للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفُرُوعَ الْمُبَدَّدَةَ بَعْضُهَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُحَالَ يَمْنَعُ الْوُقُوعَ، وَبَعْضُهَا عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْنَعُهُ، وَالْإِشْكَالُ إنَّمَا جَاءَ مِنْ ذِكْرِ الْمُتَأَخِّرِينَ لَهَا كَمَا ذُكِرَ قُلْت بَلْ الْإِشْكَالُ مُتَوَجِّهٌ وَمَا ذُكِرَ مَمْنُوعٌ أَلَا تَرَى أَنَّ الشَّيْخَيْنِ قَائِلَانِ بِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِالْمُحَالِ يَمْنَعُ الْوُقُوعَ مَعَ قَوْلِهِمَا فِي أَمْسِ وَنَحْوِهِ بِالْوُقُوعِ إلْغَاءً لِلْمُحَالِ فَإِنْ قُلْت: يُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْمُحَالَ إنَّمَا يَمْنَعُ الْوُقُوعَ إنْ وَقَعَ فِي التَّعْلِيقِ لِقَوْلِهِمْ قَدْ يَكُونُ الْقَصْدُ مِنْ التَّعْلِيقِ بِهِ عَدَمَ الْوُقُوعِ، وَهُوَ قَضِيَّةُ فَرْقَ بَعْضِهِمْ بَيْنَ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ إذَا جَاءَ الْغَدُ وَأَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ غَدًا بِأَنَّ الْأَوَّلَ فِيهِ لَفْظٌ صَرِيحٌ فِي التَّعْلِيقِ فَمَنَعَ الْوُقُوعَ بِخِلَافِ الثَّانِي قُلْت لَا يَطَّرِدُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ وَقَبْلَ أَنْ تُخْلَقِي، وَلَا فِي زَمَنٍ وَنَحْوَهَا مِثْلُ أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ مَوْتِي أَوْ بَعْدَهُ أَوْ مَعَ انْقِضَاءِ عِدَّتِك أَوْ طَلْقَةً بَائِنَةً أَوْ رَجْعِيَّةً فِي صُورَتَيْهِمَا السَّابِقَتَيْنِ فَهَذَا تَنْجِيزٌ فِي الْكُلِّ رُبِطَ بِمُحَالٍ فَأُلْغِيَ تَارَةً، وَلَمْ يُلْغَ أُخْرَى.

فَإِنْ قُلْت: عَلَّلُوا مَعَ مَوْتِي وَمَعَ انْقِضَاءِ عِدَّتِك بِقَوْلِهِمْ لَمْ يَقَعْ لِمُصَادَفَتِهِ الْبَيْنُونَةَ وَبِهِ يُفَرَّقُ بَيْنَ نَحْوِ هَذَيْنِ وَنَحْوِ أَمْسِ فَإِنَّ وُقُوعَهُ هُنَا لَا يُصَادِفُ الْبَيْنُونَةَ قُلْت لَا يَطَّرِدُ ذَلِكَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ قِيَاسَهُ أَنْ لَا يَقَعَ فِي: قَبْلَ أَنْ تُخْلَقِي لِمُصَادَفَتِهِ عَدَمَ وُجُودِهَا بِالْكُلِّيَّةِ، وَهُوَ أَوْلَى بِالرِّعَايَةِ مِنْ مُصَادَفَةِ الْبَيْنُونَةِ وَأَيْضًا فَالتَّعْلِيلُ بِمُصَادَفَةِ الْبَيْنُونَةِ إنَّمَا هُوَ بَيَانٌ لِوَجْهِ الْمُحَالِيَّةِ، وَهِيَ لَا تَنْحَصِرُ فِي ذَيْنِك فَلَيْسَ الْقَصْدُ بِهِ إلَّا بَيَانَ وَجْهِ الْإِحَالَةِ، وَإِلَّا فَأَكْثَرُ صُوَرِ الْمُحَالِ الَّذِي مَنَعَ الْوُقُوعَ لَيْسَ فِيهَا مُصَادَفَةُ بَيْنُونَةٍ فَإِنْ قُلْت: الْبَحْثُ بَيْنَ الْأَصْحَابِ فِي مَنْعِ الْمُحَالِ بِأَقْسَامِهِ الثَّلَاثَةِ لِلْوُقُوعِ إنَّمَا هُوَ فِي التَّعْلِيقِ بِهِ كَمَا أَطْبَقَتْ عَلَيْهِ عِبَارَاتُهُمْ، وَالتَّعْلِيقُ إنَّمَا يَكُونُ بِمُسْتَقْبَلٍ فَأَلْحَقْنَا بِهِ كُلَّ تَنْجِيزٍ فِيهِ الرَّبْطُ بِمُسْتَقْبَلٍ كَمَعَ مَوْتِي أَوْ بَعْدَهُ أَوْ مَعَ انْقِضَاءِ عِدَّتِك بِخِلَافِ تَنْجِيزٍ لَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ الرَّبْطُ بِأَنْ رُبِطَ بِمَاضٍ أَوْ حَالٍ أَوْ لَمْ يُرْبَطْ بِمَاضٍ، وَلَا مُسْتَقْبَلٍ فَإِنَّهُ لَا يَنْظُرُ لِلْمُحَالِ فِيهِ كَأَمْسِ وَقَبْلَ أَنْ تُخْلَقِي، وَلَا فِي زَمَنٍ وَلِلشَّهْرِ الْمَاضِي وَطَلَاقًا أَثَّرَ فِي الْمَاضِي وَطَلْقَةً سُنِّيَّةً بِدْعِيَّةً قُلْت الْفَرْقُ بِذَلِكَ مُمْكِنٌ لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ الْيَوْمَ غَدًا حَيْثُ أَلْغَوْا غَدًا مَعَ أَنَّهُ مُسْتَقْبَلٌ، وَيُجَابُ بِأَنَّ إلْغَاءَهُ هُنَا لِمُعَارَضَةِ ضِدِّهِ لَهُ، وَهُوَ الْيَوْمُ الْأَقْوَى لِكَوْنِهِ حَاضِرًا فَقَدَّمْنَا مُقْتَضَاهُ ثُمَّ مَا قُلْنَاهُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الْأُولَى الْإِحْدَى عَشْرَةَ بِأَسْرِهَا، وَهُوَ إلْغَاءُ الْمُحَالِ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُسْتَقْبَلَةٍ.

وَأَمَّا الصُّوَرُ الْأُخْرَى فَالْمُسْتَقْبَلُ مِنْهَا صَرِيحًا بَعْدَ مَوْتِي فِي وَمَعَهُ وَمَعَ انْقِضَاءِ عِدَّتِك وَالْآنَ إذَا جَاءَ الْغَدُ أَوْ دَخَلْتَ وَغَلَبَ التَّعْلِيقُ هُنَا عَلَى الْآنَ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْأَصْلَ فِي مَنْعِ الْمُحَالِ أَنْ يَكُونَ مُعَلَّقًا، وَبِهِ فَارَقَ مَا مَرَّ آنِفًا فِي الْيَوْمَ غَدًا مِنْ إلْغَاءِ غَدًا دُونَ الْيَوْمِ، وَإِنْ جَمَعَتْ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ، وَمَا بَعْدَهُ نَعَمْ تَبْقَى طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ وَطَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ وَالطَّلْقَةُ الرَّابِعَةُ فَهَذِهِ أُلْغِيَ الْمُحَالُ فِيهَا مَعَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِمُسْتَقْبَلٍ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ هَذِهِ أُلْحِقَتْ بِالْمُسْتَقْبَلِ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْهَا أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً إنْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً، وَكَذَا الْبَاقِي الْمُقْتَضِي لِبُطْلَانِ مَا وَقَعَ بِهِ التَّنَاقُضُ فَقَطْ، فَحِينَئِذٍ اُتُّجِهَ الْفَرْقُ بَيْنَ تِلْكَ الْمَسَائِلِ الْإِحْدَى عَشْرَةَ الْأُولَى وَالتِّسْعِ الْأَخِيرَةِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ كُلَّهُ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ، وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا فِي شَيْءٍ مِنْهُ لِمَا يَشْفِي، وَلَا نَبَّهُوا عَلَى تَخَالُفٍ فِي شَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الْفُرُوعِ لِغَيْرِهِ مَعَ ظُهُورِ الْمُخَالَفَةِ كَمَا عَلِمْت فَإِنْ قُلْت: أَيُّ مَعْنًى أَوْجَبَ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمُسْتَقْبَلِ وَغَيْرِهِ قُلْت الْعُرْفُ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِمْ: فِي تَعْلِيلِ عَدَمِ الْوُقُوعِ بِالْمُحَالِ

ــ

[حاشية الشرواني]

كَمَا ذَكَرَ) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَنْبِيهٍ عَلَى الْمَبْنِيّ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ: يُمْكِنُ الْفَرْقُ) أَيْ بَيْنَ الصُّوَرِ الْأُولَى وَالْأُخْرَى

(قَوْلُهُ: إنْ وَقَعَ فِي التَّعْلِيقِ) أَيْ لَا فِي التَّنْجِيزِ

(قَوْلُهُ: بَيْنَ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ إذَا إلَخْ) أَيْ حَيْثُ لَا وُقُوعَ فِيهِ، وَقَوْلُهُ: وَأَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ إلَخْ أَيْ حَيْثُ يَقَعُ فِيهِ صَبِيحَةَ الْغَدِ اهـ سم (قَوْلُهُ: مِثْلُ أَنْتِ طَالِقٌ إلَخْ) خَبَرُ؛ لِأَنَّ أَنْتِ إلَخْ فَهَذَا أَيْ الطَّلَاقُ

(قَوْلُهُ: فَأُلْغِيَ تَارَةً) أَيْ فِيمَا قَبْلَ مِثْلِ، وَقَوْلُهُ: وَلَمْ يَلْغُ إلَخْ أَيْ فِي مَدْخُولِ مِثْلِ

(قَوْلُهُ: عَلَّلُوا مَعَ مَوْتِي إلَخْ) أَيْ عَدَمَ الْوُقُوعِ فِي مَعَ مَوْتِي إلَخْ وَلَوْ عَبَّرَ بِهَذَا وَحَذَفَ قَوْلَهُ الْآتِي لَمْ يَقَعْ لَكَانَ أَوْلَى

(قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ فِي نَحْوِ أَمْسِ

(قَوْلُهُ: ذَلِكَ) أَيْ الْفَرْقُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ قِيَاسَهُ) أَيْ ذَلِكَ الْفَرْقِ

(قَوْلُهُ: وَهِيَ لَا تَنْحَصِرُ) أَيْ الْمُحَالِيَّةُ

(قَوْلُهُ: فِي ذَيْنِك) أَيْ مَعَ مَوْتِي وَمَعَ انْقِضَاءِ عِدَّتِك

(قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ التَّعْلِيلِ بِمُصَادَفَةِ الْبَيْنُونَةِ

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَأَكْثَرُ صُوَرِ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ قَصَدَ بِذَلِكَ ظَاهِرَهُ مِنْ التَّعْلِيلِ حَقِيقَةً لَمَا اُطُّرِدَ فَإِنَّ أَكْثَرَ صُوَرِ إلَخْ (قَوْلُهُ الَّذِي مَنَعَ) صِفَةَ الْمُحَالِ

(قَوْلُهُ: إنَّمَا هُوَ) أَيْ الْبَحْثُ

(قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ بِالتَّعْلِيقِ

(قَوْلُهُ: بِذَلِكَ) أَيْ بِالتَّعْلِيقِ بِالْمُحَالِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا (قَوْلُهُ لِمُعَارَضَةِ إلَخْ) خَبَرُ إنَّ

(قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الضِّدُّ

(قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ حَاضِرًا) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: الْأَقْوَى

(قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ مَا قُلْنَاهُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهَا إلَخْ خَبَرُ مَا قُلْنَاهُ إلَخْ

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الصُّوَرُ الْأُخْرَى) أَيْ التِّسْعُ (قَوْلُهُ بَعْدَ مَوْتِي إلَخْ) خَبَرُ فَالْمُسْتَقْبَلُ إلَخْ (قَوْلُهُ هُنَا) أَيْ فِي الْآنَ إذَا جَاءَ الْغَدُ أَوْ دَخَلْت الدَّارَ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ التَّعْلِيقَ

(قَوْلُهُ: لِمَا تَقَرَّرَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلْعِلَّةِ

(قَوْلُهُ: فِي مَنْعِ الْمُحَالِ) أَيْ الْوُقُوعِ فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ

(قَوْلُهُ: مُعَلَّقًا) أَيْ بِهِ عَلَى الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ

(قَوْلُهُ: وَبِهِ) أَيْ بِالتَّعْلِيلِ

(قَوْلُهُ: مَا مَرَّ آنِفًا إلَخْ) وَهُوَ قَوْلُهُ: وَهُوَ الْيَوْمُ الْأَقْوَى إلَخْ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ جَمَعْتِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: بَعْدَ مَوْتِي إلَخْ

(قَوْلُهُ: فَهَذِهِ أُلْغِيَ الْمُحَالُ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ مَعَ أَنَّ الَّذِي قَدَّمَهُ فِيهَا هُوَ عَدَمُ الْوُقُوعِ اهـ سم أَيْ وَمَعَ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِاسْتِدْرَاكِهِ عَمَّا قَبْلَهُ، وَلَا يُلَاقِيهِ الْجَوَابُ الْآتِي ثُمَّ رَأَيْت قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بَاقُشَيْرٍ قَوْلُهُ أُلْغِيَ الْمُحَالُ يَنْبَغِي أَنْ يُقْرَأَ أُلْغِيَ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَفَاعِلُهُ الْمُحَالُ أَيْ أَلْغَى الْمُحَالُ الطَّلَاقَ فَلَا يَرِدُ قَوْلُ الْمُحَشِّي إنَّهَا لَا طَلَاقَ فِيهَا فَكَيْفَ أَلْغَى الْمُحَالُ فِيهَا وَكَأَنَّهُ قَرَأَهُ مَجْهُولًا وَالْمُحَالُ نَائِبُ فَاعِلٍ اهـ وَهَذَا حَسَنٌ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الظَّاهِرِ

(قَوْلُهُ: الْمُقْتَضِي إلَخْ) صِفَةٌ لِلْمُتَبَادَرِ اهـ كُرْدِيٍّ

(قَوْلُهُ: مَا وَقَعَ بِهِ التَّنَاقُضُ فَقَطْ) ، وَهُوَ بَائِنَةٌ وَرَجْعِيَّةٌ وَالرَّابِعَةُ

(قَوْلُهُ: الْعُرْفُ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِمْ: إلَخْ) قَدْ يُقَالُ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

دُخُولِ الدَّارِ

(قَوْلُهُ: بَيْنَ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ إذَا جَاءَ الْغَدُ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ أَمْسِ غَدًا) أَيْ حَيْثُ لَا وُقُوعَ فِي الْأَوَّلِ وَحَنِثَ فِي الثَّانِي صَبِيحَةَ الْغَدِ كَمَا مَرَّ فِي الشَّرْحِ

(قَوْلُهُ: فَهَذِهِ أُلْغِيَ الْمُحَالُ فِيهَا) يُتَأَمَّلُ مَعَ أَنَّ الَّذِي قَدَّمَهُ فِيهَا هُوَ عَدَمُ الْوُقُوعِ

(قَوْلُهُ: الْعُرْفُ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِمْ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: قَوْلُهُمْ الْمَذْكُورُ شَامِلٌ لِلْمُسْتَقْبَلِ وَغَيْرِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>