؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَصْلٌ فَلَا يَتْبَعُ غَيْرَهُ وَأَخْذًا بِالْأَحْوَطِ فِي الثَّانِيَةِ وَكَوْنُ الْمُفْرَدِ الْمُحَلَّى بِأَلْ لِلْعُمُومِ إنَّمَا يُفِيدُ فِيمَا مَدَارُهُ عَلَى الْأَلْفَاظِ وَالنِّيَّاتُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ عَلَى أَنَّ بِنَاءَهَا عَلَى الِاحْتِيَاطِ يَمْنَعُ الْعَمَلَ فِيهَا بِمِثْلِ ذَلِكَ لَوْ فُرِضَ أَنَّ لِلْأَلْفَاظِ فِيهَا دَخْلًا فَانْدَفَعَ مَا لِلْإِسْنَوِيِّ وَغَيْرِهِ هُنَا وَنِيَّةُ مَا عَدَا الصَّلَاةَ كَسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ أَوْ مَسِّ مُصْحَفٍ أَوْ قِرَاءَةٍ أَوْ مُكْثٍ بِمَسْجِدٍ أَوْ اسْتِبَاحَةِ وَطْءٍ تُبِيحُ جَمِيعَ مَا عَدَاهَا لَا شَيْئًا مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا أَعْلَى وَنِيَّةُ الْأَدْوَنِ لَا تُبِيحُ الْأَعْلَى نَعَمْ نِيَّةُ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ كَنِيَّةِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ فَيَسْتَبِيحُ بِهَا مَا عَدَا الْفَرْضَ الْعَيْنِيَّ فَالْحَاصِلُ أَنَّ نِيَّةَ الْفَرْضِ تُبِيحُ الْجَمِيعَ وَنِيَّةَ النَّفْلِ أَوْ الصَّلَاةِ أَوْ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ أَوْ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ تُبِيحُ مَا عَدَا الْفَرْضَ الْعَيْنِيَّ وَنِيَّةُ شَيْءٍ مِمَّا عَدَا الصَّلَاةَ لَا تُبِيحُهَا وَتُبِيحُ جَمِيعَ مَا عَدَاهَا.
(وَ) ثَالِثُهَا وَرَابِعُهَا وَخَامِسُهَا سَوَاءٌ أَكَانَ عَنْ حَدَثٍ أَكْبَرَ أَمْ أَصْغَرَ (مَسْحُ) جَمِيعِ (وَجْهِهِ) السَّابِقِ بَيَانُهُ فِي الْوُضُوءِ إلَّا مَا يَأْتِي بِالتُّرَابِ أَيْ إيصَالِهِ إلَيْهِ، وَلَوْ بِخِرْقَةٍ وَمِنْهُ ظَاهِرُ لِحْيَتِهِ الْمُسْتَرْسِلِ وَالْمُقْبِلِ مِنْ أَنْفِهِ عَلَى شَفَتِهِ وَيَنْبَغِي التَّفَطُّنُ لِهَذَا وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ كَثِيرًا مَا يُغْفَلُ عَنْهُ (ثُمَّ) مَسْحُ جَمِيعِ (يَدَيْهِ مَعَ مِرْفَقَيْهِ) لِلْآيَةِ مَعَ خَبَرِ الْحَاكِمِ وَصَحَّحَهُ «التَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ» لَكِنْ صَوَّبَ غَيْرُهُ وَقْفَهُ عَلَى ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وَمِنْ ثَمَّ اخْتَارَ الْمُؤَلِّفُ وَغَيْرُهُ الْقَدِيمَ أَنَّهُ يَكْفِي مَسْحُهُمَا إلَى الْكُوعَيْنِ لِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ
ــ
[حاشية الشرواني]
مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَفْعُولِ الَّذِي تَضَمَّنَهُ تَنَفَّلَ إذْ مَعْنَاهُ فَعَلَ النَّفَلَ سم وع ش وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ أَيْ جَازَ لَهُ إلَخْ أَنَّهُ مَرْفُوعٌ مَعْطُوفٌ عَلَى الْفَاعِلِ الَّذِي تَضَمَّنَهُ تَنَفَّلَ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْفَرْضَ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ نَعَمْ إلَى فَالْحَاصِلُ وَقَوْلَهُ أَوْ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْفَرْضَ إلَخْ) أَيْ فِي الْأُولَى (تَنْبِيهٌ)
يَكْفِي فِي نَذْرِ الْوِتْرِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ وَكَذَا الضُّحَى وَنَحْوُ ذَلِكَ قَلْيُوبِيٌّ وَقَالَ الشَّيْخُ الْبَابِلِيُّ نَقْلًا عَنْ مَشَايِخِهِ لَوْ نَذَرَ التَّرَاوِيحَ وَجَبَ عَلَيْهِ عَشْرَةُ تَيَمُّمَاتٍ لِوُجُوبِ السَّلَامِ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ فَلَيْسَ الْجَمِيعُ كَصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ وَلَوْ نَذَرَ الضُّحَى أَوْ الْوِتْرَ كَفَاهُ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ حَيْثُ لَمْ يَنْذُرْ السَّلَامَ مِنْ عَدَدٍ مُعَيَّنٍ فَإِنْ نَذَرَهُ وَجَبَ التَّيَمُّمُ بِعَدَدِهِ وَفِي فَتَاوَى م ر مَا يُوَافِقُهُ خِلَافًا لِحَجِّ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ وَيَأْتِي فِي هَامِشِ وَالنَّذْرُ كَفَرْضٍ عَنْ ع ش زِيَادَةُ بَسْطٍ وَاسْتِظْهَارُ مَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ حَجّ. (قَوْلُهُ إنَّمَا يُفِيدُ فِيمَا مَدَارُهُ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ نَوَى بِقَلْبِهِ اسْتِبَاحَةَ كُلِّ صَلَاةٍ اسْتَبَاحَ الْفَرْضَ وَهُوَ الَّذِي يَتَّجِهُ وَلَعَلَّهُ مُرَادُ الْإِسْنَوِيِّ إذْ يَجِلُّ مَقَامُهُ أَنْ يُدِيرَ الْحُكْمَ عَلَى مُجَرَّدِ التَّلَفُّظِ وَآحَادُ الْمُبْتَدَئِينَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِمْ أَنَّهُ لَا دَخْلَ لَهُ فِي النِّيَّةِ وُجُودًا وَعَدَمًا بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ بِنَاءَهَا) أَيْ النِّيَّاتِ. (قَوْلُهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ) أَيْ كَوْنِ الْمُفْرَدِ الْمُحَلَّى بِأَلْ لِلْعُمُومِ. (قَوْلُهُ وَنِيَّةُ مَا عَدَا الصَّلَاةَ) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي. (قَوْلُهُ كَسَجْدَةِ تِلَاوَةٍ) أَيْ أَوْ شُكْرٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي. (قَوْلُهُ أَوْ مَسِّ مُصْحَفٍ) أَيْ أَوْ حَمْلِهِ مُغْنِي. (قَوْلُهُ أَوْ قِرَاءَةٍ أَوْ مُكْثٍ إلَخْ) أَيْ لِنَحْوِ جُنُبٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي. (قَوْلُهُ يُبِيحُ) الْأَوْلَى التَّأْنِيثُ. (قَوْلُهُ نَعَمْ نِيَّةُ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ إلَخْ) الَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ أَيْ وَوَلَدُهُ أَنَّ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ لَهَا حُكْمُ الْفَرْضِ الْعَيْنِيِّ وِفَاقًا لِظَاهِرِ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ نَظَرًا لِأَنَّهَا بَدَلُ رَكْعَتَيْنِ عَلَى قَوْلٍ فَلَا يَجْمَعُهَا مَعَ فَرْضٍ عَيْنِيٍّ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ وَلَوْ تَيَمَّمَ لَهَا جَازَ أَنْ يَفْعَلَ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ الْفَرْضَ الْعَيْنِيَّ سم.
(قَوْلُهُ فَالْحَاصِلُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَيْخُنَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَرَاتِبَ ثَلَاثَةٌ الْمَرْتَبَةُ الْأُولَى فَرْضُ الصَّلَاةِ وَلَوْ مَنْذُورَةً وَفَرْضُ الطَّوَافِ كَذَلِكَ وَخُطْبَةُ الْجُمُعَةِ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ رَكْعَتَيْنِ فَهِيَ كَصَلَاتِهَا عِنْدَ الرَّمْلِيِّ وَيُحْتَاطُ فِيهَا عِنْدَ ابْنِ حَجَرٍ كَشَيْخِ الْإِسْلَامِ فَلَا يُصَلِّي بِالتَّيَمُّمِ لَهَا فَرْضًا وَلَا يَجْمَعُ مَعَهَا فَرْضًا آخَرَ وَلَوْ مِثْلَهَا فَلَا يَخْطُبُ ثَانِيًا بَعْدَ أَنْ خَطَبَ أَوَّلًا بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ وَلَوْ كَانَ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى زَائِدًا عَلَى الْأَرْبَعِينَ خِلَافًا لِابْنِ قَاسِمٍ وَلَهُ جَمْعُ الْخُطْبَتَيْنِ عَلَى الْمِنْبَرِ الْوَاحِدِ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ لِأَنَّهَا فَرْضٌ وَاحِدٌ، الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ نَفْلُ الصَّلَاةِ وَنَفْلُ الطَّوَافِ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ فَرْضَ كِفَايَةٍ فَالْأَصَحُّ إنَّهَا كَالنَّفْلِ، الْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ مَا عَدَا ذَلِكَ كَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ مِنْ الْجُنُبِ وَنَحْوِهِ وَلَوْ مَنْذُورَةً وَمَسِّ الْمُصْحَفِ وَتَمْكِينِ الْحَلِيلِ فَإِذَا نَوَى وَاحِدًا مِنْ الْمَرْتَبَةِ الْأُولَى اسْتَبَاحَ وَاحِدًا مِنْهَا وَلَوْ غَيْرَ مَا نَوَاهُ وَاسْتَبَاحَ مَعَهُ جَمْعَ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَإِذَا نَوَى وَاحِدًا مِنْ الثَّانِيَةِ اسْتَبَاحَ جَمِيعَهَا وَجَمِيعَ الثَّالِثَةِ دُونَ شَيْءٍ مِنْ الْأُولَى وَإِذَا نَوَى شَيْئًا مِنْ الثَّالِثَةِ اسْتَبَاحَهَا كُلَّهَا وَامْتَنَعَتْ عَلَيْهِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ اهـ.
. (قَوْلُهُ وَثَالِثُهَا وَرَابِعُهَا إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ (وَمَسْحُ وَجْهِهِ) إشَارَةٌ إلَى الرُّكْنِ الثَّالِثِ وَ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَدَيْهِ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى الرَّابِعِ وَ (قَوْلُهُ: ثُمَّ) الْمُفِيدُ لِلتَّرْتِيبِ إشَارَةٌ إلَى الْخَامِسِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ التَّيَمُّمِ عَنْ حَدَثٍ أَكْبَرَ أَوْ أَصْغَرَ وَغَسْلٍ مَسْنُونٍ أَوْ وُضُوءٍ مُجَدَّدٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُطْلَبُ لَهُ التَّيَمُّمُ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ. (قَوْلُهُ جَمِيعِ وَجْهِهِ) أَيْ أَوْ وَجْهَيْهِ نِهَايَةٌ أَيْ حَيْثُ وَجَبَ غَسْلُهُمَا بِأَنْ كَانَا أَصْلِيَّيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا زَائِدٌ وَاشْتَبَهَ أَوْ تَمَيَّزَ وَكَانَ عَلَى سَمْتِ الْأَصْلِيِّ فَإِنْ تَمَيَّزَ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى سَمْتِهِ لَمْ يَجِبْ غَسْلُهُ فَلَا يَجِبُ مَسْحُهُ ع ش. (قَوْلُهُ إلَّا مَا يَأْتِي) كَأَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى عَدَمِ وُجُوبِ إيصَالِهِ مَنْبِتَ الشَّعْرِ الْخَفِيفِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلِمَ لَمْ يَقُلْ نَظِيرَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ، ثُمَّ يَدَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ اكْتِفَاءً بِالْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ بِالتُّرَابِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَسْحِ وَجْهِهِ. (قَوْلُهُ وَمِنْهُ) إلَى قَوْلِهِ وَيَنْبَغِي فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي. (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَسْحُ جَمِيعِ يَدَيْهِ إلَخْ) وَيَأْتِي هُنَا مَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ مِنْ غَسْلِ مَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ أَوْ بَعْضُهَا وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا وَكَذَا زِيَادَةُ يَدٍ أَوْ أُصْبُعٍ وَتَدَلِّي جِلْدَةٍ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ لِأَجْلِ ذَلِكَ التَّصْوِيبِ. (قَوْلُهُ اخْتَارَ الْمُؤَلِّفُ) .
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَوْلُهُ نَعَمْ نِيَّةُ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ إلَخْ) الَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ أَنَّ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ لَهَا حُكْمُ الْفَرْضِ الْعَيْنِيِّ وِفَاقًا لِظَاهِرِ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ نَظَرًا؛ لِأَنَّهَا بَدَلُ رَكْعَتَيْنِ عَلَى قَوْلٍ فَلَا يَجْمَعُهَا مَعَ فَرْضٍ عَيْنِيٍّ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ وَلَوْ تَيَمَّمَ لَهَا جَازَ أَنْ يَفْعَلَ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ الْفَرْضَ الْعَيْنِيَّ.
(قَوْلُهُ إلَّا مَا يَأْتِي) كَأَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى عَدَمِ وُجُوبِ إيصَالِهِ مَنْبِتَ الشَّعْرِ الْخَفِيفِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلِمَ لَمْ يَقُلْ نَطِيرَ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ، ثُمَّ يَدَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَدَيْهِ إلَخْ) هَذَا إشَارَةٌ إلَى رُكْنَيْنِ مَسْحِ الْيَدَيْنِ