للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنْ أَمِنَ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَدُورَ لِطَلَبِ الْمَاءِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَضَرُّ عَلَيْهِ مِنْ إتْيَانِهِ فِي الْمَوْضِعِ الْبَعِيدِ مِنْ طَرِيقِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِ عِنْدَ أَحَدٍ اهـ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَقَدْ أَشَارَ إلَى نَقْلِ الْإِجْمَاعِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ التَّرَدُّدِ اهـ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى تَرَدُّدٍ لَمْ يَتَعَيَّنْ بِأَنْ كَانَ لَوْ صَعِدَ أَحَاطَ بِحَدِّ الْغَوْثِ مِنْ الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ، إذْ لَا فَائِدَةَ مَعَ ذَلِكَ لِوُجُوبِ التَّرَدُّدِ وَحَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا كَانَ نَحْوُ الصُّعُودِ لَا يُفِيدُ النَّظَرَ لِجَمِيعِ ذَلِكَ فَيَتَعَيَّنُ التَّرَدُّدُ وَاعْتَرَضَ السُّبْكِيُّ الْمَتْنَ وَتَبِعَهُ جَمْعٌ بِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ قَدْرَ نَظَرِهِ سَوَاءٌ أَلَحِقَهُ غَوْثٌ أَمْ لَا خَالَفَ كُلَّ الْأَصْحَابِ أَوْ ضُبِطَ حَدُّ الْغَوْثِ فَهُوَ كَذَلِكَ غَالِبًا لَكِنْ لَوْ زَادَ نَظَرُهُ عَلَيْهِ أَوْ نَقَصَ عَنْهُ اُعْتُبِرَ حَدُّ الْغَوْثِ دُونَ النَّظَرِ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ اهـ وَقَدْ عُلِمَ الْجَوَابُ عَنْ الْمَتْنِ بِمَا جَمَعْت بِهِ مَعَ مَا هُوَ ظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ النَّظَرُ الْمُعْتَدِلُ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ.

(فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) الْمَاءَ بَعْدَ الطَّلَبِ الْمَذْكُورُ (تَيَمَّمَ) لِحُصُولِ الْفَقْدِ حِينَئِذٍ (فَلَوْ) طَلَبَ كَمَا ذُكِرَ وَتَيَمَّمَ وَ (مَكَثَ مَوْضِعَهُ) وَلَمْ يَتَيَقَّنْ بِالطَّلَبِ الْأَوَّلِ أَنْ لَا مَاءَ (فَالْأَصَحُّ وُجُوبُ الطَّلَبِ) مِمَّا يُتَوَهَّمُ فِيهِ الْمَاءُ ثَانِيًا وَثَالِثًا وَهَكَذَا حَيْثُ لَمْ يُفِدْهُ الطَّلَبُ الْأَوَّلُ يَقِينَ الْفَقْدِ (لِمَا يَطْرَأُ) مِنْ نَحْوِ حَدَثٍ وَإِرَادَةِ فَرْضٍ ثَانٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَطَّلِعُ عَلَى بِئْرٍ خَفِيَتْ عَلَيْهِ أَوْ يَجِدُ مَنْ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَيَكُونُ الطَّلَبُ الثَّانِي أَخَفَّ وَنَظَرَ فِيهِ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ انْعِدَامُهُ لَوْ تَكَرَّرَ وَيُجَابُ بِمَنْعِ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يُفِدْهُ التَّكَرُّرُ الْيَقِينَ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ فِي كُلِّ طَلَبٍ مِنْ النَّظَرِ أَوْ التَّرَدُّدِ

ــ

[حاشية الشرواني]

يَصْعَدَ بِحَيْثُ يَرَاهُ عَلَى الْخِلَافِ بَصْرِيٌّ أَقُولُ كَلَامُهُمْ كَالصَّرِيحِ فِيمَا اسْتَظْهَرَهُ كَمَا يَظْهَرُ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَغَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ إنْ أَمِنَ) أَيْ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ) إتْيَانُهُ الْمَاءَ فِي الْمَوْضِعِ الْبَعِيدِ (قَوْلُهُ عَلَيْهِ) أَيْ وَاجِبًا عَلَيْهِ ع ش. (قَوْلُهُ فَقَدْ أَشَارَ إلَى نَقْلِ الْإِجْمَاعِ إلَخْ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ إتْيَانُ الْمَاءِ فِي الْمَوْضِعِ الْبَعِيدِ فَالْإِجْمَاعُ فِيهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ وُقُوعُهُ فِي الْمَقِيسِ وَإِنْ كَانَ أَوْلَى لِاحْتِمَالِ الْفَارِقِ بَصْرِيٌّ أَقُولُ اعْتِبَارُ مُجَرَّدِ الِاحْتِمَالِ مَعَ تَحَقُّقِ الْأَوْلَوِيَّةِ يُؤَدِّي إلَى سَدِّ بَابِ الِاسْتِدْلَالِ. (قَوْلُهُ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ) أَيْ حَمْلُ مَا فِي الْمَجْمُوعِ أَوْ حَمْلُ قَوْلِهِمْ وَإِنْ كَانَ بِقُرْبِهِ إلَخْ وَالْمَآلُ وَاحِدٌ.

(قَوْلُهُ لِوُجُوبِ التَّرَدُّدِ) الْأَوْلَى لِلتَّرَدُّدِ. (قَوْلُهُ وَحَمْلُ الْأَوَّلِ) أَيْ مَا فِي الْمَتْنِ وَالرَّوْضَةِ. (قَوْلُهُ لَا يُفِيدُهُ النَّظَرُ إلَخْ) أَيْ إلَى الْجِهَاتِ الَّتِي يُحْتَمَلُ وُجُودُ الْمَاءِ فِيهَا فَهُوَ بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ ع ش. (قَوْلُهُ فَيَتَعَيَّنُ التَّرَدُّدُ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُفِدْ نَحْوُ الصُّعُودِ إحَاطَةَ الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَرَدَّدَ وَيَمْشِيَ فِي كُلٍّ مِنْ الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ إلَى حَدِّ الْغَوْثِ وَفِيهِ بُعْدٌ لِأَنَّ هَذَا رُبَّمَا يَزِيدُ عَلَى حَدِّ الْبُعْدِ هَذَا وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَتَرَدَّدُ وَيَمْشِي فِي مَجْمُوعِهَا إلَى حَدِّ الْغَوْثِ لَا فِي كُلِّ جِهَةٍ حَلَبِيٌّ وَقَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَشْمَاوِيُّ عَنْ شَيْخِهِ عَبْدِ رَبِّهِ أَنَّهُ يَمْشِي فِي كُلِّ جِهَةٍ مِنْ الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ نَحْوَ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ بِحَيْثُ يُحِيطُ نَظَرُهُ بِحَدِّ الْغَوْثِ فَالْمَدَارُ عَلَى كَوْنِ نَظَرِهِ يُحِيطُ بِحَدِّ الْغَوْثِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَجْمُوعُ الَّذِي يَمْشِيهِ فِي الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ بَلَغَ حَدَّ الْغَوْثِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِلْحَلَبِيِّ بُجَيْرِمِيٌّ.

(قَوْلُهُ أَوْ ضَبَطَ حَدَّ الْغَوْثِ) أَيْ أَوْ أَرَادَ قَدْرَ حَدِّ الْغَوْثِ (فَهُوَ كَذَلِكَ) أَيْ فَقَدْرُ نَظَرِهِ قَدْرُ حَدِّ الْغَوْثِ. (قَوْلُهُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى حَدِّ الْغَوْثِ. (قَوْلُهُ بِمَا جَمَعْت إلَخْ) يَعْنِي قَوْلَهُ وَهُوَ غَلْوَةُ سَهْمٍ الْمُسَمَّى بِحَدِّ الْغَوْثِ وَلَوْ قَالَ بِمَا فَسَّرْته بِهِ لَسَلِمَ عَنْ إيهَامِ إرَادَةِ قَوْلِهِ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ النَّظَرُ الْمُعْتَدِلُ) هَذَا الْوَصْفُ خَرَجَ مَخْرَجَ الْقَيْدِ أَيْ تَرَدَّدَ قَدْرَ نَظَرِهِ إنْ كَانَ مُعْتَدِلًا وَبِهَذَا يُجَابُ عَمَّا نَظَرَ بِهِ سم مِنْ أَنَّ هَذَا الْوَصْفَ إنَّمَا يَتَأَتَّى لَوْ كَانَ الْمُرَادُ جِنْسَ النَّظَرِ أَمَّا بَعْدَ تَقْيِيدِهِ بِكَوْنِهِ نَظَرَ مُرِيدِ التَّيَمُّمِ فَنَظَرُهُ لَا يَكُونُ تَارَةً قَوِيًّا وَتَارَةً ضَعِيفًا عَلَى حَالَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَجَابَ عَنْهُ بِمَا لَعَلَّ مَا ذَكَرْنَاهُ أَقْرَبُ مِنْهُ ع ش وَقَوْلُهُ وَأَجَابَ عَنْهُ بِمَا إلَخْ وَهُوَ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ نَظَرَهُ قَدْ يَتَفَاوَتُ شِدَّةً وَضَعْفًا وَتَوَسُّطًا بِحَسَبِ الْأَوْقَاتِ اهـ. (قَوْلُهُ فَلَا اعْتِرَاضَ) أَيْ فَالْمُرَادُ بِالنَّظَرِ الْمُعْتَدِلُ وَيَدَّعِي أَنَّ قَدْرَ النَّظَرِ الْمُعْتَدِلِ مُسَاوٍ لِحَدِّ الْغَوْثِ بَصْرِيٌّ.

(قَوْلُهُ الْمَاءَ) إلَى قَوْلِهِ وَنَظَرَ فِيهِ فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ فَلَوْ عَلِمَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَنَظَرَ إلَى أَمَّا إذَا قَوْلُ الْمَتْنِ (تَيَمَّمَ) وَلَا يَضُرُّ تَأْخِيرُ التَّيَمُّمِ عَنْ الطَّلَبِ إذَا كَانَا فِي الْوَقْتِ وَلَمْ يَحْدُثْ سَبَبٌ يُحْتَمَلُ مَعَهُ وُجُودُ الْمَاءِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ أَيْ لَا يَمْنَعُ التَّأْخِيرُ الْمَذْكُورُ صِحَّةَ التَّيَمُّمِ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ وَلَمْ يَتَيَقَّنْ إلَخْ) أَيْ وَلَمْ يَحْدُثْ مَا يُحْتَمَلُ مَعَهُ وُجُودُ الْمَاءِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ وَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ مَا يُفِيدُهُ (قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ يُفِدْهُ الطَّلَبُ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَيْ وَلَوْ بِقَوْلِ عُدُولٍ طَلَبْنَاهُ فَلَمْ نَجِدْهُ كَمَا اعْتَمَدَهُ جَمْعٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ الْعَدْلَانِ وَلَوْ عَدْلَيْ رِوَايَةٍ بِالْعُدُولِ وَفَارَقَ مَا يَأْتِي مِنْ الِاكْتِفَاءِ فِي تَيَقُّنِ وُجُودِ الْمَاءِ بِوَاحِدٍ بِالِاحْتِيَاطِ لِلْعِبَادَةِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ اهـ وَهَذَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ فِي فَإِنْ تَيَقَّنَ الْمُسَافِرُ إلَخْ مِنْ كِفَايَةِ الْعَدْلِ سم وَقَوْلُهُ مَا تَقَدَّمَ إلَخْ أَيْ عَنْ النِّهَايَةِ.

(قَوْلُهُ يَقِينَ الْفَقْدِ) أَيْ وَإِنْ ظَنَّ الْفَقْدَ كَمَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ سم. (قَوْلُهُ مِنْ نَحْوِ حَدَثٍ إلَخْ) كَالنَّذْرِ وَالطَّوَافِ ع ش، وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُمَا دَاخِلَانِ فِي فَرْضٍ ثَانٍ فَلَا تَظْهَرُ فَائِدَةُ النَّحْوِ وَلَعَلَّ لِهَذَا حَذَفَ الْمُغْنِي لَفْظَةَ النَّحْوِ (قَوْلُهُ وَنَظَرَ فِيهِ) أَيْ فِي قَوْلِهِمْ وَيَكُونُ إلَخْ. (قَوْلُهُ بِمَنْعِ ذَلِكَ) أَيْ لُزُومِ انْعِدَامِ الطَّلَبِ لَوْ تَكَرَّرَ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

اسْتِيعَابِ الرُّفْقَةِ الْمُعْتَبَرِ فِي الطَّلَبِ لِذَلِكَ.

(قَوْلُهُ النَّظَرُ الْمُعْتَدِلُ) قَدْ يُقَالُ نَظَرُهُ شَيْءٌ وَاحِدٌ لَا تَعَدُّدَ فِيهِ وَلَا تَفَاوُتَ فَلَا يُتَصَوَّرُ اعْتِبَارُ الِاعْتِدَالِ فِيهِ، وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ اعْتِبَارُ الِاعْتِدَالِ لَوْ كَانَ الْمَذْكُورُ جِنْسَ النَّظَرِ فَلْيُتَأَمَّلْ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ نَظَرَهُ قَدْ يَتَفَاوَتُ شِدَّةً وَضَعْفًا وَتَوَسُّطًا بِحَسَبِ الْأَوْقَاتِ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ) الْفَقْدُ الشَّرْعِيُّ كَالْحِسِّيِّ بِدَلِيلِ مَا لَوْ مَرَّ مُسَافِرٌ عَلَى مَاءٍ مُسَبَّلٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَيَتَيَمَّمُ وَلَا يَجُوزُ الطُّهْرُ مِنْهُ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ لِقَصْرِ الْوَاقِفِ لَهُ عَلَى الشِّرْبِ نَقَلَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ عَنْ الْأَصْحَابِ. وَأَمَّا الصَّهَارِيجُ الْمُسَبَّلَةُ لِلشِّرْبِ فَلَا يَتَوَضَّأُ مِنْهَا أَوْ لِلِانْتِفَاعِ فَيَجُوزُ الْوُضُوءُ وَغَيْرُهُ وَإِنْ شَكَّ اجْتَنَبَ الْوُضُوءَ قَالَهُ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَالَ غَيْرُهُ يَجُوزُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْخَابِيَةِ وَالصِّهْرِيجِ بِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ فِيهَا الِاقْتِصَارُ عَلَى الشِّرْبِ، وَالْأَوْجَهُ تَحْكِيمُ الْعُرْفِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْحَالِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ يُفِدْهُ الطَّلَبُ الْأَوَّلُ يَقِينَ الْفَقْدِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَيْ، وَلَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>