وَإِنَّمَا حَمَلْنَاهَا عَلَيْهِ فِيمَا مَرَّ لِاقْتِرَانِ نِيَّةِ الثَّلَاثَةِ بِهِ الْمُخْرِجَةِ لَهُ عَنْ مَدْلُولِهِ فَتَأَمَّلْهُ وَلَوْ قَالَ طَلَّقْتُك ثَلَاثِينَ أَوْ طَلَاقُ فُلَانَةَ ثَلَاثِينَ وَلَمْ يَنْوِ الثَّلَاثَ وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ فِي الثَّانِيَةِ وَقِيَاسُهَا الْأُولَى؛ لِأَنَّهَا الْيَقِينُ لِاحْتِمَالِ ثَلَاثِينَ جُزْءًا مِنْ طَلْقَةٍ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ بَلْ الْأَوْجَهُ خِلَافُهُ إذْ الْمُتَبَادَرُ الظَّاهِرُ ثَلَاثِينَ طَلْقَةً وَلَا يُعَضِّدُهُ قَوْلُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي أَنْتِ طَالِقٌ كَأَلْفٍ إنْ نَوَى عَدَدًا فَثَلَاثٌ، وَإِلَّا فَوَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّ التَّشْبِيهَ فِيهِ مُحْتَمِلٌ لِلْأَمْرَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ فَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مُتَبَادَرًا مِنْهُ.
وَلَوْ قَالَ عَدَدَ أَلْوَانِ الطَّلَاقِ فَوَاحِدَةٌ أَوْ صِفَاتِهِ فَكَذَلِكَ إلَّا إنْ عَلِمَ أَنَّ لَهُ صِفَاتٍ مِنْ بِدْعَةٍ وَسُنَّةٍ، وَلَا وَتَوْحِيدٍ وَتَثْلِيثٍ وَغَيْرِهَا أَوْ عَدَدَ التُّرَابِ فَوَاحِدَةٌ عِنْدَ جَمْعٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ إفْرَادِيٍّ أَوْ عَدَدَ الرَّمَلِ فَثَلَاثٌ؛ لِأَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ جَمْعِيٍّ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَكَذَا التُّرَابُ؛ لِأَنَّهُ سُمِعَ تُرَابَةٌ وَلِذَا قَالَ آخَرُونَ بِوُقُوعِ الثَّلَاثِ فِيهِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ هَذَا لَمْ يَشْتَهِرْ فِيهِ وَبِهِ يَتَأَيَّدُ مَا قَالَهُ الْأَوَّلُونَ، وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا عَدَمُ الْوُقُوعِ عِنْدَ جَمْعٍ فِي أَنْتِ طَالِ بِالتَّرْخِيمِ، وَإِنْ نَوَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ فِي غَيْرِ النِّدَاءِ إلَّا ضَرُورَةً نَادِرَةً فَعَلِمْنَا أَنَّ لِلنُّدْرَةِ دَخْلًا فِي عَدَمِ الْوُقُوعِ فَأَوْلَى فِي عَدَمِ الْعَدَدِ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى عَدَدِ رِيشِ الْجَرَادِ لَمْ تَطْلُقْ عَلَى مَا زَعَمَهُ بَعْضُهُمْ مُحْتَجًّا بِأَنَّ التَّقْدِيرَ طَلَاقًا مُتَعَدِّدًا عَلَى عَدَدِ كَذَا وَذَلِكَ لَا وُجُودَ لَهُ فَلَا يَقَعُ وَلَيْسَ فِي مَحَلِّهِ وَمِمَّا يُبْطِلُهُ مَا تَقَرَّرَ فِي أَنْتِ طَالِقٌ بِعَدَدِ التُّرَابِ فَإِنَّهُ يَقَعُ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْوَاقِعِ وَلَوْ سُلِّمَ لَهُ أَنَّ التَّقْدِيرَ مَا ذَكَرَهُ وَقَعَ الثَّلَاثُ أَيْضًا، وَغَايَةُ مَا وُجِّهَ بِهِ إنَّمَا يُنْتِجُ أَنَّهُ طَلَّقَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ فَتُؤْخَذُ الثَّلَاثُ، وَيَلْغُو الْبَاقِي وَمِنْ ثَمَّ خَالَفَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَأَطَالُوا فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ بِغَيْرِ مَا ذَكَرْته وَتَعْلِيلُ عَدَمِ الْوُقُوعِ بِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ هَلْ لَهُ رِيشٌ أَوْ لَا يَرُدُّهُ قَوْلُ الرَّوْضَةِ فِي أَنْتِ طَالِقٌ بِعَدَدِ كُلِّ شَعْرَةٍ عَلَى جَسَدِ إبْلِيسَ الْقِيَاسُ الْمُخْتَارُ وُقُوعُ طَلْقَةٍ وَلَيْسَ هَذَا تَعْلِيقًا عَلَى صِفَةٍ فَيُقَالُ شَكَكْنَا فِيهَا بَلْ هُوَ تَنْجِيزُ طَلَاقٍ وَرَبْطٌ لِلْعَدَدِ بِشَيْءٍ شَكَكْنَا فِيهِ فَنُوقِعُ أَصْلَ الطَّلَاقِ وَنُلْغِي الْعَدَدَ فَإِنَّ الْوَاحِدَةَ لَيْسَتْ بِعَدَدٍ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ.
وَلَوْ قَالَ بِعَدَدِ ضُرَاطِهِ وَقَعَ ثَلَاثٌ؛ لِأَنَّ لَهُ ذَلِكَ بِالْحَدِيثِ وَفِي الْكَافِي لَوْ قَالَ بِعَدَدِ سَمَكِ هَذَا الْحَوْضِ، وَلَمْ يُعْلَمْ فِيهِ سَمَكٌ وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ
ــ
[حاشية الشرواني]
سم آنِفًا مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا حَمَلْنَاهَا عَلَيْهِ) أَيْ التَّوَحُّدِ وَقَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ وَاحِدَةٌ وَنَوَى عَدَدًا. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: لِاقْتِرَانِ نِيَّةِ الثَّلَاثِ بِهِ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ نَوَى هُنَا الثَّلَاثَ وَقَعْنَ بِالْأُولَى. اهـ. سم (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ إلَخْ) وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ حَتَّى يُتِمَّ الثَّلَاثَ أَوْ أَكْمَلَهَا وَلَمْ يَنْوِ الثَّلَاثَ فَوَاحِدَةٌ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: أَوْ طَلَاقُ فُلَانَةَ ثَلَاثِينَ) كَذَا فِي أَصْلِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: وَلَا يُعَضِّدُهُ) أَيْ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَوَاحِدَةٌ) هَذَا هُوَ الْعَاضِدُ الْمَوْهُومُ (قَوْلُهُ: مُحْتَمِلٌ لِلْأَمْرَيْنِ) أَيْ التَّشْبِيهِ فِي أَصْلِ الطَّلَاقِ وَالتَّشْبِيهِ فِي عَدَدِهِ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا إلَخْ) أَيْ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الْعِصْمَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ عَدَدَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ أَنَا مِنْ الطَّلَاقِ فَوَاحِدَةٌ إنْ لَمْ يَنْوِ عَدَدًا بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَنْوَاعًا مِنْ الطَّلَاقِ أَوْ أَجْنَاسًا مِنْهُ أَوْ أَصْنَافًا فَإِنَّ الظَّاهِرَ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا وُقُوعُ الثَّلَاثِ أَيْ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ وَلَوْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا طَلِّقْنِي ثَلَاثًا فَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَلَمْ يَنْوِ عَدَدًا فَوَاحِدَةٌ وَلَوْ طَلَّقَهَا طَلْقَةً رَجْعِيَّةً ثُمَّ قَالَ جَعَلْتهَا ثَلَاثًا لَمْ يَقَعْ بِهِ شَيْءٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ عَدَدَ التُّرَابِ) إلَى قَوْلِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ وَفِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَدَدَ التُّرَابِ فَوَاحِدَةٌ) وِفَاقًا لِلرَّوْضِ وَالْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَدَدَ الرَّمَلِ إلَخْ) وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ بِعَدَدِ أَنْوَاعِ التُّرَابِ أَوْ أَكْثَرَ الطَّلَاقِ بِالْمُثَلَّثَةِ أَوْ كُلَّهُ وَقَعَ الثَّلَاثُ رَوْضٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ سُمِعَ تُرَابَةٌ) أَيْ، وَإِلْحَاقُ التَّاءِ عِنْدَ إرَادَةِ الْوَاحِدَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ مَوْضُوعٌ لِلْجَمْعِ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ.
(قَوْلُهُ: بِأَنَّ هَذَا) أَيْ تُرَابَةً (قَوْلُهُ: مَا قَالَهُ الْأَوَّلُونَ) ، وَهُوَ وُقُوعُ الْوَاحِدَةِ فِي عَدَدِ التُّرَابِ (قَوْلُهُ: مَا تَقَرَّرَ فِي أَنْتِ طَالِقٌ إلَخْ) أَيْ مِنْ أَنَّ التُّرَابَ اسْمُ جِنْسٍ إفْرَادِيٌّ عَلَى الرَّاجِحِ لَا عَدَدَ لَهُ (قَوْلُهُ: وَقَعَ الثَّلَاثُ أَيْضًا) قَضِيَّتُهُ أَنَّ لَهُ رِيشًا مُتَعَدِّدًا وَقَدْ يُخَالِفُهُ قَوْلُهُ الْآتِي: وَتَعْلِيلُ عَدَمِ الْوُقُوعِ إلَخْ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: وَغَايَةُ مَا وَجَّهَ) أَيْ الْبَعْضُ عَدَمَ الْوُقُوعِ (قَوْلُهُ: قَوْلُ الرَّوْضَةِ) إلَى قَوْلِهِ فَإِنَّ الْوَاحِدَةَ فِي الْمُغْنِي، وَإِلَى قَوْلِهِ وَلَوْ خَاصَمَتْهُ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ هَذَا) أَيْ قَوْلُهُ: أَنْتِ طَالِقٌ بِعَدَدِ كُلِّ شَعْرَةٍ إلَخْ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ بِعَدَدِ ضُرَاطِهِ) أَيْ إبْلِيسَ وَلَوْ قَالَ طَلَاقٌ أَنْتِ يَا دَاهِيَةُ ثَلَاثِينَ وَنَوَى وَاحِدَةً وَقَعَتْ فَقَطْ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إذْ قَوْلُهُ: ثَلَاثِينَ مُتَعَلِّقٌ بِدَاهِيَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ سِيَاقِ الْكَلَامِ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّمَا حَلَلْتِ حَرُمْتِ فَوَاحِدَةٌ أَوْ عَدَدَ مَا لَاحَ بَارِقٌ أَوْ عَدَدَ مَا مَشَى الْكَلْبُ حَافِيًا وَعَدَدَ مَا حَرَّكَ ذَنَبَهُ وَلَيْسَ هُنَاكَ بَرْقٌ وَلَا كَلْبٌ طَلُقَتْ ثَلَاثًا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. اهـ. نِهَايَةٌ قَالَ ع ش قَوْلُهُ: وَنَوَى وَاحِدَةً مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا أَطْلَقَ وَقَعَ عَلَيْهِ الثَّلَاثُ وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا يَا طَالِقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ وُقُوعِ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّهَا الْمُحَقَّقَةُ وَعَوْدُ الْمَشِيئَةِ إلَى ثَلَاثًا أَنْ يَقَعَ هُنَا وَاحِدَةٌ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ؛ لِأَنَّهَا الْمُحَقَّقَةُ فَيُجْعَلُ قَوْلُهُ: ثَلَاثِينَ مُتَّصِلًا بِيَا دَاهِيَةُ وَقَوْلُهُ: كُلَّمَا حَلَلْت إلَخْ ظَاهِرُهُ، وَإِنْ قَضَى بِلَفْظِ حَرُمْتِ الطَّلَاقُ وَكَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَفِيهِ وَقْفَةٌ ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ حَجّ صَرَّحَ فِي فَصْلِ إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي شَهْرِ كَذَا بِتَكَرُّرِ وَالطَّلَاقِ عِنْدَ الْقَصْدِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُعْلَمْ فِيهِ سَمَكٌ) أَيْ سَوَاءٌ اخْتَبَرَ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَوْلُهُ: لِاقْتِرَانِ نِيَّةِ الثَّلَاثِ بِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ نَوَى هُنَا الثَّلَاثَ وَقَعْنَ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ عَدَدَ أَلْوَانِ الطَّلَاقِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ فَصْلٌ قَالَ أَيْ وَلَا نِيَّةَ لَهُ أَنْتِ طَالِقٌ مِلْءَ الدُّنْيَا أَوْ مِثْلَ الْجَبَلِ أَوْ أَعْظَمَ الطَّلَاقِ أَوْ أَكْبَرَهُ بِالْمُوَحَّدَةِ أَوْ أَطْوَلَهُ وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ. اهـ.
وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مِلْءَ السَّمَوَاتِ وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ فَقَطْ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ وَمِثْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ مِلْءَ الْبُيُوتِ الثَّلَاثَةِ فَيَقَعُ وَاحِدَةٌ فَقَطْ كَمَا وُجِدَ بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ خِلَافًا لِمَا فِي الْعُبَابِ مِنْ وُقُوعِ الثَّلَاثَةِ، وَيُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ شَيْخُنَا مَسْأَلَةُ الْأَنْوَارِ الْمَذْكُورَةِ م ر (قَوْلُهُ: وَقَعَ الثَّلَاثُ أَيْضًا) قَضِيَّتُهُ أَنَّ لَهُ رِيشًا مُتَعَدِّدًا وَقَدْ يُخَالِفُهُ قَوْلُهُ الْآتِي: وَتَعْلِيلُ عَدَمِ الْوُقُوعِ إلَخْ