للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ الْفَجْرَ لُغَةً أَوَّلُ النَّهَارِ، وَأَوَّلُ الْيَوْمِ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ يَقْدَمُ زَيْدٌ فَقَدِمَ قُبَيْلَ الْغُرُوبِ بَانَ طَلَاقُهَا مِنْ الْفَجْرِ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْأَصْحَابِ، وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ مَتَى قَدِمَ فَأَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ خَمِيسٍ قَبْلَ يَوْمِ قُدُومِهِ فَقَدِمَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ بَانَ الْوُقُوعُ مِنْ فَجْرِ الْخَمِيسِ الَّذِي قَبْلَهُ وَتَرْتِيبُ أَحْكَامِ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ أَوْ الْبَائِنِ مِنْ حِينَئِذٍ، وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِي بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ فَعَاشَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ مَاتَ فَيَتَبَيَّنُ وُقُوعُهُ مِنْ تِلْكَ الْمُدَّةِ، وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا إنْ كَانَ بَائِنًا أَوْ لَمْ يُعَاشِرْهَا، وَلَا إرْثَ لَهَا، وَأَصْلُ هَذَا قَوْلُهُمْ فِي: أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ قُدُومِ زَيْدٍ بِشَهْرٍ يُشْتَرَطُ لِلْوُقُوعِ قُدُومُهُ بَعْدَ مُضِيِّ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ مِنْ أَثْنَاءِ التَّعْلِيقِ فَحِينَئِذٍ يَتَبَيَّنُ وُقُوعُهُ قَبْلَ شَهْرٍ مِنْ قُدُومِهِ فَتَعْتَدُّ مِنْ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ بِزَمَنٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقُدُومِ شَهْرٌ فَاعْتُبِرَ مَعَ الْأَكْثَرِيَّةِ الصَّادِقَةِ بِآخِرِ التَّعْلِيقِ فَأَكْثَرَ لِيَقَعَ فِيهَا الطَّلَاقُ، وَقَوْلُهُمَا: بَعْدَ مُضِيِّ شَهْرٍ مِنْ وَقْتِ التَّعْلِيقِ مُرَادُهُمَا بِوَقْتِ التَّعْلِيقِ آخِرُهُ فَيَتَبَيَّنُ الْوُقُوعُ مَعَ الْآخِرِ لِتَقَارُنِ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ فِي الْوُجُودِ، وَلَوْ قَالَ إلَى شَهْرٍ وَقَعَ بَعْدَ شَهْرٍ مُؤَبَّدًا إلَّا أَنْ يُرِيدَ تَنْجِيزَهُ وَتَوْقِيتَهُ فَيَقَعَ حَالًا وَمِثْلُهُ إلَى آخِرِ يَوْمٍ مِنْ عُمْرِي، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ آخِرَ يَوْمٍ مِنْ عُمْرِي طَلَقَتْ بِطُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ مَوْتِهِ إنْ مَاتَ نَهَارًا، وَإِلَّا فَبِفَجْرِ الْيَوْمِ السَّابِقِ عَلَى لَيْلَةِ مَوْتِهِ وَتَقْدِيرُ ذَلِكَ فِي الْيَوْمِ الْأَخِيرِ مِنْ أَيَّامِ عُمْرِي إذْ هُوَ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ قَالَ بَعْضُهُمْ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْجَلَالِ الْبُلْقِينِيِّ: وَمَحَلُّ هَذَا إنْ مَاتَ فِي غَيْرِ يَوْمِ التَّعْلِيقِ أَوْ فِي لَيْلَةٍ غَيْرِ اللَّيْلَةِ التَّالِيَةِ لِيَوْمِ التَّعْلِيقِ

ــ

[حاشية الشرواني]

مَا بَعْدَ ذَلِكَ لَعَلَّهُ خُصُوصُ الْأُولَى اهـ

(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْفَجْرَ) إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ قَالَ فِي آخَرِ يَوْمٍ، وَلَمْ يَزِدْ فِي النِّهَايَةِ

(قَوْلُهُ: وَبِهِ يُعْلَمُ إلَخْ) أَيْ بِالتَّعْلِيلِ

(قَوْلُهُ: وَقِيَاسُهُ) أَيْ قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ يَقْدَمُ زَيْدٌ إلَخْ

(قَوْلُهُ: فَقَدِمَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ) أَيْ: أَوْ الْخَمِيسِ سم عَلَى حَجّ أَيْ فَيَتَبَيَّنُ الْوُقُوعُ يَوْمَ الْخَمِيسِ الَّذِي قَبْلَ يَوْمِ الْخَمِيسِ الَّذِي قَدِمَ فِيهِ اهـ ع ش

(قَوْلُهُ: الَّذِي قَبْلَهُ) أَيْ حَيْثُ مَضَى لَهَا خَمِيسٌ قَبْلَ قُدُومِهِ وَبَعْدَ التَّعْلِيقِ، وَإِلَّا فَلَا وُقُوعَ اهـ

(قَوْلُهُ: وَنَظِيرُهُ) أَيْ الْمَقِيسِ اهـ ع ش

(قَوْلُهُ: فَعَاشَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ) يَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ أَنَّ الْأَكْثَرَ مِنْ أَثْنَاءِ التَّعْلِيقِ أَخْذًا مِمَّا يَذْكُرُهُ آنِفًا اهـ سم

(قَوْلُهُ: مِنْ تِلْكَ الْمُدَّةِ) أَيْ: وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا بَعْدَ التَّعْلِيقِ، وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ طَرَأَ عَلَيْهِ مَرَضٌ يَقْطَعُ بِمَوْتِهِ عَادَةً فِيهِ عَلَى وَجْهٍ يَتَبَيَّنُ بِهِ وُقُوعَ الطَّلَاقِ قَبْلَ الْوَطْءِ فَإِنْ تَبَيَّنَ بَعْدَ الْوَطْءِ أَنَّهُ وَقَعَ بَعْدَ الطَّلَاقِ كَانَ وَطْءَ شُبْهَةٍ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا إلَخْ) أَيْ حَيْثُ انْقَضَتْ عِدَّةُ الطَّلَاقِ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَإِلَّا فَتَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَتُكْمِلُ عِدَّةَ الطَّلَاقِ إنْ كَانَ بَائِنًا اهـ رَشِيدِيٌّ زَادَ ع ش وَفِي سم عَلَى حَجّ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ عِدَّةَ الْبَائِنِ قَدْ تَنْقَضِي قَبْلَ مُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ، وَكَذَا عِدَّةُ الرَّجْعِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا، وَإِنْ كَانَتْ تَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ لَوْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ عِدَّتِهَا لَكِنْ عِدَّتُهَا تَنْقَضِي هُنَا قَبْلَ الْمَوْتِ فَلَا يُتَصَوَّرُ انْتِقَالٌ انْتَهَى اهـ

(قَوْلُهُ: وَأَصْلُ هَذَا) أَيْ قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِي إلَخْ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: مِنْ أَثْنَاءِ التَّعْلِيقِ) هُوَ صَادِقٌ بِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الشَّهْرِ بَقِيَّةُ التَّعْلِيقِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يُقَارِنُ التَّعْلِيقَ فَتَتَحَقَّقُ الصِّفَةُ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش

(قَوْلُهُ: فَاعْتُبِرَ) أَيْ الشَّهْرُ رَشِيدِيٌّ وَكُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: بِآخِرِ التَّعْلِيقِ) مُتَعَلِّقٌ بِالصَّادِقَةِ يَعْنِي يَصْدُقُ عَلَى الْجُزْءِ الَّذِي هُوَ زَمَنُ التَّلَفُّظِ بِآخِرِ التَّعْلِيقِ وَعَلَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الْجُزْءِ أَنَّهُ أَكْثَرِيَّةٌ لِلشَّهْرِ أَيْ يَصِيرُ الشَّهْرُ مَعَ ذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ الشَّهْرِ، وَاعْتِبَارُ تِلْكَ الْأَكْثَرِيَّةِ إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهَا لِيَقَعَ فِيهَا الطَّلَاقُ اهـ كُرْدِيٌّ

(قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُمَا إلَخْ) جَوَابُ سُؤَالٍ نَشَأَ عَنْ اعْتِبَارِ الْأَكْثَرِيَّةِ وَالزِّيَادَةِ عَلَى الشَّهْرِ (قَوْلُهُ: وَقَعَ بَعْدَ شَهْرٍ إلَخْ) أَيْ فَهُوَ تَعْلِيقٌ رَوَى الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إلَى سَنَةٍ فَقَالَ: هِيَ امْرَأَتُهُ سَنَةً اهـ سم

(قَوْلُهُ: مُؤَبَّدًا) أَيْ: وَإِنْ كَانَ إلَى تَقْتَضِي أَنَّ الطَّلَاقَ مُعَيَّنٌ بِآخِرِ الشَّهْرِ، وَأَنَّهَا تَعُودُ بَعْدَهُ إلَى الزَّوْجِيَّةِ اهـ ع ش

(قَوْلُهُ: فَيَقَعُ حَالًا) أَيْ وَمُؤَبَّدًا أَيْضًا ع ش وَرَشِيدِيٌّ

(قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ) أَيْ قَوْلِهِ إلَى شَهْرٍ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ إلَى آخِرِ يَوْمٍ إلَخْ) تَقْدِيرُهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي آنِفًا إلَى الْيَوْمِ الْأَخِيرِ مِنْ عُمُرِي أَيْ فَيَقَعُ فِي الْيَوْمِ الْأَخِيرِ مِنْهُ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ اهـ سم

(قَوْلُهُ: وَبِهِ يُعْلَمُ) أَيْ بِقَوْلِهِ: وَمِثْلُهُ إلَى آخِرِ يَوْمٍ مِنْ عُمْرِي (قَوْلُهُ: وَتَقْدِيرُ ذَلِكَ إلَخْ) أَيْ تَأْوِيلُهُ بِأَنَّ الْمَعْنَى فِي الْيَوْمِ الْأَخِيرِ مِنْ أَيَّامِ إلَخْ اهـ ع ش

(قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ إلَخْ) خَبَرُ وَتَقْدِيرُ ذَلِكَ

(قَوْلُهُ: مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ) وَهِيَ آخِرِ إلَى الْمَوْصُوفِ، وَهُوَ يَوْمٍ اهـ سم

(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ هَذَا إلَخْ) مَقُولُ قَالَ وَالْإِشَارَةُ إلَى قَوْلِهِ طَلُقَتْ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

أَوْ آخِرَ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ، وَقَدْ قَالَ: فِي أَوَّلِهِ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ فِي مِثْلِ هَذَا؛ إذْ لَا وَجْهَ لِلتَّدْيِينِ حِينَئِذٍ

(قَوْلُهُ: فَقَدِمَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ) أَيْ: أَوْ الْخَمِيسِ

(قَوْلُهُ: فَعَاشَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ) يَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ الْأَكْثَرُ مِنْ أَثْنَاءِ التَّعْلِيقِ أَخْذًا مِمَّا يُذْكَرُ آنِفًا

(قَوْلُهُ: وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا إنْ كَانَ بَائِنًا إلَخْ) وَمَعْلُومٌ أَنَّ عِدَّةَ الْبَائِنِ قَدْ تَنْقَضِي قَبْلَ مُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ، وَكَذَا عِدَّةُ الرَّجْعِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا، وَإِنْ كَانَتْ تَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ لَوْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ عِدَّتِهَا لَكِنْ عِدَّتُهَا تَنْقَضِي هُنَا قَبْلَ الْمَوْتِ فَلَا يُتَصَوَّرُ انْتِقَالٌ

(قَوْلُهُ: مِنْ أَثْنَاءِ التَّعْلِيقِ) صَادِقٌ بِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الشَّهْرِ بَقِيَّةُ التَّعْلِيقِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يُقَارِنُ التَّعْلِيقَ فَتَتَحَقَّقُ الصِّفَةُ

(قَوْلُهُ: وَقَعَ بَعْدَ شَهْرٍ إلَخْ) أَيْ فَهُوَ تَعْلِيقٌ رَوَى الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إلَى سَنَةٍ فَقَالَ: هِيَ امْرَأَتُهُ إلَى سَنَةٍ

(قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ إلَى آخِرِ يَوْمٍ مِنْ عُمْرِي) تَقْدِيرُهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي آنِفًا إلَى الْيَوْمِ الْأَخِيرِ مِنْ عُمْرِي أَيْ: فَيَقَعُ فِي الْيَوْمِ الْأَخِيرِ مِنْهُ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ

(قَوْلُهُ: مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ) أَيْ: وَهُوَ " آخِرِ " إلَى الْمَوْصُوفِ أَيْ، وَهُوَ " يَوْمٍ "

(قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ هَذَا إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ مَاتَ فِي لَيْلَةِ التَّعْلِيقِ فَقَدْ يُقَالُ هُوَ كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ فَيَأْتِي فِيهِ تَفْصِيلُهُ الْآتِي؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>