للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ اسْمَ الْفَاعِلِ حَقِيقَةٌ فِي الْحَالِ فَلَا يُوهِمُ الْوَعْدَ حَتَّى يَحْتَرِزَ عَنْهُ بِخِلَافِ الْمُضَارِعِ فَإِنْ قُلْت الْخِلَافُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مَشْهُورٌ وَإِنَّمَا الَّذِي تَفَارَقَا فِيهِ التَّرْجِيحُ عِنْدَ جَمْعٍ فَكَانَ يَنْبَغِي تَعَيُّنٌ الْآنَ فِيهِ مِثْلُهُ خُرُوجًا مِنْ ذَلِكَ الْخِلَافِ الْمُوجِبِ لِاحْتِمَالِهِ الْوَعْدَ أَيْضًا قُلْت كَفَى بِاخْتِلَافِ التَّرْجِيحِ مُرَجِّحًا لَا سِيَّمَا وَالْمُرَجِّحُونَ أَيْضًا مِمَّنْ أَحَاطُوا بِاللُّغَةِ أَكْثَرُ مِنْ غَيْرِهِمْ وَذَلِكَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ» .

وَكَلِمَتُهُ مَا وَرَدَ فِي كِتَابِهِ وَلَمْ يَرِدْ فِيهِ غَيْرُهُمَا وَالْقِيَاسُ مُمْتَنِعٌ؛ لِأَنَّ فِي النِّكَاحِ ضَرْبًا مِنْ التَّعَبُّدِ فَلَمْ يَصِحَّ بِنَحْوِ لَفْظِ إبَاحَةٍ وَهِبَةٍ وَتَمْلِيكٍ وَجَعْلُهُ تَعَالَى النِّكَاحَ بِلَفْظِ الْهِبَةِ مِنْ خَصَائِصِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِقَوْلِهِ {خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [الأحزاب: ٥٠] صَرِيحٌ وَاضِحٌ فِي ذَلِكَ وَخَبَرُ الْبُخَارِيِّ «مَلَّكْتُكهَا بِمَا مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ» أَمَّا وَهْمٌ مِنْ مَعْمَرٍ كَمَا قَالَهُ النَّيْسَابُورِيُّ؛ لِأَنَّ رِوَايَةَ الْجُمْهُورِ زَوَّجْتُكهَا وَالْجَمَاعَةُ أَوْلَى بِالْحِفْظِ مِنْ الْوَاحِدِ، أَوْ رِوَايَةٍ بِالْمَعْنَى لِظَنِّ التَّرَادُفِ، أَوْ جَمْعٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ إشَارَةً إلَى قُوَّةِ حَقِّ الزَّوْجِ وَأَنَا كَالْمَالِكِ وَيَنْعَقِدُ نِكَاحُ الْأَخْرَسِ بِإِشَارَتِهِ الَّتِي لَا يَخْتَصُّ بِفَهْمِهَا الْفَطِنُ وَكَذَا بِكِتَابَتِهِ بِلَا خِلَافٍ عَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ لَكِنَّهُ مُعْتَرِضٌ بِأَنَّهُ يَرَى أَنَّهَا فِي الطَّلَاقِ كِنَايَةٌ وَالْعُقُودُ أَغْلَظُ مِنْ الْحُلُولِ فَكَيْفَ يَصِحُّ النِّكَاحُ بِهَا فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ بِلَا خِلَافٍ وَقَدْ يُجَابُ بِحَمْلِ كَلَامِهِ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ وَتَعَذَّرَ تَوْكِيلُهُ لِاضْطِرَارِهِ حِينَئِذٍ وَيَلْحَقُ بِكِتَابَتِهِ فِي ذَلِكَ إشَارَتِهِ الَّتِي يَخْتَصُّ بِفَهْمِهَا الْفَطِنُ.

(وَيَصِحُّ بِالْعَجَمِيَّةِ فِي الْأَصَحِّ) ، وَإِنْ أَحْسَنَ الْعَرَبِيَّةَ، وَهِيَ مَا عَدَاهَا اعْتِبَارًا الْمَعْنَى بِهِ إذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ إعْجَازٌ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا يَعُدُّهُ أَهْلُ تِلْكَ اللُّغَةِ صَرِيحًا فِي لُغَتِهِمْ هَذَا إنْ فَهِمَ كُلٌّ كَلَامَ نَفْسِهِ وَالْآخَرُ وَلَوْ بِأَنْ أَخْبَرَهُ ثِقَةٌ بِالْإِيجَابِ، أَوْ الْقَبُولِ بَعْدَ تَقَدُّمِهِ مِنْ عَارِفٍ بِهِ وَلَوْ بِإِخْبَارِ الثِّقَةِ لَهُ بِمَعْنَاهُ قَبْلَ تَكَلُّمِهِ بِهِ فَقَبِلَهُ، أَوْ أَجَابَ فَوْرًا عَلَى الْأَوْجَهِ

ــ

[حاشية الشرواني]

وَافَقَهُ وَحَقَقْنَا مَعْنَاهُ فِي الْآيَاتِ الْبَيِّنَاتِ مَعَ بَسْطِ بَيَانٍ اهـ سم (قَوْلُهُ: فَلَا يُوهِمُ إلَخْ) أَيْ نَحْوَ أَنَا مُزَوِّجُك إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي كُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ اسْمِ الْفَاعِلِ وَالْمُضَارِعِ (قَوْلُهُ: قُلْت كَفَى إلَخْ) قَدْ يُسْتَغْنَى عَنْ حَالِ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْإِنْشَاءُ لَا الْإِخْبَارُ وَالْإِنْشَاءُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ بِجُمْلَةٍ فِعْلِيَّةٍ مَاضِيَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، أَوْ اسْمِيَّةٍ حَالِيٍّ مُطْلَقًا اهـ سم وَفِيهِ شَبَهُ الْمُصَادَرَةِ (قَوْلُهُ: بِاخْتِلَافِ الرَّجِيحِ) أَيْ بِأَنَّ الرَّاجِحَ فِي الْمُضَارِعِ الِاشْتِرَاكُ وَفِي اسْمِ الْفَاعِلِ كَوْنُهُ حَقِيقَةً فِي الْحَالِ مَجَازًا فِي الِاسْتِقْبَالِ (قَوْلُهُ وَالْمُرَجِّحُونَ) أَيْ لِكَوْنِ اسْمِ الْفَاعِلِ حَقِيقَةً فِي الْحَالِ وَقَوْلُهُ مِمَّنْ أَحَاطُوا حَالٌ مِنْ الْوَاوِ وَقَوْلُهُ أَكْثَرُ إلَخْ خَبَرُ وَالْمُرَجِّحُونَ (قَوْلُهُ وَذَلِكَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ) إلَى قَوْلِهِ إشَارَةً فِي الْمُغْنِي وَإِلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ اعْتِرَاضَ عِبَارَةِ الْمَجْمُوعِ بَلْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ إلَخْ) رَاجِعٌ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: بِأَمَانَةِ اللَّهِ) أَيْ بِجَعْلِهِنَّ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ كَالْأَمَانَاتِ الشَّرْعِيَّةِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: مَا وَرَدَ فِي كِتَابِهِ) ، وَهُوَ التَّزْوِيجُ وَالْإِنْكَاحُ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَصِحَّ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ) أَيْ مَنْعِ الْقِيَاسِ.

(قَوْلُهُ وَخَبَرُ الْبُخَارِيِّ إلَخْ) جَوَابُ اعْتِرَاضٍ (قَوْلُهُ: بِمَا مَعَك إلَخْ) أَيْ بِتَعْلِيمِك إيَّاهَا مَا مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ وَقَدْ كَانَ مَعْلُومًا لِلزَّوْجَيْنِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ يَرَى) أَيْ الْمَجْمُوعَ وَقَوْلُهُ إنَّهَا أَيْ الْكِتَابَةَ (قَوْلُهُ وَالْعُقُودُ أَغْلَظُ إلَخْ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ بِحَمْلِ كَلَامِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي بِأَنَّهُ إنَّمَا اعْتَبَرَ الْكِتَابَةَ فِي صِحَّةِ وِلَايَتِهِ لَا فِي تَزْوِيجِهِ وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ إذَا كَانَ كَاتِبًا تَكُونُ الْوِلَايَةُ لَهُ فَيُوَكِّلُ مَنْ يُزَوِّجُهُ أَوْ يُزَوِّجُ مُوَلِّيَتَهُ وَالسَّائِلُ نَظَرَ إلَى مَنْ يُزَوِّجُهُ لَا إلَى وِلَايَتِهِ وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُ بِهَا اهـ.

(قَوْلُهُ: إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ) أَيْ لِكُلِّ أَحَدٍ أَمَّا إذَا فَهِمَهَا الْفَطِنُ دُونَ غَيْرِهِ سَاوَتْ الْكِتَابَةُ فَيَصِحُّ بِكُلٍّ مِنْهُمَا اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَتَعَذَّرَ تَوْكِيلُهُ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَهُ التَّوْكِيلُ بِالْكِتَابَةِ، أَوْ الْإِشَارَةِ الَّتِي يَخْتَصُّ بِفَهْمِهَا الْفَطِنُ تَعَيَّنَ لِصِحَّةِ نِكَاحِهِ تَوْكِيلُهُ، وَهُوَ قَرِيبٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ كِنَايَةً أَيْضًا لَكِنَّهُ فِي التَّوْكِيلِ، وَهُوَ يَنْعَقِدُ بِالْكِنَايَةِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ اهـ ع ش وَسَنَذْكُرُ مِنْهُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَقَامِ (قَوْلُهُ: إشَارَتُهُ الَّتِي إلَخْ) أَيْ فَيَصِحُّ نِكَاحُهُ بِهَا لِلضَّرُورَةِ حَيْثُ تَعَذَّرَ تَوْكِيلُهُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَحْسَنَ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَيُشْتَرَطُ إلَى قَوْلِهِ هَذَا وَقَوْلُهُ يُشْتَرَطُ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ) أَيْ الْعَجْمِيَّةُ (قَوْلُهُ: مَا عَدَا الْعَرَبِيَّةَ) أَيْ مِنْ سَائِرِ اللُّغَاتِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) أَيْ بِالنِّكَاحِ (قَوْلُهُ: إنْ فُهِمَ كُلُّ إلَخْ) أَيْ اتَّفَقَتْ اللُّغَاتُ أَمْ اخْتَلَفَتْ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: فَقَبِلَهُ وَأَجَابَ) أَيْ الْعَارِفُ بِهِ وَلَوْ بِإِخْبَارِ الثِّقَةِ لَهُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: فَوْرًا) أَيْ بِلَا طُولِ الْفَصْلِ عُرْفًا بِالْإِخْبَارِ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ ع ش وَرَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ سم وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْإِخْبَارُ لِلْبَادِي بِمَا يَأْتِي بِهِ قَبْلَ بِدَايَتِهِ لَمْ يُشْتَرَطْ عَدَمُ طُولٍ بَيْنَ الْإِخْبَارِ وَبِدَايَتِهِ، وَإِنْ كَانَ لِلثَّانِي بِمَا يَأْتِي بِهِ اُشْتُرِطَ عَدَمُ طُولِ الْفَصْلِ بَيْنَ مَا يَأْتِي بِهِ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ صَاحِبِهِ مِنْ إيجَابٍ، أَوْ قَبُولٍ، أَوْ بِمَا أَتَى بِهِ صَاحِبُهُ صَحَّ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

إيرَادَاتٍ لِبَعْضِهِمْ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(قَوْلُهُ قُلْت كَفَى بِاخْتِلَافِ التَّرْجِيحِ مُرَجِّحًا لَا سِيَّمَا وَالْمُرَجِّحُونَ أَيْضًا مِمَّنْ أَحَاطُوا بِاللُّغَةِ إلَخْ) قَدْ يُسْتَغْنَى عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْإِنْشَاءُ لَا الْإِخْبَارُ وَالْإِنْشَاءُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَكَانَ بِجُمْلَةٍ فِعْلِيَّةٍ مَاضِيَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا أَوْ اسْمِيَّةٍ حَالِيَّةٍ لَا غَيْرِ حَالِيَّةٍ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ لِاضْطِرَارِهِ) الْمُنَاسِبُ لِهَذَا الْكَلَامِ تَزَوُّجُهُ لَا تَزْوِيجُهُ.

(قَوْلُهُ: فَوْرًا) يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ الْفَوْرُ مِنْ الْإِخْبَارِ وَيَكُونُ إشَارَةً إلَى قَوْلِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ فَلَوْ أَخْبَرَ بِمَعْنَاهَا وَقَبِلَ صَحَّ إنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ انْتَهَى وَقَدْ يُنْظَرُ فِي اشْتِرَاطِ الْفَوْرِيَّةِ وَعَدَمِ طُولِ الْفَصْلِ حَيْثُ كَانَ مُتَذَكِّرًا لِمَعْنَاهَا إلَّا أَنْ يُرَادَ طُولُ الْفَصْلِ الْمُخِلِّ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْإِخْبَارُ لِلْبَادِئِ بِمَا يَأْتِي بِهِ قَبْلَ بِدَايَتِهِ لَمْ يُشْتَرَطْ عَدَمُ طُولِ الْفَصْلِ بَيْنَ الْإِخْبَارِ وَبِدَايَتِهِ، وَإِنْ كَانَ لِلثَّانِي بِمَا يَأْتِي بِهِ اشْتِرَاطُ عَدَمِ طُولِ الْفَصْلِ بَيْنَ مَا يَأْتِي بِهِ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ صَاحِبِهِ مِنْ إيجَابٍ، أَوْ قَبُولٍ أَوْ بِمَا أَتَى بِهِ صَاحِبُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>