بَعْدَ اسْتِحْقَاقِهَا الْغَسْلَ مِنْ الْوَسَخِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ الْعُرْفُ فِي ذَلِكَ وَكَالْوَسَخِ النَّجَاسَةُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَتَرَدَّدَ أَبُو زُرْعَةَ فِي التَّعْلِيقِ بِأَنَّ بِنْتَه لَا تَجِيئُهُ فَجَاءَتْ لِبَابِهِ فَلَمْ تَجْتَمِعْ بِهِ ثُمَّ مَالَ إلَى عَدَمِ الْحِنْثِ حَيْثُ لَا نِيَّةَ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَجِئْ بِالْفِعْلِ إلَّا لِبَابِهِ وَمَجِيئُهَا لِبَابِهِ بِالْقَصْدِ لَا يُؤَثِّرُ.
قَالَ وَالْوَرَعُ الْحِنْثُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُقَالُ جَاءَهُ، وَلَمْ يَجْتَمِعْ بِهِ قَالَ وَمَدْلُولُ لَا يَعْمَلُ عِنْدَهُ لُغَةً عَمَلُهُ بِحُضُورِهِ وَعُرْفًا أَنْ يَكُونَ أَجِيرًا لَهُ فَإِنْ أَرَادَ أَحَدَهُمَا فَوَاضِحٌ، وَإِلَّا بُنِيَ عَلَى أَنَّ الْمُغَلَّبَ اللُّغَةُ أَوْ الْعُرْفُ عِنْدَ تَعَارُضِهِمَا وَالْأَكْثَرُونَ يُغَلِّبُونَ اللُّغَةَ وَاشْتُهِرَ تَغْلِيبُ الْعُرْفِ فِي الْأَيْمَانِ، وَلَا يَخْفَى الْوَرَعُ انْتَهَى وَيَتَّجِهُ أَخْذًا مِمَّا قَرَّرْته مِنْ تَغْلِيبِ الْعُرْفِ إذَا قَوِيَ وَاطَّرَدَ تَغْلِيبُهُ هُنَا لِاطِّرَادِهِ قَالُوا وَالْخِيَاطَةُ اسْمٌ لِمَجْمُوعِ غَرْزِ الْإِبْرَةِ وَجَذْبِهَا بِمَحَلٍّ وَاحِدٍ فَلَوْ جَذَبَهَا ثُمَّ غَرَزَهَا فِي مَحَلٍّ آخَرَ لَمْ يَكُنْ خِيَاطَةً وَرَجَّحَ فِي إنْ نَزَلْت عَنْ حَضَانَةِ وَلَدِي نُزُولًا شَرْعِيًّا أَنَّهُ لَا حِنْثَ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ بِإِعْرَاضِهَا وَإِسْقَاطِهَا لِحَقِّهَا يَسْتَحِقُّهَا شَرْعًا لَا بِنُزُولِهَا مَعَ أَنَّ حَقَّهَا لَا يَسْقُطُ بِذَلِكَ إذْ لَهَا الْعَوْدُ لِأَخْذِهِ قَهْرًا عَلَيْهِ وَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ نُزُولًا شَرْعِيًّا فَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ نَظَرًا لِلْوَضْعِ الشَّرْعِيِّ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ أَوْ يُنْظَرُ إلَى اللُّغَةِ وَالْعُرْفِ الْمُقْتَضِيَيْنِ لِتَسْمِيَةِ قَوْلِهَا نَزَلْت بِهِ نُزُولًا لِلنَّظَرِ فِيهِ مَجَالٌ، وَكَذَا حَيْثُ تَنَافَى الْوَضْعُ الشَّرْعِيُّ وَغَيْرُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِفَاسِدٍ نَحْوِ صَلَاةٍ تَقْدِيمُ الشَّرْعِيِّ مُطْلَقًا فَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي تَقْدِيمِ اللُّغَوِيِّ أَوْ الْعُرْفِيِّ إنَّمَا هُوَ فِيمَا لَيْسَ لِلشَّارِعِ فِيهِ عُرْفٌ (وَالسَّفَهُ مُنَافٍ إطْلَاقَ التَّصَرُّفِ) ، وَهُوَ مَا يُوجِبُ الْحَجْرَ مِمَّا مَرَّ فِي بَابِهِ وَنَازَعَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ الْعُرْفَ عَمَّ بِأَنَّهُ بَذَاءَةُ اللِّسَانِ وَنُطْقُهُ بِمَا يُسْتَحْيَا مِنْهُ سِيَّمَا إنْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَيْهِ كَكَوْنِهِ خَاطَبَهَا بِبَذَاءَةٍ فَقَالَتْ لَهُ يَا سَفِيهُ مُشِيرَةً لِمَا صَدَرَ مِنْهُ.
(وَالْخَسِيسُ قِيلَ مَنْ بَاعَ دِينَهُ بِدُنْيَاهُ) بِأَنْ تَرَكَهُ بِاشْتِغَالِهِ بِهَا (وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ هُوَ مَنْ يَتَعَاطَى غَيْرَ لَائِقٍ بِهِ بُخْلًا) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَضِيَّةُ الْعُرْفِ لَا زُهْدًا أَوْ تَوَاضُعًا أَوْ طَرْحًا لِلتَّكَلُّفِ وَأَخَسُّ الْأَخِسَّاءِ مَنْ بَاعَ دِينَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ
ــ
[حاشية الشرواني]
بَعْدَ اسْتِحْقَاقِهَا الْغُسْلَ) أَيْ فِي عُرْفِ الْحَالِفِ اهـ ع ش
(قَوْلُهُ: ثُمَّ مَالَ إلَى عَدَمِ الْحِنْثِ إلَخْ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا وَقَعَ السُّؤَالُ عَنْهُ مِنْ أَنَّ شَخْصًا تَشَاجَرَ مَعَ زَوْجَتِهِ فَحَلَفَ عَلَيْهَا بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ أَنَّهَا لَا تَذْهَبُ إلَى أَهْلِهَا إلَّا إنْ جَاءَهَا بِأَحَدِهِمْ فَتَوَجَّهَ إلَى أَهْلِهَا وَأَتَى بِوَالِدَتِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا قَاعِدَةٌ فِي مَنْزِلِهِ فَرَآهَا فِي الطَّرِيقِ وَرَدَّهَا إلَى مَنْزِلِهِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَصِلْ إلَى أَهْلِهَا وَمِثْلُ رَدِّهَا إلَى مَنْزِلِهِ مَا لَوْ ذَهَبَتْ إلَى أَهْلِهَا مَعَ وَالِدَتِهَا بِأَمْرِهِ أَوْ بِدُونِهِ اهـ ع ش
(قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ أَجِيرًا لَهُ) الْأَقْرَبُ وَلَوْ بِمُجَرَّدِ التَّوَافُقِ عَلَى نَحْوِ كَوْنِهِ يَحْرُثُ عِنْدَهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْجَارٍ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ الْعُرْفُ الْعَامُّ الْمُطَّرِدُ بَيْنَهُمْ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا أُؤَجِّرُ أَوْ لَا أَبِيعُ حَيْثُ لَا يَحْنَثُ بِالْفَاسِدِ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ مَدْلُولَ اللَّفْظِ ثَمَّ الْعَقْدُ الصَّحِيحُ شَرْعًا وَمَا هُنَا لَيْسَ لَهُ مَدْلُولٌ شَرْعِيٌّ فَحُمِلَ عَلَى التَّعَارُفِ اهـ ع ش
(قَوْلُهُ: تَغْلِيبُهُ هُنَا إلَخْ) أَيْ فَلَا يَحْنَثُ إلَّا إذَا عَمِلَ أَجِيرًا عِنْدَهُ اهـ ع ش
(قَوْلُهُ: فَلَوْ جَذَبَهَا إلَخْ) أَيْ بَعْدَ غَرْزِهَا
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ نَزَلَتْ عَنْهَا أَمْ لَا
(قَوْلُهُ: لَا بِنُزُولِهَا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِإِعْرَاضِهَا فَالْحَاصِلُ أَنَّ النُّزُولَ الشَّرْعِيَّ لَا يُتَصَوَّرُ غَايَةُ مَا فِيهِ أَنَّهُ بِإِعْرَاضِهَا يَسْتَحِقُّهَا هُوَ شَرْعًا لِئَلَّا يَضِيعَ الطِّفْلُ مَعَ عَدَمِ سُقُوطِ حَقِّهَا حَتَّى لَوْ عَادَتْ أَخَذَتْهُ قَهْرًا اهـ رَشِيدِيٌّ
(قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) لَا يَحْنَثُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ) أَيْ قَيْدَ الشَّرْعِيِّ
(قَوْلُهُ: نُزُولًا) مَفْعُولٌ ثَانٍ لِتَسْمِيَةٍ
(قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ إلَخْ) بَدَلٌ مِنْ كَلَامِهِمْ، وَقَوْلُهُ: تَقْدِيمُ الشَّرْعِيِّ خَبَرُ وَظَاهِرُ إلَخْ
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ وُجِدَ التَّقْيِيدُ بِالشَّرْعِيِّ أَوْ لَا
(قَوْلُهُ: إنَّمَا هُوَ إلَخْ) وَفِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ ثُمَّ هُوَ أَيْ اللَّفْظُ مَحْمُولٌ عَلَى عُرْفِ الْمُخَاطِبِ أَيْ بِكَسْرِ الطَّاءِ فَفِي الشَّرْعِ الشَّرْعِيِّ؛ لِأَنَّهُ عُرْفُهُ ثُمَّ الْعُرْفِيُّ الْعَامُّ ثُمَّ اللُّغَوِيُّ اهـ وَلَا يُنَافِي مَا ذَكَرَ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش (قَوْلُ الْمَتْنِ وَالسَّفَهُ) أَيْ الْمُعَلَّقُ بِهِ الطَّلَاقُ اهـ مُغْنِي
(قَوْلُهُ: وَنَازَعَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) قَضِيَّةُ قَوْلِهِ السَّابِقِ آنِفًا فَمَحَلُّ الْخِلَافِ إلَخْ عَدَمُ تَوَجُّهِ هَذَا النِّزَاعِ اهـ سم، وَقَدْ يُقَالُ مَا تَقَدَّمَ مَخْصُوصٌ بِمَا إذَا لَمْ تُوجَدْ قَرِينَةٌ صَارِفَةٌ عَنْ الْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي صَرَائِحِ الطَّلَاقِ
(قَوْلُهُ: وَنُطْقُهُ إلَخْ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ اهـ كُرْدِيٌّ
(قَوْلُهُ: إنْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَيْهِ) الْمُتَّجِهُ اعْتِبَارُ الْقَرِينَةِ اهـ سم وَعِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ وَالْمُتَّجِهُ أَنَّ السَّفِيهَ يَرْجِعُ فِيهِ إلَى مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ لَا إلَى مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ إلَّا إنْ ادَّعَاهُ وَكَانَ هُنَاكَ قَرِينَةٌ، وَأَمَّا الْعَامِّيُّ فَيَرْجِعُ فِيهِ إلَى مَا ادَّعَاهُ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ قَرِينَةٌ اهـ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ قِيلَ) أَيْ قَالَ الْعَبَّادِيُّ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ مَنْ بَاعَ دِينَهُ بِدُنْيَاهُ) أَخْرَجَ مَنْ تَرَكَ دِينَهُ، وَلَمْ يَشْتَغِلْ بِدُنْيَاهُ فَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ خَسِيسًا عَلَى هَذَا اهـ سم (قَوْلُ الْمَتْنِ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ) قَالَهُ الرَّافِعِيُّ تَفَقُّهًا مِنْ نَفْسِهِ نَظَرًا لِلْعُرْفِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَعَلَيْهِ لَا يَتَوَقَّفُ الْخِسَّةُ عَلَى فِعْلِ حَرَامٍ، وَلَا عَلَى تَرْكِ وَاجِبٍ ع ش (قَوْلُ الْمَتْنِ بُخْلًا) أَيْ بِمَا يَلِيقُ بِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِ الْمَتْنِ وَيُشْبِهُ إلَخْ
(قَوْلُهُ: لَا زُهْدًا) إلَى قَوْلِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضِ فِي النِّهَايَةِ
(قَوْلُهُ: لَا زُهْدًا إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِ الْمَتْنِ بُخْلًا
(قَوْلُهُ: وَأَخَسُّ الْأَخِسَّاءِ إلَخْ) هَلْ هُوَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي مَعْنَى الْخَسِيسِ أَوْ عَلَى الْأَوَّلِ فَقَطْ وَحِينَئِذٍ فَمَا مَعْنَاهُ عَلَى الثَّانِي، وَقَوْلُهُ: مَنْ بَاعَ دِينَهُ إلَخْ أَخْرَجَ بِهِ مَنْ لَمْ يَبِعْ بِأَنْ تَرَكَ دِينَهُ، وَلَمْ يَشْتَغِلْ بِدُنْيَا غَيْرِهِ فَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا حِنْثَ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
الِاسْتِيفَاءِ فَالْحَلِفُ قَدْ وَقَعَ عَلَى السُّكْنَى مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ فَيَحْنَثُ بِالسُّكْنَى فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ. اهـ
(قَوْلُهُ: تَقْدِيمُ الشَّرْعِيِّ مُطْلَقًا فَمَحَلُّ الْخِلَافِ إلَخْ) فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ ثُمَّ هُوَ أَيْ اللَّفْظُ مَحْمُولٌ عَلَى عُرْفِ الْمُخَاطِبِ أَيْ بِكَسْرِ الطَّاءِ فَفِي الشَّرْعِ الشَّرْعِيِّ؛ لِأَنَّهُ عُرْفُهُ ثُمَّ الْعُرْفِيِّ الْعَامِّ ثُمَّ اللُّغَوِيِّ. اهـ. وَلَا يُنَافِي مَا ذُكِرَ
(قَوْلُهُ: وَنَازَعَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) قَضِيَّةُ قَوْلِهِ السَّابِقِ آنِفًا فَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي تَقْدِيمِ اللُّغَوِيِّ أَوْ الْعُرْفِيِّ إلَخْ عَدَمُ تَوَجُّهِ هَذَا النِّزَاعِ
(قَوْلُهُ: إنْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَيْهِ) الْمُتَّجِهُ اعْتِبَارُ الْقَرِينَةِ
(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ مَنْ بَاعَ دِينَهُ بِدُنْيَاهُ) أَخْرَجَ مَنْ تَرَكَ دِينَهُ، وَلَمْ يَشْتَغِلْ بِدُنْيَاهُ فَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَيْسَ خَسِيسًا عَلَى هَذَا
(قَوْلُهُ: وَأَخَسُّ الْأَخِسَّاءِ مَنْ بَاعَ دِينَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ) هَلْ هُوَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي مَعْنَى الْخَسِيسِ أَوْ عَلَى الْأَوَّلِ فَقَطْ وَحِينَئِذٍ فَمَا مَعْنَاهُ عَلَى الثَّانِي
(قَوْلُهُ: مَنْ بَاعَ دِينَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ)