التَّنْفِيلِ مَعَ الْجَهْلِ بِالْقَدْرِ مِمَّا غَنِمَ، وَهُوَ كَذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَ كَمَا قَالَ (وَيَجُوزُ أَنْ يُنْفِلَ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ الْحَاصِلِ عِنْدَهُ) فِي بَيْتِ الْمَالِ وَيَجِبُ تَعْيِينُ قَدْرِهِ إذْ لَا حَاجَةَ لِاغْتِفَارِ الْجَهْلِ حِينَئِذٍ وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَتْنِ مِنْ تَخْيِيرِهِ بَيْنَ الْخُمُسِ وَمَالِ الْمَصَالِحِ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ أَنَّ أَحَدَهُمَا أَصْلَحُ وَإِلَّا لَزِمَهُ فِعْلُهُ (وَالنَّفَلُ زِيَادَةٌ) عَلَى سَهْمِ الْغَنِيمَةِ (يَشْرِطُهَا الْإِمَامُ أَوْ الْأَمِيرُ) عِنْدَ الْحَاجَةِ لَا مُطْلَقًا (لِمَنْ يَفْعَلُ) وَلَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ (مَا فِيهِ نِكَايَةٌ فِي الْكُفَّارِ) زَائِدَةٌ عَلَى نِكَايَةِ الْجَيْشِ كَدَلَالَةٍ عَلَى قَلْعَةٍ وَتَجَسُّسٍ وَحِفْظِ مَكْمَنٍ سَوَاءٌ اسْتَحَقَّ سَلَبًا أَمْ لَا وَلِلنَّفْلِ قِسْمٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنْ يَزِيدَ الْإِمَامُ مَنْ صَدَرَ مِنْهُ أَثَرٌ مَحْمُودٌ فِي الْحَرْبِ كَبِرَازٍ وَحُسْنِ إقْدَامٍ، وَهُوَ سَهْمُ الْمَصَالِحِ الَّذِي عِنْدَهُ، أَوْ مِنْ هَذِهِ الْغَنِيمَةِ (وَيَجْتَهِدُ) الْإِمَامُ، أَوْ الْأَمِيرُ (فِي قَدْرِهِ) بِحَسَبِ قِلَّةِ الْعَمَلِ وَخَطَرِهِ وَضِدُّهُمَا
(وَالْأَخْمَاسُ الْأَرْبَعَةُ) أَيْ الْبَاقِي مِنْهَا بَعْدَ السَّلَبِ وَالْمُؤَنِ (عَقَارُهَا وَمَنْقُولُهَا لِلْغَانِمِينَ) لِلْآيَةِ وَفِعْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَهُمْ مَنْ حَضَرَ الْوَقْعَةَ) يَعْنِي قَبْلَ الْفَتْحِ وَلَوْ بَعْدَ الْإِشْرَافِ عَلَيْهِ (بِنِيَّةِ الْقِتَالِ) مِمَّنْ يُسْهَمُ لَهُ كَمَا قَيَّدَ بِهِ شَارِحٌ، وَهُوَ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَنْ يُرْضَخُ لَهُ مِنْ جُمْلَةِ الْغَانِمِينَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي ثُمَّ رَأَيْت السُّبْكِيَّ صَرَّحَ بِذَلِكَ وَالْمُخَذِّلُ وَالْمُرْجِفُ لَا نِيَّةَ لَهُمَا صَحِيحَةٌ فِي الْقِتَالِ فَلَا يَرِدَانِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ (وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ) ، أَوْ قَاتَلَ، وَإِنْ حَضَرَ بِنِيَّةٍ أُخْرَى لِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - إنَّمَا الْغَنِيمَةُ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ؛ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ تَهَيُّؤُهُ لِلْجِهَادِ؛ وَلِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْحُضُورَ يَجُرُّ إلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ تَكْثِيرَ سَوَادٍ لِلْمُسْلِمِينَ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ هَرَبَ أَسِيرٌ مِنْ كُفَّارٍ فَحَضَرَ بِنِيَّةِ خَلَاصِ نَفْسِهِ دُونَ الْقِتَالِ لَمْ يَسْتَحِقَّ إلَّا إنْ قَاتَلَ لَكِنْ إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْجَيْشِ وَإِلَّا اسْتَحَقَّ عَلَى الْأَوْجَهِ وَلَوْ انْهَزَمَ حَاضِرٌ
ــ
[حاشية الشرواني]
لَا غَيْرُ. اهـ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُ الْمَتْنِ الْحَاصِلُ عِنْدَهُ) تَنْبِيهٌ لَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْحَاصِلِ عِنْدَهُ كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُهُ، بَلْ يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَ مِمَّا يَتَجَدَّدُ فِي بَيْتِ الْمَالِ. اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْحَاجَةِ) كَكَثْرَةِ الْعَدُوِّ وَقِلَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَاقْتِضَاءِ الْحَالِ بَعْثَ السَّرَايَا وَحِفْظَ الْمِكَاسِ. اهـ مُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ لَمْ يَفْعَلْ إلَخْ) وَلَوْ مُتَعَدِّدًا اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ) كَمَنْ فَعَلَ كَذَا فَلَهُ كَذَا اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: قِسْمٌ آخَرُ إلَخْ) وَهَذَا يُسَمَّى إنْعَامًا وَجَزَاءً عَلَى فِعْلٍ مَاضٍ شُكْرًا وَالْأَوَّلُ جَعَالَةٌ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ هَذِهِ الْغَنِيمَةِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ عِنْدَهُ أَيْ، أَوْ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ الَّذِي هُوَ مِنْ هَذِهِ الْغَنِيمَةِ. اهـ ع ش. (قَوْلُ الْمَتْنِ فِي قَدْرِهِ) وَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى الثُّلُثِ وَالنَّقْصُ عَنْ الرُّبُعِ بِحَسَبِ الِاجْتِهَادِ. اهـ مُغْنِي
(قَوْلُهُ: أَيْ: الْبَاقِي مِنْهَا إلَخْ) الْأَوْلَى - بَلْ الصَّوَابُ - حَذْفُهُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا وَاَلَّذِي قَبْلَهُ إنَّمَا هُوَ فِي الْبَاقِي بَعْدَمَا ذُكِرَ كَمَا تَقَدَّمَ التَّصْرِيحُ بِهِ مَعَ أَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ السَّلَبَ وَالْمُؤَنَ مِنْ الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا مَرَّ مِنْ إخْرَاجِهِمَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، ثُمَّ تَخْمِيسِ الْبَاقِي. اهـ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَفِعْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) الْوَاوُ فِيهِ بِمَعْنَى مَعَ إذْ الْآيَةُ لَا دَلَالَةَ فِيهَا بِمُجَرَّدِهَا، وَإِنَّمَا يُبَيِّنُهَا فِعْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اهـ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرْجِفُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ، وَقَوْلُهُ: لَا نِيَّةَ لَهُمَا لِمُرَاعَاةِ اللَّفْظِ إذْ الْعَطْفُ تَفْسِيرِيٌّ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ. اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: فَلَا يَرِدَانِ) أَيْ: عَلَى مَنْطُوقِ الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ) أَقَرَّ ذَلِكَ الْبَعْضَ الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: أَوْ قَاتَلَ) إلَى قَوْلِهِ: أَمَّا الْمَبْعُوثَةُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَلَا يُرَدُّ إلَى فَإِنْ عَادَ. (قَوْلُهُ: لِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْحُضُورَ يَجُرُّهُ إلَخْ) وَلَا يَتَأَخَّرُ عَنْهُ فِي الْغَالِبِ إلَّا لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ. اهـ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: فَعُلِمَ إلَخْ) أَيْ: مِنْ اشْتِرَاطِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ الْقِتَالِ، أَوْ نِيَّتِهِ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ إنْ كَانَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ لَكِنَّ مَحَلَّهُ فِيمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ ذَلِكَ الْجَيْشِ وَإِلَّا اسْتَحَقَّ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا اسْتَحَقَّ إلَخْ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حُضُورُهُ فِي الْأَصْلِ بِنِيَّةِ الْقِتَالِ وَلَمْ يُقَاتِلْ اهـ سم (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَوْجَهِ) الْمُتَبَادَرُ أَنَّ مَعْنَاهُ عَلَى الْأَوْجَهِ مِنْ الْخِلَافِ فَيَكُونُ الْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي مِنْ غَيْرِ هَذَا الْجَيْشِ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا إنْ قَاتَلَ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، وَأَنَّ الَّذِي مِنْهُ يَسْتَحِقُّ، وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ عَلَى خِلَافٍ، وَهَذَا غَيْرُ مُطَابِقٍ لِمَا فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ أَيْ: وَالْمُغْنِي مِمَّا حَاصِلُهُ أَنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ كَانَ مِنْ هَذَا الْجَيْشِ، أَوْ جَيْشٍ آخَرَ قَطْعًا فِي الْأَوَّلِ، وَعَلَى الْأَصَحِّ فِي الثَّانِي، وَيُمْكِنُ التَّكْلِيفُ بِحَمْلِ قَوْلِهِ " وَإِلَّا " عَلَى مَعْنَى: وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ أَيْ: الَّذِي مِنْ غَيْرِ هَذَا
[حاشية ابن قاسم العبادي]
وَ (قَوْلُهُ: إلَّا لَزِمَهُ فِعْلُهُ) أَيْ: كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ: أَنَّهُ الْأَشْبَهُ بَعْدَ نَقْلِهِ التَّخْيِيرَ عَنْ الْغَزَالِيِّ. (قَوْلُهُ: وَيَجْتَهِدُ الْإِمَامُ فِي قَدْرِهِ إلَخْ) قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ مَنْ اسْتَحَقَّ السَّهْمَ يَسْتَحِقُّ السَّلَبَ مَعَ تَمَامِ سَهْمِهِ، وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ ظَاهِرِ النَّصِّ خِلَافًا لِمَنْ نَقَلَ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ. اهـ
(قَوْلُهُ: مِمَّنْ يُسْهَمُ لَهُ إلَخْ) فِي الرَّوْضِ، وَيُعْطِي غَائِبًا حَضَرَ لِلْقِتَالِ قَبْلَ انْقِضَائِهِ مِمَّا سَيُحَازُ، وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ قَالَ فِي شَرْحِهِ: إنْ كَانَ مِمَّنْ يُسْهِمُ لَهُ. (قَوْلُهُ: أَوْ قَاتَلَ، وَإِنْ حَضَرَ بِنِيَّةٍ أُخْرَى) أَيْ: كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي: وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْأَجِيرَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْجَيْشِ، وَإِلَّا اسْتَحَقَّ عَلَى الْأَوْجَهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْهُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: وَإِلَّا اسْتَحَقَّ عَلَى الْأَوْجَهِ مِنْ الْخِلَافِ فَيَكُونُ الْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي مِنْ غَيْرِ هَذَا الْجَيْشِ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا إنْ قَاتَلَ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ، وَأَنَّ الَّذِي فِيهِ يَسْتَحِقُّ، وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ عَلَى خِلَافٍ، وَهَذَا غَيْرُ مُطَابِقٍ لِقَوْلِ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ، وَإِنْ أَفْلَتَ أَسِيرٌ مِنْ يَدِ الْكُفَّارِ، أَوْ أَسْلَمَ كَافِرٌ أَسْهَمَ لَهُ إنْ حَضَرَ الصَّفَّ، وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ، وَإِنَّمَا يُسْهِمُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مِمَّا حِيزَ بَعْدَ حُضُورِهِ، فَإِنْ كَانَ هَذَا الْأَسِيرُ مِنْ جَيْشٍ آخَرَ أَسْهَمَ لَهُ إنْ قَاتَلَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ بَانَ بِقِتَالِهِ قَصْدُهُ لِلْجِهَادِ، وَأَنَّ خَلَاصَهُ لَمْ يَتَمَحَّضْ غَرَضًا لَهُ، وَإِلَّا فَقَوْلَانِ. أَحَدُهُمَا: وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ يُسْهِمُ لِشُهُودِهِ الْوَقْعَةَ، وَثَانِيهمَا: لَا لِعَدَمِ قَصْدِهِ الْجِهَادَ. اهـ، وَحَاصِلُهُ كَمَا تَرَى أَنَّهُ يُسْهِمُ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ كَانَ فِي هَذَا الْجَيْشِ، أَوْ جَيْشٍ آخَرَ قَطْعًا فِي الْأَوَّلِ، وَعَلَى الْأَصَحِّ فِي الثَّانِي، وَيُمْكِنُ التَّكَلُّفُ بِحَمْلِ قَوْلِهِ، وَإِلَّا عَلَى مَعْنَى، وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ أَيْ: الَّذِي مِنْ غَيْرِ الْجَيْشِ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ الصَّنِيعِ حِينَئِذٍ عَدَمُ اسْتِحْقَاقِ الَّذِي مِنْ هَذَا الْجَيْشِ إذَا لَمْ يُقَاتِلْ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ نَقْلًا، وَمَعْنًى.
(قَوْلُهُ: وَالِاسْتِحْقَاقُ عَلَى الْأَوْجَهِ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute