الَّذِي لَا يَجِبُ غَسْلُهُ بِخِلَافِ مَا يَخْرُجُ مِمَّا يَجِبُ غَسْلُهُ فَإِنَّهُ طَاهِرٌ قَطْعًا وَمِنْ وَرَاءِ بَاطِنِ الْفَرْجِ فَإِنَّهُ نَجِسٌ قَطْعًا كَكُلِّ خَارِجٍ مِنْ الْبَاطِنِ كَالْمَاءِ الْخَارِجِ مَعَ الْوَلَدِ أَوْ قُبَيْلَهُ وَالْقَطْعُ فِي ذَلِكَ ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْمَنْقُولَ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِي الْكُلِّ (بِنَجَسٍ) مِنْ الْحَيَوَانِ الطَّاهِرِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ مِنْ الْآدَمِيِّ لَيْسَ لِإِخْرَاجِهَا مِنْ غَيْرِهِ بَلْ لِبَيَانِ أَنَّ مُقَابِلَ الْأَصَحِّ فِيهَا أَقْوَى مِنْ غَيْرِهِ مِنْهُ فِيهَا مِنْ الْآدَمِيِّ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ تَقْرِيرِهِ لَهُ (فِي الْأَصَحِّ) أَمَّا الْأُولَيَانِ فَأَوْلَى مِنْ الْمَنِيِّ؛ لِأَنَّهُمَا أَقْرَبُ مِنْهُ إلَى الْحَيَوَانِيَّةِ وَأَمَّا قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ شَرْطُهُمَا عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ أَنْ يَكُونَا مِنْ الْآدَمِيِّ لِنَجَاسَةِ مَنِيِّ غَيْرِهِ عِنْدَهُ وَهُمَا أَوْلَى مِنْهُ بِالنَّجَاسَةِ وَيَدُلُّ لَهُ جَزْمُ الرَّافِعِيِّ بِطَهَارَةِ مَنِيِّ الْآدَمِيِّ وَحِكَايَتُهُ خِلَافًا قَوِيًّا فِي نَجَاسَتِهِمَا مِنْهُ اهـ.
فَمَرْدُودٌ بِأَنَّهُمَا أَقْرَبُ إلَى الْحَيَوَانِيَّةِ مِنْهُ وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الدَّمَوِيَّةِ مِنْهُمَا وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ أَصَالَةَ الْمَنِيِّ لَمْ يُعَارِضْهَا فِيهِ مَا يُبْطِلُهَا وَأَصَالَتُهُمَا عَارَضَهَا عِنْدَ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ الْقَائِلِ بِنَجَاسَتِهِمَا مَا أَبْطَلَهَا وَهُوَ أَنَّ الْعَلَقَةَ دَمٌ كَالْحَيْضِ وَالْمُضْغَةُ قِطْعَةُ لَحْمٍ فَهِيَ كَمَيْتَةِ الْآدَمِيِّ النَّجِسَةِ عَلَى قَوْلٍ لِلشَّافِعِيِّ فَلِهَذَا اتَّضَحَ جَزْمُ الرَّافِعِيِّ بِطَهَارَةِ الْمَنِيِّ وَحِكَايَتُهُ الْخِلَافَ الْقَوِيَّ فِي نَجَاسَتِهِمَا لَكِنَّا مَعَ ذَلِكَ لَا نَجْزِمُ عَلَى طَرِيقَةِ الرَّافِعِيِّ بِمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ تَقْيِيدِهِمَا بِكَوْنِهِمَا مِنْ الْآدَمِيِّ بَلْ ذَلِكَ مُحْتَمِلٌ لِمَا ذَكَرَ وَلِإِطْلَاقِ طَهَارَتِهِمَا مِنْ الْحَيَوَانِ الطَّاهِرِ نَظَرًا إلَى أَقْرَبِيَّتِهِمَا مِنْ الْحَيَوَانِيَّةِ وَلَا يُعَارِضُهُ جَزْمُ الرَّافِعِيِّ بِطَهَارَتِهِ وَحِكَايَتُهُ الْخِلَافَ فِي نَجَاسَتِهِمَا؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ فِي ذَلِكَ لِلْأَصْحَابِ النَّاظِرِينَ لِمَا ذَكَرْته أَنَّ أَصَالَةَ الْمَنِيِّ لَمْ يُعَارِضْهَا شَيْءٌ بِخِلَافِ أَصَالَتِهِمَا وَأَمَّا الْأَخِيرَةُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ انْفِصَالِهَا وَعَدَمِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَلِأَنَّهَا كَالْعَرَقِ
ــ
[حاشية الشرواني]
الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَتَنَجَّسُ بِذَلِكَ وَمَعَ هَذَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْفَى عَنْ ذَلِكَ فَلَا يَنْجَسُ ذَكَرُ الْمُجَامِعِ لِكَثْرَةِ الِابْتِلَاءِ بِهِ وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ أَيْضًا مَا لَوْ أَدْخَلَتْ أُصْبُعَهَا لِغَرَضٍ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَعُمَّ الِابْتِلَاءُ بِهِ كَالْجِمَاعِ لَكِنَّهَا قَدْ تَحْتَاجُ إلَيْهِ كَأَنْ أَرَادَتْ الْمُبَالَغَةَ فِي تَنْظِيفِ الْمَحَلِّ وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنَّهُ إنْ طَالَ ذَكَرُهُ وَخَرَجَ عَنْ الِاعْتِدَالِ أَنْ لَا يَنْجَسَ بِمَا أَصَابَهُ مِنْ الرُّطُوبَةِ الْمُتَوَلِّدَةِ مِنْ الْبَاطِنِ الَّذِي لَا يَصِلُ إلَيْهِ ذَكَرُ الْمُجَامِعِ الْمُعْتَدِلُ لِعَدَمِ إمْكَانِ التَّحَفُّظِ مِنْهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اُبْتُلِيَ النَّائِمُ بِسَيَلَانِ الْمَاءِ مِنْ فَمِهِ فَإِنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ لِمَشَقَّةِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ فَكَذَا هُنَا ع ش.
(قَوْلُهُ الَّذِي لَا يَجِبُ غَسْلُهُ) خِلَافًا لِلْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ لَكِنَّ مُقْتَضَى آخِرِ كَلَامِ الثَّانِي أَنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ عِبَارَتُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا مَتَى خَرَجَتْ مِنْ مَحَلٍّ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ فَهِيَ نَجِسَةٌ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ رُطُوبَةٌ جَوْفِيَّةٌ وَهِيَ إذَا خَرَجَتْ إلَى الظَّاهِرِ يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهَا فَلَا تُنَجِّسُ ذَكَرَ الْمُجَامِعِ عِنْدَ الْحُكْمِ بِطَهَارَتِهَا وَلَا يَجِبُ غَسْلُ الْوَلَدِ الْمُنْفَصِلِ مِنْ أُمِّهِ وَالْأَمْرُ بِغَسْلِ الذَّكَرِ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَلَا تُنَجِّسُ أَيْ الرُّطُوبَةُ مَنِيَّ الْمَرْأَةِ عَلَى مَا مَرَّ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر وَالْحَاصِلُ إلَخْ يُتَأَمَّلُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ بِعَدَمِ وُجُوبِ غَسْلِ ذَكَرِ الْمُجَامِعِ فَإِنَّهُ يَصِلُ إلَى مَا لَا يَجِبُ غَسْلُهُ مِنْ الْمَرْأَةِ وَعَلَيْهِ فَكَانَ الْقِيَاسُ نَجَاسَتَهُ نَعَمْ فِي كَلَامِ سم عَلَى الْبَهْجَةِ مَا يُفِيدُ أَنَّا وَإِنْ قُلْنَا بِنَجَاسَتِهِ يُعْفَى عَنْهُ وَقَوْلُهُ فَهِيَ نَجِسَةٌ خِلَافًا لِحَجِّ حَيْثُ قَالَ بِطَهَارَتِهَا إنْ خَرَجَتْ مِمَّا يَصِلُ إلَيْهِ ذَكَرُ الْمُجَامِعِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ اهـ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا يَخْرُجُ مِمَّا يَجِبُ غَسْلُهُ إلَخْ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ رُطُوبَةَ الْفَرْجِ ثَلَاثُ أَقْسَامٍ طَاهِرَةٌ قَطْعًا وَهِيَ مَا تَكُونُ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي يَظْهَرُ عِنْدَ جُلُوسِهَا وَهُوَ الَّذِي يَجِبُ غَسْلُهُ فِي الْغُسْلِ وَالِاسْتِنْجَاءِ، وَنَجِسَةٌ قَطْعًا وَهِيَ مَا وَرَاءَ ذَكَرِ الْمُجَامِعِ، وَطَاهِرَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ وَهِيَ مَا يَصِلُهُ ذَكَرُ الْمُجَامِعِ شَيْخُنَا اهـ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ وَمِنْ وَرَاءِ بَاطِنِ الْفَرْجِ إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهَا الْخَارِجَةُ مِنْ دَاخِلِ الْجَوْفِ وَهُوَ فَوْقَ مَا لَا يَلْحَقُهُ الْمَاءُ مِنْ الْفَرْجِ سم (قَوْلُهُ وَالْقَطْعُ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِيمَا يَخْرُجُ مِنْ وَرَاءِ بَاطِنِ الْفَرْجِ (قَوْلُهُ فِي الْكُلِّ) أَيْ مِنْ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ قَوْلُ الْمَتْنِ (بِنَجَسٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ مُغْنِي (قَوْلُهُ مِنْ الْحَيَوَانِ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ مِنْ الْحَيَوَانِ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ غَيْرَ مَأْكُولٍ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ الطَّاهِرُ) خَرَجَ بِهِ النَّجِسُ كَكَلْبٍ وَنَحْوِهِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ فِيهَا) أَيْ الثَّلَاثِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَتْنِ حَالٌ مِنْ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ عَلَى مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ (مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْآدَمِيِّ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ فِيهَا (أَقْوَى مِنْهُ) أَيْ مِنْ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ خَبَرَانِ أَيْ تِلْكَ الثَّلَاثُ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ مِنْهُ (مِنْ الْآدَمِيِّ) حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ فِيهَا (قَوْلُهُ مِنْ تَقْرِيرِهِ) أَيْ الشَّارِحِ الْمُحَقِّقِ (لَهُ) أَيْ لِمُقَابِلِ الْأَصَحِّ (قَوْلُهُ أَمَّا الْأُولَيَانِ) أَيْ طَهَارَةُ الْعَلَقَةِ وَالْمُضْغَةِ (فَأَوْلَى مِنْ الْمَنِيِّ) أَيْ بِالطَّهَارَةِ (قَوْلُهُ شَرْطُهُمَا) يَعْنِي شَرْطَ طَهَارَةِ الْأُولَيَيْنِ (قَوْلُهُ أَنْ يَكُونَا) الْأَوْلَى التَّأْنِيثُ (قَوْلُهُ وَهُمَا) أَيْ الْأُولَيَانِ مِنْ غَيْرِ الْآدَمِيِّ (أَوْلَى مِنْهُ) أَيْ مِنْ مَنِيِّ غَيْرِ الْآدَمِيِّ (قَوْلُهُ وَيَدُلُّ لَهُ) أَيْ لِكَوْنِهِمَا أَوْلَى مِنْ الْمَنِيِّ بِالنَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ مِنْهُ) أَيْ الْآدَمِيِّ (قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ) أَيْ فِي الرَّدِّ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ فِيهِ) أَيْ فِي الْآدَمِيِّ (قَوْلُهُ بِنَجَاسَتِهِمَا) أَيْ الْعَلَقَةِ وَالْمُضْغَةِ مِنْ الْآدَمِيِّ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ مَا أَبْطَلَهَا (قَوْلُهُ وَلِهَذَا) أَيْ لِأَنَّ أَصَالَةَ الْمَنِيِّ لَمْ يُعَارِضْهَا شَيْءٌ وَأَصَالَةَ الْعَلَقَةِ وَالْمُضْغَةِ عَارَضَهَا مَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ مَعَ ذَلِكَ) أَيْ النَّظَرِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ بَلْ ذَلِكَ) أَيْ قَوْلُ الْمِنْهَاجِ وَلَيْسَتْ الْعَلَقَةُ وَالْمُضْغَةُ بِنَجَسٍ وَقَوْلُهُ لِمَا ذَكَرَهُ أَيْ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ التَّقْيِيدِ الْمَذْكُورِ وَقَوْلُهُ وَلَا يُعَارِضُهُ أَيْ احْتِمَالُ الْإِطْلَاقِ وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ تَابِعٌ أَيْ الرَّافِعِيُّ (فِي ذَلِكَ) أَيْ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ الْجَزْمِ وَالْحِكَايَةِ الْمَذْكُورَيْنِ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْأَخِيرَةُ)
[حاشية ابن قاسم العبادي]
أَيْ وَإِنْ كَانَ مَرْمِيًّا لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِرَمْيِ الْعَظْمِ الطَّاهِرِ م ر.
(قَوْلُهُ وَمِنْ وَرَاءِ بَاطِنِ الْفَرَجِ فَإِنَّهُ نَجِسٌ قَطْعًا) جَعَلَ الرُّطُوبَةَ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ كَمَا تَرَى، وَقَدْ ذَكَرَهُ كَذَلِكَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ ثُمَّ خَالَفَهُ حَيْثُ قَالَ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْخَارِجَةِ مِمَّا لَا يَنْفَرِجُ لِجُلُوسِ الْمَرْأَةِ وَلَا يَلْحَقُهُ الْغَسْلُ بِالْمَاءِ، وَأَمَّا مَا يَلْحَقُهُ الْغَسْلُ فَلَهُ حُكْمُ الظَّاهِرِ اهـ. وَنَقَلَهُ فِي الْخَادِمِ عَنْ صَاحِبِ الْمُعِينِ ثُمَّ كَلَامُ الْأَذْرَعِيِّ الْمَذْكُورُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْخَارِجَةَ مِمَّا يَلْحَقُهُ الْمَاءُ لَا خِلَافَ فِي طَهَارَتِهَا أَوْ مِمَّا لَا يَلْحَقُهُ فِيهَا خِلَافٌ وَالْأَصَحُّ الطَّهَارَةُ وَيُنَافِيهِ مَا يَأْتِي مِنْ نَجَاسَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute