للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيمَا مَرَّ فِي تَكْرِيرِ الْكِنَايَةِ كَبَائِنٍ وَفِي اخْتِلَافِ اللَّفْظِ كَأَنْتِ طَالِقٌ مُفَارَقَةٌ مُسَرَّحَةٌ وَكَأَنْتِ طَالِقٌ بَائِنٌ اعْتَدِّي وَفِي التَّكْرِيرِ فَوْقَ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَمَنْ تَبِعَهُ وَوِفَاقًا لِلْإِسْنَوِيِّ قَالَ كَمَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ وَكَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَيْسَ صَرِيحًا فِي امْتِنَاعِهِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ إنَّمَا قَالَ إنَّ الْعَرَبَ لَا تُؤَكِّدُ فَوْقَ ثَلَاثٍ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَبِتَسْلِيمِهِ فَالْخُرُوجُ عَنْ الْمُمْتَنِعِ النَّحْوِيِّ لَا أَثَرَ لَهُ كَمَا أَوْضَحُوهُ فِي الْإِقْرَارِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ صَرَّحَ الْغَزَالِيُّ فِي فَتَاوِيهِ بِحَاصِلِ مَا ذَكَرْته. انْتَهَى. وَلِلْبُلْقِينِيِّ قَالَ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَخَيَّلَ أَنَّ الرَّابِعَةَ تَقَعُ بِهَا طَلْقَةٌ لِفَرَاغِ الْعَدَدِ؛ لِأَنَّهُ إذَا صَحَّ التَّأْكِيدُ بِمَا يَقَعُ لَوْلَا قَصْدُ التَّأْكِيدِ فَلَأَنْ يُؤَكَّدَ بِمَا لَا يَقَعُ عِنْدَ عَدَمِ قَصْدِ التَّأْكِيدِ أَوْلَى (وَإِنْ قَصَدَ بِالثَّانِيَةِ تَأْكِيدَ الْأُولَى وَبِالثَّالِثَةِ اسْتِئْنَافًا أَوْ عَكَسَ) أَيْ قَصَدَ بِالثَّانِيَةِ اسْتِئْنَافًا وَبِالثَّالِثَةِ تَأْكِيدَ الثَّانِيَةِ (فَثِنْتَانِ) عَمَلًا بِقَصْدِهِ (أَوْ) قَصَدَ (بِالثَّالِثَةِ تَأْكِيدَ الْأُولَى) أَوْ بِالثَّانِيَةِ اسْتِئْنَافًا، وَأَطْلَقَ الثَّالِثَةَ أَوْ بِالثَّالِثَةِ اسْتِئْنَافًا، وَأَطْلَقَ الثَّانِيَةَ (فَثَلَاثٌ) يَقَعْنَ (فِي الْأَصَحِّ) لِتَخَلُّلِ الْفَاصِلِ بَيْنَ الْمُؤَكِّدِ وَالْمُؤَكَّدِ وَعَمَلًا بِقَصْدِهِ وَبِظَاهِرِ اللَّفْظِ.

(تَنْبِيهٌ)

قَدْ يُشْكِلُ وُقُوعُ الثَّلَاثِ فِي أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ طَالِقٌ بِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ طَالِقٌ وَنَوَى أَنْتِ أَوْ أَنْتِ وَنَوَى طَالِقٌ لَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ، وَالْوُقُوعُ بِالثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ هُنَا يَسْتَلْزِمُ تَقْدِيرَ أَنْتِ، وَيُرَدُّ بِمَنْعِ الِاحْتِيَاجِ لِهَذَا التَّقْدِيرِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ بَابِ تَعَدُّدِ الْخَبَرِ لِشَيْءٍ وَاحِدٍ لِقَرِينَةِ عَدَمِ قَصْدِ التَّأْكِيدِ فَإِنْ قُلْت قَالَ الرَّضِيُّ مَا تَعَدَّدَ لَفْظًا لَا مَعْنًى لَيْسَ مِنْ تَعَدُّدِ الْخَبَرِ فِي الْحَقِيقَةِ نَحْوَ زَيْدٌ جَائِعٌ؛ لِأَنَّهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَالثَّانِي فِي الْحَقِيقَةِ تَأْكِيدٌ لِلْأَوَّلِ. انْتَهَى.

وَعَلَيْهِ فَلَيْسَ هُنَا تَعَدُّدُ خَبَرٍ قُلْت مَمْنُوعٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا قَالَهُ الرَّضِيُّ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّهُ مُصَرِّحٌ بِأَنَّ الْمَعْنَى لَمْ يَتَعَدَّدْ فِيمَا ذَكَرَهُ وَمَا هُنَا مُتَعَدِّدُ الْمَعْنَى إذْ كُلٌّ مِنْ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ لَهُ مَعْنًى مُغَايِرٌ لِمَا قَبْلَهُ شَرْعًا؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ حَصَرَ الْمُزِيلَ لِلْعِصْمَةِ فِيهِنَّ فَكُلٌّ مِنْهُنَّ لَهُ دَخْلٌ فِي إزَالَتِهَا فَكَانَ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ الْإِزَالَةِ مَا لَيْسَ فِي الْأُولَى وَفِي الثَّالِثَةِ مَا لَيْسَ فِي الثَّانِيَةِ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ حَيْثُ لَمْ يَنْوِ تَأْكِيدًا آتٍ بِأَخْبَارٍ ثَلَاثَةٍ مُتَغَايِرَةٍ عَنْ مُبْتَدَأٍ وَاحِدٍ بِخِلَافِ مَا فِي مِثَالِ الرَّضِيِّ فَتَأَمَّلْهُ.

(تَنْبِيهٌ آخَرُ)

صَرِيحُ كَلَامِهِمْ فِي نَحْوِ أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ طَالِقٌ وَأَطْلَقَ وُقُوعُ الثَّلَاثِ، وَإِنْ فَصَلَ بِأَزْيَدَ مِنْ سَكْتَةِ التَّنَفُّسِ وَالْعِيِّ وَحِينَئِذٍ فَهَلْ لِهَذَا الْأَزْيَدِ ضَابِطٌ أَوْ لَا لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الثَّانِي، وَهُوَ مُشْكِلٌ إذْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ مَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ بَعْدَ سَنَةٍ مَثَلًا قَالَ طَالِقٌ أَنَّهُ يَقَعُ بِالثَّانِي طَلْقَةٌ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ ضَبْطُ ذَلِكَ الْأَزْيَدِ بِأَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يُنْسَبُ الثَّانِي إلَى الْأَوَّلِ عُرْفًا، وَإِلَّا لَمْ يَقَعْ بِالثَّانِي شَيْءٌ؛ لِأَنَّ أَنْتِ الَّذِي هُوَ خَبَرٌ لَهُ كَمَا تَقَرَّرَ انْقَطَعَتْ نِسْبَتُهُ عَنْهُ فَلَمْ يُمْكِنْ حَمْلُهُ عَلَيْهِ

ــ

[حاشية الشرواني]

كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ) أَيْ فِي مَبْحَثِ صَرِيحِ الطَّلَاقِ فِي شَرْحِ يَا طَالِقُ (قَوْلُهُ: فِي تَكْرِيرِ الْكِنَايَةِ) مُتَعَلِّقٌ لِقَوْلِهِ يَأْتِي (قَوْلُهُ: كَبَائِنٍ) مِثَالٌ لِلْكِنَايَةِ وَكَانَ الْأَنْسَبُ تَكْرِيرَهُ كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي مِثَالًا لِتَكْرِيرِ الْكِنَايَةِ (قَوْلُهُ: وَفِي اخْتِلَافِ اللَّفْظِ) أَيْ صَرِيحًا كَانَ أَوْ كِنَايَةً أَوْ إيَّاهُمَا (قَوْلُهُ: وَفِي التَّكْرِيرِ فَوْقَ ثَلَاثٍ) فَيَصِحُّ إرَادَةُ التَّأْكِيدِ بِالرَّابِعَةِ مَثَلًا فَلَا يَقَعُ بِهَا شَيْءٌ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ) ظَاهِرُ صَنِيعِهِ أَنَّهُ مِنْ مَقُولِ الْإِسْنَوِيِّ (قَوْلُهُ: فِي امْتِنَاعِهِ) أَيْ التَّأْكِيدِ بِالرَّابِعَةِ (قَوْلُهُ: وَبِتَسْلِيمِهِ) أَيْ صَرَاحَةِ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الِامْتِنَاعِ (قَوْلُهُ: وَلِلْبُلْقِينِيِّ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِلْإِسْنَوِيِّ (قَوْلُهُ: أَنْ يُتَخَيَّلَ إلَخْ) أَيْ تَخَيُّلًا نَاشِئًا عَنْ قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّ الْعَرَبَ لَا تُؤَكِّدُ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَنَّ الرَّابِعَةَ) أَيْ مَثَلًا وَقَوْلُهُ: تَقَعُ بِهَا طَلْقَةٌ أَيْ، وَإِنْ قَصَدَ بِهَا التَّأْكِيدَ (قَوْلُهُ: لِفَرَاغِ الْعَدَدِ) أَيْ عَدَدِ التَّأْكِيدِ. اهـ. كُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِعَدَمِ الِانْتِفَاءِ (قَوْلُهُ: بِمَا يَقَعُ) أَيْ بِهِ طَلْقَةٌ، وَهُوَ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ وَقَوْلُهُ: بِمَا لَا يَقَعُ إلَخْ يَعْنِي بِهِ نَحْوَ الرَّابِعَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ قَصَدَ) إلَى قَوْلِهِ وَعَمَلًا بِقَصْدِهِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: أَيْ قَصَدَ بِالثَّانِيَةِ اسْتِئْنَافًا إلَخْ) وَلَيْسَ هَذَا عَكْسَ صُورَةِ الْمَتْنِ؛ لِأَنَّهَا مَذْكُورَةٌ فِي قَوْلِهِ أَوْ بِالثَّالِثَةِ تَأْكِيدَ الْأُولَى وَبِالثَّانِيَةِ الِاسْتِئْنَافَ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: أَوْ قَصَدَ بِالثَّالِثَةِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَبِالثَّالِثَةِ تَأْكِيدَ الثَّانِيَةِ (قَوْلُ الْمَتْنِ أَوْ بِالثَّالِثَةِ تَأْكِيدَ الْأُولَى إلَخْ) يَنْبَغِي التَّدْيِينُ هُنَا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ، وَيَأْتِي سم وع ش عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ نَعَمْ يُدَيَّنُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. اهـ.

(قَوْلُهُ: لِتَخَلُّلِ الْفَاصِلِ إلَخْ) رَاجِعٌ لِصُورَةِ الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ: وَعَمَلًا بِقَصْدِهِ إلَخْ لِصُورَتَيْ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: بِمَا مَرَّ أَنَّهُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ مَا مَرَّ حَيْثُ لَا قَرِينَةَ، وَهُنَا قَرِينَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى التَّقْدِيرِ، وَهِيَ تَقَدُّمُ أَنْتِ وَالْمَحْذُوفُ لِقَرِينَةٍ كَالْمَذْكُورِ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ وَمَشْهُورٌ وَقَدَّمَهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى الصِّيغَةِ سَيِّدُ عُمَرَ وَسَمِّ (قَوْلُهُ: لَوْ قَالَ طَالِقٌ وَنَوَى أَنْتِ) هُوَ مَحَلُّ الِاسْتِدْلَالِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ هَذَا) أَيْ أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ طَالِقٌ (قَوْلُهُ: قُلْت مَمْنُوعٌ) إلَى قَوْلِهِ فَتَأَمَّلْهُ أَقُولُ تَسْلِيمُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ تَعَدُّدِ الْخَبَرِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ خَبَرٌ وَاحِدٌ وَذَلِكَ يَرْفَعُ الْإِشْكَالَ رَأْسًا فَالتَّسْلِيمُ لَا يَضُرُّهَا شَيْئًا فَتَأَمَّلْهُ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْ تَعَدُّدِ الْخَبَرِ وَاتِّحَادِهِ يَقْتَضِي اتِّحَادَ الْمُخْبَرِ عَنْهُ فَلَا تَقْدِيرَ هُنَاكَ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: مَعْنًى مُغَايِرٌ إلَخْ) مَحَلُّ تَأَمُّلٍ بَلْ كُلٌّ مِنْهَا مَدْلُولُهُ ذَاتٌ مُتَّصِفَةٌ بِانْحِلَالِ الْعِصْمَةِ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَحُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِهَا، وَحَالٌ مِنْ أَحْوَالِهَا خَارِجٌ عَنْ مَدْلُولِ اللَّفْظِ وَحَقِيقَتِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْمُغَايَرَةَ فِي الْحُكْمِ تَكْفِي فِي التَّعَدُّدِ (قَوْلُهُ: وَأَطْلَقَ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ وَحَذْفُ الْوَاوِ مِنْ قَوْلِهِ، وَإِنْ فَصَلَ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

وَذَلِكَ لَا يُنَافِي قَصْدَ الطَّلَاقِ لِمَعْنَاهُ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَبِالثَّالِثَةِ تَأْكِيدَ الْأُولَى) يَنْبَغِي التَّدْيِينُ هُنَا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ، وَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ بِمَنْعِ الِاحْتِيَاجِ إلَخْ) مَا الْمَانِعُ مِنْ أَنْ يُرَدَّ أَيْضًا بِأَنَّ هُنَا قَرِينَةً لَفْظِيَّةً عَلَى التَّقْدِيرِ، وَهِيَ أَوَّلُ الْكَلَامِ، وَالتَّقْدِيرُ لِلْقَرِينَةِ اللَّفْظِيَّةِ مُعْتَبَرٌ كَمَا قَدَّمَهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى الصِّيغَةِ. (قَوْلُهُ: قُلْت مَمْنُوعٌ إلَى قَوْلِهِ فَتَأَمَّلْهُ) أَقُولُ تَسْلِيمُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ تَعَدُّدِ الْخَبَرِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ خَبَرٌ وَاحِدٌ وَذَلِكَ يَرْفَعُ الْإِشْكَالَ رَأْسًا فَالتَّسْلِيمُ لَا يَضُرُّ هُنَا شَيْئًا فَتَأَمَّلْهُ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْ تَعَدُّدِ الْخَبَرِ وَاتِّحَادِهِ يَقْتَضِي اتِّحَادَ الْمُخْبَرِ عَنْهُ فَلَا تَقْدِيرَ هُنَاكَ -

<<  <  ج: ص:  >  >>