للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَذْكُورَانِ فَإِنَّمَا مَحَلُّهُمَا فِي مَانِعٍ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ فِي اللَّفْظِ بِوَجْهٍ كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَدَّمْته هَذَا وَيُشْكِلُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ الْمَذْكُورِ قَوْلُهُمَا فِي الْأَيْمَانِ فِي وَاَللَّهِ لَأَدْخُلَنَّ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ وَشُكَّ فِي مَشِيئَتِهِ أَنَّهُ يَحْنَثُ وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فَمِنْهُمْ مَنْ عَدَّ هَذَا مَعَ قَوْلِهِمَا هُنَا لَا حِنْثَ تَنَاقُضًا وَهُمْ الْأَكْثَرُونَ، وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْبَابَيْنِ كَابْنِ الْمُقْرِي فَإِنَّهُ فَرَّقَ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْحِنْثَ هُنَا يُؤَدِّي إلَى رَفْعِ النِّكَاحِ بِالشَّكِّ بِخِلَافِهِ ثَمَّ وَاعْتَرَضَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ بِأَنَّ الْحِنْثَ ثَمَّ يُؤَدِّي أَيْضًا إلَى رَفْعِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ بِالشَّكِّ وَأَجَابَ عَنْهُ شَيْخُنَا بِأَنَّ النِّكَاحَ جُعْلِيٌّ وَالْبَرَاءَةَ شَرْعِيٌّ وَالْجُعْلِيُّ أَقْوَى مِنْ الشَّرْعِيِّ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الرَّهْنِ وَوَجْهُ قُوَّتِهِ أَنَّ مَا يُلْزِمُ الْإِنْسَانُ بِهِ نَفْسَهُ أَقْوَى مِمَّا يُلْزِمُهُ بِهِ غَيْرُهُ فَلِكَوْنِ النِّكَاحِ أَقْوَى لَمْ يُؤَثِّرْ الشَّكُّ فِيهِ بِخِلَافِ الْبَرَاءَةِ، وَلَا يُنَافِي الْإِفْتَاءَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ قَبُولِ دَعْوَى الزَّوْجِ لَوْ كَانَ حَيًّا النِّسْيَانَ أَوْ نَحْوَهُ.

وَكَذَا وَفَاءُ الدَّيْنِ لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ الْوُقُوعِ لَا لِسُقُوطِ الدَّيْنِ عَنْهُ بِذَلِكَ أَخْذًا مِنْ إفْتَاءِ الْقَاضِي لَكِنْ خَالَفَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ بِعَدَمِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا ثُمَّ ادَّعَاهُ قُبِلَ لِعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْعِصْمَةِ لَا لِإِسْقَاطِ نَفَقَتِهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهَا وَاعْتُرِضَ مَا قَالَهُ الْقَاضِي بِتَرْجِيحِ الشَّيْخَيْنِ فِي الْأَيْمَانِ فِي إنْ خَرَجْت بِغَيْرِ إذْنِي فَخَرَجَتْ وَادَّعَى الْإِذْنَ وَأَنْكَرَتْهُ أَنَّهَا تُصَدَّقُ وَنَقَلَ الْبَغَوِيّ عَنْ الْقَاضِي أَنَّهُ أَجَابَ بِهِ مَرَّةً؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا مَا تَضَمَّنَهُ كَلَامُ كَثِيرِينَ أَوْ الْأَكْثَرِينَ، وَقَدْ كُنْت مِلْت إلَى قَوْلِ ابْنِ كَجٍّ يُصَدَّقُ هُوَ ثُمَّ تَوَقَّفْت فِيهِ لِفَسَادِ الزَّمَانِ وَاعْتَمَدَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَيْضًا وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ أَنَّ كُلَّ مَا يُمْكِنُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ لَا يُصَدَّقُ مُدَّعِيهِ وَالْإِذْنُ وَالْإِنْفَاقُ مِمَّا يُمْكِنُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِمَا، وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا مَرَّ فِي مَسَائِلِ الشَّكِّ؛ لِأَنَّهُ لَا مُنَازَعَ ثَمَّ وَبِفَرْضِهِ فَنِزَاعُهُ مُسْتَنِدٌ لِمُجَرَّدِ حَزْرٍ وَتَخْمِينٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَنِدَ لِأَصْلٍ، وَلَا ظَاهِرٍ فَلَمْ يُعَوَّلْ عَلَيْهِ بِخِلَافِهِ فِيمَا ذُكِرَ فَانْدَفَعَ مَا لِبَعْضِهِمْ هُنَا وَبِذَلِكَ كُلِّهِ تَتَأَيَّدُ مُخَالَفَةُ ابْنِ الصَّلَاحِ لِلْقَاضِي وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ بِلَعْنِهَا لِوَالِدَيْهِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا لَعَنَتْهُمَا أَيْ: وَلَمْ نَقُلْ بِمَا مَرَّ آنِفًا عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ فِي شَرْحِ فَكَذَلِكَ فَأَنْكَرَتْ صُدِّقَتْ لِإِمْكَانِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى اللَّعْنِ وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ تُصَدَّقُ هِيَ بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ الْعُقُوبَةِ لَا لِلْوُقُوعِ إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْقَاضِي.

وَقَدْ عُلِمَ مَا فِيهِ نَعَمْ قَدْ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الشَّيْخَيْنِ عَنْ الْبُوشَنْجِيَّ وَأَقَرَّاهُ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ لِلسَّنَةِ ثُمَّ ادَّعَى الْوَطْءَ فِي هَذَا الطُّهْرِ لِيَمْتَنِعَ الْوُقُوعُ حَالًا وَادَّعَتْ عَدَمَهُ صُدِّقَ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْوَطْءَ تَتَعَسَّرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ فَصُدِّقَ فِيهِ لِقُوَّةِ أَصْلِ بَقَاءِ الْعِصْمَةِ هُنَا ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَ الْمُتَأَخِّرِينَ أَجَابَ بِذَلِكَ حَيْثُ قَالَ ذَكَرَ الْأَصْحَابُ فِي إنْ لَمْ أَطَأْك اللَّيْلَةَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِي الْوَطْءِ لِعُسْرِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ قَالَ غَيْرُهُ وَتَصْدِيقُ مُدَّعِي الْوَطْءِ لَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ مِنْ الْخَفِيَّاتِ فَالرَّاجِحُ تَصْدِيقُهَا فِي غَيْرِهِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِفِعْلِ أَحَدِهِمَا وَبِهِ جَزَمَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ اهـ وَتَفْرِقَةُ بَعْضِهِمْ بَيْنَ كَوْنِ الْفِعْلِ الظَّاهِرِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ مِنْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ وَكَوْنِهِ مِنْ غَيْرِهِمَا

ــ

[حاشية الشرواني]

نَظِيرُ مَا تَقَدَّمَ آنِفًا أَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ هُنَا عَدَمُ الْقُدُومِ وَالشَّكُّ فِي الْقُدُومِ لَازِمٌ لِلشَّكِّ فِي عَدَمِهِ فَعَدَمُ الْحِنْثِ هُنَا حَقِيقَةٌ لِلشَّكِّ فِي وُجُودِ أَصْلِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ

(قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ فِي بَابِ الطَّلَاقِ

(قَوْلُهُ: بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ) أَيْ مِنْ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ

(قَوْلُهُ: وَأَجَابَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الِاعْتِرَاضِ

(قَوْلُهُ: أَنَّ مَا يَلْزَمُ) مِنْ بَابِ الْأَفْعَالِ

(قَوْلُهُ: قَبُولُ دَعْوَى الزَّوْجِ إلَخْ) هَذَا كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ الزَّوْجَ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى نَحْوِ نِسْيَانِ الْمُبَالِي فِيمَا لَوْ عَلَّقَ بِفِعْلِهِ وَقَصَدَ إعْلَامَهُ كَمَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى نِسْيَانِ نَفْسِهِ فِيمَا لَوْ عَلَّقَ بِفِعْلِهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ أَوْ نَحْوُهُ) أَيْ مِنْ الْإِكْرَاهِ وَالْجَهْلِ (قَوْلُهُ لَكِنْ خَالَفَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ الْمُخَالَفَةِ فَإِنَّ الَّذِي يَتَبَادَرُ الْمُوَافَقَةُ لِمَا قَبْلَهُ لَا الْمُخَالَفَةُ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ وَلَعَلَّ مَا قَالَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى تَعَلُّقٍ بِأَنَّهُ إلَخْ يُخَالِفُهُ إلَخْ وَالظَّاهِرُ بَلْ الْمُتَعَيِّنُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ بَعْدُ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِإِفْتَاءِ الْقَاضِي فَحِينَئِذٍ فَمُخَالَفَةُ ابْنِ الصَّلَاحِ بِأَنْ قَالَ بِعَدَمِ تَصْدِيقِ الزَّوْجِ فِي مَسْأَلَةِ الْإِنْفَاقِ مُطْلَقًا

(قَوْلُهُ: ثُمَّ ادَّعَاهُ) أَيْ الْإِنْفَاقَ

(قَوْلُهُ: وَاعْتَرَضَ مَا قَالَهُ الْقَاضِي إلَخْ) قَدْ يُجَابُ بِالْفَرْقِ بِتَحَقُّقِ أَصْلِ الصِّفَةِ فِي مَسْأَلَةِ الشَّيْخَيْنِ اهـ سم

(قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ تَصْدِيقُهَا اللَّازِمُ لَهُ الْوُقُوعُ

(قَوْلُهُ: وَاعْتَمَدَهُ) أَيْ تَصْدِيقُهَا

(قَوْلُهُ: أَيْضًا) أَيْ كَالْأَذْرَعِيِّ

(قَوْلُهُ: وَالْإِذْنُ وَالْإِنْفَاقُ إلَخْ) أَيْ وَمِثْلُهُمَا وَفَاءُ الدَّيْنِ

(قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى تَصْدِيقِهَا (قَوْلُهُ مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ عَدَمِ الْوُقُوعِ، وَقَوْلُهُ: فِي مَسَائِلِ الشَّكِّ أَيْ كَالَّتِي نُقِلَتْ عَنْ الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ لَا مُنَازَعَ) أَيْ لِلزَّوْجِ

(قَوْلُهُ: فَنِزَاعُهُ) أَيْ الْمُنَازِعِ

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ فِيمَا ذُكِرَ) أَيْ فَإِنَّهُ مُسْتَنِدٌ إلَى أَصْلِ عَدَمِ الْإِذْنِ وَعَدَمِ الْإِنْفَاقِ وَعَدَمِ الْوَفَاءِ

(قَوْلُهُ: مُخَالَفَةُ ابْنِ الصَّلَاحِ لِلْقَاضِي) أَيْ بِتَصْدِيقِ الزَّوْجَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْإِنْفَاقِ

(قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ ذَلِكَ) أَيْ تَصْدِيقُهَا فِيمَا ذُكِرَ

(قَوْلُهُ: أَيْ: وَلَمْ نَقُلْ بِمَا مَرَّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ إلَخْ) كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ هَاهُنَا يَتَّجِهُ جِدًّا، وَإِنْ لَمْ نَقُلْ بِقَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ اهـ سم أَيْ لِمَا يَأْتِي آنِفًا

(قَوْلُهُ: فَأَنْكَرَتْ صُدِّقَتْ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى دَعْوَاهُ أَنَّهُ مُعْتَرِفٌ وَالْجَوَابُ السَّابِقُ فِي مَسْأَلَةٍ الْمَاوَرْدِيِّ السَّابِقَةِ لَا يَتَأَتَّى هُنَا؛ لِأَنَّهُ هُنَا يُمْكِنُ أَنْ يَعْلَمَ مَا أَقَرَّ بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سم

(قَوْلُهُ: قَدْ يُؤَيِّدُهُ) أَيْ قَوْلُ الْبَعْضِ

(قَوْلُهُ: قَالَ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ

(قَوْلُهُ: مِنْ الْخَفِيَّاتِ) أَيْ الْمُتَعَسِّرِ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهَا

(قَوْلُهُ: انْتَهَى) أَيْ قَوْلُ الْغَيْرِ

(قَوْلُهُ: وَتَفْرِقَةُ بَعْضِهِمْ إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِتَصْدِيقِهِ فِي الْأَوَّلِ وَتَصْدِيقِهَا فِي الثَّانِي

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

قَوْلُهُ وَاعْتَرَضَ مَا قَالَهُ الْقَاضِي إلَخْ) قَدْ يُجَابُ بِالْفَرْقِ بِتَحَقُّقِ أَصْلِ الصِّفَةِ فِي مَسْأَلَةِ الشَّيْخَيْنِ

(قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ بِلَعْنِهَا لِوَالِدَيْهِ إلَى قَوْلِهِ فَأَنْكَرَتْ صُدِّقَتْ لِإِمْكَانِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى اللَّعْنِ) قَضِيَّةُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى دَعْوَاهُ أَنَّهُ مُعْتَرِفٌ وَالْجَوَابُ السَّابِقُ فِي مَسْأَلَةِ الْمَاوَرْدِيِّ السَّابِقَةِ لَا يَتَأَتَّى هُنَا؛ لِأَنَّهُ هُنَا يُمْكِنُ أَنْ يُعْلَمَ مَا أَقَرَّ بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَيْ: وَلَمْ نَقُلْ بِمَا مَرَّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ إلَخْ) كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ هَاهُنَا يَتَّجِهُ جِدًّا، وَإِنْ لَمْ نَقُلْ بِقَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>