أَنَّهَا كَغَيْرِهَا عَلَى أَنَّهُ كَانَ مِنْ جَمْعٍ فَيَلْزَمُ اخْتِلَاطُ مَنِيِّ الْمَرْأَةِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَلِمُ كَالْأَنْبِيَاءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَجْوِيزُ احْتِلَامِهِ الَّذِي أَفْهَمَهُ قَوْلُ عَائِشَةَ فِي إصْبَاحِهِ صَائِمًا جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ غَيْرِ احْتِلَامٍ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْمُمْتَنِعَ احْتِلَامٌ مِنْ فِعْلٍ بِرُؤْيَةٍ؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي يَكُونُ مِنْ الشَّيْطَانِ بِخِلَافِهِ لَا عَنْ رُؤْيَةِ شَيْءٍ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْشَأُ عَنْ نَحْوِ مَرَضٍ أَوْ امْتِلَاءِ أَوْعِيَةِ الْمَنِيِّ وَبِفَرْضِ صِحَّةِ هَذَا فَهُوَ نَادِرٌ فَلَا نَظَرَ لِاحْتِمَالِهِ وَزَعْمُ خُرُوجِهِ مِنْ مَخْرَجِ الْبَوْلِ غَيْرُ مُحَقَّقٍ بَلْ قَالَ أَهْلُ التَّشْرِيحِ إنَّ فِي الذَّكَرِ ثَلَاثَ مَجَارِي مَجْرًى لِلْمَنِيِّ وَمَجْرًى لِلْبَوْلِ وَالْوَدْيِ وَمَجْرًى لِلْمَذْيِ بَيْنَ الْأَوَّلَيْنِ وَبِفَرْضِهِ فَالْمُلَاقَاةُ بَاطِنًا لَا تُؤَثِّرُ بِخِلَافِهَا ظَاهِرًا وَمِنْ ثَمَّ يَتَنَجَّسُ مِنْ مُسْتَنْجٍ بِغَيْرِ الْمَاءِ لِمُلَاقَاتِهِ لَهَا طَاهِرًا وَلَا يُنَافِي الْأَوَّلُ مَا مَرَّ فِي الطَّعَامِ الْخَارِجِ؛ لِأَنَّ الْمُلَاقَاةَ هُنَا ضَرُورِيَّةٌ فِي بَاطِنَيْنِ بِخِلَافِهَا ثَمَّ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُلْحِقُوا بِهِ بَلْغَمَ نَحْوِ الصَّدْرِ كَمَا مَرَّ.
وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ مَا فِي الْبَاطِنِ نَجِسٌ لَكِنَّهُ فِي الْحَيِّ لَا يُدَارُ عَلَيْهِ حُكْمُ النَّجَسِ إلَّا إنْ اتَّصَلَ بِالظَّاهِرِ أَوْ اتَّصَلَ بَعْضُ الظَّاهِرِ كَعَوْدٍ بِهِ وَفِي قَوَاعِدِ الزَّرْكَشِيّ إسْهَابٌ فِي ذَلِكَ وَهَذَا خُلَاصَةُ الْمُعْتَمَدِ مِنْهُ بَلْ قَوْلُنَا نَجِسٌ لَكِنَّهُ إلَى آخِرِهِ يُجْمَعُ بِهِ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْجَوْفِ نَجَاسَةٌ وَمُقَابِلُهُ وَيُسَنُّ غَسْلُهُ رَطْبًا وَفَرْكُهُ يَابِسًا لَكِنْ غَسْلُهُ أَفْضَلُ.
(قُلْت الْأَصَحُّ طَهَارَةُ مَنِيِّ غَيْرِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَفَرْعِ أَحَدِهِمَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِأَنَّهُ أَصْلُ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ فَأَشْبَهَ مَنِيَّ الْآدَمِيِّ وَمِثْلُهُ بَيْضُ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَهُوَ طَاهِرٌ مُطْلَقًا يَحِلُّ أَكْلُهُ مَا لَمْ يُعْلَمْ ضَرَرُهُ وَبَيْضُ الْمَيْتَةِ إنْ تَصَلَّبَ طَاهِرٌ وَإِلَّا فَنَجِسٌ.
(وَلَبَنُ مَا لَا يُؤْكَلُ غَيْرُ الْآدَمِيِّ) لِأَنَّهُ فَضْلَةٌ وَلَيْسَ أَصْلَ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ وَبِهِ فَارَقَ مَنِيَّهُ أَمَّا لَبَنُ الْمَأْكُولِ كَالْفَرَسِ فَطَاهِرٌ إجْمَاعًا إلَّا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ جَلَّالَةٍ فَهُوَ نَجِسٌ عَلَى قَوْلٍ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ.
(تَنْبِيهٌ)
لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ صَرَّحَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ فِي لَبَنِ الرُّمْكَةِ وَهِيَ الْفَرَسُ
ــ
[حاشية الشرواني]
خِلَافِهِ (قَوْلُهُ إنَّهَا إلَخْ) بَيَانٌ لِلْمَوْصُولِ (قَوْلُهُ كَغَيْرِهَا) أَيْ فِي النَّجَاسَةِ وَكَانَ الْأَوْلَى كَفَضَلَاتِ غَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَهَذَا لَا يَتِمُّ الِاسْتِدْلَال بِهِ إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَةِ فَضَلَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأُجِيبُ بِصِحَّةِ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ مُطْلَقًا وَلَوْ قُلْنَا بِطَهَارَةِ فَضَلَاتِهِ؛ لِأَنَّ مَنِيَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ مِنْ جِمَاعٍ إلَخْ (قَوْلُهُ فَيَلْزَمُ إلَخْ) فِي اللُّزُومِ نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مِنْ نَحْوِ النَّظَرِ قَالَهُ الْبَصْرِيُّ وَحَقُّهُ أَنْ يَكْتُبَ عَلَى قَوْلِ الشَّارِحِ كَانَ مِنْ جِمَاعٍ مَعَ أَنَّ الشَّارِحَ أَشَارَ إلَى دَفْعِ ذَلِكَ النَّظَرِ بِقَوْلِهِ الْآتِي وَبِفَرْضِ إلَخْ (قَوْلُهُ عَنْ فِعْلٍ) أَيْ إيلَاجٍ بِرُؤْيَةٍ أَيْ لِصُورَةِ حَيَوَانٍ آدَمِيٍّ أَوَّلًا (قَوْلُهُ لِأَنَّ هَذَا) أَيْ الِاحْتِلَامَ مِنْ فِعْلٍ بِرُؤْيَةِ شَيْءٍ (قَوْلُهُ عَنْ نَحْوِ مَرَضٍ) كَكَثْرَةِ الذِّكْرِ وَالْمُرَاقَبَةِ (قَوْلُهُ وَبِفَرْضِ صِحَّةِ هَذَا) أَيْ كَوْنِهِ نَشَأَ عَنْ نَحْوِ مَرَضٍ أَوْ امْتِلَاءِ أَوْعِيَةِ الْمَنِيِّ ع ش.
(قَوْلُهُ: وَبِفَرْضِهِ) أَيْ فَرْضِ اتِّحَادِ الْمَخْرَجِ (قَوْلُهُ وَزَعْمُ خُرُوجِهِ) إلَى قَوْلِهِ وَلَا يُنَافِي فِي الْمُغْنِي مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ يَتَنَجَّسُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَلَوْ بَالَ الشَّخْصُ وَلَمْ يَغْسِلْ مَحَلَّهُ تَنَجَّسَ مَنِيُّهُ وَإِنْ كَانَ مُسْتَجْمِرًا بِالْأَحْجَارِ وَعَلَى هَذَا لَوْ جَامَعَ رَجُلٌ مَنْ اسْتَنْجَتْ بِالْأَحْجَارِ تَنَجَّسَ مَنِيُّهُمَا وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُنَجِّسُ ذَكَرَهُ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ مَنْ اسْتَنْجَتْ إلَخْ وَكَذَا لَوْ كَانَ هُوَ مُسْتَجْمِرًا بِالْحَجَرِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ جِمَاعُهَا وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا تَمْكِينُهُ وَلَا تَصِيرُ بِالِامْتِنَاعِ نَاشِزَةً وَعَلَيْهِ فَلَوْ فَقَدَ الْمَاءَ امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْجِمَاعُ وَلَا يَكُونُ فَقْدُهُ عُذْرًا فِي جَوَازِهِ نَعَمْ إنْ خَافَ الزِّنَا اُتُّجِهَ أَنَّهُ عُذْرٌ فَيَجُوزُ الْوَطْءُ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُسْتَجْمِرُ بِالْحَجَرِ الرَّجُلَ أَوْ الْمَرْأَةَ وَيَجِبُ عَلَيْهَا التَّمْكِينُ فِيمَا إذَا كَانَ الرَّجُلُ مُسْتَجْمِرًا بِالْحَجَرِ وَهِيَ بِالْمَاءِ وَقَوْلُهُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَيْ وَعَلَيْهَا أَيْضًا اهـ.
(قَوْلُهُ لِمُلَاقَاتِهِ) أَيْ الْمَنِيِّ لَهَا أَيْ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ الْأَوَّلُ) وَهُوَ عَدَمُ تَأْثِيرِ الْمُلَاقَاةِ بَاطِنًا (قَوْلُهُ مَا مَرَّ فِي الطَّعَامِ إلَخْ) أَيْ تَنَجُّسُهُ عِنْدَ الْقَفَّالِ (قَوْلُهُ فِي بَاطِنَيْنِ) أَيْ فِي أَمْرَيْنِ بَاطِنَيْنِ وَهُمَا الْمَنِيُّ وَالْبَوْلُ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ بِخِلَافِهَا ثُمَّ) أَيْ بِخِلَافِ الْمُلَاقَاةِ فِي الطَّعَامِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ ضَرُورِيَّةً وَفِي ظَاهِرِيٍّ وَبَاطِنِيٍّ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ لَمْ يُلْحِقُوا بِهِ) أَيْ بِالطَّعَامِ الْخَارِجِ قَبْلَ وُصُولِهِ لِلْمَعِدَةِ فِي التَّنَجُّسِ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي شَرْحِ وَقَيْءٌ (قَوْلُهُ إسْهَابٌ إلَخْ) أَيْ إطَالَةُ كَلَامٍ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ قَوْلُهُ إنَّ مَا فِي الْبَاطِنِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَيُسَنُّ غَسْلُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَيُسَنُّ غَسْلُ الْمَنِيِّ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ اهـ قَالَ ع ش أَيْ مُطْلَقًا رَطْبًا كَانَ أَوْ جَافًّا لَكِنْ يُعَارِضُهُ أَنَّ مَحَلَّ مُرَاعَاةِ الْخِلَافِ مَا لَمْ تَثْبُتْ سُنَّةٌ صَحِيحَةٌ بِخِلَافِهِ، وَقَدْ ثَبَتَ فَرْكُهُ يَابِسًا هُنَا فَلَا يُلْتَفَتُ لِخِلَافِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَفَرْكُهُ يَابِسًا إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يُتَأَمَّلَ مَعْنَى اسْتِحْبَابِ فَرْكِهِ مَعَ كَوْنِ غَسْلِهِ أَفْضَلَ فَإِنَّ كَوْنَ الْغَسْلِ أَفْضَلَ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْفَرْكَ خِلَافُ الْأَوْلَى فَكَيْفَ يَكُونُ سُنَّةً إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُمَا سُنَّتَانِ إحْدَاهُمَا أَفْضَلُ مِنْ الْأُخْرَى كَمَا قِيلَ فِي الْإِقْعَاءِ فِي الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ أَنَّهُ سُنَّةٌ وَالِافْتِرَاشُ أَفْضَلُ مِنْهُ وَلَكِنْ فِي سم عَلَى حَجّ عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَيُسَنُّ غَسْلُهُ رَطْبًا وَفَرْكُهُ يَابِسًا لِحَدِيثٍ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ وَلَا نَظَرَ لِعَدَمِ إجْزَاءِ الْفَرْكِ عِنْدَ الْمُخَالِفِ لِمُعَارَضَتِهِ لِسُنَّةٍ صَحِيحَةٍ ع ش (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ مُطْلَقًا إلَى وَبَيْضِ الْمَيْتَةِ (قَوْلُهُ بَيْضُ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ إلَخْ) أَيْ حَيَوَانٌ طَاهِرٌ لَا يُؤْكَلُ إلَخْ وَبَزْرُ الْقَزِّ وَهُوَ الْبَيْضُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ دُودُ الْقَزِّ طَاهِرٌ وَلَوْ اسْتَحَالَتْ الْبَيْضَةُ دَمًا وَصَلُحَ لِلتَّخَلُّقِ فَطَاهِرَةٌ وَإِلَّا فَلَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَمِنْ هَذَا الْبَيْضُ الَّذِي يَحْصُلُ مِنْ الْحَيَوَانِ بِلَا كَبْسِ ذَكَرٍ فَإِنَّهُ إذَا صَارَ دَمًا كَانَ نَجِسًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ حَيَوَانٌ اهـ حَجّ بِالْمَعْنَى اهـ ع ش (قَوْلُهُ فَهُوَ طَاهِرٌ إلَخْ) شَامِلٌ لِغَيْرِ الْمُتَصَلِّبِ إذَا خَرَجَ مِنْ حَيٍّ أَوْ مُذَكَّاةٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ كَالْمَنِيِّ أَوْ الْعَلَقَةِ أَوْ الْمُضْغَةِ سم وَعِ ش (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ عُلِمَ ضَرَرُهُ أَمْ لَا تَصَلَّبَ أَمْ لَا.
قَوْلُ الْمَتْنِ (غَيْرُ الْآدَمِيِّ) أَيْ وَالْجِنِّيِّ فِيمَا يَظْهَرُ ع ش (قَوْلُهُ وَبِهِ إلَخْ) أَيْ بِقَوْلِهِ وَلَيْسَ إلَخْ (قَوْلُهُ كَالْفَرَسِ) وَإِنْ وَلَدَتْ بَغْلًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ الْأَصَحُّ خِلَافُهُ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ) أَيْ لِمَا
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
وَيُسَنُّ غَسْلُهُ رَطْبًا) عِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ يُسَنُّ غَسْلُهُ رَطْبًا وَفَرْكُهُ يَابِسًا لِحَدِيثٍ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ وَلَا نَظَرَ لِعَدَمِ إجْزَاءِ الْفَرْكِ عِنْدَ الْمُخَالِفِ لِمُعَارَضَتِهِ لِسُنَّةٍ صَحِيحَةٍ (قَوْلُهُ فَهُوَ طَاهِرٌ مُطْلَقًا) شَامِلٌ لِغَيْرِ الْمُتَصَلِّبِ إذَا خَرَجَ مِنْ