للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقَعْنَ وَإِنْ قَصَدَ التَّأْكِيدَ لِبُعْدِهِ مَعَ الْفَصْلِ؛ وَلِأَنَّهُ مَعَهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَصَدَهُ دِينَ، نَعَمْ يُقْبَلُ مِنْهُ قَصْدُ التَّأْكِيدِ وَالْإِخْبَارِ فِي مُعَلَّقٍ بِشَيْءٍ وَاحِدٍ كَرَّرَهُ، وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ بَلْ لَوْ أَطْلَقَ هُنَا لَا حِنْثَ أَيْضًا بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ الِاسْتِئْنَافَ (وَإِلَّا) يَتَخَلَّلْ فَصْلٌ كَذَلِكَ (فَإِنْ قَصَدَ تَأْكِيدًا) لِلْأُولَى أَيْ قَبْلَ فَرَاغِهَا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الِاسْتِثْنَاءِ وَنَحْوِهِ بِالْأَخِيرَتَيْنِ (فَوَاحِدَةٌ) ؛ لِأَنَّ التَّأْكِيدَ مَعْهُودٌ لُغَةً وَشَرْعًا فَإِنْ قُلْت الْجُمْلَةُ الثَّانِيَةُ إنْ كَانَتْ خَبَرِيَّةً لَزِمَ انْتِقَاءُ التَّأْكِيدِ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ اتِّحَادُ جِنْسِهِمَا وَالْخَبَرِيَّةُ ضِدُّ الْإِنْشَائِيَّةِ أَوْ إنْشَائِيَّةً وَقَعَ ثِنْتَانِ قُلْت يَخْتَارُ الْأَوَّلَ، وَيُمْنَعُ لُزُومُ مَا ذَكَرَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِاتِّحَادِ الْجِنْسِ هُنَا اتِّحَادُهُ لَفْظًا إذْ الْكَلَامُ فِي التَّأْكِيدِ اللَّفْظِيِّ وَالْجُمْلَتَانِ هُنَا خَبَرِيَّتَانِ لَفْظًا فَاتَّحَدَ الْجِنْسُ وَصَحَّ قَصْدُ التَّأْكِيدِ، وَأَنْ يَخْتَارَ الثَّانِيَ، وَيَمْنَعَ وُقُوعَ طَلْقَتَيْنِ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ التَّأْكِيدِ بِالثَّانِيَةِ صَيَّرَتْ مَعْنَاهَا هُوَ عَيْنَ مَعْنَى الْأُولَى فَلَا دَلَالَةَ لَهَا عَلَى إيجَادِ غَيْرِ الْأُولَى أَصْلًا، وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ لَا تَأْكِيدَ فَإِنْ قُلْت يَلْزَمُ مِنْ التَّأْكِيدِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ قُلْت مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ مَلْحَظَ التَّأْكِيدِ اللَّفْظِيِّ التَّقْوِيَةُ وَبِالضَّرُورَةِ أَنَّ الْمَعْنَى إذْ قُصِدَ ثَانِيًا بِذَلِكَ اللَّفْظِ ازْدَادَ قُوَّةً وَاعْتِنَاءً بِهِ مِنْ اللَّافِظِ فَإِفَادَةُ الثَّانِيَةِ هَذَا يَمْنَعُ زَعْمَ أَنَّ فِيهِ تَحْصِيلَ الْحَاصِلِ ثُمَّ رَأَيْت التَّاجَ السُّبْكِيَّ أَجَابَ بِاخْتِيَارِ أَنَّهَا إنْشَائِيَّةٌ وَلَا يَلْزَمُ مَا ذَكَرَ بِأَنَّهَا إنْشَاءٌ لِلتَّأْكِيدِ فَشَارَكَتْ الْأُولَى فِي أَصْلِ الْإِنْشَاءِ، وَافْتَرَقَتَا فِيمَا أَنْشَأَتَاهُ. انْتَهَى.

وَمَا ذَكَرْته أَجْوَدُ، وَأَوْضَحُ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَتَأَتَّ فِيهِ النَّظَرُ الَّذِي قِيلَ فِي كَلَامِ التَّاجِ كَمَا يُعْرَفُ بِتَأَمُّلِ ذَلِكَ كُلِّهِ (أَوْ اسْتِئْنَافًا فَثَلَاثٌ) لِظُهُورِ اللَّفْظِ فِيهِ مَعَ تَأَكُّدِهِ بِالنِّيَّةِ (وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ فِي الْأَظْهَرِ) عَمَلًا بِظَاهِرِ اللَّفْظِ، وَعَجَبٌ قَوْلُ الزَّرْكَشِيّ هَذَا مُشْكِلٌ بِقَوْلِهِمْ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ لَفْظِ الطَّلَاقِ لِمَعْنَاهُ وَبِمَا مَرَّ فِي سَبْقِ اللِّسَانِ، وَفِي يَا طَالِقُ لِمَنْ اسْمُهَا طَالِقٌ. انْتَهَى.

وَهُوَ غَفْلَةٌ عَمَّا مَرَّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ الْقَصْدُ إلَّا عِنْدَ الْقَرِينَةِ الصَّارِفَةِ كَمَا فِي الْأَخِيرَةِ، وَهُنَا لَا صَارِفَ لِلَّفْظِ عَنْ مَدْلُولِهِ فَأَثَّرَ، وَيَأْتِي هَذَا التَّفْصِيلُ كَمَا أَشَرْت إلَيْهِ

ــ

[حاشية الشرواني]

مِنْهُ أَوْ مِنْهَا كَذَا فِي التُّحْفَةِ قَالَ سم إنَّ كَلَامَهَا لَا يَضُرُّ، وَإِنْ كَثُرَ وَفِي نُسْخَةٍ مِنْ الشَّارِحِ حَذَفَ أَوْ مِنْهَا كَأَنَّهُ لِمَا قَالَهُ سم. اهـ.

(قَوْلُهُ: يَقَعْنَ) إلَى قَوْلِ الشَّارِحِ فَإِنْ قُلْت فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُ) أَيْ التَّأْكِيدَ مَعَهُ أَيْ الْفَصْلِ (قَوْلُهُ: لَوْ قَصَدَهُ) أَيْ التَّأْكِيدَ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: فِي مُعَلَّقٍ بِشَيْءٍ إلَخْ) أَيْ كَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ. اهـ. مُغْنِي وَع ش (قَوْلُهُ: فِي مُعَلَّقٍ بِشَيْءٍ) وَلَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَنْتِ طَالِقٌ بِحَذْفِ الْفَاءِ كَانَ تَعْلِيقًا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَيُعْتَبَرُ وُجُودُ الصِّفَةِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى إرَادَةَ التَّنْجِيزِ عُمِلَ بِهِ. اهـ. نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: بَلْ لَوْ أَطْلَقَ هُنَا) أَيْ فِيمَا إذَا طَالَ الْفَصْلُ لَكِنْ سَيَأْتِي لَهُ فِي بَابِ الْإِيلَاءِ أَنَّهُ يَتَعَدَّدُ فِي صُورَةِ الْإِطْلَاقِ إذَا اخْتَلَفَ الْمَجْلِسُ فَلَعَلَّ مَا هُنَا عِنْدَ اتِّحَادِ الْمَجْلِسِ فَلْيُحَرَّرْ. اهـ. رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الِاسْتِثْنَاءِ إلَخْ) قَدْ يُمْنَعُ الْأَخْذُ، وَيُكْتَفَى بِمُقَارَنَةِ الْقَصْدِ لِلْمُؤَكَّدِ مِنْ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ فِي نَحْوِ الِاسْتِثْنَاءِ رَفْعًا مِمَّا سَبَقَ أَوْ تَغْيِيرًا لَهُ بِنَحْوِ تَعْلِيقِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ سَبْقِ الْقَصْدِ، وَإِلَّا لَزِمَ مُقْتَضَاهُ بِمُجَرَّدِ وُجُودِهِ فَلَا يُمْكِنُ رَفْعُهُ وَنَحْوُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّ التَّأْكِيدَ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِيمَا بَعْدَ الْأُولَى بِصَرْفِهِ عَنْ التَّأْثِيرِ أَوْ الْوُقُوعِ بِهِ إلَى تَقْوِيَةِ غَيْرِهِ فَيَكْفِي مُقَارَنَةُ الْقَصْدِ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى حَجّ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: بِالْأَخِيرَتَيْنِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَصَدَ تَأْكِيدًا (قَوْلُهُ: قُلْت يَخْتَارُ إلَخْ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي نَخْتَارُ وَنَمْنَعُ بِصِيغَةِ التَّكَلُّمِ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَخْتَارَ الثَّانِيَ) عَطْفٌ عَلَى يَخْتَارُ الْأَوَّلِ فَكَانَ حَقُّهُ حَذْفَ أَنْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى، وَيَجُوزُ أَنْ يَخْتَارَ أَوْ وَلَنَا أَنْ نَخْتَارَ (قَوْلُهُ: لَهَا) أَيْ لِلثَّانِيَةِ وَقَوْلُهُ: عَلَى إيجَادِ غَيْرِ الْأُولَى أَيْ إيجَادِ مَعْنَى غَيْرِ مَعْنَى الْأُولَى وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ غَيْرِ الْأَوَّلِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ الْكُرْدِيُّ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: غَيْرِ الْأَوَّلِ أَيْ غَيْرِ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا إلَخْ مَعْنَاهُ، وَإِنْ دَلَّ عَلَى إيجَادِ غَيْرِ الْأَوَّلِ لَزِمَ أَنْ لَا تَأْكِيدَ مَعَ أَنَّهُ قَصَدَ بِهَا التَّأْكِيدَ. اهـ.

(قَوْلُهُ: بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ) أَيْ بِكَوْنِ مَعْنَى الثَّانِيَةِ عَيْنَ مَعْنَى الْأُولَى (قَوْلُهُ: بِاخْتِيَارِ أَنَّهَا) أَيْ الثَّانِيَةَ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ مَا ذَكَرَ) أَيْ فَقَالَ مَانِعًا لِلُزُومِ وُقُوعِ ثِنْتَيْنِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهَا إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ لِقَوْلِهِ وَلَا يَلْزَمُ إلَخْ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى فَإِنَّهُ فِي قُوَّةِ وَمَنْعِ لُزُومِ مَا ذَكَرَ أَوْ بِجَعْلِ الْبَاءِ بِمَعْنَى اللَّامِ وَفِي بَعْضٍ فَإِنَّهَا إلَخْ، وَهُوَ غَنِيٌّ عَنْ التَّكْلِيفِ (قَوْلُهُ: فَافْتَرَقَتَا فِيمَا أَنْشَأَتَاهُ) أَيْ فَإِنَّ الْأُولَى أَنْشَأَتْ وُقُوعَ الطَّلَاقِ وَالثَّانِيَةَ أَنْشَأَتْ تَأْكِيدَ الْوُقُوعِ (قَوْلُهُ: انْتَهَى) أَيْ جَوَابُ السُّبْكِيّ (قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرْته إلَخْ) يَعْنِي قَوْلَهُ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ التَّأْكِيدِ بِالثَّانِيَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: النَّظَرُ الَّذِي قِيلَ إلَخْ) لَعَلَّهُ أَنَّ التَّأْكِيدَ لَيْسَ مَعْنًى لِلثَّانِيَةِ بَلْ فَائِدَةٌ مُتَرَتِّبَةٌ عَلَى إعَادَتِهَا بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ وَأَيْضًا يَلْزَمُ عَلَى جَوَابِهِ انْتِفَاءُ التَّأْكِيدِ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ اتِّحَادُ الْمَعْنَيَيْنِ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ تَأْكِيدًا وَلَا اسْتِئْنَافًا فَيَقَعُ ثَلَاثٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِالْإِطْلَاقِ مَا لَوْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ بِمَوْتٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ نَحْوِهِ انْتَهَى، وَهُوَ ظَاهِرٌ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: هَذَا مُشْكِلٌ بِقَوْلِهِمْ لَا بُدَّ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ الْإِطْلَاقُ هُنَا عَدَمُ قَصْدِ التَّأْكِيدِ وَالِاسْتِئْنَافِ وَذَلِكَ لَا يُنَافِي قَصْدَ الطَّلَاقِ لِمَعْنَاهُ. اهـ. سم.

(قَوْلُهُ: عَمَّا مَرَّ) أَيْ فِي فَصْلِ بَعْضِ شُرُوطِ الصِّيغَةِ (قَوْلُهُ: فِي الْأَخِيرَةِ) ، وَهِيَ يَا طَالِقُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إلَى وَلِلْبُلْقِينِيِّ (قَوْلُهُ: هَذَا التَّفْصِيلُ) أَيْ الَّذِي فِي الْمَتْنِ. اهـ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

لَا يَضُرُّ، وَإِنْ كَثُرَ؛ لِأَنَّهُ لَا مَدْخَلَ لَهَا فِي صِيغَةِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الِاسْتِثْنَاءِ وَنَحْوِهِ) قَدْ يُمْنَعُ الْأَخْذُ، وَيُكْتَفَى بِمُقَارَنَةِ الْقَصْدِ لِلْمُؤَكَّدِ مِنْ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ فِي نَحْوِ الِاسْتِثْنَاءِ رَفْعًا مِمَّا سَبَقَ أَوْ تَغْيِيرًا لَهُ بِنَحْوِ تَعْلِيقِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ سَبْقِ الْقَصْدِ، وَإِلَّا لَزِمَ مُقْتَضَاهُ بِمُجَرَّدِ وُجُودِهِ فَلَا يُمْكِنُ رَفْعُهُ وَنَحْوُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّ التَّأْكِيدَ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِيمَا بَعْدَ الْأَوَّلِ بِصَرْفِهِ عَنْ التَّأْثِيرِ أَوْ الْوُقُوعِ بِهِ إلَى تَقْوِيَةِ غَيْرِهِ فَيَكْفِي مُقَارَنَةُ الْقَصْدِ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: هَذَا مُشْكِلٌ بِقَوْلِهِمْ لَا بُدَّ إلَى قَوْلِهِ. اهـ.) قَدْ يُقَالُ الْإِطْلَاقُ هُنَا عَدَمُ قَصْدِ التَّأْكِيدِ وَالِاسْتِئْنَافِ

<<  <  ج: ص:  >  >>