَمُتَأَخِّرُونَ طَهَارَةَ فَضَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَطَالُوا فِيهِ وَلَوْ قَاءَتْ أَوْ رَاثَتْ بَهِيمَةٌ حَبًّا صُلْبًا بِحَيْثُ لَوْ زُرِعَ نَبَتَ فَهُوَ مُتَنَجِّسٌ يُغْسَلُ وَيُؤْكَلُ وَالْعَسَلُ يَخْرُجُ قِيلَ مِنْ فَمِ النَّحْلِ فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ الْقَيْءِ وَقِيلَ مِنْ دُبُرِهَا فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ الرَّوْثِ وَقِيلَ مِنْ ثُقْبَتَيْنِ تَحْتَ جَنَاحِهَا فَلَا اسْتِثْنَاءَ إلَّا بِالنَّظَرِ إلَى أَنَّهُ حِينَئِذٍ كَاللَّبَنِ وَهُوَ مِنْ غَيْرِ الْمَأْكُولِ نَجِسٌ وَلَيْسَ الْعَنْبَرُ رَوْثًا خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ بَلْ هُوَ نَبَاتٌ فِي الْبَحْرِ فَمَا تَحَقَّقَ مِنْهُ أَنَّهُ مَبْلُوعٌ مُتَنَجِّسٌ؛ لِأَنَّهُ مُتَجَسِّدٌ غَلِيظٌ لَا يَسْتَحِيلُ وَجِلْدَةُ الْمَرَارَةِ طَاهِرَةٌ دُونَ مَا فِيهَا كَالْكَرِشِ وَمِنْهُ الْخَرَزَةُ الْمَعْرُوفَةُ فِيهَا لِانْعِقَادِهَا مِنْ النَّجَاسَةِ كَحَصَى الْكُلَى أَوْ الْمَثَانَةِ وَجِلْدَةُ الْإِنْفَحَةِ مِنْ مَأْكُولٍ طَاهِرَةٍ تُؤْكَلُ وَكَذَا مَا فِيهَا إنْ أُخِذَتْ مِنْ مَذْبُوحٍ

ــ

[حاشية الشرواني]

وَالرَّوْثُ قِيلَ بِتَرَادُفِهِمَا وَقَالَ النَّوَوِيُّ إنَّ الْعَذِرَةَ مُخْتَصَّةٌ بِالْآدَمِيِّ وَالرَّوْثُ أَعَمُّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَقَدْ يُمْنَعُ بَلْ هُوَ مُخْتَصٌّ بِغَيْرِ الْآدَمِيِّ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ صَاحِبِ الْمُحْكَمِ وَابْنِ الْأَثِيرِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِذِي الْحَافِرِ وَعَلَيْهِ فَاسْتِعْمَالُ الْفُقَهَاءِ لَهُ فِي سَائِرِ الْبَهَائِمِ تَوَسُّعٌ اهـ وَعَلَى قَوْلِ التَّرَادُفِ فَأَحَدُهُمَا يُغْنِي عَنْ الْآخَرِ وَعَلَى قَوْلِ النَّوَوِيِّ الرَّوْثُ يُغْنِي عَنْ الْعَذِرَةِ اهـ وَفِي الْبَصْرِيِّ بَعْدَ ذِكْرِ مِثْلِهَا عَنْ الْأَسْنَى مَا نَصُّهُ وَقَوْلُهُ قِيلَ مُتَرَادِفَانِ يُتَصَوَّرُ التَّرَادُفُ بِطَرِيقَيْنِ إمَّا بِأَنْ يُسْتَعْمَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ الْمُتَبَادَرُ وَإِمَّا بِأَنْ يَخْتَصَّا بِفَضْلَةِ الْآدَمِيِّ وَهَذَا مَا فَهِمَهُ صَاحِبُ التُّحْفَةِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ بُعْدٍ فَتَأَمَّلْ اهـ.

(قَوْلُهُ: كَالْعَذِرَةِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ أَسْنَى (قَوْلُهُ أَوْ بِمَا مِنْ غَيْرِ الْآدَمِيِّ) أَيْ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ طَائِرٍ) إلَى قَوْلِهِ وَحِكَايَةُ جَمْعٍ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ طَائِرٍ إلَخْ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الرَّوْثِ وَالْبَوْلِ (قَوْلُهُ عَلَى الْبَوْلِ) أَيْ بَوْلِ الْأَعْرَابِيِّ فِي الْمَسْجِدِ وَقِيسَ بِهِ سَائِرُ الْأَبْوَالِ، وَأَمَّا «أَمْرُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعُرَنِيِّينَ بِشُرْبِ أَبْوَالِ الْإِبِلِ» فَكَانَ لِلتَّدَاوِي وَالتَّدَاوِي بِالنَّجِسِ جَائِزٌ عِنْدَ فَقْدِ الطَّاهِرِ الَّذِي يَقُومُ مَقَامَهُ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَمْ يُجْعَلْ شِفَاءُ أُمَّتِي فِيمَا حُرِّمَ عَلَيْهَا» فَمَحْمُولٌ عَلَى صِرْفِ الْخَمْرِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي أَيْ فَلَا يَجُوزُ التَّدَاوِي بِهِ بِخِلَافِ صِرْفِ غَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ النَّجَاسَاتِ حَيْثُ لَمْ يَقُمْ غَيْرُهُ مَقَامَهُ ع ش (قَوْلُهُ وَاخْتَارَ جَمْعٌ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي وِفَاقًا لِلشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ وَخِلَافًا لِلشَّارِحِ كَمَا يَأْتِي عِبَارَتُهُمَا وَاللَّفْظُ لِلْأَوَّلِ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَحُمِلَ تَنَزُّهُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهَا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَمَزِيدِ النَّظَافَةِ، وَأَمَّا الْحَصَاةُ الَّتِي تَخْرُجُ مَعَ الْبَوْلِ أَوْ بَعْدَهُ أَحْيَانًا وَتُسَمِّيهَا الْعَامَّةُ الْحَصِيَّةَ فَأَفْتَى فِيهَا الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِأَنَّهُ إنْ أَخْبَرَ طَبِيبٌ عَدْلٌ بِأَنَّهَا مُنْعَقِدَةٌ مِنْ الْبَوْلِ فَنَجِسَةٌ وَإِلَّا فَمُتَنَجِّسَةٌ اهـ.

وَقَوْلُهُمَا وَأَمَّا الْحَصَاةُ إلَخْ يَأْتِي فِي الشَّارِحِ إطْلَاقُ نَجَاسَتِهَا (قَوْلُهُ طَهَارَةُ فَضَلَاتِهِ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي طَرْدُ الطَّهَارَةِ فِي فَضَلَاتِ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ نِهَايَةٌ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ طَهَارَتِهَا حِلُّ تَنَاوُلِهَا فَيَنْبَغِي تَحْرِيمُهُ إلَّا لِغَرَضٍ كَالْمُدَوَاةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الطَّهَارَةِ أَيْضًا احْتِرَامُهَا بِحَيْثُ يَحْرُمُ وَطْؤُهَا لَوْ وُجِدَتْ بِأَرْضٍ وَعَلَيْهِ فَيَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ بِهَا إذَا جَمَدَتْ ع ش (قَوْلُهُ وَأَطَالُوا فِيهِ) وَكَذَا أَطَالَ فِيهِ النِّهَايَةُ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَاءَ) إلَى قَوْلِهِ وَالْعَسَلُ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِهِ وَقِيلَ مِنْ ثَقْبَيْنِ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ بَهِيمَةٌ) لَيْسَ بِقَيْدٍ وَمِثْلُهَا الْآدَمِيُّ (قَوْلُهُ قِيلَ مِنْ فَمِ النَّحْلِ) وَهُوَ الْأَشْبَهُ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ بَلْ هُوَ نَبَاتٌ فِي الْبَحْرِ) كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي أَيْ فِي بَحْرِ الصِّينِ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْأَقَالِيمِ السَّبْعَةِ يَقْذِفُهُ الْبَحْرُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَأْكُلُهُ الْحُوتُ فَيَمُوتُ فَيَنْبِذُهُ الْبَحْرُ فَيُؤْخَذُ وَيُشَقُّ بَطْنُهُ وَيُسْتَخْرَجُ مِنْهُ وَيُغْسَلُ عَنْهُ مَا أَصَابَهُ مِنْ أَذَاهُ وَاَلَّذِي يُؤْخَذُ قَبْلَ أَنْ يَلْتَقِطَهُ السَّمَكُ هُوَ أَطْيَبُ الْعَنْبَرِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَجِلْدَةُ الْمَرَارَةِ) إلَى قَوْلِهِ وَعَنْ الْعِدَّةِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ كَحَصَى الْكُلَى أَوْ الْمَثَانَةِ (قَوْلُهُ وَجِلْدَةُ الْمَرَارَةِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ مِنْ إضَافَةِ الْأَعَمِّ إلَى الْأَخَصِّ (قَوْلُهُ طَاهِرَةٌ إلَخْ) أَيْ مُتَنَجِّسَةٌ كَالْكَرِشِ فَتَطْهُرُ بِغَسْلِهَا نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ) أَيْ مِمَّا فِي الْمَرَارَةِ النَّجَسُ (قَوْلُهُ كَحَصَى الْكُلَى وَالْمَثَانَةِ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي كَمَا مَرَّ.

وَقَالَ الْبَصْرِيُّ أَقُولُ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِ أَيْ الشَّارِحِ أَنَّهُ نَجِسٌ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ تَوَلُّدُهُ مِنْ الْبَوْلِ وَهُوَ أَوْجَهُ مِمَّنْ قَيَّدَ بِذَلِكَ أَيْ كَالنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي؛ لِأَنَّهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُتَوَلِّدَةً مِنْ الْبَوْلِ لَكِنَّهَا مُتَوَلِّدَةٌ مِنْ رُطُوبَةٍ كَائِنَةٍ فِي مَعْدِنِ النَّجَاسَةِ فَهِيَ نَجِسَةٌ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْبَلْغَمِ الْخَارِجِ مِنْ الْمَعِدَةِ فَتَأَمَّلْ اهـ وَكَذَا اسْتَشْكَلَ ع ش مَا قَالَاهُ بِعَدَمِ ظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْحَصَاةِ الْمَذْكُورَةِ وَبَيْنَ خَرَزَةِ الْمِرَّةِ الَّتِي أَطْلَقَا نَجَاسَتَهَا (قَوْلُهُ وَجِلْدَةُ الْإِنْفَحَةِ) إلَى قَوْلِهِ وَعَنْ الْعِدَّةِ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَجِلْدَةُ الْإِنْفَحَةِ إلَخْ) هِيَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَتَخْفِيفِ الْحَاءِ عَلَى الْأَفْصَحِ لَبَنٌ فِي جَوْفِ نَحْوِ سَخْلَةٍ فِي جِلْدَةٍ تُسَمَّى إنْفَحَةً أَيْضًا مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ إنْ أُخِذَتْ مِنْ مَذْبُوحٍ إلَخْ) بِخِلَافِ مَا إذَا

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

لَا يَظْهَرُ كَبِيرُ فَائِدَةٍ لِلْحُكْمِ بِطَهَارَتِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الِابْتِلَاءَ يَقْتَضِي الْحُكْمَ بِطَهَارَتِهِ وَإِنْ لَاقَى نَجِسًا.

(قَوْلُهُ فَضَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي طَرْدُ الطَّهَارَةِ فِي فَضَلَاتِ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ وَنَازَعَهُ الْجَوْجَرِيُّ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ حَبًّا صَلْبًا إلَخْ) وَقِيَاسُهُ فِي الْبَيْضِ لَوْ خَرَجَ مِنْهُ صَحِيحًا بَعْدَ ابْتِلَاعِهِ بِحَيْثُ يَكُونُ فِيهِ قُوَّةُ خُرُوجِ الْفَرْخِ أَنْ يَكُونَ مُتَنَجِّسًا لَا نَجِسًا شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ كَحَصَى الْكُلَى) خَالَفَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ فَأَفْتَى بِطَهَارَةِ عَيْنِ الْحَصَاةِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا حَجَرٌ خَلَقَهُ اللَّهُ فِي هَذَا الْمَحَلِّ وَلَيْسَ مُنْعَقِدًا مِنْ نَفْسِ الْبَوْلِ إلَّا أَنْ يُخْبِرَ عَدْلٌ طَبِيبٌ بِأَنَّهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>