للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَقِلَّةِ مَا عِنْدَهُ فَإِنْ ظَهَرَ مِنْهُ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِمْ فَضْلًا عَنْ غَيْرِهِمْ أَمَّا إذَا خَصَّهُمْ لَا لِغِنَاهُمْ مَثَلًا بَلْ لِجِوَارٍ أَوْ اجْتِمَاعِ حِرْفَةٍ أَوْ قِلَّةِ مَا عِنْدَهُ فَيَلْزَمُهُمْ كَغَيْرِهِمْ الْإِجَابَةُ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْته هُوَ مُرَادُ الْمُحَرَّرِ بِقَوْلِهِ مِنْهَا أَنْ يَدْعُوَ جَمِيعَ عَشِيرَتِهِ وَجِيرَانِهِ أَغْنِيَاءَهُمْ وَفُقَرَاءَهُمْ دُونَ أَنْ يَخُصَّ الْأَغْنِيَاءَ وَإِذَا كَانَ مُرَادُهُ مَا ذُكِرَ لَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ فِي اشْتِرَاطِ التَّعْمِيمِ مَعَ فَقْرِهِ نَظَرٌ قَالَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجِيرَانِ هُنَا أَهْلُ مَحَلَّتِهِ وَمَسْجِدِهِ دُونَ أَرْبَعِينَ دَارًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (تَنْبِيهٌ)

اسْتَشْكَلَ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا الشَّرْطَ فَقَالَ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ جُمْلَةَ يُدْعَى إلَيْهَا فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ حَالِيَّةٌ مُقَيِّدَةٌ لِكَوْنِ طَعَامِهَا شَرَّ الطَّعَامِ فَلَوْ دَعَا عَامًّا لَمْ يَكُنْ سِيَاقَ الْحَدِيثِ يَقْتَضِي أَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ التَّخْصِيصِ لَا يَسْقُطُ الطَّلَبُ فَمَا ذَكَرَهُ فِي أَنْ لَا يَخُصَّ مُشْكِلٌ اهـ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ جُمْلَةَ يُدْعَى بَيَانٌ لِكَوْنِ الْغَالِبِ فِي طَعَامِ الْوَلِيمَةِ ذَلِكَ وَأَمَّا وُجُوبُ الْإِجَابَةِ فَمَعْلُومٌ مِنْ الْقَوَاعِدِ أَنَّ سَبَبَهُ التَّوَاصُلُ وَالتَّحَابُبِ بَيْنَ النَّاسِ وَهَذَا إنَّمَا يَحْصُلُ حَيْثُ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ قَصْدٌ مُوغِرٌ لِلصُّدُورِ وَمِنْ شَأْنِ التَّخْصِيصِ ذَلِكَ فَأَبْطَلَ سَبَبَ الْوُجُوبِ الَّذِي ذُكِرَ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي مَقَامَيْنِ بَيَانُ مَا جُبِلَ عَلَيْهِ النَّاسُ فِي طَعَامِهَا وَهُوَ الرِّيَاءُ وَمَا جُبِلُوا عَلَيْهِ فِي إجَابَتِهَا وَهُوَ التَّوَاصُلُ وَالتَّحَابُبُ فَتَأَمَّلْهُ.

(وَأَنْ يَدْعُوَهُ) بِخُصُوصِهِ كَمَا مَرَّ (فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ فَإِنْ أَوْلَمَ ثَلَاثَةً) مِنْ الْأَيَّامِ (لَمْ تَجِبْ فِي) الْيَوْمِ (الثَّانِي) بَلْ تُسْتَحَبُّ وَهُوَ دُونَ سُنِّيَّتِهَا فِي الْأَوَّلِ فِي غَيْرِ الْعُرْسِ وَقِيلَ تَجِبُ وَاعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ إنْ لَمْ يُدْعَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ أَوْ دُعِيَ وَامْتَنَعَ لِعُذْرٍ وَدُعِيَ فِي الثَّانِي.

(وَتُكْرَهُ فِي) الْيَوْمِ (الثَّالِثِ) لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ الْمُتَّصِلِ «الْوَلِيمَةُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ حَقٌّ وَفِي الثَّانِي مَعْرُوفٌ وَفِي الثَّالِث رِيَاءٌ وَسُمْعَةٌ» وَظَاهِرٌ أَنَّ تَعَدُّدَ الْأَوْقَاتِ كَتَعَدُّدِ الْيَوْمِ وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِعُذْرٍ كَضِيقِ مَنْزِلٍ وَجَبَتْ الْإِجَابَةُ مُطْلَقًا.

(وَأَنْ لَا يُحْضِرْهُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ (لِخَوْفٍ) مِنْهُ (أَوْ طَمَعٍ فِي جَاهِهِ) أَوْ لِيُعَاوِنَهُ عَلَى بَاطِلٍ بَلْ لِلتَّقَرُّبِ وَالتَّوَدُّدِ الْمَطْلُوبِ أَوْ لِنَحْوِ عِلْمِهِ أَوْ صَلَاحِهِ وَوَرَعِهِ أَوَّلًا بِقَصْدِ شَيْءٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُسَنَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَنْ يَقْصِدَ بِالْإِجَابَةِ الِاقْتِدَاءَ بِالسُّنَّةِ حَتَّى يُثَابَ وَزِيَارَةَ أَخِيهِ وَإِكْرَامَهُ حَتَّى يَكُونَ مِنْ الْمُتَحَابِّينَ الْمُتَزَاوِرِينَ فِي اللَّهِ تَعَالَى أَوْ صِيَانَةَ نَفْسِهِ عَنْ أَنْ يُظَنَّ بِهِ كِبْرٌ أَوْ احْتِقَارٌ لِمُسْلِمٍ.

(وَأَنْ لَا يَكُونَ ثَمَّ) أَيْ بِالْمَحَلِّ الَّذِي يَحْضُرُ فِيهِ (مَنْ يَتَأَذَّى) الْمَدْعُوُّ (بِهِ) لِعَدَاوَةٍ ظَاهِرَةٍ بَيْنَهُمَا أَوْ لِحَسَدِ ذَاكَ لِهَذَا دُونَ عَكْسِهِ فِيمَا يَظْهَرُ نَعَمْ إنْ كَانَ حُضُورُهُ يُحَرِّكُ حَسَدًا عِنْدَهُ لِمَنْ يَرَاهُ ثَمَّ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِهِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْحُضُورُ نَظِيرُ مَا يَأْتِي فِي أَنْ لَا يَكُونَ ثَمَّ مُنْكَرٌ (أَوْ لَا يَلِيقُ بِهِ مُجَالَسَتُهُ) كَالْأَرَاذِلِ وَأَمَّا قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ لَوْ كَانَ هُنَاكَ عَدُوٌّ لَهُ

ــ

[حاشية الشرواني]

كَقِلَّةِ مَا عِنْدَهُ) اُنْظُرْ مَا صُورَةُ كَوْنِهِ يَخُصُّهُمْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُمْ أَغْنِيَاءَ لِنَحْوِ هَذَا الْعُذْرِ اهـ رَشِيدِيٌّ.

(قَوْلُهُ ذَلِكَ) أَيْ قَصْدُ التَّخْصِيصِ وَقَوْلُهُ كَذَلِكَ أَيْ لِأَجْلِ غِنَاهُمْ إلَخْ فَكَانَ الْأَوْلَى لِذَلِكَ بِاللَّامِ (قَوْلُهُ عَلَيْهِمْ) أَيْ الْأَغْنِيَاءِ.

(قَوْلُهُ أَوْ قِلَّةِ مَا عِنْدَهُ) أَيْ وَاتَّفَقَ أَنَّ الَّذِينَ دَعَاهُمْ هُمْ الْأَغْنِيَاءُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْصِدَ تَخْصِيصَهُمْ بِالدَّعْوَةِ ابْتِدَاءً اهـ ع ش أَقُولُ وَبِذَلِكَ يَنْدَفِعُ قَوْلُ السَّيِّدْ عُمَرْ مَا نَصُّهُ قَدْ يُقَالُ مَا وَجْهُ تَخْصِيصِ الْأَغْنِيَاءِ حِينَئِذٍ اهـ.

(قَوْلُهُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الشُّرُوطِ.

(قَوْلُهُ فِي اشْتِرَاطِ إلَخْ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ لِقَوْلِهِ نَظَرٌ وَالْجُمْلَةُ مَقُولُ الْقَوْلِ.

(قَوْلُهُ قَالَ) أَيْ الْأَذْرَعِيُّ (قَوْلُهُ بَيَانٌ إلَخْ) أَيْ اسْتِئْنَافُ بَيَانٍ لِبَيَانِ سَبَبِ السِّرِّيَّةِ.

(قَوْلُهُ ذَلِكَ) أَيْ تَخْصِيصُ الْأَغْنِيَاءِ.

. (قَوْلُهُ بِخُصُوصِهِ) إلَى قَوْلِهِ وَقَالَ فِي الْإِحْيَاءِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَهُوَ دُونَ إلَى وَقِيلَ وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَأَنْ لَا يَكُونَ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُ الْمَتْنِ ثَلَاثَةً) أَيْ أَوْ أَكْثَرَ مُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ لَمْ تَجِبْ فِي الثَّانِي) وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَقَعُ أَنَّ الشَّخْصَ يَدْعُو جَمَاعَةً وَيَعْقِدُ الْعَقْدَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يُهَيِّئُ طَعَامًا وَيَدْعُو النَّاسَ ثَانِيًا فَلَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ ثَانِيًا اهـ ع ش أَقُولُ وَهَذَا يُخَالِفُ مَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ فِي التَّنْبِيهِ.

(قَوْلُهُ بَلْ يُسْتَحَبُّ) أَيْ قَبُولُ الدَّعْوَةِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَدْعُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ لَا لِنَحْوِ فَقْرٍ فَلْيُرَاجَعْ.

(قَوْلُ الْمَتْنِ فِي الثَّالِثِ) أَيْ وَفِيمَا بَعْدَهُ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ وَفِي الثَّالِثِ) أَيْ وَفِيمَا بَعْدَهُ اهـ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ إنَّهُ لَوْ كَانَ) أَيْ تَعَدُّدُ الْأَيَّامِ أَوْ الْأَوْقَاتِ اهـ كُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ كَضِيقِ مَنْزِلٍ) أَيْ أَوْ كَثْرَةِ الْمَدْعُوِّينَ مُغْنِي أَوْ قَصَدَ جَمْعَ الْمُتَنَاسِبِينَ فِي وَقْتٍ كَالْعُلَمَاءِ وَالتُّجَّارِ وَنَحْوِهِمْ ع ش (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ فِي الثَّانِي وَمَا بَعْدَهُ عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ أَيْ فِي الْأَيَّامِ وَالْأَوْقَاتِ كُلِّهَا اهـ.

(قَوْلُهُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي أَيْ يَدْعُوهُ اهـ.

(قَوْلُهُ لِخَوْفٍ مِنْهُ) أَيْ لَوْ لَمْ يَحْضُرْهُ اهـ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ أَنْ يَقْصِدَ) أَيْ الْمَدْعُوُّ.

. (قَوْلُهُ لِحَسْدِ ذَاكَ) أَيْ مَنْ يَتَأَذَّى الْمَدْعُوُّ بِهِ لِهَذَا أَيْ لِلْمَدْعُوِّ اهـ سم (قَوْلُهُ كَالْأَرَاذِلِ) لَمْ أَرَ مَنْ بَيَّنَ الْمُرَادَ بِالْأَرَاذِلِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَنْ قَامَ بِهِ مَذْمُومٌ شَرْعًا وَإِنْ لَمْ يَصِلْ إلَى رُتْبَةِ الْفِسْقِ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ أَرْبَابِ الْحِرَفِ الدَّنِيئَةِ وَقَدْ يُسْتَأْنَسُ لَهُ بِقَوْلِ الْقَامُوسِ الرَّذْلُ الدُّونُ الْخَسِيسُ مَعَ قَوْلِهِمْ فِي الطَّلَاقِ الْخَسِيسُ مَنْ بَاعَ دِينَهُ بِدُنْيَاهُ اهـ سَيِّدْ عُمَرْ.

(قَوْلُهُ أَمَّا قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ) إلَى الْمَتْنِ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

يَضُرُّ تَخْصِيصُ الْفُقَرَاءِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ جِيرَانُهُ وَأَهْلُ حِرْفَتِهِ مَثَلًا كُلُّهُمْ فُقَرَاءَ أَوْ بَعْضُهُمْ أَغْنِيَاءَ فَخَصَّصَ الْفُقَرَاءَ لَا لِمَا ذُكِرَ فَالْوَجْهُ عَدَمُ الْوُجُوبِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ هَذَا التَّخْصِيصَ مُوغِرٌ لِلصُّدُورِ كَمَا لَا يَخْفَى وَلَوْ كَانُوا كُلُّهُمْ أَغْنِيَاءَ فَخَصَّصَ بَعْضَهُمْ لِمَا ذُكِرَ فَالْوَجْهُ عَدَمُ الْوُجُوبِ أَيْضًا وَلَعَلَّهُ لَا يَشْمَلُهُ قَوْلُهُمْ أَنْ لَا يَخُصَّ الْأَغْنِيَاءَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْهُ تَخْصِيصُهُمْ بِالنِّسْبَةِ لِلْفُقَرَاءِ نَعَمْ لَوْ خَصَّصَ فُقَرَاءَ جِيرَانِهِ أَوْ أَهْلَ حِرْفَتِهِ أَوْ بَعْضَهُمْ لِعَدَمِ كِفَايَةِ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ فَآثَرَ الْفُقَرَاءَ؛ لِأَنَّهُمْ أَحْوَجُ اُتُّجِهَ الْوُجُوبُ فَظَهَرَ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي إطْلَاقُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ تَخْصِيصُ الْفُقَرَاءِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَهَذَا إنَّمَا يَحْصُلُ حَيْثُ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ قَصْدٌ مُوغِرٌ لِلصُّدُورِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ الْقَصْدُ الْمُوغِرُ إنَّمَا يَمْنَعُ الْحُصُولَ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْمَدْعُوِّينَ وَلَا يَمْنَعُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَدْعُوِّينَ فَكَيْفَ أَبْطَلَ سَبَبَ الْوُجُوبِ عَلَيْهِمْ فَتَأَمَّلْهُ.

(قَوْلُهُ أَوْ لِحَسْدِ ذَاكَ لِهَذَا) اسْمُ الْإِشَارَةِ الْأَوَّلُ عَائِدٌ عَلَى مَنْ فِي الْمَتْنِ وَالثَّانِي عَائِدٌ عَلَى الْمَدْعُوّ فِي الشَّرْحِ.

(قَوْلُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>