للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُمْ مَعْذُورُونَ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ كَلَامَ الْأَصْحَابِ فِيهِ مَا يَشْهَدُ لِلتَّخَلُّصِ كَإِنْ لَمْ تَخْرُجِي هَذِهِ اللَّيْلَةَ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ فَإِنَّهُ يَنْفَعُهُ الْخُلْعُ فِيهَا، وَإِنْ أَعَادَ عَقْدَهَا لَيْلًا وَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ التُّفَّاحَتَيْنِ الْمَذْكُورَةِ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَنَظَائِرِهِمَا وَلِعَدَمِهِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَتُصَلِّيَنَّ الظُّهْرَ الْيَوْمَ فَحَاضَتْ فِي وَقْتِهِ بَعْدَ تَمَكُّنِهَا مِنْ فِعْلِهِ وَلَمْ تَفْعَلْهُ أَوْ لَتَشْرَبِنَّ مَاءَ هَذَا الْكُوزِ فَانْصَبَّ بَعْدَ إمْكَانِ شُرْبِهِ أَوْ لَيَأْكُلَنَّ ذَا غَدًا فَتَلِفَ فِيهِ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَكْلِهِ وَحَاصِلُ كَلَامِ السُّبْكِيّ الَّذِي تَجْتَمِعُ بِهِ تِلْكَ الْمَسَائِلُ الَّتِي ظَاهِرُهَا التَّنَافِي بَعْدَ بَحْثِهِ مَعَ ابْنِ الرِّفْعَةِ فِيمَا رَجَعَ إلَيْهِ وَصَوَّبَهُ وَمَعَ الْبَاجِيَّ أَنَّ الصِّيغَةَ إنْ كَانَتْ لَا أَفْعَلُ أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْ تُخَلِّصُ؛ لِأَنَّهَا تَعْلِيقٌ بِالْعَدَمِ وَلَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِالْآخَرِ وَقَدْ صَادَفَهَا بَائِنًا وَلَيْسَ لِلْيَمِينِ هُنَا إلَّا جِهَةُ حِنْثٍ فَقَطْ؛ لِأَنَّهَا تَعَلَّقَتْ بِسَلْبٍ كُلِّيٍّ هُوَ الْعَدَمُ فِي جَمِيعِ الْوَقْتِ وَبِالْوُجُودِ لَا نَقُولُ حَصَلَ الْبِرُّ بَلْ لَمْ يَحْنَثْ لِعَدَمِ شَرْطِهِ.

وَكَلَامُ الشَّيْخَيْنِ أَوَاخِرَ الطَّلَاقِ فِي إنْ لَمْ تَخْرُجِي اللَّيْلَةَ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ، وَإِنْ لَمْ تَأْكُلِي هَذِهِ التُّفَّاحَةَ الْيَوْمَ نَفَعَهُ الْخُلْعُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يَنْفَعُهُ فِي صُورَتِنَا؛ لِأَنَّهَا عَيْنُ صُورَتَيْهِمَا الْمَذْكُورَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ لَأَفْعَلَنَّ وَمِثْلُهَا النَّفْيُ الْمُشْعِرُ بِالزَّمَانِ كَإِذَا لَمْ أَفْعَلْ كَذَا لَمْ يَتَخَلَّصْ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ مَقْصُودٌ مِنْهُ، وَهُوَ إثْبَاتٌ جُزْئِيٌّ وَلِلْيَمِينِ جِهَةُ بِرٍّ هِيَ فِعْلُهُ وَجِهَةُ حِنْثٍ بِالسَّلْبِ الْكُلِّيِّ الَّذِي هُوَ نَقِيضُهُ وَالْحِنْثُ يَتَحَقَّقُ بِمُنَاقَضَةِ الْيَمِينِ وَتَفْوِيتِ الْبِرِّ فَإِذَا الْتَزَمَ ذَلِكَ بِالطَّلَاقِ وَفَوَّتَهُ بِخُلْعٍ مِنْ جِهَتِهِ حَنِثَ لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ وَكَلَامُ الشَّيْخَيْنِ فِي لَآكُلَنَّ ذَا الطَّعَامَ غَدًا صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ انْتَهَى وَزَعْمُ أَنَّ كَلَامَ صَاحِبِ الْبَيَانِ وَغَيْرِهِ يُخَالِفُ ذَلِكَ مَرْدُودٌ وَقَدْ بَسَطْت مَا فِي ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ الْكَبِيرِ أَوَّلَ الْخُلْعِ بِمَا لَا مَزِيدَ عَلَى حُسْنِهِ وَتَحْرِيرِهِ فَرَاجِعْهُ

ــ

[حاشية الشرواني]

لَا يَعُودُ إلَّا عَلَى عَدَمِهِ أَيْ عَدَمِ التَّخْلِيصِ. اهـ. كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَهُمْ) أَيْ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَصَاحِبَاهُ وَالْبَاجِيِّ وَالسُّبْكِيُّ وَقَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ فِي الِاخْتِلَافِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ. اهـ. كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: فِيهَا) أَيْ اللَّيْلَةِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ التُّفَّاحَتَيْنِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَمَسْأَلَةُ مَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ لَمْ تَأْكُلِي هَذِهِ التُّفَّاحَةَ الْيَوْمَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَقَالَ؛ لِأَمَتِهِ إنْ لَمْ تَأْكُلِي التُّفَّاحَةَ الْأُخْرَى فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَالْتَبَسَتَا فَخَالَعَ وَبَاعَ فِي الْيَوْمِ ثُمَّ جَدَّدَ وَاشْتَرَى حَيْثُ يَتَخَلَّصُ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَنَظَائِرِهِمَا) أَيْ مَسْأَلَةِ إنْ لَمْ تَخْرُجِي إلَخْ وَمَسْأَلَةِ التُّفَّاحَتَيْنِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَلِعَدَمِهِ) أَيْ عَدَمِ التَّخَلُّصِ عَطْفٌ عَلَى لِلتَّخَلُّصِ (قَوْلُهُ: لَا أَفْعَلُ) أَيْ إنْ لَا أَفْعَلُ. اهـ. كُرْدِيٌّ، وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا سَيَأْتِي عَنْ سم مِنْ حَمْلِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرِ أَدَاةِ الشَّرْطِ وَلَوْ ذَكَرَهَا الشَّارِحُ فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي لَسَلِمَ مِنْ إشْكَالِ سم وَوَافَقَ الْغَالِبَ فِي بَابِ الِاكْتِفَاءِ (قَوْلُهُ: بِالْعَدَمِ) أَيْ عَدَمِ الْفِعْلِ الْمُقَيَّدِ بِزَمَنِهِ وَلَا يَتَحَقَّقُ أَيْ الْعَدَمُ إلَّا بِالْآخَرِ أَيْ بِعَدَمِ الْفِعْلِ إلَى آخِرِ ذَلِكَ الزَّمَنِ وَقَدْ صَادَفَهَا أَيْ الْآخَرُ الزَّوْجَةَ (قَوْلُهُ: بَائِنًا) أَيْ مِنْ النِّكَاحِ الْأَوَّلِ فَيَشْمَلُ مَا لَوْ خَالَعَهَا ثُمَّ جَدَّدَ نِكَاحَهَا قَبْلَ فَرَاغِ الشَّهْرِ مَثَلًا. اهـ. ع ش وَقَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلْيَمِينِ إلَخْ أَرَادَ بِهِ بَيَانَ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا يَأْتِي مِنْ الصِّيَغِ (قَوْلُهُ: فِي جَمِيعِ الْوَقْتِ) أَيْ الْمُقَدَّرِ (قَوْلُهُ: وَبِالْوُجُودِ إلَخْ) جَوَابُ سُؤَالٍ مَنْشَؤُهُ قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلْيَمِينِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَبِالْوُجُودِ إلَخْ) هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ فِي إنْ لَمْ أَفْعَلْ دُونَ لَا أَفْعَلُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إذْ بِالْوُجُودِ فِيهِ يَحْصُلُ الْحِنْثُ كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهَا تَعْلِيقٌ بِالْعَدَمِ إلَخْ يَظْهَرُ فِي إنْ لَمْ أَفْعَلْ دُونَ لَا أَفْعَلُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إذْ التَّعْلِيقُ فِيهِ إنَّمَا هُوَ بِالْوُجُودِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلَعَلَّ هَذَا الْكَلَامَ بِالنَّظَرِ لِإِنْ لَمْ أَفْعَلْ، وَأَمَّا لَا أَفْعَلُ فَعَلَى الْعَكْسِ مِنْهَا فِي ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. وَلَعَلَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى حَمْلِ لَا أَفْعَلُ عَلَى مَعْنَى وَبِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَا أَفْعَلُ، وَأَمَّا إذَا حُمِلَ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْكُرْدِيِّ أَيْ إنْ لَا أَفْعَلُ فَزَوْجَتِي طَالِقٌ ثَلَاثًا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمِثَالَيْنِ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ شَرْطِهِ) ، وَهُوَ السَّلْبُ الْكُلِّيُّ أَيْ وَشَتَّانَ مَا بَيْنَهُمَا. اهـ. كُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ: فِي إنْ لَمْ تَخْرُجِي إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ نَفَعَهُ الْخُلْعُ وَالْجُمْلَةُ بَدَلٌ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ إلَخْ وَقَوْلُهُ: صَرِيحٌ إلَخْ خَبَرُهُ (قَوْلُهُ: فِي صُورَتِنَا) أَرَادَ بِهَا قَوْلَهُ لَا أَفْعَلُ أَوْ إنْ لَمْ أَفْعُلَا هـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ إنْ كَانَتْ لَا أَفْعَلُ إلَخْ وَقَوْلُهُ: لَأَفْعَلَنَّ أَيْ وَبِالطَّلَاقِ لَأَفْعَلَنَّ (قَوْلُهُ: كَإِذَا) أَقُولُ وَمِثْلُ إذَا كُلُّ أَدَاةٍ شَرْطٍ غَيْرَ إنْ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: يَتَحَقَّقُ بِمُنَاقَضَةِ الْيَمِينِ) أَيْ يَحْصُلُ بِمُنَاقَضَةِ إلَخْ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: فَإِذَا الْتَزَمَ ذَلِكَ) أَيْ الْبِرَّ أَوْ الْفِعْلَ بِالطَّلَاقِ كَإِنْ قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ لَأَدْخُلَنَّ اللَّيْلَةَ الدَّارَ أَوْ إذَا لَمْ أَدْخُلْ اللَّيْلَةَ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا. اهـ. كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ)

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

عَدَمُ الْوُقُوعِ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْهُ حَتَّى مَضَى الشَّهْرُ إذْ لَا جَائِزَ أَنْ يَقَعَ الطَّلَاقُ بَعْدَ الْخُلْعِ لِحُصُولِ الْبَيْنُونَةِ بِهِ الْمُنَافِيَةِ لِلْوُقُوعِ وَلَا أَنْ يَقَعَ قَبْلَهُ لِلُزُومِ الْوُقُوعِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مَعَ أَنَّهُ لَا وُقُوعَ قَبْلَهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ مَسَائِلِ الرَّغِيفِ وَغَيْرِهِ مِمَّا نُظِّرَ بِهِ الْوُقُوعُ فَإِنْ قُلْت قَالُوا فِي مَسْأَلَةِ الرَّغِيفِ إذَا أَتْلَفَهُ قَبْلَ الْغَدِ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ فُوِّتَ فَكَذَا هُنَا؛ لِأَنَّهُ فُوِّتَ بِالْخُلْعِ قُلْت الْفَرْقُ أَنَّهُ هُنَاكَ يُمْكِنُ الْوُقُوعُ لِوُجُودِ الزَّوْجِيَّةِ بَعْدَ مُضِيِّ الْإِمْكَانِ مِنْ الْغَدِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا لِانْتِفَاءِ الزَّوْجِيَّةِ وَقْتَ التَّمَكُّنِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ فِي بَابِ الْأَيْمَانِ قَيَّدَ بِالتَّمَكُّنِ فَقَالَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَسْأَلَةِ الرَّغِيفِ كَمَا لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَيُسَافِرَنَّ فِي هَذَا الشَّهْرِ ثُمَّ خَالَعَ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْفِعْلِ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ الثَّلَاثُ قَبْلَ الْخُلْعِ لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ. اهـ. وَعَلَى هَذَا لَوْ حَلَفَ بِالثَّلَاثِ لَا بُدَّ أَنْ يَفْعَلَ كَذَا فِي الشَّهْرِ الْآتِي فَخَالَعَ قَبْلَهُ فَلَا حِنْثَ مُطْلَقًا فَلْيُتَأَمَّلْ جِدًّا، وَيَتَعَيَّنُ امْتِنَاعُ اسْتِمْتَاعِهِ بِهَا بِمُجَرَّدِ الْخُلْعِ؛ لِأَنَّ الْخُلْعَ يَقْتَضِي الْحُرْمَةَ وَلَمْ يُعْلَمْ مَا يَدْفَعُهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُ مَا يَدْفَعُهُ وَلِأَنَّهُ إنْ وُجِدَ الْفِعْلُ بَعْدَ الْخُلْعِ قَبْلَ فَرَاغِ الشَّهْرِ بِرَّبِهِ وَاسْتَمَرَّ الْخُلْعُ، وَإِلَّا بَانَتْ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْخُلْعِ) أَيْ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنِ التَّمَكُّنِ مِنْ الْفِعْلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَبِالْوُجُودِ إلَخْ) هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ فِي إنْ لَمْ أَفْعَلْ دُونَ لَا أَفْعَلُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إذْ بِالْوُجُودِ فِيهِ يَحْصُلُ الْحِنْثُ كَمَا إنَّ قَوْلَهُ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهَا تَعْلِيقٌ بِالْعَدَمِ إلَخْ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي إنْ لَمْ أَفْعَلَ دُونَ لَا أَفْعَلُ إذْ التَّعْلِيقُ فِيهِ إنَّمَا هُوَ بِالْوُجُودِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلَعَلَّ هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>