للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يُرِيدَ أَنْ يَسْتَعْفِفَ» وَفِي مُرْسَلٍ «مَنْ تَرَكَ التَّزَوُّجَ مَخَافَةَ الْعَيْلَةِ فَلَيْسَ مِنَّا» وَحَمَلُوا الْأَمْرَ بِالِاسْتِعْفَافِ فِي الْآيَةِ عَلَى مَنْ لَمْ يَجِدْ زَوْجَةً وَلَا دَلَالَةَ لَهُمْ عِنْدَ التَّأَمُّلِ فِي شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرَ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْفَقْرِ وَإِتْيَانِهِنَّ بِالْمَالِ وَالْإِعَانَةِ وَخَوْفِ الْعَيْلَةِ عَدَمُ وِجْدَانِ الْأُهْبَةِ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ لَا سِيَّمَا وَدَلِيلُنَا «وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ» أَيْ قَاطِعٌ أَصَحُّ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا قُلْنَاهُ لَا يَقْبَلُ تَأْوِيلًا.

(وَيَكْسِرُ) إرْشَادًا وَمَعَ ذَلِكَ يُثَابُ؛ لِأَنَّ الْإِرْشَادَ الرَّاجِعَ إلَى تَكْمِيلٍ شَرْعِيٍّ كَالْعِفَّةِ هُنَا كَالشَّرْعِيِّ خِلَافًا لِمَنْ أَخَذَ بِإِطْلَاقِ أَنَّ الْإِرْشَادَ نَحْوَ {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} [البقرة: ٢٨٢] لَا ثَوَابَ فِيهِ (شَهْوَتَهُ بِالصَّوْمِ) لِلْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ وَكَوْنُهُ يُثِيرُ الْحَرَارَةَ وَالشَّهْوَةَ إنَّمَا هُوَ فِي ابْتِدَائِهِ فَإِنَّهُ لَمْ تَنْكَسِرْ بِهِ تَزَوَّجَ وَلَا يَكْسِرُهَا بِنَحْوِ كَافُورٍ فَيُكْرَهُ بَلْ يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ إنْ أَدَّى إلَى الْيَأْسِ مِنْ النَّسَبِ وَقَوْلُ جَمْعٍ الْخَبَرُ يَدُلُّ عَلَى حِلِّ قَطْعِ الْعَاجِزِ الْبَاءَ بِالْأَدْوِيَةِ مَرْدُودٌ عَلَى أَنَّ الْأَدْوِيَةَ خَطِيرَةٌ وَقَدْ اسْتَعْمَلَ قَوْمٌ الْكَافُورَ فَأَوْرَثَهُمْ عِلَلًا مُزْمِنَةً ثُمَّ أَرَادُوا الِاحْتِيَالَ لِعَوْدِ الْبَاءَ بِالْأَدْوِيَةِ الثَّمِينَةِ فَلَمْ تَنْفَعْهُمْ وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ التَّسَبُّبِ إلَى إلْقَاءِ النُّطْفَةِ بَعْدَ اسْتِقْرَارِهَا فِي الرَّحِمِ فَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ يَجُوزُ إلْقَاءُ النُّطْفَةِ وَالْعَلَقَةِ وَنَقَلَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَفِي الْإِحْيَاءِ فِي مَبْحَثِ الْعَزْلِ مَا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِهِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ؛ لِأَنَّهَا بَعْدَ الِاسْتِقْرَارِ آيِلَةٌ إلَى التَّخَلُّقِ الْمُهَيَّأِ لِنَفْخِ الرُّوحِ وَلَا كَذَلِكَ الْعَزْلُ

(فَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ) أَيْ يَتَّقِ النِّكَاحَ بِعَدَمِ تَوَقَانِهِ لِلْوَطْءِ خِلْقَةً، أَوْ لِعَارِضٍ وَلَا عِلَّةٍ بِهِ (كُرِهَ) لَهُ (إنْ فَقَدَ الْأُهْبَةَ) لِالْتِزَامِهِ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ بِلَا حَاجَةٍ وَسَيَذْكُرُ أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ نِكَاحِ السَّفِيهِ الْحَاجَةُ فَلَا تَرِدُ هُنَا (وَإِلَّا) يَفْقِدُ الْأُهْبَةَ مَعَ عَدَمِ حَاجَتِهِ لَهُ (فَلَا) يُكْرَهُ لَهُ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ وَمَقَاصِدُهُ لَا تَنْحَصِرُ فِي الْوَطْءِ بَلْ بَحَثَ جَمْعٌ نَدْبَهُ لِحَاجَةِ صِلَةٍ وَتَآنُسٍ وَخِدْمَةٍ وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يَأْتِي فِيمَنْ بِهِ عِلَّةٌ مُزْمِنَةٌ بِأَنَّ هَذَا قَادِرٌ عَلَى الْوَطْءِ فَلَا يَخْشَى فَسَادُ زَوْجَتِهِ بِخِلَافِ ذَلِكَ (لَكِنَّ الْعِبَادَةَ) أَيْ التَّخَلِّيَ لَهَا مِنْ الْمُتَعَبِّدِ (أَفْضَلُ) مِنْهُ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ اهْتِمَامًا بِشَأْنِهَا وَقَدَّرْت مَا ذَكَرَ؛ لِأَنَّهُ هُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّ ذَاتَ الْعِبَادَةِ أَفْضَلُ مِنْ ذَاتِ النِّكَاحِ قَطْعًا وَيَصِحُّ عَدَمُ التَّقْدِيرِ وَيَكُونُ أَفْضَلُ

ــ

[حاشية الشرواني]

يُرِيدَ أَنْ يَسْتَعْفِفَ) الْجُمْلَةُ حَالٌ مِنْ النَّاكِحِ (قَوْلُهُ وَحَمَلُوا) أَيْ الْكَثِيرُونَ وَقَوْلُهُ أَصَحُّ خَبَرٍ قَوْلُهُ وَدَلِيلُنَا اهـ ع ش (قَوْلُهُ: إرْشَادًا) وَالْفَرْقُ بَيْنَ النَّدْبِ وَالْإِرْشَادَاتِ أَنَّ النَّدْبَ لِثَوَابِ الْآخِرَةِ وَالْإِرْشَادَ لِمَنَافِعِ الدُّنْيَا اهـ كُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْإِرْشَادَ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ حَيْثُ رَجَعَ لِتَكْمِيلٍ شَرْعِيٍّ لَا يَحْتَاجُ لِقَصْدِ الِامْتِثَالِ، وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ لِذَلِكَ فَلَا ثَوَابَ فِيهِ، وَإِنْ قَصَدَ الِامْتِثَالَ وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي بَابِ الْمِيَاهِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُكْرَهُ الْمُشْمِسُ مَا نَصُّهُ قَالَ السُّبْكِيُّ التَّحْقِيقُ أَنَّ فَاعِلَ الْإِرْشَادِ لِمُجَرَّدِ غَرَضِهِ لَا يُثَابُ وَلِمُجَرَّدِ الِامْتِثَالِ يُثَابُ وَلَهُمَا يُثَابُ ثَوَابًا أَنْقَصَ مِنْ ثَوَابٍ مِنْ مَحْضِ قَصْدِ الِامْتِثَالِ انْتَهَتْ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: تَزَوَّجَ) أَيْ مَعَ الِاحْتِيَاجِ وَعَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ تَرْضَ الْمَرْأَةُ بِذِمَّتِهِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْمَهْرِ تَكَلَّفَهُ بِالِاقْتِرَاضِ وَنَحْوِهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ فَيُكْرَهُ بَلْ يَحْرُمُ إلَخْ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.

(قَوْلُهُ: إنْ أَدَّى إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ قَالَ الْبَغَوِيّ يُكْرَهُ أَنْ يَحْتَالَ لِقَطْعِ شَهْوَتِهِ وَنَقَلَهُ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَقِيلَ يَحْرُمُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَالْأَوْلَى حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ قَطْعُ الشَّهْوَةِ بِالْكُلِّيَّةِ بَلْ يُفَتِّرُهَا فِي الْحَالِ وَلَوْ أَرَادَ إعَادَتَهَا بِاسْتِعْمَالٍ ضِدَّ تِلْكَ الْأَدْوِيَةِ لَأَمْكَنَهُ ذَلِكَ وَالثَّانِي عَلَى الْقَطْعِ لَهَا مُطْلَقًا اهـ.

(قَوْلُهُ وَالْخَبَرُ) أَيْ الْمَارُّ آنِفًا (قَوْلُهُ: قَطْعِ الْعَاجِزِ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ إلَى فَاعِلِهِ وَقَوْلُهُ الْبَاءَةَ مَفْعُولُهُ (قَوْلُهُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ) عِبَارَتُهُ فِي مَبْحَثِ الْغُرَّةِ أَفْتَى أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ بِحِلِّ سَقْيِهِ أَمَتِهِ دَوَاءً لِتُسْقِطَ وَلَدَهَا مَا دَامَ عَلَقَةً، أَوْ مُضْغَةً وَبَالَغَ الْحَنَفِيَّةُ فَقَالُوا يَجُوزُ مُطْلَقًا وَكَلَامُ الْإِحْيَاءِ يَدُلُّ عَلَى التَّحْرِيمِ مُطْلَقًا، وَهُوَ الْأَوْجَهُ كَمَا مَرَّ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَزْلِ وَاضِحٌ انْتَهَتْ اهـ سم.

(قَوْلُهُ: عَلَى تَحْرِيمِهِ) أَيْ التَّسَبُّبِ إلَى إلْقَاءِ النُّطْفَةِ وَحَكَى الشَّارِحُ خِلَافًا فِي كِتَابِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَأَطَالَ فِيهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ ثَمَّ اعْتِمَادُ عَدَمِ الْحُرْمَةِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ ع ش

(قَوْلُهُ: أَيْ يَتَّقِ) إلَى قَوْلِهِ بَلْ بَحَثَ فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى قَوْلِهِ وَعَلَيْهِ فَيُفَرِّقُ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَسَيَذْكُرُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي تَنْبِيهُ مَحَلِّ الْكَرَاهَةِ فِيمَنْ يَصِحُّ نِكَاحُهُ مَعَ عَدَمِ الْحَاجَةِ أَمَّا مَنْ لَا يَصِحُّ مَعَ عَدَمِ الْحَاجَةِ كَالسَّفِيهِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ النِّكَاحُ حِينَئِذٍ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يَرِدُ) أَيْ عَلَى مَا أَفَادَهُ هَذَا الْكَلَامُ مِنْ الصِّحَّةِ مَعَ عَدَمِ الْحَاجَةِ فَمَا يَأْتِي مُخَصِّصٌ لِمَا أَفَادَهُ كَلَامُهُ هُنَا اهـ سم (قَوْلُهُ: بَلْ بَحَثَ جَمْعٌ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ الْمُغْنِي لَا النِّهَايَةُ حَيْثُ عَقَّبَتْهُ أَيْ الْبَحْثَ بِقَوْلِهَا وَكَلَامُهُمْ يَأْبَاهُ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ: وَكَلَامُهُمْ يَأْبَاهُ مُعْتَمَدٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ عَلَى هَذَا الْبَحْثِ وَقَدْ يُقَالُ عَلَى مُجَرَّدِ عَدَمِ الْكَرَاهَةِ الَّذِي هُوَ مَدْلُولُ الْمَتْنِ لِمُخَالَفَةِ مَا هُنَا عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ لِمَا يَأْتِي اهـ سم (قَوْلُهُ: أَيْ التَّخَلِّيَ) إلَى قَوْلِهِ وَلَك فِي النِّهَايَةِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَقَدَّرْت إلَى وَمَا اقْتَضَاهُ (قَوْلُهُ: مِنْ الْمُتَعَبِّدِ) لَعَلَّ الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِيَظْهَرَ الِاسْتِدْرَاكُ الْآتِي فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: أَفْضَلُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ النِّكَاحِ إذَا كَانَ يَقْطَعُهُ عَنْ الْعِبَادَةِ وَفِي مَعْنَى التَّخَلِّي لِلْعِبَادَةِ التَّخَلِّي لِلِاشْتِغَالِ بِالْعِلْمِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بَلْ هُوَ دَاخِلٌ فِيهَا اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَقَدَّرْت مَا ذَكَرَ) أَيْ قَوْلَهُ أَيْ التَّخَلِّيَ اهـ سم (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَاتَ الْعِبَادَةِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلْعِلَّةِ (قَوْلُهُ:

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ إنْ أَدَّى إلَخْ) اعْتَمَدَهُمَا م ر (قَوْلُهُ: وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ التَّسَبُّبِ إلَى إلْقَاءِ النُّطْفَةِ إلَخْ) ذَكَرَ الشَّارِحُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي مَبْحَثِ الْغُرَّةِ أَيْضًا وَعِبَارَتُهُ ثُمَّ فَرْعٌ أَفْتَى أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ بِحِلِّ سَقْيِهِ أَمَتِهِ دَوَاءً لِتُسْقِطَ وَلَدَهَا مَا دَامَ عَلَقَةً، أَوْ مُضْغَةً وَبَالَغَ الْحَنَفِيَّةُ فَقَالُوا يَجُوزُ مُطْلَقًا وَكَلَامُ الْإِحْيَاءِ يَدُلُّ عَلَى التَّحْرِيمِ مُطْلَقًا، وَهُوَ الْأَوْجَهُ كَمَا مَرَّ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَزْلِ وَاضِحٌ انْتَهَى

. (قَوْلُهُ: فَلَا تَرِدُ) أَيْ عَلَى مَا أَفَادَ هَذَا الْكَلَامُ مِنْ الصِّحَّةِ مَعَ عَدَمِ الْحَاجَةِ فَمَا يَأْتِي مُخَصِّصٌ لِمَا أَفَادَهُ كَلَامُهُ هُنَا (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) ظَاهِرُهُ عَلَى هَذَا الْبَحْثِ وَقَدْ يُقَالُ وَعَلَى مُجَرَّدِ عَدَمِ الْكَرَاهَةِ الَّذِي هُوَ مَدْلُولُ الْمَتْنِ لِمُخَالَفَةِ مَا هُنَا عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ لِمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَقُدِّرَتْ مَا ذَكَرَ)

<<  <  ج: ص:  >  >>