للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْأُولَى سَبْقُ قَلَمٍ وَرَجَّحَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ الِاكْتِفَاءَ بِأَوَّلِهِ وَآخِرِهِ أَيْ بِجُزْءٍ مِنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَيَظْهَرُ أَنْ يَأْتِيَ هَذَا الْخِلَافُ فِي الْكِنَايَةِ الَّتِي لَيْسَتْ لَفْظًا كَالْكِتَابَةِ وَلَوْ أَتَى بِكِنَايَةٍ ثُمَّ بَعْدَ مُضِيِّ قَدْرِ الْعِدَّةِ أَوْقَعَ ثَلَاثًا ثُمَّ زَعَمَ أَنَّهُ نَوَى بِالْكِنَايَةِ الطَّلَاقَ لَمْ يُقْبَلْ لِرَفْعِهِ الثَّلَاثَ الْمُوجِبَةَ لِلتَّحْلِيلِ اللَّازِمِ لَهُ وَلَوْ أَنْكَرَ نِيَّتَهَا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَكَذَا وَارِثُهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ نَوَى فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ هِيَ أَوْ وَارِثُهَا أَنَّهُ نَوَى؛ لِأَنَّ الِاطِّلَاعَ عَلَى نِيَّتِهِ مُمْكِنٌ بِالْقَرَائِنِ.

(وَإِشَارَةُ نَاطِقٍ بِطَلَاقٍ لَغْوٌ) ، وَإِنْ نَوَاهُ، وَأَفْهَمَ بِهَا كُلَّ أَحَدٍ (وَقِيلَ كِنَايَةٌ) لِحُصُولِ الْإِفْهَامِ بِهَا كَالْكِتَابَةِ، وَيُرَدُّ؛ لِأَنَّ تَفْهِيمَ النَّاطِقِ إشَارَتَهُ نَادِرٌ مَعَ أَنَّهَا غَيْرُ مَوْضُوعَةٍ لَهُ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهَا حُرُوفٌ مَوْضُوعَةٌ لِلْإِفْهَامِ كَالْعِبَارَةِ نَعَمْ لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ، وَهَذِهِ مُشِيرًا لِزَوْجَةٍ لَهُ أُخْرَى طَلُقَتْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إشَارَةٌ مَحْضَةٌ هَذَا إنْ نَوَاهَا أَوْ أَطْلَقَ عَلَى الْأَوْجَهِ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ ظَاهِرٌ فِي ذَلِكَ مَعَ احْتِمَالِهِ لِغَيْرِهِ احْتِمَالًا قَرِيبًا أَيْ وَهَذِهِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ وَخَرَجَ بِالطَّلَاقِ غَيْرُهُ فَقَدْ تَكُونُ إشَارَتُهُ كَعِبَارَتِهِ كَهِيَ بِالْأَمَانِ وَكَذَا الْإِفْتَاءُ وَنَحْوُهُ فَلَوْ قِيلَ لَهُ أَيَجُوزُ كَذَا فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ مَثَلًا أَيْ نَعَمْ جَازَ الْعَمَلُ بِهِ وَنَقْلُهُ عَنْهُ.

(وَيُعْتَدُّ بِإِشَارَةِ أَخْرَسَ فِي الْعُقُودِ) كَبَيْعٍ، وَهِبَةٍ (وَالْحُلُولِ) كَطَلَاقٍ وَفَسْخٍ وَعِتْقٍ وَالْأَقَارِيرِ وَالدَّعَاوَى وَغَيْرِهَا، وَإِنْ أَمْكَنَتْهُ الْكِتَابَةُ لِلضَّرُورَةِ نَعَمْ لَا تَصِحُّ بِهَا شَهَادَتُهُ وَلَا تَبْطُلُ بِهَا صَلَاتُهُ

ــ

[حاشية الشرواني]

أَوَّلَهُ. اهـ رَشِيدِيٌّ.

(قَوْلُهُ: أَنَّ الْأُولَى) أَيْ اشْتِرَاطَ الِاقْتِرَانِ بِكُلِّ اللَّفْظِ (قَوْلُهُ: وَرَجَّحَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ لَكِنَّ الرَّاجِحَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا الِاكْتِفَاءُ بِأَوَّلِهِ إلَخْ فَالْحَاصِلُ الِاكْتِفَاءُ بِهَا قَبْلَ فَرَاغِ لَفْظِهَا، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. اهـ. وَعِبَارَةُ الْمُغْنِي وَاَلَّذِي رَجَّحَهُ ابْنُ الْمُقْرِي، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَكْفِي اقْتِرَانُهَا بِبَعْضِ اللَّفْظِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَوَّلِهِ أَوْ وَسَطِهِ أَوْ آخِرِهِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ بِتَمَامِهَا. اهـ.

(قَوْلُهُ: بِجُزْءٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ اللَّفْظِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ زَعَمَ) أَيْ قَالَ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: لَمْ يُقْبَلْ) ، وَيَنْبَغِي تَدْيِينُهُ؛ لِأَنَّهُ إنْ سَبَقَ مِنْهُ ذَلِكَ فَلَا وُقُوعَ لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ قَبْلَ تَطْلِيقِهَا ثَلَاثًا. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: لِرَفْعِهِ إلَخْ) صِلَةُ يُقْبَلْ وَقَوْلُهُ: الْمُوجِبَةَ إلَخْ صِفَةٌ لِلثَّلَاثِ، وَقَوْلُهُ: اللَّازِمِ صِفَةٌ لِلتَّحْلِيلِ، وَقَوْلُهُ: لَهُ أَيْ لِلزَّاعِمِ الْمَذْكُورِ نَظَرًا، لِظَاهِرِ إيقَاعِهِ الثَّلَاثَ، وَقَالَ الْكُرْدِيُّ وَالضَّمِيرُ فِي لَهُ يَرْجِعُ إلَى مُضَافٍ مَحْذُوفٍ عَنْ الثَّلَاثِ، وَهُوَ الْوُقُوعُ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَنْكَرَ نِيَّتَهَا) أَيْ الْكِنَايَةِ وَكَانَ الْأَوْلَى تَذْكِيرُ الضَّمِيرِ، وَإِرْجَاعُهُ لِلطَّلَاقِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ) أَيْ الْوَارِثَ لَا يَعْلَمُهُ إلَخْ وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ ذَلِكَ فِي الْعِدَّةِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَلَ) أَيْ الزَّوْجُ أَوْ وَارِثُهُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ نَوَى) أَيْ فَلَا يَرِثُ مِنْهَا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا.

(قَوْلُ الْمَتْنِ، وَإِشَارَةُ نَاطِقٍ بِطَلَاقٍ) كَأَنْ قَالَتْ لَهُ زَوْجَتُهُ طَلَّقَنِي فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ اذْهَبِي وَقَوْلُهُ: بِطَلَاقٍ خَرَجَ بِهِ إشَارَتُهُ لِمَحَلِّ الطَّلَاقِ كَقَوْلِ مَنْ لَهُ زَوْجَتَانِ امْرَأَتِي طَالِقٌ مُشِيرًا لِإِحْدَاهُمَا، وَقَالَ أَرَدْت الْأُخْرَى فَإِنَّهُ يُقْبَلُ كَمَا رَجَّحَهُ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَوَاهُ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ، وَيُعْتَدُّ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَوَاهُ إلَخْ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ: لَهُ) أَيْ لِلتَّفْهِيمِ (قَوْلُهُ: حُرُوفٌ مَوْضُوعَةٌ إلَخْ) لَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ الْمُسَامَحَةِ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ أَيْ فَالْمُرَادُ دَوَالُّ حُرُوفٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ قَالَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا الِاسْتِدْرَاكِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ هُنَا وَاقِعٌ بِالْعِبَارَةِ لَا بِالْإِشَارَةِ ثُمَّ رَأَيْت الْفَاضِلَ الْمُحَشِّيَ أَشَارَ لِذَلِكَ وَلَفْظُهُ فِي هَذَا الِاسْتِدْرَاكِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ الْإِشَارَةَ بِالْعِبَارَةِ وَلَا بِأَعَمَّ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: مُشِيرًا) أَيْ بِقَوْلِهِ، وَهَذِهِ (قَوْلُهُ: طَلُقَتْ) أَيْ الْأُخْرَى. اهـ. ع ش أَيْ، وَأَمَّا الْمُخَاطَبَةُ فَتَطْلُقُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بِقَوْلِهِ، وَهَذِهِ بِذَلِكَ الْقَوْلِ (قَوْلُهُ: إنْ نَوَاهَا) أَيْ الْأُخْرَى (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي قَصْدِ طَلَاقِ الْأُخْرَى (قَوْلُهُ: مَعَ احْتِمَالِهِ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا أَتَى بِهَذِهِ الْمَعِيَّةِ إشَارَةً لِوَجْهِ الِاحْتِيَاجِ لِلنِّيَّةِ وَقَصَدَ بِهِ الرَّدَّ عَلَى مَنْ ادَّعَى الصَّرَاحَةَ وَسَكَتَ عَنْ تَوْجِيهِ صُورَةِ الْإِطْلَاقِ الَّتِي تَحْتَهَا. اهـ. رَشِيدِيٌّ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ إنَّمَا أَتَى بِهَا لِتَوْجِيهِ مَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ: هَذَا إنْ نَوَاهَا إلَخْ مِنْ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ إنْ نَوَى غَيْرَهَا (قَوْلُهُ: احْتِمَالًا قَرِيبًا إلَخْ) مَحَلُّ تَأَمُّلٍ ثُمَّ رَأَيْت لِفَاضِلِ الْمُحَشِّي قَالَ قَوْلُهُ: أَيْ وَهَذِهِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ فِي قُرْبِ هَذَا نَظَرٌ. انْتَهَى اهـ سَيِّدُ عُمَرَ.

وَأَجَابَ الرَّشِيدِيُّ بِمَا نَصُّهُ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقُرْبِ هَذَا الِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِي هَذَا التَّقْدِيرِ إلَى تَعَسُّفٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَهْمًا قَرِيبًا الَّذِي فَهِمَهُ الشِّهَابُ سم حَتَّى نَظَرَ فِي كَوْنِ هَذَا قَرِيبًا فَتَأَمَّلْ. اهـ.

(قَوْلُهُ: كَهِيَ) أَيْ الْإِشَارَةِ بِالْأَمَانِ أَيْ لِلْكَافِرِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ) ، وَهُوَ الْإِذْنُ فِي الدُّخُولِ مَثَلًا فَإِشَارَةُ النَّاطِقِ لَا يُعْتَدُّ بِهَا إلَّا فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْمَنْظُومَةِ فِي قَوْلِهِ

إشَارَةٌ لِنَاطِقٍ تُعْتَبَرُ ... فِي الْإِذْنِ وَإِلَّا فَتَأَمَّلْ مَا ذَكَرُوا

اهـ بُجَيْرِمِيٌّ عِبَارَةُ ع ش أَيْ كَالْإِجَازَةِ وَالْإِذْنِ فِي دُخُولِ الدَّارِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ قِيلَ لَهُ) أَيْ لِلْمُفْتِي مَثَلًا.

(قَوْلُهُ: كَبَيْعٍ) إلَى قَوْلِهِ نَعَمْ فِي النِّهَايَةِ، وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ فَإِنْ فَهِمَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَغَيْرُهَا وَقَوْلُهُ: لِلضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ: وَالْأَقَارِيرِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى الْعُقُودِ (قَوْلُهُ: وَغَيْرِهَا) لَعَلَّهُ إنَّمَا أَتَى بِهِ لِقَوْلِهِ الْآتِي نَعَمْ لَا تَصِحُّ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِلضَّرُورَةِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ، وَيُعْتَدُّ إلَخْ، وَإِنَّمَا لَمْ تُقَدَّمْ الْكِتَابَةُ عَلَى الْإِشَارَةِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ فَلَا مُرَجِّحَ لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى. اهـ. ع ش وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الْكِتَابَةَ أَوْضَحُ مِنْ الْإِشَارَةِ، وَإِنَّهَا مَوْضُوعَةٌ لِلْإِفْهَامِ بِخِلَافِ الْإِشَارَةِ كَمَا مَرَّ. وَعِبَارَةُ الْبُجَيْرَمِيِّ عَنْ الْحَلَبِيِّ قَوْلُهُ: لِلضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ أَحَدٍ يَفْهَمُ الْكِتَابَةَ، وَإِلَّا فَقَدْ يُقَالُ مَعَ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي نِيَّةِ الْخِطَابِ وَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَتَى بِكِنَايَةٍ إلَخْ) كَذَا شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ قَالَ إلَخْ) فِي هَذَا الِاسْتِدْرَاكِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ الْإِشَارَةَ بِالْعِبَارَةِ وَلَا بِأَعَمَّ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ، وَهَذِهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ جَعَلَ هَذَا مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ بِأَنْ قَدَّرَ خَبَرَ الِاسْمِ الْإِشَارَةَ أَيْ طَالِقٌ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ قَرِينَةٌ عَلَى الْمُقَدَّرِ أَخْذًا مِمَّا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْإِعْتَاقُ كِنَايَةٌ (قَوْلُهُ: أَيْ، وَهَذِهِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ) فِي قُرْبِ هَذَا نَظَرٌ.

(قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>