مِنْ التَّفْصِيلِ وَاحْتِمَالِ كَوْنِ الْقَطْعِ فِي مَوْضِعِ الصُّورَةِ فَزَالَتْ وَجُعِلَتْ وِسَادَةً بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ اللَّفْظِ أَنَّ الصُّوَرَ عَامَّةٌ لِجَمِيعِ السُّتُرِ وَهَذَا الْخَبَرُ يُبَيِّنُ مَا فِي الْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ «أَنَّهَا اشْتَرَتْ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا يَقْعُدُ عَلَيْهِ وَيَتَوَسَّدُ بِهِ وَفِيهِ صُوَرٌ فَامْتَنَعَ مِنْ الدُّخُولِ عَلَيْهَا حَتَّى تَابَتْ وَاعْتَذَرَتْ ثُمَّ ذَكَرَ الْوَعِيدَ الشَّدِيدَ لِلْمُصَوِّرِينَ» وَأَنَّ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ صُورَةٌ أَيْ وَإِنْ لَمْ تَحْرُمْ؛ لِأَنَّ غَايَتَهَا أَنَّهَا كَجُنُبٍ أَوْ إنَاءِ بَوْلٍ مَا دَامَ فِيهِ لَا تَدْخُلُهُ الْمَلَائِكَةُ وَقَضِيَّةُ الْمَتْنِ وَالْخَبَرِ حُرْمَةُ دُخُولِ مَحَلِّ هَذِهِ الصُّورَةِ الْمُعَظَّمَةِ وَهُوَ مَا اعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ لِنَقْلِ الْبَيَانِ لَهُ عَنْ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ وَالذَّخَائِرُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَالشَّامِلُ عَنْ أَصْحَابِنَا رَدًّا بِذَلِكَ قَوْلَ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ الْأَكْثَرُونَ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ إنَّهُ الصَّوَابُ وَيَلْحَقُ بِهَا فِي ذَلِكَ مَحَلُّ كُلِّ مَعْصِيَةٍ.
(فَرْعٌ) لَا يُؤَثِّرُ حَمْلُ النَّقْدِ الَّذِي عَلَيْهِ صُورَةٌ كَامِلَةٌ؛ لِأَنَّهُ لِلْحَاجَةِ وَلِأَنَّهَا مُمْتَهَنَةٌ بِالْمُعَامَلَةِ بِهَا وَلِأَنَّ السَّلَفَ كَانُوا يَتَعَامَلُونَ بِهَا مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ وَمِنْ لَازِمِ ذَلِكَ عَادَةُ حَمْلِهِمْ لَهَا وَأَمَّا الدَّرَاهِمُ الْإِسْلَامِيَّةُ فَلَمْ تَحْدُثْ إلَّا فِي زَمَنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَكَانَ مَكْتُوبًا عَلَيْهَا اسْمُ اللَّهِ وَاسْمُ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
(وَيَجُوزُ) حُضُورُ مَحَلٍّ فِيهِ (مَا) أَيْ صُورَةٌ (عَلَى أَرْضٍ وَبِسَاطٍ) يُدَاسُ (وَمِخَدَّةٍ) يُنَامُ أَوْ يُتَّكَأُ عَلَيْهَا وَمَا عَلَى طَبَقٍ وَخِوَانٍ وَقَصْعَةٍ وَكَذَا إبْرِيقٌ عَلَى الْأَوْجَهِ؛ لِأَنَّ مَا يُوطَأُ أَوْ يُطْرَحُ مُهَانٌ مُبْتَذَلٌ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَا رُفِعَ مِنْ ذَلِكَ لِلزِّينَةِ مُحَرَّمٌ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ مَوْضُوعٌ لِمَا يُمْتَهَنُ بِهِ فَلَا نَظَرَ لِمَا يَعْرِضُ لَهُ وَيُؤَيِّدُهُ اعْتِبَارُهُمْ التَّعْلِيقَ فِي السُّتُرِ دُونَ اللُّبْسِ فِي الثَّوْبِ نَظَرًا لِمَا أُعِدَّ لَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا (وَمَقْطُوعِ الرَّأْسِ) لِزَوَالِ مَا بِهِ الْحَيَاةُ فَصَارَ كَمَا فِي قَوْلِهِ (وَصُوَرِ شَجَرٍ) وَكُلِّ مَا لَا رُوحَ لَهُ كَالْقَمَرَيْنِ؛ لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَذِنَ لِمُصَوِّرٍ فِي ذَلِكَ.
(وَيَحْرُمُ) وَلَوْ عَلَى نَحْوِ أَرْضٍ وَمَا مَرَّ مِنْ الْفَرْقِ إنَّمَا هُوَ فِي الِاسْتِدَامَةِ (تَصْوِيرُ حَيَوَانٍ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَظِيرٌ كَمَا مَرَّ بَلْ هُوَ كَبِيرَةٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الْوَعِيدِ الشَّدِيدِ كَاللَّعْنِ
ــ
[حاشية الشرواني]
مِنْ التَّفْصِيلِ) أَيْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْوِسَادَةِ الْمَنْصُوبَةِ وَغَيْرِ الْمَنْصُوبَةِ (قَوْلُهُ مَا فِي الْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ) أَيْ يُبَيِّنُ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ أَنَّهَا اشْتَرَتْ إلَى فَامْتَنَعَ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ ذَكَرَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى امْتَنَعَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَأَنَّ الْبَيْتَ إلَخْ) أَيْ وَذَكَرَ أَنَّ الْبَيْتَ إلَخْ اهـ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَيْ وَإِنْ لَمْ تَحْرُمْ إلَخْ) خِلَافًا لِلشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ اهـ ع ش أَقُولُ وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَالَهُ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ مِنْ عَدَمِ مَنْعِ الصُّورَةِ الْمُمْتَهَنَةِ دُخُولَ مَلَائِكَةِ الرَّحْمَةِ مَحَلَّهَا ارْتِفَاقًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْوِسَادَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ.
(قَوْلُهُ لَا تَدْخُلُهُ الْمَلَائِكَةُ) خَبَرُ أَنَّ الْبَيْتَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَالْخَبَرُ) أَيْ خَبَرُ مُسْلِمٍ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ أَلْ لِلْجِنْسِ فَيَشْتَمِلُ الْخَبَرَ الثَّانِيَ أَيْضًا (قَوْلُهُ قَوْلُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي عِبَارَةُ الْأَوَّلِ أَمَّا مُجَرَّدُ الدُّخُولِ لِمَحَلٍّ فِيهِ ذَلِكَ فَلَا يَحْرُمُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْحُضُورِ غَيْرُ مَسْأَلَةِ الدُّخُولِ خِلَافًا لِمَا فَهِمَهُ الْإِسْنَوِيُّ اهـ وَعِبَارَةُ الثَّانِي قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَحْرِيمُ دُخُولِ الْبَيْتِ الَّذِي فِيهِ هَذِهِ الصُّورَةُ وَكَلَامُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ عَدَمِ تَحْرِيمِهِ وَبِالتَّحْرِيمِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَبِالْكَرَاهَةِ قَالَ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ وَالصَّيْدَلَانِيُّ وَرَجَّحَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ فِي الْوَسِيطِ وَفِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُمْ مَالُوا إلَى الْكَرَاهَةِ وَصَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ كَمَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَلَكِنْ حُكِيَ فِي الْبَيَانِ عَنْ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ التَّحْرِيمُ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ مَسْأَلَةَ الدُّخُولِ غَيْرُ مَسْأَلَةِ الْحُضُورِ خِلَافًا لِمَا فَهِمَهُ الْإِسْنَوِيُّ اهـ.
(قَوْلُهُ وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِ الشَّرْحِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَيَلْحَقُ بِهَا) أَيْ مَحَلِّ الصُّورَةِ الْمُعَظَّمَةِ.
(قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ) أَيْ حُرْمَةِ الدُّخُولِ.
(قَوْلُهُ لَا يُؤَثِّرُ) إلَى قَوْلِهِ وَكَذَا إبْرِيقٌ فِي النِّهَايَةِ وَلَفْظُهُ أَنَّ الدَّنَانِيرَ الرُّومِيَّةَ الَّتِي عَلَيْهَا الصُّوَرُ مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي لَا يُنْكَرُ لِامْتِهَانِهَا بِالْإِنْفَاقِ وَالْمُعَامَلَةِ وَكَانَ السَّلَفُ إلَخْ (قَوْلُهُ النَّقْدُ الَّذِي إلَخْ) وَأَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّ النَّقْدَ الْمَذْكُورَ لَا يَمْنَعُ دُخُولَ الْمَلَائِكَةِ مَحَلَّهُ اهـ سم زَادَ ع ش وَخَالَفَهُ حَجّ فِي الزَّوَاجِرِ وَالْأَقْرَبُ مَا فِي الزَّوَاجِرِ؛ لِأَنَّ الْعُذْرَ بِالِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ وَعَدَمِ إرَادَةِ تَعْظِيمِهِ لَا يَزِيدُ عَلَى مُلَازَمَةِ الْحَيْضِ لِلْحَائِضِ وَقَدْ وَرَدَ النَّصُّ بِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ حَائِضٌ اهـ وَقَوْلُهُ فِي الزَّوَاجِرِ أَيْ وَالتُّحْفَةِ كَمَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ يَتَعَامَلُونَ بِهَا) أَيْ بِالنُّقُودِ الَّتِي عَلَيْهَا صُورَةٌ كَامِلَةٌ.
. (قَوْلُهُ أَيْ صُورَة) إلَى قَوْلِهِ وَكَذَا إبْرِيقٌ فِي الْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ وَخِوَانٍ) بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ لُغَةً كَمَا فِي الْمُخْتَارِ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ وَكَذَا إبْرِيقٌ إلَخْ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ (قَوْلُهُ مِنْهُ) أَيْ التَّعْلِيلِ.
(قَوْلُهُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ الطَّبَقِ وَمَا مَعَهُ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَمَقْطُوعِ الرَّأْسِ) أَيْ مَثَلًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الشَّرْحِ اهـ رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ سم كَقَطْعِ الرَّأْسِ هُنَا فَقْدُ كُلِّ مَا لَا حَيَاةَ بِدُونِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ فَقْدَ النِّصْفِ الْأَسْفَلِ كَفَقْدِ الرَّأْسِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَيَاةَ لِلْحَيَوَانِ بِدُونِهِ اهـ سم (قَوْلُهُ وَكُلُّ مَا لَا رُوحَ) إلَى قَوْلِهِ وَخَرَّجَ فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى قَوْلِهِ وَكَفَقْدِ الرَّأْسِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ بَلْ هُوَ كَبِيرَةٌ.
(قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ) أَيْ تَصْوِيرِ الْأَشْجَارِ وَمَا لَا رُوحَ لَهُ
(قَوْلُهُ وَمَا مَرَّ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ إنَّمَا هُوَ إلَخْ (قَوْلُهُ إنَّمَا هُوَ فِي الِاسْتِدَامَةِ) أَيْ وَمَا هُنَا فِي الْفِعْلِ اهـ نِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ كَفَرَسٍ بِأَجْنِحَةٍ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
(قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ الْمَتْنِ وَالْخَبَرِ حُرْمَةُ دُخُولِ إلَخْ) أَمَّا مُجَرَّدُ الدُّخُولِ لِمَحَلٍّ فِيهِ ذَلِكَ فَلَا يَحْرُمُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْحُضُورِ غَيْرُ مَسْأَلَةِ الدُّخُولِ خِلَافًا لِمَا فَهِمَهُ الْإِسْنَوِيُّ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ لَا يُؤَثِّرُ حَمْلُ النَّقْدِ الَّذِي إلَخْ) وَأَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّ النَّقْدَ الْمَذْكُورَ لَا يَمْنَعُ دُخُولَ الْمَلَائِكَةِ مَحَلَّهُ.
. (قَوْلُهُ وَكَذَا إبْرِيقٌ عَلَى الْأَوْجَهِ) خَالَفَهُ م ر فِي شَرْحِهِ فَقَالَ لَا عَلَى نَحْوِ إبْرِيقٍ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ لِارْتِفَاعِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ مِنْ ذَلِكَ) يَشْمَلُ الْمِخَدَّةَ لَكِنَّ التَّرَدُّدَ فِيهَا هُنَا الَّذِي أَفَادَهُ قَوْلُهُ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ إلَخْ لَا يُوَافِقُ جَزْمَهُ فِيهَا بِالْحُرْمَةِ بِقَوْلِهِ السَّابِقِ وِسَادَةً مَنْصُوبَةً إلَخْ.
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَمَقْطُوعِ الرَّأْسِ) كَقَطْعِ الرَّأْسِ هُنَا فَقْدُ كُلِّ مَا لَا حَيَاةَ بِدُونِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَكَفَقْدِ الرَّأْسِ إلَخْ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ فَقْدَ النِّصْفِ الْأَسْفَلِ كَفَقْدِ الرَّأْسِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَيَاةَ بِدُونِهِ لِلْحَيَوَانِ