أَوْ دَعَاهُ عَدُوُّهُ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي إسْقَاطِ الْوُجُوبِ فَمَحْمُولٌ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَلَى مَا إذَا كَانَ لَا يَتَأَذَّى بِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ اشْتِرَاطِ ظُهُورِ الْعَدَاوَةِ فَالْوَجْهُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْعَدَاوَةُ مِنْهُ نَظِيرُ مَا ذَكَرْته فِي الْحَسَدِ وَلَيْسَ كَثْرَةُ الزَّحْمَةِ عُذْرًا إنْ وَجَدَ سَعَةً أَيْ لِمَدْخَلِهِ وَمَجْلِسِهِ وَأَمِنَ عَلَى نَحْوِ عِرْضِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ عَنْ الْبَيَانِ وَإِلَّا عُذِرَ.
(و) أَنْ (لَا) يَكُونَ بِمَحَلِّ حُضُورِهِ (مُنْكَرٌ) أَيْ مُحَرَّمٌ وَلَوْ صَغِيرَةً كَآنِيَةِ نَقْدٍ يُبَاشِرُ الْأَكْلَ مِنْهَا مِنْ غَيْرِ الْحِيلَةِ السَّابِقَةِ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ حُضُورِهَا بِنَاءً عَلَى مَا يَأْتِي فِي صُورَةٍ غَيْرِ مُمْتَهِنَةٍ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ دُخُولُ مَحَلِّهَا وَكَنَظَرِ رَجُلٍ لِامْرَأَةٍ أَوْ عَكْسِهِ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ إشْرَافَ النِّسَاءِ عَلَى الرِّجَالِ عُذْرٌ وَكَآلَةِ طَرَبٍ مُحَرَّمَةٍ كَذِي وَتَرٍ أَوْ شَعْرٍ وَكَالضَّرْبِ عَلَى الصِّينِيِّ كَمَا يَأْتِي وَكَزَمْرٍ وَلَوْ بِشَبَّابَةٍ وَكَطَبْلِ كُوبَةٍ وَكَدَاعِيَةٍ لِبِدْعَةٍ وَكَمَنْ يَضْحَكُ لِفُحْشٍ أَوْ كَذِبٍ أَمَّا مُحَرَّمٌ وَنَحْوُهُ مِمَّا مَرَّ بِغَيْرِ مَحَلِّ حُضُورِهِ كَبَيْتٍ آخَرَ مِنْ الدَّار فَلَا يَمْنَعُ الْوُجُوبَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الْحَاوِي إذَا لَمْ تُشَاهَدْ الْمَلَاهِي لَمْ يَضُرَّ سَمَاعُهَا كَاَلَّتِي بِجِوَارِهِ وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ قَضِيَّةِ كَلَامِ كَثِيرِينَ مِنْهُمْ الشَّيْخَانِ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ قَضِيَّةِ كَلَامِ آخَرِينَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَحَلِّ الْحُضُورِ وَسَائِرِ بُيُوتِ الدَّارِ وَاعْتَمَدَهُ فَقَالَ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ بَلْ لَا تَجُوزُ لِمَا فِي الْحُضُورِ مِنْ سُوءِ الظَّنِّ بِالْمَدْعُوِّ وَبِهِ فَارَقَ الْجَارَ وَفَرَّقَ السُّبْكِيُّ أَيْضًا بِأَنَّ فِي مُفَارَقَةِ دَارِهِ ضَرَرًا عَلَيْهِ وَلَا فِعْلَ مِنْهُ بِخِلَافِ هَذَا فَإِنَّهُ تَعَمَّدَ الْحُضُورَ لِمَحَلِّ الْمَعْصِيَةِ بِلَا ضَرُورَةٍ وَمَا قَالَاهُ هُوَ الْوَجْهُ الَّذِي لَا يَسُوغُ غَيْرُهُ وَبِتَسْلِيمٍ أَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الْأَوَّلِينَ الْحِلُّ يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ ثَمَّ عُذْرٌ يَمْنَعُ مِنْ كَوْنِهِ مُقِرًّا عَلَى الْمَعْصِيَةِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ (فَإِنْ كَانَ) الْمُنْكَرُ (يَزُولُ بِحُضُورِهِ) لِنَحْوِ عِلْمٍ أَوْ جَاهٍ (فَلْيَحْضُرْ) وُجُوبًا عَلَى الْمَنْقُولِ الْمُعْتَمَدِ لِيَحْصُلَ فَرْضَيْ الْإِجَابَةِ وَإِزَالَةِ الْمُنْكَرِ وَوُجُودُ مَنْ يُزِيلُهُ غَيْرُهُ لَا يَمْنَعُ الْوُجُوبَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْإِجَابَةِ فَقَطْ كَمَا تَقَرَّرَ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ إلَّا بَعْدَ حُضُورِهِ نَهَاهُمْ
ــ
[حاشية الشرواني]
فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ إلَى وَلَيْسَ (قَوْلُهُ أَوْ دَعَاهُ عَدُوُّهُ إلَخْ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي عِبَارَتُهُمَا وَلَا أَثَرَ لِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّاعِي اهـ قَالَ ع ش؛ لِأَنَّ الْحُضُورَ قَدْ يَكُونُ سَبَبًا لِزَوَالِ الْعَدَاوَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ فَمَحْمُولٌ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْعَدَاوَةُ مِنْهُ) اُنْظُرْ كَيْفَ يَصِحُّ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ أَوْ دَعَاهُ عَدُوُّهُ فَتَأَمَّلْهُ سم لَمْ يَظْهَرْ وَجْهُ الْأَمْرِ بِالنَّظَرِ فِي كَيْفِيَّةِ صِحَّتِهِ عَلَى الثَّانِي فَقَطْ لِتَأَتِّي مِثْلِهِ فِي الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ نَسَبَ الْعَدَاوَةَ فِيهِ لِلْحَاضِرِ اهـ سَيِّدْ عُمَرْ وَقَوْلُهُ فِي الْأَوَّلِ أَيْ قَوْلُهُ لَوْ كَانَ عَدُوٌّ لَهُ (قَوْلُهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ إلَخْ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَأَنْ لَا يُعْذَرَ بِمُرَخَّصِ جَمَاعَةٍ إلَخْ وَانْظُرْ مَا وَجْهُ عِلْمِ مَا ذُكِرَ مِمَّا مَرَّ عَنْ الْبَيَانِ ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْخَوْفَ عَلَى الْعِرْضِ لَيْسَ عُذْرًا بِرَأْسِهِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ عَلَى أَنَّهُ أَوْلَى مِنْ مُجَالَسَةِ مَنْ لَا يَلِيقُ مُجَالَسَتَهُ بَلْ يَظْهَرُ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي كَوْنِ الْمُجَالَسَةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ الْأَعْذَارِ انْخِرَامُ الْعِرْضِ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ فِي ذَلِكَ لَيْسَ رَاجِعًا إلَّا لِلْعِرْضِ اهـ رَشِيدِيٌّ أَيْ مُحَرَّمٌ إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَمِنْ الْمُنْكَرِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلُهُ وَكَالضَّرْبِ إلَى وَكَزَمْرٍ.
. (قَوْلُهُ كَآنِيَةٍ إلَخْ) وَكَخَمْرٍ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ حُضُورِهَا) أَيْ وُجُودِهَا بِمَحَلِّ حُضُورِهِ بِلَا مُبَاشَرَةِ الْأَكْلِ مِنْهَا.
(قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى مَا يَأْتِي إلَخْ) سَيَأْتِي أَنَّهُ قَضِيَّةُ الْمَتْنِ وَالْخَبَرُ حُرْمَةُ دُخُولِ مَحَلِّهَا وَاعْتِمَادُ الْأَذْرَعِيِّ لَهُ وَإِطْنَابُهُ فِي تَأْيِيدِهِ فَقَضِيَّةُ ذَلِكَ حُرْمَةُ الدُّخُولِ مَعَ مُجَرَّدِ حُضُورِ الْآنِيَةِ الْمَذْكُورَةِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الصُّوَرَ فِي نَفْسِهَا مُحَرَّمَةٌ بِخِلَافِ الْآنِيَةِ اهـ سم حَاصِلُهُ مَنْعُ الْبِنَاءِ وَبَيَانُ الْفَرْقِ (قَوْلُهُ وَبِهِ يُعْلَمُ) أَيْ بِقَوْلِهِ كَعَكْسِهِ (قَوْلُهُ إنَّ إشْرَافَ النِّسَاءِ عَلَى الرِّجَالِ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ أَمْكَنَهُ التَّحَرُّزُ عَنْ رُؤْيَتِهِنَّ لَهُ كَتَغْطِيَةِ رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ بِحَيْثُ لَا يُرَى شَيْءٌ مِنْ بَدَنِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ يَضْحَكُ) مِنْ بَابِ الْأَفْعَالِ (قَوْلُهُ لِفُحْشٍ) اللَّامُ بِمَعْنَى الْبَاءِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ مِمَّا مَرَّ) أَيْ مِمَّنْ يَتَأَذَّى بِهِ الْمَدْعُوُّ أَوْ لَا يَلِيقُ بِهِ مُجَالَسَتُهُ وَمِنْ عَدَمِ السَّعَةِ وَعَدَمِ الْأَمْنِ عَلَى عِرْضِهِ.
(قَوْلُهُ وَبِهِ فَارَقَ الْجَارَ) هَذَا الْكَلَامُ قَدْ يُفِيدُ وُجُوبَ الْإِجَابَةِ لِدَارٍ بِجِوَارِهَا مُنْكَرٌ نَعَمْ فَرْقُ السُّبْكِيّ قَدْ يُفِيدُ الْمَنْعَ اهـ سم وَأَقَرَّهُ الرَّشِيدِيُّ.
(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ تَعَمَّدَ الْحُضُورَ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ حَضَرَ عَلَى ظَنٍّ أَنَّهُ لَا مَعْصِيَةَ بِالْمَكَانِ ثُمَّ تَبَيَّنَ خِلَافَهُ كَأَنْ حَضَرَ مَعَ الْمُجْتَمِعِينَ فِي مَحَلِّ الدَّعْوَةِ ثُمَّ سَمِعَ الْآلَاتِ فِي غَيْرِ الْمَحَلِّ الَّذِي هُوَ فِيهِ أَوْ حَضَرَ أَصْحَابُ الْآلَاتِ بَعْدَ حُضُورِهِ لِمَحَلِّ الدَّعْوَةِ عَدَمُ وُجُوبِ الْخُرُوجِ عَلَيْهِ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ مِنْ سُوءِ الظَّنِّ بِالْمَدْعُوِّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَمَا قَالَاهُ) أَيْ الْأَذْرَعِيُّ وَالسُّبْكِيُّ مِنْ أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ آلَاتِ اللَّهْوِ فِي مَحَلِّ الْحُضُورِ وَكَوْنِهَا فِي غَيْرِهِ مِنْ بُيُوتِ دَارِ الدَّعْوَةِ ع ش وَرَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ إلَخْ) وَالْمُتَّجَهُ مَعَ هَذَا الْحَمْلِ سُقُوطُ الْوُجُوبِ لِمَشَقَّةِ الْحُضُورِ مَعَ ذَلِكَ اهـ سم.
(قَوْلُهُ إذَا كَانَ ثَمَّ عُذْرٌ) كَأَنْ يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ ضَرَرًا يَلْحَقُهُ إنْ لَمْ يَحْضُرْ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ وُجُوبًا) إلَى قَوْلِهِ وَيُفَرَّقُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَوُجُودُ إلَى وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ.
(قَوْلُهُ لِيُحَصِّلَ) أَيْ مِنْ التَّحْصِيلِ.
(قَوْلُهُ غَيْرَهُ) نَعْتٌ لِمَنْ أَوْ حَالٌ مِنْهُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ لِلْإِجَابَةِ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ لِلْإِزَالَةِ اهـ وَعِبَارَةُ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
أَوْ دَعَاهُ عَدُوُّهُ) وَافَقَهُمَا م ر فِي هَذَا.
(قَوْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْعَدَاوَةُ مِنْهُ) اُنْظُرْ كَيْفَ يَصِحُّ هَذَا لَمْ يَظْهَرْ وَجْهُ الْأَمْرِ بِالنَّظَرِ فِي كَيْفِيَّةِ صِحَّتِهِ عَلَى الثَّانِي فَقَطْ لِتَأَتِّي مِثْلِهِ فِي الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ نَسَبَ الْعَدَاوَةَ لِلْحَاضِرِ فِي قَوْلِهِ أَوْ دَعَاهُ عَدُوُّهُ فَتَأَمَّلْهُ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ حُضُورِهَا بِنَاءً عَلَى مَا يَأْتِي فِي صُوَرٍ غَيْرِ مُمْتَهِنَةٍ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ دُخُولُ مَحَلِّهَا) كَذَا شَرْحُ م ر وَسَيَأْتِي أَنَّ قَضِيَّةَ الْمَتْنِ وَالْخَبَرِ حُرْمَةُ دُخُولِ مَحَلِّهَا وَاعْتِمَادُ الْأَذْرَعِيِّ لَهُ وَإِطْنَابُهُ فِي تَأْيِيدِهِ فَقَضِيَّةُ ذَلِكَ حُرْمَةُ الدُّخُولِ مَعَ مُجَرَّدِ حُضُورِ الْآنِيَةِ الْمَذْكُورَةِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الصُّوَرَ فِي نَفْسِهَا مُحَرَّمَةٌ بِخِلَافِ الْآنِيَةِ (قَوْلُهُ وَبِهِ فَارَقَ الْجَارَ) هَذَا الْكَلَامُ قَدْ يُفِيدُ وُجُوبَ الْإِجَابَةِ لِدَارٍ بِجِوَارِهَا مُنْكَرٌ نَعَمْ فَرْقُ السُّبْكِيّ قَدْ يُفِيدُ الْمَنْعَ (قَوْلُهُ وَبِتَسْلِيمِ إلَخْ) كَذَا شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ يَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ إلَخْ) وَالْمُتَّجَهُ مَعَ هَذَا الْحَمْلِ سُقُوطُ الْوُجُوبِ لِمَشَقَّةِ الْحُضُورِ مَعَ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ لِلْإِجَابَةِ فَقَطْ) يُتَأَمَّلُ أَقُولُ كَتَبَ قَوْلَهُ يُتَأَمَّلُ بَيْنَ سَطْرَيْنِ تَحْتَ لِلْإِجَابَةِ وَفَوْقَ