قَالَ الْقَاضِي إلَّا إنْ عَلَّقَ بِذَلِكَ، وَهِيَ مَجْنُونَةٌ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْأَصْحَابَ قَائِلُونَ بِعَدَمِ الْفَرْقِ وَإِنَّ كَلَامَ الْقَاضِي وَالطَّبَرِيِّ مَقَالَةٌ مُخَالِفَةٌ لِكَلَامِهِمْ وَعَلَيْهَا فَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ فِعْلِ مَنْ طَرَأَ جُنُونُهُ بَعْدَ الْحَلِفِ أَنَّهُ لَا يُقْصَدُ بِالْحَلِفِ أَصْلًا فَلَمْ يَتَنَاوَلْهُ الْيَمِينُ بِخِلَافِ فِعْلِ نَحْوِ النَّاسِي، وَلَا يَرِدُ عَلَى الْمَتْنِ عَدَمُ الْوُقُوعِ فِي نَحْوِ طِفْلٍ أَوْ بَهِيمَةٍ أَوْ مَجْنُونٍ عُلِّقَ بِفِعْلِهِمْ فَأُكْرِهُوا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمَّا أَلْغَى فِعْلَ هَؤُلَاءِ وَانْضَمَّ إلَيْهِ الْإِكْرَاهُ أَخْرَجَهُ عَنْ أَنْ يُنْسَبَ إلَيْهِمْ وَبِهِ فَارَقَ الْوُقُوعُ مَعَ الْإِكْرَاهِ فِيمَا ذُكِرَ آنِفًا وَبِمَا أَوَّلْت بِهِ الْمَتْنَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِلْمِ هُوَ غَايَتُهُ الْمَذْكُورَةُ وَأَنَّ سِيَاقَهُ يُخْرِجُ تِلْكَ الصُّورَةَ انْدَفَعَ اسْتِشْكَالُ جَمْعٍ لَهُ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي الْقَطْعَ بِالْوُقُوعِ فِيهَا مَعَ كَوْنِهِ جَاهِلًا فَكَيْفَ يَقَعُ بِفِعْلِهِ قَطْعًا دُونَ النَّاسِي أَوْ الْمُكْرَهِ أَوْ الْجَاهِلِ بِالْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ أَوْلَى بِالْعُذْرِ مِنْهُ لِسَبْقِ عِلْمِهِ عَلَى أَنَّ الْإِسْنَوِيَّ نَقَلَ عَنْ الْجُمْهُورِ أَنَّ فِيهِ الْقَوْلَيْنِ أَظْهَرُهُمَا لَا حِنْثَ وَلِقُوَّةِ الْإِشْكَالِ حَمَلَ السُّبْكِيُّ الْمَتْنَ عَلَى مَا عَدَا هَذِهِ.
وَاسْتَدَلَّ بِعِبَارَةِ الرَّوْضَةِ وَتَبِعَهُ غَيْرُهُ فَقَالَ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْمِنْهَاجِ مَا إذَا قَصَدَ إعْلَامَ الْمُبَالِي، وَلَمْ يُعْلِمْ فَلَا يَحْنَثُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَيْ وَنَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْجُمْهُورِ وَلِوُضُوحِ هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ سِيَاقِهِ أَوْ لِتَأْوِيلِ عِبَارَتِهِ أَطَالَ الْمُحَقِّقُونَ فِي رَدِّ الِاعْتِرَاضِ عَلَيْهِ كَالْبُلْقِينِيِّ وَوَلَدِهِ الْجَلَالِ وَأَبِي زُرْعَةَ لَكِنَّهُ فَصَّلَ فِيهِ تَفْصِيلًا فِي فَتَاوِيهِ فِي بَعْضِهِ نَظَرٌ، وَأَمَّا حَمْلُ الْمَتْنِ لِيُوَافِقَ الِاعْتِرَاضَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ، وَإِلَّا يَحْصُلْ عِلْمٌ، وَلَا مُبَالَاةٌ
ــ
[حاشية الشرواني]
كَانَ حَلِفًا فَلَا حِنْثَ فِيهِ بِفِعْلِ الْمَجْنُونِ أَخْذًا مِمَّا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مِنْ إلْحَاقِ الْجُنُونِ بِالنِّسْيَانِ وَالْإِكْرَاهِ إذْ فِعْلُ النَّاسِي وَالْمُكْرَهِ لَا حِنْثَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَلِفًا وَقَعَ الْحِنْثُ فِيهِ بِالْفِعْلِ مُطْلَقًا وَلَوْ مِنْ الْمَجْنُونِ كَالنَّاسِي وَالْمُكْرَهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم وَسَيَأْتِي عَنْ السَّيِّدِ عُمَرَ مَا يُوَافِقُهُ
(قَوْلُهُ: قَالَ الْقَاضِي إلَخْ) مِنْ جُمْلَةِ مَا صَرَّحُوا بِهِ وَاعْتَمَدَهُ أَيْ قَوْلُ الْقَاضِي الْأَسْنَى وَالنِّهَايَةُ
(قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ تَصْرِيحُهُمْ بِذَلِكَ
(قَوْلُهُ: بِعَدَمِ الْفَرْقِ) أَيْ بَيْنَ طَرَيَان الْجُنُونِ وَعَدَمِهِ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ كَلَامُ الْقَاضِي وَالطَّبَرِيِّ مَقَالَةَ إلَخْ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى رَدِّ قَوْلِ الْقَاضِي إلَّا إنْ عَلَّقَ بِذَلِكَ، وَهِيَ مَجْنُونَةٌ اهـ سم (قَوْلُهُ مُخَالَفَةٍ لِكَلَامِهِمْ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ الْمُخَالَفَةِ سم أَقُولُ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ وَأَنَّ كَلَامَ الْقَاضِي مَحْمَلُهُ أَنَّ الْمَجْنُونَةَ لَا يَتَوَجَّهُ إلَيْهَا الْحَالِفُ بِقَصْدِ حَثٍّ أَوْ مَنْعٍ فَالتَّعْلِيقُ بِفِعْلِهَا مَحْضُ تَعْلِيقٍ فَيَقَعُ مَعَ الْجُنُونِ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ فِيمَا إذَا عَلَّقَ بِقَصْدِ الْحَثِّ أَوْ الْمَنْعِ ثُمَّ طَرَأَ الْجُنُونُ أَوْ كَانَ مُقَارَنًا، وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْحَالِفُ فَلَا حِنْثَ بِفِعْلِ الْمَجْنُونِ حِينَئِذٍ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ وَتَقَدَّمَ عَنْ سم مَا يُوَافِقُهُ
(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهَا) أَيْ مَقَالَةِ الْقَاضِي وَالطَّبَرِيِّ
(قَوْلُهُ: فَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ) أَيْ مَنْ طَرَأَ جُنُونُهُ حَيْثُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِفِعْلِهِ وَقَوْلِهِ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ أَرَادَ بِهِ قَبُولَهُ وَلَوْ مَعَ نَحْوِ النِّسْيَانِ إلَخْ اهـ كُرْدِيٌّ
(قَوْلُهُ: بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ إلَخْ) لَا يَخْفَى بُعْدُهُ
(قَوْلُهُ: وَلَا يَرِدُ) إلَى قَوْلِهِ وَبِمَا أَوَّلْت فِي الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ
(قَوْلُهُ: وَلَا يَرِدُ عَلَى الْمَتْنِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي تَتِمَّةٌ لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِدُخُولِ بَهِيمَةٍ أَوْ نَحْوِهَا كَطِفْلٍ فَدَخَلَتْ مُخْتَارَةً وَقَعَ الطَّلَاقُ بِخِلَافِ مَا إذَا دَخَلَتْ مُكْرَهَةً لَمْ يَقَعْ فَإِنْ قِيلَ هَذَا يُشْكِلُ بِمَا مَرَّ مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ فِيمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُعَلَّقُ بِفِعْلِهِ التَّعْلِيقَ وَكَانَ مِمَّنْ لَا يُبَالِي بِتَعْلِيقِهِ أَوْ مِمَّنْ يُبَالِي، وَلَمْ يَقْصِدْ الزَّوْجُ إعْلَامَهُ وَدَخَلَ مُكْرَهًا أُجِيبَ بِأَنَّ الْآدَمِيَّ فِعْلُهُ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ، وَإِنْ أَتَى بِهِ مُكْرَهًا وَلِهَذَا يَضْمَنُ بِهِ بِخِلَافِ فِعْلِ الْبَهِيمَةِ فَكَأَنَّهَا حِينَ الْإِكْرَاهِ لَمْ تَفْعَلْ شَيْئًا اهـ
(قَوْلُهُ: فَأُكْرِهُوا عَلَيْهِ) وَأَمَّا إذَا فَعَلُوا الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ بِلَا إكْرَاهٍ وَقَعَ الطَّلَاقُ كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ كُرْدِيٌّ
(قَوْلُهُ: وَبِهِ فَارَقَ الْوُقُوعَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ بِخِلَافِ فِعْلِ غَيْرِهِمْ اهـ أَيْ مِمَّنْ لَا يُبَالِي اهـ رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ ع ش أَيْ غَيْرِ الْمَذْكُورِينَ مِنْ هَؤُلَاءِ فَإِنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْحِنْثِ بِفِعْلِهِمْ بَيْنَ الْمُكْرَهِ وَغَيْرِهِ حَيْثُ لَمْ يُبَالُوا بِالتَّعْلِيقِ اهـ
(قَوْلُهُ: فِيمَا ذُكِرَ آنِفًا) إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ عَقِبَ الْمَتْنِ وَلَوْ مَعَ النِّسْيَانِ أَوْ الْإِكْرَاهِ اهـ سم
(قَوْلُهُ: وَأَنَّ سِيَاقَهُ إلَخْ) قَضِيَّةُ قَوْلِهِ السَّابِقِ عَلَى أَنَّ قَرِينَةَ إلَخْ وَقَوْلِهِ اللَّاحِقِ أَوْ لِتَأْوِيلِ عِبَارَتِهِ أَنَّ الْوَاوَ هُنَا بِمَعْنَى أَوْ
(قَوْلُهُ: تِلْكَ الصُّورَةَ) أَيْ مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُبَالِي التَّعْلِيقَ، وَقَدْ قَصَدَ الْمُعَلِّقُ إعْلَامَهُ
(قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ) أَيْ الْمَتْنَ
(قَوْلُهُ: فِيهَا) أَيْ تِلْكَ الصُّورَةِ مَعَ كَوْنِهِ أَيْ الْمُبَالِي جَاهِلًا أَيْ التَّعْلِيقَ
(قَوْلُهُ: دُونَ النَّاسِي إلَخْ) أَيْ فَيَقَعُ فِيهَا عَلَى الْأَظْهَرِ لَا قَطْعًا
(قَوْلُهُ: بِالْمَحْلُوفِ إلَخْ) تَنَازَعَ فِيهِ النَّاسِي وَالْمُكْرَهُ وَالْجَاهِلُ (قَوْلُهُ مَعَ أَنَّهُ) أَيْ الْمُبَالِيَ الْجَاهِلَ بِالتَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ: عَلِمَهُ) أَيْ النَّاسِي أَوْ الْمُكْرَهُ أَوْ الْجَاهِلُ إلَخْ
(قَوْلُهُ: أَنَّ فِيهِ) أَيْ فِعْلِ الْمُبَالِي الْجَاهِلِ بِالتَّعْلِيقِ
(قَوْلُهُ: فَقَالَ) أَيْ السُّبْكِيُّ
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَعْلَمْ) بِفَتْحِ الْيَاءِ (قَوْلُهُ وَلِوُضُوحِ إلَخْ) فِي دَعْوَى الْوُضُوحِ مَا لَا يَخْفَى
(قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) أَيْ الْمِنْهَاجِ
(قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ) أَيْ أَبَا زُرْعَةَ فَصَّلَ فِيهِ أَيْ فِي الرَّدِّ (قَوْلُهُ لِيُوَافِقَ الِاعْتِرَاضَ) أَيْ لِيَرُدَّ عَلَيْهِ الِاعْتِرَاضَ يَعْنِي بِسَبَبِ هَذَا الْحَمْلِ يَرُدُّ الِاعْتِرَاضَ قَالَهُ الْكُرْدِيُّ أَقُولُ بَلْ الْمُرَادُ لِيَسْلَمَ وُرُودُ الِاعْتِرَاضِ وَعَدَمُ انْدِفَاعِهِ بِغَيْرِ حَمْلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَإِلَّا إلَخْ عَلَى عُمُومِ السَّلْبِ (قَوْلُهُ فَالْقَطْعُ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى الْمُرَادِ الْمَذْكُورِ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
لَغَطٍ لَا يُفِيدُ مَعَهُ الْإِصْغَاءُ طَلُقَتْ أَوْ لِصَمَمٍ لَمْ تَطْلُقْ وَالتَّعْلِيقُ بِتَكْلِيمِهَا نَائِمًا أَوْ غَائِبًا تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ اهـ وَقَوْلُهُ: وَلَا فِي جُنُونِهَا قَالَ فِي شَرْحِهِ كَمَا لَوْ كَلَّمَتْهُ نَاسِيَةً أَوْ مُكْرَهَةً نَعَمْ إنْ عَلَّقَ بِمَا ذُكِرَ، وَهِيَ مَجْنُونَةٌ طَلُقَتْ بِذَلِكَ قَالَهُ الْقَاضِي اهـ وَالْمُتَّجِهُ عِنْدِي أَنَّ التَّعْلِيقَ سَوَاءٌ كَانَ بِالدُّخُولِ أَوْ بِالتَّكْلِيمِ أَوْ بِغَيْرِهِمَا إنْ كَانَ حَلِفًا فَلَا حِنْثَ فِيهِ بِفِعْلِ الْمَجْنُونِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ مِنْ إلْحَاقِ الْجُنُونِ بِالنِّسْيَانِ وَالْإِكْرَاهِ إذْ فِعْلُ النَّاسِي وَالْمُكْرَهِ لَا حِنْثَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَلِفًا وَقَعَ الْحِنْثُ فِيهِ بِالْفِعْلِ مُطْلَقًا وَلَوْ مِنْ الْمَجْنُونِ كَالنَّاسِي وَالْمُكْرَهِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَأَنَّ كَلَامَ الْقَاضِي وَالطَّبَرِيِّ مَقَالَةَ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى رَدِّ قَوْلِ الْقَاضِي إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَّقَ بِذَلِكَ، وَهِيَ مَجْنُونَةٌ
(قَوْلُهُ: مُخَالَفَةً لِكَلَامِهِمْ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ الْمُخَالَفَةِ
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمَّا أَلْغَى) مَا الْمُرَادُ بِإِلْغَائِهِ
(قَوْلُهُ: فِيمَا ذُكِرَ آنِفًا) أَيْ