للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ يَنْفِي احْتِمَالَ ذَلِكَ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا أَيَّدَ بِهِ الرَّافِعِيُّ الْبَحْثَ بَعْدَ أَنْ قَوَّاهُ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ قَوْلِهِمْ أَنَّ زَنَيْتُ مَعَ فُلَانٍ قَذْفٌ لَهَا دُونَهُ بِأَنَّ الْبَاءَ فِي بِك تَقْتَضِي الْآلِيَّةَ الْمُشْعِرَةَ بِأَنَّ لِمَدْخُولِهَا تَأْثِيرًا مَعَ الْفَاعِلِ فِي إيجَادِ الْفِعْلِ كَكَتَبْتُ بِالْقَلَمِ بِخِلَافِ الْمَعِيَّةِ فَإِنَّهَا إنَّمَا تَقْتَضِي مُجَرَّدَ الْمُصَاحَبَةِ وَهِيَ لَا تُشْعِرُ بِذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ ثُمَّ رَأَيْت الْغَزَالِيَّ أَجَابَ عَنْ الْبَحْثِ وَتَبِعَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ إطْلَاقَ هَذَا اللَّفْظِ يَحْصُلُ بِهِ الْإِيذَاءُ التَّامُّ لِتَبَادُرِ الْفَهْمِ مِنْهُ إلَى صُدُورِهِ عَنْ طَوَاعِيَتِهِ وَإِنْ احْتَمَلَ غَيْرَهُ وَلِذَا حُدَّ بِلَفْظِ الزِّنَا مَعَ احْتِمَالِهِ زِنَا نَحْوِ الْعَيْنِ وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا أَجَبْتُ بِهِ وَلَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِلْفَرْقِ الَّذِي ذَكَرْتُهُ.

(وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ يَا زَانِيَةُ) أَوْ أَنْتِ زَانِيَةٌ (فَقَالَتْ) فِي جَوَابِهِ (زَنَيْتُ بِكَ أَوْ أَنْتَ أَزْنَى مِنِّي فَقَاذِفٌ) لِصَرَاحَةِ لَفْظِهِ فِيهِ (وَكَانِيَةٌ) لِاحْتِمَالِ قَوْلِهَا الْأَوَّلَ لَمْ أَفْعَلْ كَمَا لَمْ تَفْعَلْ وَهَذَا مُسْتَعْمَلٌ عُرْفًا وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُرِيدَ إثْبَاتَ زِنَاهَا فَتَكُونَ مُقِرَّةً بِهِ وَقَاذِفَةً لَهُ فَيَسْقُطُ بِإِقْرَارِهَا حَدُّ الْقَذْفِ عَنْهُ وَيُعَزَّرُ وَالثَّانِي مَا وَطِئَنِي غَيْرُكَ وَوَطْؤُكَ مُبَاحٌ فَإِنْ كُنْتُ زَانِيَةً فَأَنْتَ أَزْنَى مِنِّي لِأَنِّي مُمَكَّنَةٌ وَأَنْتَ فَاعِلٌ، وَلِكَوْنِ هَذَا الْمَعْنَى مُحْتَمَلًا مِنْهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْهَا إقْرَارًا بِالزِّنَا وَإِنْ اسْتَشْكَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تُرِيدَ إثْبَاتَ الزِّنَا فَتَكُونَ قَاذِفَةً فَقَطْ وَالْمَعْنَى أَنْتَ زَانٍ وَزِنَاكَ أَكْثَرُ مِمَّا نَسَبْتنِي إلَيْهِ وَتُصَدَّقُ فِي إرَادَةِ شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ بِيَمِينِهَا (فَلَوْ قَالَتْ) فِي جَوَابِهِ وَكَذَا ابْتِدَاءً (زَنَيْتُ بِكَ وَأَنْتَ أَزْنَى مِنِّي فَمُقِرَّةٌ) بِالزِّنَا عَلَى نَفْسِهَا (وَقَاذِفَةٌ) لَهُ كَمَا هُوَ صَرِيحُ لَفْظِهَا وَيَسْقُطُ بِإِقْرَارِهَا حَدُّ الْقَذْفِ عَنْهُ وَيُقَاسُ بِذَلِكَ قَوْلُهَا لِزَوْجِهَا يَا زَانِي فَقَالَ زَنَيْتُ بِكِ أَوْ أَنْتِ أَزْنَى مِنِّي فَهِيَ قَاذِفَةٌ صَرِيحًا وَهُوَ كَذَلِكَ

ــ

[حاشية الشرواني]

بِفَتْحِ الطَّاءِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ يَنْفِي احْتِمَالَ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ التَّبَادُرَ لَا يَنْفِي الِاحْتِمَالَ بَلْ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَلَيْتَهُ قَالَ فَيُقَدَّمُ عَلَى ذَلِكَ الِاحْتِمَالِ اهـ سم وَلَك أَنْ تُجِيبَ الْمُرَادُ يَنْفِي اعْتِبَارَهُ وَالْعَمَلُ بِهِ. (قَوْلُهُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ) أَيْ وَقَوْلِهِ زَنَيْت بِك وَقَوْلِهِ الْبَحْثُ أَيْ بَحْثُ الْإِمَامِ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ مِنْ قَوْلِهِمْ إلَخْ) بَيَانٌ لِمَا. (قَوْلُهُ إنْ زَنَيْتُ) أَيْ أَنَّ قَوْلَهُ لِامْرَأَةٍ زَنَيْت إلَخْ (قَوْلُهُ تَقْتَضِي الْآلِيَّةَ الْمُشْعِرَةَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إنْ أَرَادَ أَنَّ مَدْخُولَهَا يَتَّصِفُ بِالْفَاعِلِيَّةِ كَالْفَاعِلِ فَوَاضِحٌ أَنَّ الْأَمْرَ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هَذَا الِاحْتِمَالُ فِي مَدْخُولٍ مَعَ أَقْرَبَ وَإِنْ أَرَادَ تَوَقُّفَ فَاعِلِيَّةِ الْفَاعِلِ عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ فَمُسَلَّمٌ لَا أَنَّهُ لَا يُجْدِي اهـ سَيِّدُ عُمَرُ أَيْ لِمَا قَالَهُ سم مِنْ أَنَّ التَّوَقُّفَ كَذَلِكَ صَادِقٌ مَعَ النَّوْمِ وَالْإِكْرَاهِ وَلِذَا صَحَّ زَنَى بِنَائِمَةٍ اهـ.

(قَوْلُهُ الْغَزَالِيُّ أَجَابَ) إلَى قَوْلِهِ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَتَبِعَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. (قَوْلُهُ الْبَحْثُ) أَيْ بَحْثُ إمَامِهِ. (قَوْلُهُ هَذَا اللَّفْظُ) أَيْ زَنَيْت بِك.

(قَوْلُ الْمَتْنِ يَا زَانِيَةُ) وَلَوْ قَالَ يَا زَانِيَةُ يَا بِنْتَ الزَّانِيَةِ يَجِبُ حَدَّانِ لَهَا وَلِأُمِّهَا فَإِنْ طَلَبَتَا الْحَدَّ بَدَأَ بِحَدِّ الْأُمِّ لِوُجُوبِهِ بِالْإِجْمَاعِ وَحَدُّ الزَّوْجَةِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَيُمْهَلُ لِلثَّانِي إلَى الْبُرْءِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ فِي جَوَابِهِ) إلَى قَوْلِهِ وَإِنْ اسْتَشْكَلَهُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَيُحْتَمَلُ إلَى وَالثَّانِي. (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ قَوْلِهَا الْأَوَّلَ) هُوَ زَنَيْت بِك اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَهَذَا مُسْتَعْمَلٌ إلَخْ) أَيْ كَمَا يَقُولُ الشَّخْصُ لِغَيْرِهِ سَرَقْتَ فَيَقُولُ سَرَقْتُ مَعَكَ وَيُرِيدُ نَفْيَ السَّرِقَةِ عَنْهُ وَعَنْ نَفْسِهِ اهـ أَسْنَى. (قَوْلُهُ إثْبَاتُ زِنَاهَا) الْأَنْسَبُ لِمَا بَعْدَهُ التَّثْنِيَةُ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ إثْبَاتُ الزِّنَا اهـ وَقَالَ الْبُجَيْرَمِيُّ أَيْ لَهَا وَلَهُ قَبْلَ نِكَاحِهِ لَهَا اهـ. (قَوْلُهُ فَتَكُونَ مُقِرَّةً بِهِ) اعْتَمَدَهُ الْمُغْنِي عِبَارَتُهُ (تَنْبِيهٌ)

قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهَا لَيْسَتْ مُقِرَّةً بِالزِّنَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِذَلِكَ إلَّا فِي الصُّورَةِ الْآتِيَةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ انْتَهَى وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي قَوْلِهَا الثَّانِي، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَهِيَ مُقِرَّةٌ بِالزِّنَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهَا إقْرَارٌ صَرِيحٌ بِالزِّنَا وَكَانِيَةٌ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ كَنَيْت وَيَجُوزُ كَانُوَةٌ مِنْ كَنَوْتُ عَنْ كَذَا إذَا لَمْ تُصَرِّحْ بِهِ اهـ وَقَوْلُهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ لَعَلَّهُ أَرَادَ بِهِ الْبَغَوِيّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي آنِفًا. (قَوْلُهُ وَالثَّانِي) أَيْ وَلِاحْتِمَالِ قَوْلِهَا الثَّانِيَ وَهُوَ أَنْتَ أَزْنَى مِنِّي اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَلَكِنَّ هَذَا الْمَعْنَى إلَخْ) أَيْ مَا وَطِئَنِي غَيْرُك. (قَوْلُهُ مُحْتَمَلًا) بِفَتْحِ الْمِيمِ الثَّانِيَ مِنْهُ أَيْ الْقَوْلِ الثَّانِي لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ أَيْ الْقَوْلُ الثَّانِي مِنْهَا أَيْ الزَّوْجَةِ إلَخْ. (قَوْلُهُ إثْبَاتُ الزِّنَا) أَيْ لِلزَّوْجِ. (قَوْلُهُ وَتَصَدَّقَ إلَخْ) فَإِنْ نَكَلَتْ فَحَلَفَ فَلَهُ حَدُّ الْقَذْفِ اهـ أَسْنَى (قَوْلُهُ مِمَّا ذَكَرَ) أَيْ مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ لِقَوْلَيْهَا. (قَوْلُهُ فِي جَوَابِهِ) أَيْ جَوَابِ الزَّوْجِ فِي الْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ اهـ مُغْنِي.

(قَوْلُ الْمَتْنِ فَلَوْ قَالَتْ زَنَيْتُ بِكَ إلَخْ) كَذَا فِي النِّهَايَةِ بِإِثْبَاتِ لَفْظَةِ بِك وَلَيْسَتْ هِيَ مَوْجُودَةٌ فِي الْمَحَلِّيّ وَالْمُغْنِي وَالْمَنْهَجِ وَقَالَ ع ش لَمْ يَذْكُرْ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ فِي هَذِهِ لَفْظَةَ بِك وَهُوَ ظَاهِرٌ وَأَمَّا عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ إثْبَاتِهَا فَقَدْ يُشْكِلُ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا قَبْلَهَا حَيْثُ عَلَّلَ كَوْنَ الْأَوَّلِ كِنَايَةً بِقَوْلِهِ لِاحْتِمَالِ قَوْلِهَا زَنَيْت بِك أَنَّهَا لَمْ تَفْعَلْ كَمَا أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ مَعَ أَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ مَوْجُودَةٌ فِي هَذِهِ أَيْضًا ثُمَّ رَأَيْتُ فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ حَذْفَ بِك وَهِيَ ظَاهِرَةٌ اهـ وَيُؤَيِّدُهُ حَذْفُهَا فِي الْمَقِيسِ الْآتِي آنِفًا (قَوْلُ الْمَتْنِ فَمُقِرَّةٌ وَقَاذِفَةٌ) فَتُحَدُّ لِلْقَذْفِ وَالزِّنَا وَيُبْدَأُ بِحَدِّ الْقَذْفِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ اهـ مُغْنِي. (قَوْلُهُ بِالزِّنَا) إلَى قَوْلِهِ وَيَجْرِي فِي الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ وَيَسْقُطُ بِإِقْرَارِهَا إلَخْ) أَيْ وَيُعَزَّرُ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ بِذَلِكَ) أَيْ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ مِنْ شَأْنِهِ أَوْ أَنَّهُ يَقْصِدُ فِي الْجُمْلَةِ لَمْ يَقْتَضِ مَا ذَكَرَ وَأَمَّا إيهَامُهُ إيَّاهُ لَوْ سَلَّمَ فَلَا مَحْذُورَ فِيهِ لِانْدِفَاعِهِ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ فَلْيُتَأَمَّلْ

. (قَوْلُهُ وَهُوَ يَنْفِي احْتِمَالَ ذَلِكَ) هَذَا عَجِيبٌ لِوُضُوحِ أَنَّ الْمُتَبَادِرَ لَا يَنْفِي الِاحْتِمَالَ بَلْ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَلَيْتَهُ قَالَ فَيُقَدَّمُ عَلَى ذَلِكَ الِاحْتِمَالِ. (قَوْلُهُ يَقْتَضِي الْآلِيَّةَ الْمُشْعِرَةَ بِأَنَّ لِمَدْخُولِهَا تَأْثِيرًا مَعَ الْفَاعِلِ إلَخْ) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ الْآلِيَّةُ وَالتَّأْثِيرُ مَعَ الْفَاعِلِ أَيْ وَهُوَ إيجَادُ الْفِعْلِ فِيمَا ذَكَرَ لَا يُنَافِي الْإِكْرَاهَ وَنَحْوَهُ؛ لِأَنَّ الْآلَةَ هِيَ الْوَاسِطَةُ بَيْنَ الْفَاعِلِ وَمُنْفَعَلِهِ، وَالتَّوَسُّطُ كَذَلِكَ صَادِقٌ مَعَ النَّوْمِ وَالْإِكْرَاهِ وَلِذَا صَحَّ الزِّنَا بِنَائِمَةٍ فَتَأَمَّلْهُ.

(فَرْعٌ)

فِي الْعُبَابِ لَوْ قِيلَ لِرَجُلٍ فُلَانٌ زَانٍ أَوْ أَهْلُ زِنَا فَقَالَ نَعَمْ لَمْ يَكُنْ قَاذِفًا وَإِنْ نَوَى أَوْ هَلْ قَذَفْتَهُ فَقَالَ نَعَمْ فَمُقَرَّرٌ وَلَوْ قَالَ شَخْصٌ مَنْ دَخَلَ دَارِي فَهُوَ زَانٍ لَمْ يَكُنْ قَذْفًا لِمَنْ دَخَلَهَا وَلَوْ قَذَفَ امْرَأَةَ رَجُلٍ لَا يَعْرِفُهَا فَإِنْ عَرَفَ

<<  <  ج: ص:  >  >>