للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَصَوَّبَ الْبُلْقِينِيُّ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ مَا رَجَعَ عَنْهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ التَّخَلُّصِ مُطْلَقًا وَفَرَّقَ بَيْنَ مَا هُنَا وَلَآكُلَنَّ ذَا الطَّعَامَ غَدًا فَتَلِفَ فِيهِ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَكْلِهِ حَنِثَ بِاسْتِحَالَةِ الْبِرِّ فِي هَذِهِ، وَهُنَا لَمْ يَسْتَحِلَّ مَعَ الْخُلْعِ لِإِمْكَانِ فِعْلِهِ بَعْدَ الْخُلْعِ وَلِأَنَّهُ لَمْ يُفَوِّتْ مَحَلَّ الْبِرِّ بَلْ مَحَلَّ الطَّلَاقِ فَإِذَا مَضَى الزَّمَنُ الْمَجْعُولُ ظَرْفًا وَلَمْ يَفْعَلْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ صَادَفَ بَيْنُونَتَهَا بِالْخُلْعِ وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِأَنَّهُ لَوْ تَمَكَّنَ مِنْ الْفِعْلِ فِي حَيَاتِهَا ثُمَّ مَاتَتْ لَا حِنْثَ بَعْدَ فَرَاغِ الشَّهْرِ لِعَدَمِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِالْحِنْثِ قُبَيْلَ الْمَوْتِ انْتَهَى، وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَشَتُّتُ النَّظَائِرِ بِخِلَافِ مَا تَقَرَّرَ.

وَقَوْلُهُ: لِإِمْكَانِ فِعْلِهِ بَعْدَ الْخُلْعِ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ بَعْدَ الْخُلْعِ مَعَ صِحَّتِهِ لَا يُسَمَّى بِرًّا؛ لِأَنَّ هَذِهِ عِصْمَةٌ أُخْرَى وَقَوْلُهُ: لَمْ يُفَوِّتْ مَحَلَّ الْبِرِّ بَلْ مَحَلَّ الطَّلَاقِ لَا يَنْفَعُهُ؛ لِأَنَّ تَفْوِيتَ مَحَلِّ الطَّلَاقِ يَسْتَلْزِمُ تَفْوِيتَ مَحَلِّ الْبِرِّ بَلْ هُوَ عَنْهُ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَالْمَوْتِ ظَاهِرٌ إذْ مَعَ الْمَوْتِ لَا يُنْسَبُ لِتَفْوِيتٍ أَلْبَتَّةَ؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ جُبِلَتْ عَلَى اسْتِبْعَادِ وَقْتِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَلَوْ حَلَفَ بِالثَّلَاثِ لَا يَفْعَلُ كَذَا ثُمَّ حَلَفَ بِهَا

ــ

[حاشية الشرواني]

أَيْ عَدَمِ التَّخَلُّصِ فِي لَأَفْعَلَنَّ (قَوْلُهُ: وَصَوَّبَ الْبُلْقِينِيُّ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ إطْلَاقِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ. اهـ. مُغْنِي، وَإِلَيْهِ يَمِيلُ كَلَامُ سم قَالَ ع ش وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ فِي أَوَّلِ الْخُلْعِ أَنَّهُ يَخْلُصُهُ الْخُلْعُ فِي الصِّيَغِ كُلِّهَا مُطْلَقًا. اهـ. عِبَارَةُ الْحَلَبِيِّ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ عِنْدَ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ أَنَّ الْخُلْعَ يَخْلُصُ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ فِي إثْبَاتٍ مُقَيَّدٍ بِزَمَنٍ وَعِنْدَ الشَّيْخِ ابْنِ حَجَرٍ أَنَّهُ يَخْلُصُ فِي النَّفْيِ دُونَ الْإِثْبَاتِ وَلَوْ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِزَمَنٍ وَعِنْدَ شَيْخِنَا م ر إنَّهُ يَخْلُصُ فِيمَا عَدَا الْإِثْبَاتِ الْمُقَيَّدِ بِزَمَنٍ تَأَمَّلَا هـ عِبَارَةُ الْإِمْدَادِ فَالصِّيَغُ أَرْبَعٌ اثْنَتَانِ يُفِيدُ فِيهِمَا الْخُلْعُ، وَهُمَا الْحَلِفُ عَلَى النَّفْيِ كَلَا أَفْعَلُ كَذَا وَالْحَلِفُ عَلَى الْإِثْبَاتِ مُعَلَّقًا بِمَا لَا إشْعَارَ لَهُ بِالزَّمَانِ كَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا وَاثْنَتَانِ لَا يُفِيدُ فِيهِمَا الْخُلْعُ، وَهُمَا الْحَلِفُ عَلَى الْإِثْبَاتِ مُعَلَّقًا بِمَا يُشْعِرُ بِزَمَانٍ كَإِذَا لَمْ أَفْعَلْ كَذَا وَالْحَلِفُ بِلَأَفْعَلَنَّ وَنَحْوِهَا. اهـ. وَبِذَلِكَ تَعْلَمُ مَا فِي قَوْلِ الْحَلَبِيِّ وَعِنْدَ الشَّيْخِ ابْنِ حَجَرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الصِّيغَةُ إنْ لَمْ أَفْعَلْ أَوْ لَأَفْعَلَنَّ. اهـ. كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: بَيْنَ مَا هُنَا) ، وَهُوَ قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهَا تَدْخُلُ الدَّارَ مَثَلًا فِي هَذَا الشَّهْرِ إلَخْ وَنَظَائِرُهَا سَوَاءٌ كَانَتْ الصِّيغَةُ لَا أَفْعَلُ أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْ أَوْ لَأَفْعَلَنَّ (قَوْلُهُ: حَنِثَ) أَيْ حَيْثُ حَنِثَ (قَوْلُهُ: بِاسْتِحَالَةِ الْبِرِّ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَفَرَّقَ (قَوْلُهُ: فِي هَذِهِ) أَيْ مَسْأَلَةِ لَآكُلَنَّ ذَا الطَّعَامَ غَدًا إلَخْ (قَوْلُهُ: لِإِمْكَانِ فِعْلِهِ) أَيْ نَحْوِ الدُّخُولِ الْمُعَلَّقِ بِوُجُودِهِ أَوْ عَدَمِهِ الطَّلَاقُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَفْعَلْ إلَخْ) الْأَوْلَى كَوْنُهُ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَاتَتْ) أَيْ قَبْلَ فَرَاغِ الشَّهْرِ (قَوْلُهُ: انْتَهَى) أَيْ كَلَامُ الْبُلْقِينِيِّ.

(قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ) أَيْ تَصْوِيبُ الْبُلْقِينِيِّ التَّخَلُّصَ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَشَتُّتُ النَّظَائِرِ) قَدْ يُقَالُ تَشَتُّتُ النَّظَائِرِ لِلْمُدْرِكِ الْمُقْتَضِي لِذَلِكَ لَا مَحْذُورَ فِيهِ بَلْ هُوَ لَازِمٌ بَلْ لَا تَشَتُّتَ فِي الْمَعْنَى لِانْتِفَاءِ النَّظِيرِيَّةِ حِينَئِذٍ فَلْيُتَأَمَّلَا هـ سم (قَوْلُهُ: مَا تَقَرَّرَ) أَيْ بِحَاصِلِ كَلَامِ السُّبْكِيّ (قَوْلُهُ: لَا يُسَمَّى بِرًّا) فِيهِ نَظَرٌ لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ الْبِرَّ لَا يَخْتَصُّ بِحَالِ النِّكَاحِ، وَأَنَّهُ تَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِوُجُودِ الصِّيغَةِ حَالَ الْبَيْنُونَةِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ تَبَعًا لَهُمْ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي مَسْأَلَةِ مَا لَوْ عَلَّقَ بِنَفْيِ فِعْلٍ غَيْرِ التَّطْلِيقِ كَالضَّرْبِ فَضَرَبَهَا، وَهِيَ مُطَلَّقَةٌ طَلَاقًا وَلَوْ بَائِنًا أَنَّهَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ وَحِينَئِذٍ فَلَا بُعْدَ فِيمَا ذَكَرَ وَمِنْ هُنَا يَظْهَرُ مَنْعُ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ تَفْوِيتَ مَحَلِّ الطَّلَاقِ يَسْتَلْزِمُ إلَخْ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ عَيْنُهُ) فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ الطَّلَاقِ الزَّوْجَةُ وَمَحَلَّ الْبِرِّ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْبِرُّ، وَهُوَ الْفِعْلُ فِي لَأَفْعَلَنَّ، وَهُمَا مُتَبَايِنَانِ قَطْعًا وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْبِرُّ لَيْسَ هُوَ مَحَلُّ الْبِرِّ فَقَدْ أَرَادَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِمَحَلِّ الْبِرِّ فَالْكَلَامُ عَلَيْهِ يَمْنَعُ أَنَّهُ مَحَلُّ الْبِرِّ حَقِيقَةً لَوْ تَمَّ لَا يُفِيدُ فَتَأَمَّلْهُ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: إذْ مَعَ الْمَوْتِ لَا يُنْسَبُ لِتَفْوِيتٍ أَلْبَتَّةَ إلَخْ) ، وَأَطَالَ سم فِي رَدِّهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَلَفَ بِالثَّلَاثِ) إلَى قَوْلِهِ لِفَرْقِهِمْ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ فَقِيلَ إلَى بَانَتْ، وَإِلَّا أَنَّهُ أَسْقَطَ لَفْظَةً وَلَوْ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَوْ قَبْلَ فِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ أَبْدَلَ قَوْلَهُ الْقِيَاسُ بِقَوْلِهِ يُحْتَمَلُ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ حَلَفَ بِهَا) أَيْ بِالثَّلَاثِ ثَانِيًا وَكَذَا لَوْ حَلَفَ بِهَا ابْتِدَاءً أَنَّهُ لَا يُخَالِعُ ثُمَّ خَالَعَ لَمْ يَحْنَثْ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّعْلِيلِ فَمَا ذَكَرَهُ تَصْوِيرٌ لَا غَيْرُ. اهـ.

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

الْكَلَامَ بِالنَّظَرِ لِإِنْ لَمْ أَفْعَلْ، وَأَمَّا لَا أَفْعَلُ فَعَلَى الْعَكْسِ مِنْهَا فِي ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَشَتُّتُ النَّظَائِرِ) قَدْ يُقَالُ تَشَتُّتُ النَّظَائِرِ لِلْمُدْرَكِ الْمُقْتَضِي لِذَلِكَ لَا مَحْذُورَ فِيهِ بَلْ هُوَ لَازِمٌ بَلْ لَا تَشَتُّتَ فِي الْمَعْنَى لِانْتِفَاءِ النَّظِيرِيَّةِ حِينَئِذٍ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: لَا يُسَمَّى بِرًّا) فِيهِ نَظَرٌ لِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ الْبِرَّ لَا يَخْتَصُّ بِحَالِ النِّكَاحِ، وَأَنَّهُ تَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِوُجُودِ الصِّفَةِ حَالَ الْبَيْنُونَةِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ تَبَعًا لَهُمْ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي مَسْأَلَةِ مَا لَوْ عَلَّقَ بِنَفْيِ فِعْلٍ غَيْرِ التَّطْلِيقِ كَالضَّرْبِ فَضَرَبَهَا، وَهِيَ مُطَلَّقَةٌ طَلَاقًا وَلَوْ بَائِنًا أَنَّهُ تَنْحَلُّ الْيَمِينُ وَحِينَئِذٍ فَلَا بُعْدَ فِيمَا ذَكَرَ وَمِنْ هُنَا يَظْهَرُ مَنْعُ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ تَفْوِيتَ مَحَلِّ الطَّلَاقِ يَسْتَلْزِمُ تَفْوِيتَ مَحَلَّ الْبِرِّ (قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ عَيْنُهُ) فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ الطَّلَاقِ الزَّوْجَةُ وَمَحَلَّ الْبِرِّ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْبِرُّ، وَهُوَ الْفِعْلُ فِي لَأَفْعَلَنَّ، وَهُمَا مُتَبَايِنَانِ قَطْعًا وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْبِرُّ لَيْسَ هُوَ مَحَلُّ الْبِرِّ فَقَدْ أَرَادَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِمَحَلِّ الْبِرِّ فَالْكَلَامُ عَلَيْهِ بِمَنْعِ أَنَّهُ مَحَلُّ الْبِرِّ حَقِيقَةً لَوْ تَمَّ لَا يُفِيدُ فَتَأَمَّلْهُ.

(قَوْلُهُ: لَا يُنْسَبُ لِتَفْوِيتٍ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ تَرْكَهُ مَعَ التَّمَكُّنِ تَفْوِيتٌ فَكَيْفَ لَا يُنْسَبُ لَهُ وَقَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ النُّفُوسَ إلَخْ لَا يُنَافِي التَّفْوِيتَ وَنِسْبَتَهُ، وَكَمَا أَنَّ النُّفُوسَ جُبِلَتْ عَلَى مَا ذُكِرَ جُبِلَتْ عَلَى اسْتِبْعَادِ تَلَفِ الرَّغِيفِ مَثَلًا قَبْلَ الْغَدِ وَلَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ لِنِسْبَتِهِ التَّفْوِيتَ عَلَى أَنَّهُمْ صَرَّحُوا فِي مَسْأَلَةِ الرَّغِيفِ بِالْحِنْثِ إذَا مَاتَ الْحَالِفُ فِي الْغَدِ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَكْلِهِ وَفِيمَا لَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ حَقَّهُ غَدًا فَمَاتَ فِيهِ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ وَلَمْ يَقْضِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ إلَّا؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ الْبِرَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>