وَلَا يَحْنَثُ بِهَا مَنْ حَلَفَ لَا يَتَكَلَّمُ ثُمَّ خَرِسَ (فَإِنْ فَهِمَ طَلَاقَهُ) وَغَيْرَهُ بِهَا (كُلُّ أَحَدٍ فَصَرِيحَةٌ، وَإِنْ) لَمْ يَفْهَمْهَا أَحَدٌ أَوْ (اخْتَصَّ بِفَهْمِهِ) أَيْ الطَّلَاقِ مِنْهَا (فَطِنُونَ) أَيْ أَهْلُ فِطْنَةٍ وَذَكَاءٍ (فَكِنَايَةٌ) ، وَإِنْ انْضَمَّ إلَيْهَا قَرَائِنُ وَمَرَّ أَوَّلَ الضَّمَانِ مَا قَدْ يُخَالِفُ ذَلِكَ مَعَ مَا فِيهِ وَذَلِكَ كَمَا فِي لَفْظِ النَّاطِقِ وَتُعْرَفُ نِيَّتُهُ فِيمَا إذَا أَتَى بِإِشَارَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ بِإِشَارَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ أُخْرَى وَكَأَنَّهُمْ اغْتَفَرُوا تَعْرِيفَهُ بِهَا مَعَ أَنَّهَا كِنَايَةٌ وَلَا اطِّلَاعَ لَنَا بِهَا عَلَى نِيَّتِهِ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ، وَتَعْبِيرِي بِمَا ذَكَرَ أَعَمُّ وَأَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْمُتَوَلِّي، وَيُعْتَبَرُ فِي الْأَخْرَسِ أَنْ يَكْتُبَ مَعَ لَفْظِ الطَّلَاقِ إنِّي قَصَدْت الطَّلَاقَ وَسَيَأْتِي فِي اللِّعَانِ أَنَّهُمْ أَلْحَقُوا بِالْأَخْرَسِ مَنْ اُعْتُقِلَ لِسَانُهُ وَلَمْ يُرْجَ بُرْؤُهُ وَكَذَا مَنْ رُجِيَ بَعْدَ مُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَهَلْ قِيَاسُهُ هُنَا كَذَلِكَ أَوْ يُفَرَّقُ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ فِي الْأَوَّلِ الْإِلْحَاقُ بَلْ الْأَخْرَسُ يَشْمَلُهُ وَفِي الثَّانِي يُحْتَمَلُ الْإِلْحَاقُ قِيَاسًا وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بِأَنَّهُ إنَّمَا أُلْحِقَ بِهِ ثَمَّ لِاحْتِيَاجِهِ لِلِّعَانِ أَوْ اضْطِرَارِهِ إلَيْهِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا.
(وَلَوْ كَتَبَ نَاطِقٌ) أَوْ أَخْرَسُ (طَلَاقًا، وَلَمْ يَنْوِهِ فَلَغْوٌ) إذْ لَا لَفْظَ وَلَا نِيَّةَ (وَإِنْ نَوَاهُ) وَمِثْلُهُ كُلُّ عَقْدٍ وَحَلٍّ وَغَيْرِهِمَا مَا عَدَا النِّكَاحَ وَلَمْ يَتَلَفَّظْ بِمَا كَتَبَهُ (فَالْأَظْهَرُ وُقُوعُهُ) لِإِفَادَتِهَا حِينَئِذٍ، وَإِنْ تَلَفَّظَ بِهِ وَلَمْ يَنْوِهِ عِنْدَ التَّلَفُّظِ وَلَا الْكِتَابَةَ، وَقَالَ: إنَّمَا قَصَدْت قِرَاءَةَ الْمَكْتُوبِ فَقَطْ صُدِّقَ
ــ
[حاشية الشرواني]
قُدْرَتِهِ عَلَى الْكِتَابَةِ لَا ضَرُورَةَ لِلْإِشَارَةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَحْنَثُ بِهَا مَنْ حَلَفَ لَا يَتَكَلَّمُ ثُمَّ خَرِسَ) مَفْهُومُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِهَا الْأَخْرَسُ إذَا حَلَفَ لَا يَتَكَلَّمُ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْأَيْمَانِ. اهـ. سم وَفِي الْبُجَيْرَمِيِّ عَنْ الْعَزِيزِيِّ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ الْمَفْهُومِ (قَوْلُ الْمَتْنِ فَصَرِيحَةٌ) إشَارَتُهُ لَا تَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ كَإِنْ قِيلَ لَهُ كَمْ طَلَّقْت زَوْجَتَك فَأَشَارَ بِأَصَابِعِهِ الثَّلَاثِ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَفْهَمْهَا أَحَدٌ) قَدْ يُقَالُ هِيَ حِينَئِذٍ بِمَثَابَةِ لَفْظِ النَّاطِقِ الَّذِي لَا يَحْتَمِلُ الطَّلَاقَ، وَهُوَ لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ، وَإِنْ نَوَاهُ فَلْيُتَأَمَّلْ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ أَقُولُ، وَإِلَيْهِ يُشِيرُ سُكُوتُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي عَنْ هَذِهِ الزِّيَادَةِ، وَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ قَوْلُ ع ش مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: أَيْ أَهْلُ فِطْنَةٍ إلَخْ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ هُنَا مَا قِيلَ فِي السَّلَمِ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِكَوْنِ الْإِشَارَةِ كِنَايَةً أَنْ يُوجَدَ فَطِنُونِ يَفْهَمُونَهَا غَالِبًا فِي أَيِّ مَحَلٍّ اتَّفَقَ لِلْأَخْرَسِ فِيهِ تَصَرُّفٌ بِالْإِشَارَةِ فَلَوْ فَهِمَهَا الَّذِينَ فِي غَايَةِ الْفِطْنَةِ وَقَلَّ أَنْ يُوجَدُوا عِنْدَ تَصَرُّفِ الْأَخْرَسِ لَمْ تَكُنْ الْإِشَارَةُ كِنَايَةً بَلْ تَكُونُ كَاَلَّتِي لَمْ يَفْهَمْهَا أَحَدٌ، وَيَنْبَغِي أَيْضًا الِاكْتِفَاءُ بِفَطِنٍ وَاحِدٍ فَالْجَمْعُ فِي كَلَامِهِ لَيْسَ بِقَيْدٍ. اهـ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ فَكِنَايَةٌ) تَحْتَاجُ لِلنِّيَّةِ.
(تَنْبِيهٌ) تَفْسِيرُ الْأَخْرَسِ صَرِيحَ إشَارَتِهِ فِي الطَّلَاقِ بِغَيْرِ طَلَاقٍ كَتَفْسِيرِ اللَّفْظِ الشَّائِعِ فِي الطَّلَاقِ بِغَيْرِهِ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ ظَاهِرًا إلَّا بِقَرِينَةٍ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ كَمَا إلَخْ) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ فَإِنْ فَهِمَ إلَخْ، وَإِنْ اخْتَصَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَتُعْرَفُ نِيَّتُهُ) إلَى قَوْلِهِ، وَفِي الثَّانِي فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَكَذَا مَنْ رَجَا إلَى وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ وَقَوْلُهُ: فِي الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: بِإِشَارَةٍ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِأَتَى وَقَوْلُهُ: الْآتِي بِإِشَارَةٍ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِتُعْرَفُ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: تَعْرِيفَهُ بِهَا) أَيْ بِالْإِشَارَةِ أَوْ الْكِتَابَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا اطِّلَاع لَنَا بِهَا) الْجَارُّ الثَّانِي مُتَعَلِّقٌ بِنِيَّةِ ذَلِكَ فَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: بِمَا ذَكَرَ) أَيْ إذَا أَتَى بِإِشَارَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: هُنَا كَذَلِكَ) أَيْ أَنَّهُ هُنَا إلَخْ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: أَوْ يُفَرَّقُ) أَيْ فَيَنْتَظِرُ إفَاقَتَهُ، وَإِنْ طَالَ اعْتِقَالُهُ. اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بِأَنَّهُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ وَقَدْ يُحْتَاجُ أَوْ يُضْطَرُّ إلَى نَحْوِ الطَّلَاقِ وَالْبَيْعِ فَالْإِلْحَاقُ أَقْرَبُ. اهـ سَيِّدُ عُمَرَ، وَهُوَ الظَّاهِرُ وَقَالَ ع ش وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ حَيْثُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِهَذَا أَيْ الثَّانِي أَنَّهُ حَيْثُ رُجِيَ بُرْؤُهُ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ انْتَظَرَ طَالَ زَمَنُ اعْتِقَالِهِ أَوْ قَصُرَ. اهـ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ وَلَوْ كَتَبَ إلَخْ) أَيْ عَلَى مَا يَثْبُتُ عَلَيْهِ الْخَطُّ كَرَقٍّ وَثَوْبٍ وَحَجَرٍ وَخَشَبٍ لَا عَلَى نَحْوِ مَاءٍ كَهَوَاءٍ. اهـ. مُغْنِي عِبَارَةُ الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ وَالْكَتْبُ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ نَحْوِهَا كِنَايَةٌ لَا عَلَى الْمَاءِ وَالْهَوَاءِ وَنَحْوِهِمَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ أَخْرَسُ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي النِّهَايَةِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَقِيلَ إلَى وَخَرَجَ وَقَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ تَفْهَمْهَا (قَوْلُ الْمَتْنِ طَلَاقًا) وَنَحْوَهُ مِمَّا لَا يَفْتَقِرُ إلَى قَبُولٍ كَالْإِعْتَاقِ وَالْإِبْرَاءِ وَالْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ كَأَنْ كَتَبَ زَوْجَتِي أَوْ كُلُّ زَوْجَةٍ لِي طَالِقٌ أَوْ عَبْدِي حُرٌّ. اهـ. مُغْنِي وَفِي سم بَعْدَ ذِكْرِ ذَلِكَ عَنْ الرَّوْضِ أَيْ وَسَائِرُ التَّصَرُّفَاتِ غَيْرِ النِّكَاحِ كَمَا فِي شَرْحِهِ. اهـ. أَيْ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَكْتُبَ قَوْلَهُ وَمِثْلُهُ كُلُّ عَقْدٍ إلَخْ عَقِبَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ طَلَاقًا (قَوْلُ الْمَتْنِ فَلَغْوٌ) أَيْ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ قَرِيبًا وَلَوْ أَنْكَرَ نِيَّتَهُ إلَخْ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ إلَخْ) أَيْ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: وَغَيْرِهِمَا) أَيْ كَالْإِقْرَارِ وَالدَّعْوَى أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الْإِشَارَةِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَلَفَّظْ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى نَوَاهُ (قَوْلُهُ: لِإِفَادَتِهَا حِينَئِذٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ طَرِيقٌ فِي إفْهَامِ الْمُرَادِ وَقَدْ اقْتَرَنَتْ بِالنِّيَّةِ فَإِنْ قَرَأَ مَا كَتَبَهُ حَالَ الْكِتَابَةِ أَوْ بَعْدَهَا فَصَرِيحٌ فَإِنْ قَالَ قَرَأْتُهُ حَاكِيًا مَا كَتَبْتُهُ بِلَا نِيَّةِ طَلَاقٍ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ. وَفَائِدَةُ قَوْلِهِ هَذَا إذَا لَمْ يُقَارِنْ الْكَتْبُ النِّيَّةَ، وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَقَالَ إنَّمَا قَصَدْت إلَخْ) بِخِلَافِ مَا لَوْ قَصَدَ الْإِنْشَاءَ أَوْ أَطْلَقَ كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُ الْمَحَلِّيِّ أَيْضًا. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: صُدِّقَ إلَخْ) أَيْ إنْ أَنْكَرَتْهُ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
وَلَا يَحْنَثُ بِهَا مَنْ حَلَفَ لَا يَتَكَلَّمُ ثُمَّ خَرِسَ) مَفْهُومُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِهَا الْأَخْرَسُ إذَا حَلَفَ لَا يَتَكَلَّمُ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْأَيْمَانِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ لَا يُكَلِّمُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِإِشَارَةٍ) قَالَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ وَالْأُولَى مُتَعَلِّقَةٌ بِأَتَى وَالثَّانِيَةُ بِتُعْرَفُ.
(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَلَوْ كَتَبَ نَاطِقٌ طَلَاقًا إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ، وَإِنْ قَرَأَهُ أَيْ مَا كَتَبَهُ حَالَ الْكِتَابَةِ أَوْ بَعْدَهَا فَصَرِيحٌ فَلَوْ قَالَ قَرَأْته حَاكِيًا بِلَا نِيَّةٍ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ. اهـ. فَقِرَاءَتُهُ عِنْدَ عَدَمِ قَصْدِ الْحِكَايَةِ صَرِيحٌ ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ وَفَائِدَتُهُ أَيْ قَوْلِهِ الْمَذْكُورِ إذَا لَمْ يُقَارِنْ الْكَتْبُ النِّيَّةَ أَنَّهُ إنْ قَارَنَهَا طَلُقَتْ وَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ الْمَذْكُورِ وَمِثْلُهُ أَيْ الطَّلَاقِ فِيمَا ذَكَرَ الْعِتْقُ وَالْإِبْرَاءُ وَالْعَفْوُ عَنْ الْقِصَاصِ أَيْ وَسَائِرُ التَّصَرُّفَاتِ غَيْرَ