وَاعْتَمَدُوهُ وَلَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مَا إذَا عَزَبَتْ قَبْلَ وُصُولِ يَدِهِ لِوَجْهِهِ، ثُمَّ قَرَنَهَا بِنَقْلِهَا إلَيْهِ لِمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ حَيْثُ بَطَلَ نَقْلُهُ قَبْلَ وُصُولِ يَدَيْهِ لِوَجْهِهِ فَنَوَى وَرَفَعَهُمَا إلَيْهِ أَوْ مَرَّغَهُ عَلَيْهِمَا كَفَى.
(فَإِنْ نَوَى) بِتَيَمُّمِهِ (فَرْضًا وَنَفْلًا) أَيْ اسْتِبَاحَتَهُمَا (أُبِيحَا) عَمَلًا بِنِيَّتِهِ وَأَفْهَمَ تَنْكِيرُهُ الْفَرْضَ عَدَمَ اشْتِرَاطِ تَوْحِيدِهِ فَلَوْ نَوَى فَرْضَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ اسْتَبَاحَ وَاحِدًا مِنْهُمَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا وَتَعْيِينَهُ فَفِي إطْلَاقِهِ يُصَلِّي أَيَّ فَرْضٍ شَاءَ وَفِي تَعْيِينِهِ كَأَنْ تَيَمَّمَ لِمَنْذُورَةٍ أَوْ لِفَائِتَةِ ضُحًى يُصَلِّي غَيْرَهُ كَالظُّهْرِ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهِ وَلِأَنَّهُ صَحَّ لِمَا قَصَدَهُ فَجَازَ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِهِ نَعَمْ لَوْ عَيَّنَ فَأَخْطَأَ لَمْ يَصِحَّ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّهُ يَرْفَعُ الْحَدَثَ وَإِذَا ارْتَفَعَ اسْتَبَاحَ مَا شَاءَ وَالتَّيَمُّمُ مُبِيحٌ وَبِالْخَطَأِ صَادَفَتْ نِيَّتُهُ اسْتِبَاحَةَ مَا لَا يُسْتَبَاحُ (أَوْ) نَوَى (فَرْضًا) فَقَطْ (فَلَهُ النَّفَلُ عَلَى الْمَذْهَبِ) ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ أَوْلَوِيٌّ بِالِاسْتِبَاحَةِ وَسَيُعْلَمُ أَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ فِي حُكْمِ النَّفْلِ وَإِنْ تَعَيَّنَتْ عَلَيْهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الطَّوَافَ كَالصَّلَاةِ فَفَرْضُهُ يُبِيحُ فَرْضَهَا وَنَفْلُهُ يُبِيحُ نَفْلَهَا (أَوْ) نَوَى (نَفْلًا) فَقَطْ (أَوْ) نَوَى (الصَّلَاةَ) وَأَطْلَقَ (تَنَفَّلَ) أَيْ جَازَ لَهُ النَّفَلُ (لَا الْفَرْضَ عَلَى الْمَذْهَبِ)
ــ
[حاشية الشرواني]
الْآتِي وَلَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَاعْتَمَدُوهُ) وَكَذَا اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي لَكِنَّهُمَا حَمَلَا وِفَاقًا لِلْمُهِمَّاتِ مَا نُقِلَ عَنْ أَبِي خَلَفٍ عَلَى مَا إذَا اسْتَحْضَرَ النِّيَّةَ عِنْدَ مَسْحِ الْوَجْهِ فَالنِّزَاعُ لَفْظِيٌّ عِبَارَتُهُمَا وَاللَّفْظُ لِلْأَوَّلِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْمُتَّجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِإِحْضَارِهَا عِنْدَهُمَا وَإِنْ عَزَبَتْ بَيْنَهُمَا وَاسْتَشْهَدَ لَهُ بِكَلَامٍ لِأَبِي خَلَفٍ الطَّبَرِيِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالتَّعْبِيرُ بِالِاسْتِدَامَةِ كَمَا قَالَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - جَرَى عَلَى الْغَالِبِ لِأَنَّ الزَّمَنَ يَسِيرٌ لَا تَعْزُبُ النِّيَّةُ فِيهِ غَالِبًا حَتَّى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْوِ إلَّا عِنْدَ إرَادَةِ الْمَسْحِ لِلْوَجْهِ أَجْزَأَ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ لَا تَجِبُ الِاسْتِدَامَةُ كَمَا لَوْ قَارَنَتْ نِيَّةُ الْوُضُوءِ أَوَّلَ غَسْلِ الْوَجْهِ، ثُمَّ انْقَطَعَتْ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر غَالِبًا كَوْنُ التَّعْبِيرِ بِالِاسْتِدَامَةِ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ وَأَنَّ عُزُوبَهَا بَيْنَ النَّقْلِ وَالْمَسْحِ لَا يَضُرُّ يُبْعِدُهُ فَرْضُ الْخِلَافِ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَمُقَابِلِهِ فِي اعْتِبَارِ الِاسْتِدَامَةِ اهـ وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ م ر وَمُقَابِلُ الصَّحِيحِ لَا تَجِبُ الِاسْتِدَامَةُ أَيْ بَلْ يَكْفِي قَرْنُهَا بِالنَّقْلِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَحْضِرْ عِنْدَ مَسْحِ الْوَجْهِ اهـ. (قَوْلُهُ مِمَّا مَرَّ) أَيْ فِي شَرْحِ نَقْلِ التُّرَابِ. (قَوْلُهُ وَلَيْسَ) إلَى قَوْلِهِ وَسَيُعْلَمُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.
. (قَوْلُهُ فَلَوْ نَوَى فَرْضَيْنِ إلَخْ) أَيْ كَأَنْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَيَنْبَغِي الصِّحَّةُ أَيْضًا فِيمَا لَوْ نَوَى أَحَدَ فَرْضَيْنِ لَا بِعَيْنِهِ كَأَنْ قَالَ نَوَيْت اسْتِبَاحَةَ الظُّهْرِ أَوْ الْعَصْرِ ع ش. (قَوْلُهُ ضُحًى) ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ تَيَمَّمَ. (قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ عَيَّنَ إلَخْ) أَيْ كَمَنْ نَوَى فَائِتَةً وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَوْ ظُهْرًا وَإِنَّمَا عَلَيْهِ عَصْرٌ وَكَذَا مَنْ ظَنَّ أَوْ شَكَّ هَلْ عَلَيْهِ فَائِتَةٌ فَتَيَمَّمَ لَهَا
ثُمَّ ذَكَرَهَا لَمْ يَصِحَّ تَيَمُّمُهُ لِأَنَّ وَقْتَ الْفَائِتَةِ بِالتَّذَكُّرِ كَمَا سَيَأْتِي مُغْنِي وَنِهَايَةٌ قَوْلُ الْمَتْنِ (أَوْ نَوَى فَرْضًا فَلَهُ النَّفَلُ) أَيْ مَعَ الْفَرْضِ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ أَوْ تَأَخَّرَ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش قَضِيَّةُ إطْلَاقِ الْمَتْنِ أَنَّهُ يَسْتَبِيحُ بِنِيَّةِ الْفَرْضِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ وَغَيْرَهَا مِنْ الْفَرَائِضِ وَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْ الْفَرْضَ فِي نِيَّتِهِ بِالْعَيْنِيِّ لِأَنَّ الْفَرْضَ اُشْتُهِرَ فِي الْفَرْضِ الْعَيْنِيِّ بِحَيْثُ إذَا أُرِيدَ غَيْرُهُ لَا يُذْكَرُ إلَّا مُقَيَّدًا فَوَجَبَ حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَيْهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا تَصْدُقُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ صِدْقًا وَاحِدًا فَمُطْلَقُهَا يَنْزِلُ عَلَى أَقَلِّ الدَّرَجَاتِ وَبَقِيَ مَا لَوْ قَالَ نَوَيْت اسْتِبَاحَةَ فَرْضٍ وَأَطْلَقَ فَهَلْ يُحْمَلُ عَلَى الْفَرْضِ الْعَيْنِيِّ فَيُصَلِّي بِهِ مَا شَاءَ أَوْ عَلَى فَرْضِ الْكِفَايَةِ فَيُصَلِّي بِهِ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا فِيهِ نَظَرٌ وَبِبَعْضِ الْهَوَامِشِ مِنْ غَيْرِ عَزْوٍ أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْجِنَازَةِ تَنْزِيلًا لَهُ عَلَى أَقَلِّ الدَّرَجَاتِ وَأَقُولُ حَيْثُ جَعَلَتْ الْعِلَّةُ التَّنْزِيلَ عَلَى أَقَلِّ الدَّرَجَاتِ فَالْأَقْرَبُ حَمْلُهُ عَلَى مَسِّ الْمُصْحَفِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ لِأَنَّ مِمَّا يَصْدُقُ بِهِ الْفَرْضُ مَسُّ الْمُصْحَفِ وَحَمْلُهُ وَإِذَا وَجَبَ كَأَنْ خِيفَ عَلَيْهِ تَنَجُّسٌ أَوْ كَافِرٌ وَمِمَّا يَصْدُقُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْمُكْثُ فِي الْمَسْجِدِ إذَا نَذَرَ الِاعْتِكَافَ فِيهِ فَلَا يُصَلِّي بِهِ فَرْضًا مِنْ الصَّلَوَاتِ وَلَا نَفْلًا مِنْهَا اهـ
عِبَارَةُ الْبُجَيْرِمِيِّ قَوْلُهُ أَوْ فَرْضًا فَقَطْ إلَخْ مَحَلُّهُ إذَا أَضَافَهُ لِلصَّلَاةِ أَمَّا لَوْ نَوَى فَرْضًا وَأَطْلَقَ كَأَنْ نَوَى اسْتِبَاحَةَ فَرْضٍ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَسْتَبِيحُ مَا عَدَا الصَّلَاةَ لِتَنْزِيلِهِ عَلَى أَقَلِّ دَرَجَاتِ الْفَرْضِ وَهُوَ تَمْكِينُ الْخَلِيلِ وَحَمْلُ نَحْوِ الْمُصْحَفِ لِمَنْ نَذَرَهُ أَوْ خَافَ عَلَيْهِ مِنْ أَخْذِ كَافِرٍ اهـ سم وَهَذَا هُوَ الْأَحْوَطُ اهـ أَقُولُ لِقَضِيَّةِ إطْلَاقِ الْمَتْنِ أَنَّهُ إذَا نَوَى اسْتِبَاحَةَ فَرْضٍ وَأَطْلَقَ يَسْتَبِيحُ بِهَا الْفَرْضَ الْعَيْنِيَّ كَإِحْدَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ كَمَا ذَكَرَهُ ع ش أَوَّلًا وَأَيْضًا كَلَامُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي فِي بَيَانِ مُقَابِلِ الْمَذْهَبِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ الْمَارُّ آنِفًا وَتَعْيِينُهُ فَفِي إطْلَاقِهِ إلَخْ كَالصَّرِيحِ فِي ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ أَوْ نَوَى فَرْضًا فَقَطْ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ نَوَيْت اسْتِبَاحَةَ فَرْضِ الصَّلَاةِ أَوْ فَرْضَ الطَّوَافِ شَيْخُنَا وَهَذَا التَّصْوِيرُ بِتَقْيِيدِ الْفَرْضِ بِالصَّلَاةِ أَوْ الطَّوَافِ مُوَافِقٌ لِمَا مَرَّ آنِفًا عَنْ الْبُجَيْرِمِيِّ وَعَنْ ع ش آخِرًا وَمُخَالِفٌ لِإِطْلَاقِ الْمِنْهَاجِ وَالْمَنْهَجِ وَلِكَلَامِ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَالشَّارِحِ كَمَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ تَابِعٌ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ النَّفَلَ تَابِعٌ فِي الْمَشْرُوعِيَّةِ لِلْفَرْضِ فَإِنَّ مَنْ لَمْ يُخَاطَبْ بِالْفَرْضِ لَمْ يُخَاطَبْ بِالنَّقْلِ أَوْ أَنَّ النَّوَافِلَ شُرِعَتْ جَابِرَةً لِلْفَرَائِضِ فَكَأَنَّهَا مُكَمِّلَةٌ لَهَا فَعُدَّتْ تَابِعَةً بِهَذَا الِاعْتِبَارِ ع ش وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْمُرَادُ أَنَّ الْخِطَابَ وَقَعَ أَوَّلًا بِالْفَرْضِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ. وَأَمَّا السُّنَنُ فَسَنَّهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدُ اهـ. (قَوْلُهُ وَسَيُعْلَمُ إلَخْ) أَيْ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَالْأَصَحُّ صِحَّةُ جَنَائِزَ مَعَ فَرْضٍ. (قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي. (قَوْلُهُ فَفَرْضُهُ) أَيْ وَلَوْ مَنْذُورًا قَالَ الشَّوْبَرِيُّ وَطَوَافُ الْوَدَاعِ كَالْفَرْضِ الْعَيْنِيِّ عَلَى الْأَقْرَبِ وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ بَعْضُهُمْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَيْسَ رُكْنًا وَلِلْقَوْلِ بِأَنَّهُ سُنَّةٌ اهـ وَرَأَيْت إلْحَاقَهُ بِالْعَيْنِيِّ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ أَيْضًا كُرْدِيٌّ قَوْلُ الْمَتْنِ (لَا الْفَرْضَ) مَنْصُوبٌ.
[حاشية ابن قاسم العبادي]
لَا الْفَرْضَ) مَنْصُوبٌ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَفْعُولِ الَّذِي تَضْمَنَّهُ تَنَفَّلَ إذْ مَعْنَاهُ فَعَلَ النَّفَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute