للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالْقَطْعُ بِالْوُقُوعِ مُرَتَّبٌ عَلَى انْتِفَائِهِمَا مَعًا دُونَ أَحَدِهِمَا فَمَرْدُودٌ بِقَطْعِهِمْ بِهِ فِيمَا إذَا لَمْ يُبَالِ بِهِ وَعَلِمَ وَلَوْ أَطْلَقَ فَلَمْ يَقْصِدْ حَثًّا، وَلَا مَنْعًا، وَلَا تَعْلِيقًا مَحْضًا بَلْ أَخْرَجَهُ مَخْرَجَ الْيَمِينِ وَقَعَ عِنْدَ ابْنِ الصَّلَاحِ وَجَرَى عَلَيْهِ جَمْعٌ، وَإِنْ رَدَّهُ تِلْمِيذُهُ ابْنُ رَزِينٍ بِأَنَّ الْأَصْحَابَ أَطْلَقُوا فِيهَا الْقَوْلَيْنِ وَمُخْتَارُ كَثِيرِينَ مِنْهُمْ الرَّافِعِيُّ عَدَمَ الْوُقُوعِ وَوَجَّهَهُ بِأَنَّ الْغَالِبَ مِمَّنْ يَحْلِفُ عَلَى فِعْلٍ مُسْتَقْبَلٍ مِنْ مُبَالٍ أَنَّهُ يَقْصِدُ حَثَّهُ أَوْ مَنْعَهُ فَلَمْ يَقَعْ مَعَ نَحْوِ النِّسْيَانِ إلَّا أَنْ يَصْرِفَهُ بِقَصْدِ وُجُودِ صُورَةِ الْفِعْلِ.

وَكَانَ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا مَرَّ عَنْهُ فِي فِعْلِ نَفْسِهِ أَنَّهُ لَا غَالِبَ فِي فِعْلِ نَفْسِهِ بَلْ التَّعْلِيقُ فِيهَا خَارِجٌ مَخْرَجَ الْيَمِينِ الْمُجَرَّدَةِ فَأَثَّرَ مُطْلَقًا إلَّا إنْ تَحَقَّقَ قَصْدُهُ لِحَثِّ نَفْسِهِ أَوْ مَنْعِهَا بِخِلَافِ فِعْلِ الْغَيْرِ فَإِنَّ الْغَالِبَ فِيهِ مَا مَرَّ فَلَمْ يُؤَثِّرْ التَّعْلِيقُ إلَّا مَعَ تَحَقُّقِ صَرْفِهِ عَنْ ذَلِكَ بِأَنْ يَقْصِدَ بِهِ مُجَرَّدَ صُورَةِ الْفِعْلِ، وَفِيهِ مَا فِيهِ وَإِذَا لَمْ يَقَعْ بِفِعْلِ نَحْوِ النَّاسِي لَا تَنْحَلُّ بِهِ الْيَمِينُ كَمَا قَالَاهُ فِي مَوْضِعَيْنِ وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُهُمَا فِي ثَالِثٍ الِانْحِلَالَ وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَانْحِلَالِهَا فِي شَكِّ مُعَلَّقِ الْقَضَاءِ بِالْهِلَالِ فِيهِ فَأَخَّرَ فَبَانَ أَنَّهُ اللَّيْلَةَ الْمَاضِيَةَ بِتَعَذُّرِ الْحِنْثِ فِي هَذِهِ بَعْدُ فَلَا فَائِدَةَ لِبَقَاءِ الْيَمِينِ بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا وَيُؤْخَذُ مِنْ عَدَمِ انْحِلَالِهَا بِمَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ غَيْرَهُ فَأَجْبَرَهُ الْقَاضِي عَلَى كَلَامِهِ فَكَلَّمَهُ لَمْ يَحْنَثْ بِمَا يَزُولُ بِهِ الْهَجْرُ الْمُحَرَّمُ، وَهُوَ مَرَّةٌ فِي كُلِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّ هَذِهِ هِيَ الْمُكْرَهُ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الزَّائِدِ عَلَيْهَا فِي الثَّلَاثِ فَإِنَّ الْإِكْرَاهَ لَا يَتَنَاوَلُهُ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْقَصْدَ بِالْإِكْرَاهِ هُنَا إنَّمَا هُوَ إزَالَةُ الْهَجْرِ الْمُحَرَّمِ لَا غَيْرُ وَمَرَّ فِي مَبْحَثِ الْإِكْرَاهِ مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِهَذَا قَالَ بَعْضُ شُرَّاحِ الْبُخَارِيِّ، وَإِنَّمَا يَحْرُمُ هَجْرُ أَكْثَرِ مِنْ الثَّلَاثِ إنْ وَاجَهَهُ، وَلَمْ يُكَلِّمْهُ حَتَّى بِالسَّلَامِ أَمَّا لَوْ لَمْ يُوَاجِهْهُ فَلَا حُرْمَةَ، وَإِنْ مَكَثَ سِنِينَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ.

وَلَا تَنْحَلُّ أَيْضًا فِي نَحْوِ إنْ خَرَجْت لَابِسَةً الْحَرِيرَ فَخَرَجَتْ لَابِسَةً غَيْرَهُ ثُمَّ خَرَجَتْ لَابِسَةً لَهُ فَيَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الْخَرْجَةَ الْأُولَى لَمْ يَتَنَاوَلْهَا الْيَمِينُ أَصْلًا إذْ التَّعْلِيقُ فِيهَا لَيْسَ لَهُ إلَّا جِهَةُ حِنْثٍ، وَهِيَ الْخُرُوجُ الْمُقَيَّدُ بِلُبْسِ الْحَرِيرِ فَمَتَى وُجِدَ حَنِثَ وَخُرُوجُهَا غَيْرَ لَابِسَةٍ لَا يُسَمَّى جِهَةَ بِرٍّ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْيَمِينَ لَمْ تَتَنَاوَلْهُ بِخِلَافِ إنْ خَرَجْت بِغَيْرِ إذْنِي فَخَرَجَتْ بِإِذْنِهِ ثُمَّ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَا حِنْثَ؛ لِأَنَّ لَهَا جِهَةَ بِرٍّ، وَهِيَ الْأُولَى وَجِهَةَ حِنْثٍ، وَهِيَ الثَّانِيَةُ فَتَنَاوَلَتْ كُلًّا مِنْهُمَا وَأَيْضًا فَالْأُولَى هِيَ مَقْصُودُ الْحَلِفِ فَتَنَاوَلَهَا فَانْحَلَّ بِهَا، وَلَا كَذَلِكَ فِي لَابِسَةِ حَرِيرٍ فَتَأَمَّلْهُ وَأَفْتَى السُّبْكِيُّ فِيمَنْ حَلَفَ لَيُعْطِيَنَّ زَيْدًا كُلَّ يَوْمٍ كَذَا فَلَمْ يُعْطِهِ يَوْمًا بِانْحِلَالِهَا بِحِنْثِهِ هَذَا فَإِذَا رَاجَعَهَا، وَلَمْ يُعْطِهِ شَيْئًا لَمْ تَطْلُقْ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يُسَافِرُ مَعَهُ فَسَافَرَ أَيْ وَحْدَهُ ثُمَّ سَافَرَ مَعَهُ حَنِثَ لِعَدَمِ الِانْحِلَالِ أَيْ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْحَرِيرِ، وَفِي الرَّوْضَةِ حَلَفَ لَا يَرُدُّ النَّاشِزَةَ أَحَدٌ فَأَكْتَرَتْ وَرَجَعَتْ مَعَ الْمُكَارِي لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّهُ صَحِبَهَا، وَلَمْ يَرُدَّهَا وَانْحَلَّتْ فَلَوْ خَرَجَتْ فَرَدَّهَا الزَّوْجُ أَوْ غَيْرُهُ لَمْ يَحْنَثْ إذْ لَيْسَ فِي اللَّفْظِ مَا يَقْتَضِي تَكْرَارًا وَتَنْحَلُّ أَيْضًا فِي إنْ رَأَيْت الْهِلَالَ وَصَرَّحَ بِالْمُعَايَنَةِ () قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ: لِحَقِّ إلَخْ لَعَلَّ ذَلِكَ ثَابِتٌ فِي نُسْخَتِهِ اهـ.

ــ

[حاشية الشرواني]

(قَوْلُهُ: فَمَرْدُودٌ إلَخْ) جَوَابُ أَمَّا

(قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ الْوُقُوعِ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَطْلَقَ إلَخْ) مُقَابِلُ مَا فِي الْمَتْنِ فَقَوْلُهُ فَلَمْ يَقْصِدْ حَثًّا، وَلَا مَنْعًا رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ قَوْلِهِ: وَإِلَّا إلَخْ، وَقَوْلُهُ: وَلَا تَعْلِيقًا إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: وَإِلَّا إلَخْ

(قَوْلُهُ: بَلْ أَخْرَجَهُ مَخْرَجَ الْيَمِينِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ لِمُجَرَّدِ التَّأْكِيدِ

(قَوْلُهُ: وَجَرَى عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْوُقُوعِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ رَدَّهُ تِلْمِيذُهُ إلَخْ) اعْتَمَدَ الرَّدَّ وَعَدَمَ الْوُقُوعِ م ر اهـ سم

(قَوْلُهُ: أَطْلَقُوا فِيهَا) أَيْ فِي صُورَةِ الْإِطْلَاقِ

(قَوْلُهُ: وَوَجْهُهُ) أَيْ وَجْهُ ابْنِ رَزِينٍ عَدَمُ الْوُقُوعِ

(قَوْلُهُ: فَلَمْ يَقَعْ مَعَ نَحْوِ النِّسْيَانِ إلَخْ) أَيْ فَحَمَلَ الْمُطْلَقَ عَلَى الْغَالِبِ، وَلَمْ يَقَعْ إلَخْ

(قَوْلُهُ: بَيْنَ هَذَا) أَيْ الْإِطْلَاقِ فِي التَّعْلِيقِ بِفِعْلِ الْغَيْرِ

(قَوْلُهُ: وَمَا مَرَّ عَنْهُ) أَيْ عَنْ ابْنِ رَزِينٍ اهـ سم

(قَوْلُهُ: فِي فِعْلِ نَفْسِهِ) أَيْ فِي إطْلَاقِ التَّعْلِيقِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فِيهَا) أَيْ فِي صُورَةِ التَّعْلِيقِ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ

(قَوْلُهُ: مَا مَرَّ) أَيْ قَصْدُ حَثِّهِ أَوْ مَنْعِهِ

(قَوْلُهُ: وَفِيهِ) أَيْ فِي الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ

(قَوْلُهُ: وَإِذَا لَمْ يَقَعْ إلَخْ) أَيْ فِيمَا لَوْ عَلَّقَ بِفِعْلِهِ أَوْ بِفِعْلِ مَنْ يُبَالِي بِتَعْلِيقِهِ وَقَصَدَ إعْلَامَهُ بِهِ

(قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ عَدَمِ الِانْحِلَالِ

(قَوْلُهُ: فِي شَكٍّ) أَيْ فِيمَا لَوْ شَكَّ

(قَوْلُهُ: مُعَلِّقُ الْقَضَاءِ) بِكَسْرِ اللَّامِ الْمُشَدَّدَةِ وَقَوْلُ () لِحَقِّ الْغَيْرِ مُتَعَلِّقٌ بِالْمُضَافِ إلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: بِالْهِلَالِ مُتَعَلِّقٌ بِالْمُضَافِ، وَقَوْلُهُ: فِيهِ أَيْ الْهِلَالِ مُتَعَلِّقٌ بِشَكٍّ (قَوْلُهُ فَأَخَّرَ) أَيْ الْقَضَاءَ

(قَوْلُهُ: فَبَانَ أَنَّهُ إلَخْ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْهِلَالَ إنَّمَا يُطْلَقُ عَلَى اللَّيْلَةِ الْأُولَى فَقَطْ

(قَوْلُهُ: بِتَعَذُّرِ الْحِنْثِ) مُتَعَلِّقٌ بِيُفَرِّقُ

(قَوْلُهُ: مِنْ عَدَمِ انْحِلَالِهَا إلَخْ) أَيْ فِيمَا لَوْ عَلَّقَ بِفِعْلِ نَفْسِهِ أَوْ الْمُبَالِي وَقَصَدَ إعْلَامَهُ بِهِ

(قَوْلُهُ: لَمْ يَحْنَثْ) الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ وَذِكْرُهُ قُبَيْلَ؛ لِأَنَّ إلَخْ

(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَرَّةٌ فِي كُلِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) قَدْ يُتَوَقَّفُ فِي تَنَاوُلِ إجْبَارِ الْقَاضِي بَلْ الِاعْتِدَادِ بِهِ إذَا صَرَّحَ بِمَرَّةٍ الثَّلَاثَةِ الثَّانِيَةِ وَمَا بَعْدَهَا مَعَ اسْتِقْبَالِهَا كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ كَلَامِهِ وَالْوَجْهُ اخْتِصَاصُ حُكْمِهِ بِمَرَّةِ الثَّلَاثَةِ الْحَاضِرَةِ وَعَدَمُ تَنَاوُلِهِ لِمَا بَعْدَهَا، وَإِنْ صَرَّحَ بِهِ ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا الشِّهَابَ الرَّمْلِيَّ أَفْتَى بِهِ اهـ سم

(قَوْلُهُ: فِي الثَّلَاثِ) الْأَوْلَى التَّذْكِيرُ

(قَوْلُهُ: وَلَا تَنْحَلُّ) إلَى قَوْلِهِ لِمَا تَقَرَّرَ فِي النِّهَايَةِ

(قَوْلُهُ: أَيْضًا) أَيْ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ إجْبَارِ الْقَاضِي

(قَوْلُهُ: وَهِيَ الْأُولَى) أَيْ الْخُرُوجُ بِالْإِذْنِ، وَقَوْلُهُ: وَهِيَ الثَّانِيَةُ أَيْ الْخُرُوجُ بِلَا إذْنٍ.

(قَوْلُهُ: رَاجَعَهَا) أَيْ أَوْ جَدَّدَ نِكَاحَهَا الْمَفْهُومَ بِالْأُولَى

(قَوْلُهُ: وَغَيْرُهُ) أَيْ وَأَفْتَى غَيْرُ السُّبْكِيّ

(قَوْلُهُ: فَاكْتَرَتْ) أَيْ النَّاشِزَةُ دَابَّةً اهـ كُرْدِيٌّ

(قَوْلُهُ: مَعَ الْمُكَارِي) أَيْ صَاحِبِ الدَّابَّةِ

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ إلَخْ) أَيْ الْمُكَارِي

(قَوْلُهُ: فَلَوْ خَرَجَتْ) أَيْ ثَانِيًا

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

قَوْلِهِ عَقِبَ الْمَتْنِ وَلَوْ مَعَ النِّسْيَانِ أَوْ الْإِكْرَاهِ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ رَدَّهُ إلَخْ) اعْتَمَدَ الرَّدَّ وَعَدَمَ الْوُقُوعِ م ر

(قَوْلُهُ: وَمَا مَرَّ عَنْهُ) أَيْ عَنْ ابْنِ رَزِينٍ (قَوْلُهُ فَأَجْبَرَهُ الْقَاضِي عَلَى كَلَامِهِ فَكَلَّمَهُ لَمْ يَحْنَثْ بِمَا يَزُولُ بِهِ الْهَجْرُ الْمُحَرَّمُ، وَهُوَ مَرَّةٌ فِي كُلِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ) قَدْ يُتَوَقَّفُ فِي تَنَاوُلِ إجْبَارِ الْقَاضِي بَلْ الِاعْتِدَادِ بِهِ إذَا صَرَّحَ بِمُدَّةِ الثَّلَاثَةِ الثَّانِيَةِ وَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>