للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْت الْقِيَاسُ ذَلِكَ، وَسَيَأْتِي عَنْ الْأَذْرَعِيِّ مَا يُؤَيِّدُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَمُقْتَضَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي الْفَسْخِ بِالْإِعْسَارِ أَنَّ لَيْلَةَ الْيَوْمِ فِي النَّفَقَاتِ هِيَ الَّتِي بَعْدَهُ، وَسَبَبُهُ أَنَّ عَشَاءَ النَّاسِ قَدْ يَكُونُ بَعْدَ الْغُرُوبِ، وَقَدْ يَكُونُ قَبْلَهُ فَلْتَكُنْ لَيَالِي النَّفَقَةِ تَابِعَةً لِأَيَّامِهَا (لَا الْعَقْدِ) بِخِلَافِ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّ جُمْلَتَهَا فِي مُدَّةِ الْعَقْدِ مَجْهُولَةٌ، وَالْعَقْدُ لَا يُوجِبُ مَالًا مَجْهُولًا وَلِأَنَّهَا تُخَالِفُ الْمَهْرَ، وَالْعَقْدُ لَا يُوجِبُ عِوَضَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ (فَإِنْ) (اخْتَلَفَا فِيهِ) أَيْ: التَّمْكِينِ بِأَنْ ادَّعَتْهُ فَأَنْكَرَهُ (صُدِّقَ) بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ، وَادَّعَى سُقُوطَهُ بِنُشُوزِهَا فَأَنْكَرَتْ صُدِّقَتْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ حِينَئِذٍ بَقَاؤُهُ (فَإِنْ لَمْ تُعْرَضْ عَلَيْهِ) مِنْ جِهَةِ نَفْسِهَا، أَوْ وَلِيِّهَا (مُدَّةً فَلَا نَفَقَةَ) لَهَا (فِيهَا) أَيْ: تِلْكَ الْمُدَّةِ، وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهَا لِعَدَمِ التَّمْكِينِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ عِلْمِهَا بِالنِّكَاحِ، وَعَدَمِهِ فَلَوْ عَقَدَ وَلِيُّهَا إجْبَارًا وَهِيَ رَشِيدَةٌ وَلَمْ تَعْلَمْ فَتَرَكَتْ الْعَرْضَ مُدَّةً، ثُمَّ عَلِمَتْ لَمْ تَجِبْ لَهَا مُؤْنَةُ تِلْكَ الْمُدَّةِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهَا الْآنَ مَعْذُورَةٌ بِعَدَمِ الْعِلْمِ، وَهُوَ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ الطَّلَبِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُؤَنَ إنَّمَا هِيَ فِي مُقَابَلَةِ التَّمْكِينِ فَمَتَى وُجِدَ وُجِدَتْ، وَمَتَى انْتَفَى انْتَفَتْ، وَلَا نَظَرَ لِذَلِكَ التَّقْصِيرِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا بَائِنًا، وَلَمْ تَعْلَمْ إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ لَمْ تَلْزَمْهُ مُؤْنَةُ تِلْكَ الْمُدَّةِ، وَإِنْ قَصَّرَ بِعَدَمِ إعْلَامِهَا، وَقَدْ سُئِلْتُ عَمَّنْ طَلَّقَ نَاشِزَةً، ثُمَّ رَاجَعَهَا وَلَمْ يُعْلِمْهَا بِالرَّجْعَةِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهَا قَبْلَ الْعِلْمِ، وَقِيَاسُ مَا تَقَرَّرَ عَدَمُ اللُّزُومِ سَوَاءٌ أَقُلْنَا الرَّجْعَةُ ابْتِدَاءٌ أَمْ اسْتِدَامَةٌ؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَتْ ابْتِدَاءً فَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّمْكِينِ؛ لِأَنَّ الْجَهْلَ بِالنِّكَاحِ غَيْرُ عُذْرٍ، أَوْ اسْتِدَامَةً فَوَاضِحٌ؛ لِأَنَّهَا بِالرَّجْعَةِ عَادَتْ لِلنِّكَاحِ الَّذِي كَانَتْ لَا تَسْتَحِقُّ فِيهِ مُؤْنَةً فَيُسْتَصْحَبُ عَلَيْهَا حُكْمُهُ فَإِنْ قُلْت: يَأْتِي قَرِيبًا أَنَّ كَوْنَ الِامْتِنَاعِ مِنْهُ يَجْعَلُهُ كَالْمُتَسَلِّمِ لَهَا وَهَذَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ قُلْت: لَا يُنَافِيهِ؛ لِأَنَّهَا ثَمَّ عَرَضَتْ نَفْسَهَا عَلَيْهِ فَامْتَنَعَ فَعُدَّتْ مُمَكِّنَةً، وَلَا كَذَلِكَ هُنَا فَإِنَّهُ لَا عَرْضَ مِنْهَا أَصْلًا فَلَا تَمْكِينَ (وَإِنْ عَرَضَتْ) كَذَلِكَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُكَلَّفًا وَإِلَّا فَعَلَى وَلِيِّهِ بِأَنْ أَرْسَلَتْ لَهُ غَيْرُ الْمَحْجُورَةِ أَوْ وَلِيُّ الْمَحْجُورَةِ أَنِّي مُمَكِّنَةٌ، أَوْ مُمَكِّنٌ (وَجَبَتْ) النَّفَقَةُ، وَالْكِسْوَةُ وَنَحْوُهُمَا (مِنْ بُلُوغِ الْخَبَرِ) لَهُ؛ لِأَنَّهُ الْمُقَصِّرُ حِينَئِذٍ (فَإِنْ غَابَ) الزَّوْجُ عَنْ بَلَدِهَا ابْتِدَاءً، أَوْ بَعْدَ تَمْكِينِهَا، ثُمَّ نُشُوزِهَا كَمَا يَأْتِي، ثُمَّ أَرَادَتْ عَرْضَ نَفْسِهَا لِتَجِبَ مُؤْنَتُهَا رَفَعَتْ الْأَمْرَ لِلْحَاكِمِ، وَأَظْهَرَتْ لَهُ التَّسْلِيمَ وَحِينَئِذٍ (كَتَبَ الْحَاكِمُ) وُجُوبًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (لِحَاكِمِ بَلَدِهِ) إنْ عَرَفَ (لِيُعْلِمَهُ) بِالْحَالِ

ــ

[حاشية الشرواني]

هُنَا مِنْ التَّمْكِينِ بِلَا عُذْرٍ فِي مَعْنَى النُّشُوزِ الْمُسْقِطِ لِنَفَقَةِ الْيَوْمِ، وَاللَّيْلَةِ اهـ.

ع ش (قَوْلُهُ: الْقِيَاسُ ذَلِكَ) مُعْتَمَدٌ اهـ.

ع ش (قَوْلُهُ: هِيَ الَّتِي بَعْدَهُ) مُعْتَمَدٌ اهـ.

ع ش (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَكُونُ قَبْلَهُ) اسْتِطْرَادِيٌّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ جُمْلَتَهَا) أَيْ: الْمُؤَنِ (قَوْلُهُ: أَيْ: التَّمْكِينِ) إلَى قَوْلِهِ: وَقَضِيَّتُهُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: أَوْ وَلِيِّهَا وَإِلَى قَوْلِهِ: وَفِيهِ نَظَرٌ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: أَوْ وَلِيِّهَا (قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) أَيْ: التَّمْكِينِ (قَوْلُهُ: سُقُوطَهُ) أَيْ الْوَاجِبِ اهـ.

ع ش (قَوْلُ الْمَتْنِ فَإِنْ لَمْ تُعْرَضْ) بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ اهـ.

ع ش (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُطَالِبْهَا) أَيْ بِالتَّمْكِينِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُعْلِمْهَا) مِنْ الْإِعْلَامِ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ مَا تَقَرَّرَ) أَيْ: مِنْ الْجَوَابِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: أَوْ اسْتِدَامَةً) عَطْفٌ عَلَى ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ: قَرِيبًا) أَيْ: فِي شَرْحِ فَرَضَهَا الْقَاضِي (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ عَلَيْهِ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَتَسْقُطُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَمَرَّ إلَى وَأُخِذَ، وَقَوْلَهُ: مَرَّ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ: مِنْ جِهَةِ نَفْسِهَا، أَوْ وَلِيِّهَا (قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) أَيْ: مَعَ حُضُورِهِ فِي بَلَدِهَا اهـ.

مُغْنِي (قَوْلُهُ: أَوْ وَلِيُّ الْمَحْجُورَةِ) أَيْ بِصِبًا، أَوْ جُنُونٍ إذْ تَمْكِينُ السَّفِيهَةِ مُعْتَبَرٌ رَشِيدِيٌّ وَع ش (قَوْلُهُ: أَنِّي مُمَكِّنَةٌ، أَوْ مُمَكِّنٌ) الْأَوَّلُ رَاجِعٌ لِغَيْرِ الْمَحْجُورَةِ، وَالثَّانِي لِوَلِيِّ الْمَحْجُورَةِ اهـ.

سم (قَوْلُهُ: أَنِّي مُمَكِّنَةٌ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي أَنِّي مُسَلِّمَةٌ نَفْسِي إلَيْك فَاخْتَرْ أَنَا آتِيك حَيْثُ شِئْت، أَوْ أَنْتَ تَأْتِي إلَيَّ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَوْ مُمَكِّنٌ) أَيْ: لَك مِنْهَا اهـ.

ع ش (قَوْلُ الْمَتْنِ: وَجَبَتْ إلَخْ) أَيْ: إنْ كَانَ الْمُخْبِرُ ثِقَةً، أَوْ صَدَّقَهُ الزَّوْجُ وَيُصَدَّقُ فِي عَدَمِ تَصْدِيقِهِ لِلْمُخْبِرِ بِرْمَاوِيٌّ اهـ.

بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُ الْمَتْنِ: مِنْ بُلُوغِ الْخَبَرِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَمْضِ زَمَنٌ يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إلَيْهَا وَسَيَأْتِي فِي الْغَائِبِ اعْتِبَارُ وُصُولِهِ إلَيْهَا إنْ لَمْ يَمْتَنِعْ مِنْ الْمَجِيءِ بَعْدَ إعْلَامِهِ وَمُضِيِّ زَمَنِ وُصُولِهِ إنْ امْتَنَعَ مِنْهُ وَقِيَاسُهُ اعْتِبَارُ مُضِيِّ زَمَنِ إمْكَانِ الْوُصُولِ هُنَا أَيْضًا سم عَلَى حَجّ اهـ.

ع ش (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْمُقَصِّرُ) إلَى قَوْلِهِ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وُجُوبًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَقَوْلُهُ: الْوَاجِبَةُ إلَى فِي مَالِهِ وَقَوْلُهُ: وَجَزَمَ إلَى وَأُخِذَ (قَوْلُ الْمَتْنِ: فَإِنْ غَابَ إلَخْ) تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ بَابِ الصَّدَاقِ بَيَانُ مَنْ يَلْزَمُ عَلَيْهِ مُؤْنَةُ الطَّرِيقِ فِيمَا إذَا غَابَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ عَنْ مَحَلِّ الْعَقْدِ رَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: ابْتِدَاءً) أَيْ: قَبْلَ عَرْضِهَا عَلَيْهِ وَأَمَّا إذَا غَابَ بَعْدَ عَرْضِهَا عَلَيْهِ وَامْتِنَاعِهِ مِنْ تَسْلِيمِهَا فَإِنَّ النَّفَقَةَ تَتَقَرَّرُ عَلَيْهِ وَلَا تَسْقُطُ بِغَيْبَتِهِ اهـ.

مُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ: كَتَبَ الْحَاكِمُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: مَا الْحُكْمُ لَوْ لَمْ يَكُنْ بِالْبَلَدِ حَاكِمٌ؟ فَلْيُرَاجَعْ اهـ.

سَيِّدُ عُمَرَ أَقُولُ: سَيَأْتِي حُكْمُهُ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَطَرِيقُهَا أَنْ يَكْتُبَ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ: إنْ عَرَفَ) سَيَذْكُرُ مُحْتَرَزَهُ (قَوْلُ الْمَتْنِ: لِيُعْلِمَهُ) وَفِي سم بَعْدَ ذِكْرِ كَلَامِ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ مَا نَصُّهُ وَقِيَاسُ مَا رَجَّحَهُ الرُّويَانِيُّ أَنَّ مَنْ يَذْهَبُ إلَى بَلَدِ الْغَائِبِ لِإِعْلَامِهِ بِالْحَالِ لِيَجِيءَ، أَوْ يُوَكِّلَ لَوْ طَلَبَ أُجْرَةً كَانَتْ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ التَّمْكِينَ وَاجِبٌ عَلَيْهَا فَتَلْزَمُهَا مُؤْنَتُهُ وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّ الْحَاضِرَةَ إذَا لَمْ يَتَأَتَّ تَمْكِينُ زَوْجِهَا الْحَاضِرِ إلَّا فِي مَنْزِلِهِ وَاحْتَاجَتْ فِي ذَهَابِهَا إلَيْهِ إلَى مُؤْنَةٍ كَانَتْ عَلَيْهَا فَلْيُرَاجَعْ اهـ.

وَقَوْلُهُ: وَقِيَاسُ ذَلِكَ إلَخْ قَدْ مَرَّ عَنْ الْمُغْنِي مَا يُؤَيِّدُهُ بَلْ يُفِيدُهُ (قَوْلُ الْمَتْنِ: فَيَجِيءَ إلَخْ) بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى يُعْلِمَهُ اهـ.

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

قَوْلُهُ: لَمْ تَجِبْ لَهَا مُؤْنَةُ تِلْكَ الْمُدَّةِ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ: مُمْكِنَةٌ أَوْ مُمْكِنٌ) الْأَوَّلُ رَاجِعٌ لِغَيْرِ الْمَحْجُورَةِ، وَالثَّانِي لِوَلِيِّ الْمَحْجُورَةِ (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ مِنْ بُلُوغِ الْخَبَرِ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَمْضِ زَمَنُ إمْكَانِ وُصُولِهِ إلَيْهَا، وَسَيَأْتِي فِي الْغَائِبِ اعْتِبَارُ وُصُولِهِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ الْمَجِيءِ بَعْدَ إعْلَامِهِ هُنَا أَيْضًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ غَابَ الزَّوْجُ عَنْ بَلَدِهَا ابْتِدَاءً) لَوْ قَصَدَ الْإِقَامَةَ فِي بَلَدِ الْغَيْبَةِ، وَطَلَبَ حَمْلَهَا إلَيْهِ فَهَلْ مُؤْنَةُ الْحَمْلِ عَلَيْهَا لِتَوَقُّفِ التَّمْكِينِ عَلَيْهَا، أَوْ لَا وَيَكُونُ الْمُعْتَبَرُ مِنْ التَّمْكِينِ بَلَدَ الْعَقْدِ؟ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: فَإِنْ غَابَ كَتَبَ حَاكِمٌ إلَخْ) فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فِي بَابِ الصَّدَاقِ وَتَقَدَّمَ نَقْلُهُ، وَإِنْ تَزَوَّجَ

<<  <  ج: ص:  >  >>