للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا إنْ غَلَبَتْ فِيهِ السَّلَامَةُ، وَلَمْ يَخْشَ مِنْ رُكُوبِهِ ضَرَرًا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ، أَوْ يَشُقُّ مَشَقَّةً لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً.

وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ، وَاعْتَمَدَهُ غَيْرُهُ يُحْمَلُ إطْلَاقُ جَمْعٍ مِنْهُمْ الْقَفَّالُ وَابْنُ الصَّلَاحِ الْمَنْعَ، وَجَرَى عَلَيْهِ فِي الْأَنْوَارِ وَكَذَا الْإِسْنَوِيُّ بَلْ زَادَ أَنَّهُ يَحْرُمُ إرْكَابُهَا، وَلَوْ بَالِغَةً وَلَوْ طَلَبَهَا لِلسَّفَرِ فَأَقَرَّتْ بِدَيْنٍ عَلَيْهَا لِيَمْنَعَهَا الدَّائِنُ مِنْهُ بِطَلَبِ حَبْسِهَا، أَوْ التَّوَكُّلِ بِهَا فَالْقِيَاسُ صِحَّةُ الْإِقْرَارِ ظَاهِرًا لَكِنْ يَظْهَرُ أَنَّ لِلزَّوْجِ تَحْلِيفَ الْمُقَرِّ لَهُ أَنَّ الْإِقْرَارَ عَنْ حَقِيقَةٍ، ثُمَّ رَأَيْت شُرَيْحًا الرُّويَانِيَّ صَرَّحَ بِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ، وَاعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَكِنْ لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِأَنَّهَا أَقَرَّتْ فِرَارًا مِنْ السَّفَرِ فَوَجْهَانِ وَقَبُولُهُ بَعِيدٌ إلَّا إنْ تَوَفَّرَتْ الْقَرَائِنُ بِحَيْثُ تَقَارَبَ الْقَطْعُ فَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَقَدْ يَعْرِفُونَهُ بِإِقْرَارِهَا، أَوْ بِإِقْرَارِ الْغَرِيمِ انْتَهَى. وَتَخْطِئَةُ التَّاجِ الْفَزَارِيِّ مَا ذَكَرَهُ شُرَيْحٌ بِأَنَّ حَقَّ الزَّوْجِ لَا يَسْقُطُ بِإِقْرَارِهَا غَيْرُ صَحِيحَةٍ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ فَالْمَدَارُ فِيهِ عَلَى الظَّوَاهِرِ لَا غَيْرُ كَيْفَ وَإِقْرَارُ الْمُفْلِسِ بَعْدَ الْحَجْرِ بِدَيْنٍ قِبَلَهُ صَحِيحٌ مَعَ ظُهُورِ الْمُوَاطَأَةِ فِيهِ غَالِبًا، وَلَمْ يَنْظُرُوا إلَيْهَا، ثُمَّ رَأَيْتنِي ذَكَرْت ذَلِكَ أَوَاخِرَ التَّفْلِيسِ بِزِيَادَةٍ فَرَاجِعْهُ.

وَإِقْرَارُهَا بِإِجَارَةِ عَيْنٍ سَابِقَةٍ عَلَى النِّكَاحِ كَهُوَ بِالدَّيْنِ وَلَوْ كَانَ لَهَا عَلَيْهِ مَهْرٌ فَلَهَا الِامْتِنَاعُ مِنْ السَّفَرِ مَعَهُ حَتَّى يُوَفِّيَهَا كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُ الْقَفَّالِ فِي فَتَاوِيهِ إذَا دَفَعَ لِامْرَأَتِهِ صَدَاقَهَا فَلَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ مِنْ السَّفَرِ مَعَهُ وَالْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ لِلْوَلِيِّ حَمْلُ مُوَلِّيَتِهِ مِنْ بَلَدِ الزَّوْجِ إلَى بَلَدِهِ حَتَّى يَقْبِضَ مَهْرَهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَابْنُ الْعِمَادِ: وَقِيَاسُهُ أَنَّ لِبَالِغَةٍ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ وَلَمْ يُعْطِهَا الزَّوْجُ مَهْرَهَا السَّفَرَ لِبَلَدِهَا مَعَ مَحْرَمٍ لَكِنْ تَوَقَّفَ الْأَذْرَعِيُّ فِيمَا قَالَهُ الْقَاضِي فَهَذِهِ أَوْلَى وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ فِي دَيْنِهَا عَلَيْهِ الْحَالِّ الْمَهْرُ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ عُذْرٌ فِي امْتِنَاعِهَا مِنْ السَّفَرِ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ لَهَا مَنْعُهُ مِنْهُ فَأَوْلَى مَنْعُهُ مِنْ إجْبَارِهَا عَلَيْهِ، وَيُلْحَقُ الْمُعْسِرُ بِالْمُوسِرِ فِي ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ فَأَمَّا سَفَرُ الْوَلِيِّ، وَسَفَرُهَا الْمَذْكُورَانِ فَالْوَجْهُ امْتِنَاعُهُمَا إلَّا فِي مَهْرٍ جَازَ لَهَا حَبْسُ نَفْسِهَا لِتَقْبِضَهُ.

(وَسَفَرُهَا بِإِذْنِهِ مَعَهُ) وَلَوْ لِحَاجَتِهَا، أَوْ حَاجَةِ أَجْنَبِيٍّ (أَوْ) بِإِذْنِهِ وَحْدَهَا (لِحَاجَتِهِ) وَلَوْ مَعَ حَاجَةِ غَيْرِهِ عَلَى مَا يَأْتِي (لَا يُسْقِطُ) مُؤَنَهَا؛؛ لِأَنَّهَا مُمَكِّنَةٌ وَهُوَ الْمُفَوِّتُ لِحَقِّهِ فِي الثَّانِيَةِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: بِإِذْنِهِ سَفَرُهَا مَعَهُ بِدُونِهِ لَكِنْ صَحَّحَا وُجُوبَهَا هُنَا أَيْضًا؛ لِأَنَّهَا تَحْتَ حُكْمِهِ، وَإِنْ أَثِمَتْ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ مَحَلَّهُ إنْ لَمْ يَمْنَعْهَا

ــ

[حاشية الشرواني]

كَانَتْ كَالْبَحْرِ بِلَا شَكٍّ اهـ.

سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ غَلَبَتْ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ اهـ.

ع ش (قَوْلُهُ: أَوْ يَشُقُّ) أَيْ: السَّفَرُ اهـ.

ع ش وَظَاهِرُهُ عَطْفُهُ عَلَى يَكُونُ السَّفَرُ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى يُبِيحُ، وَالضَّمِيرُ لِلضَّرَرِ (قَوْلُهُ: مَشَقَّةً لَا تُحْتَمَلُ إلَخْ) وَيُتَّجَهُ أَنَّ مِنْهَا أَنْ لَا يُعِدَّ لَهَا فِي السَّفِينَةِ مُنْعَزَلًا عَنْ الرِّجَالِ تَأْمَنُ فِيهِ مِنْ اطِّلَاعِهِمْ عَلَيْهَا وَعَلَى مَا يَجِبُ كَتْمُهُ مِمَّا يَشُقُّ إظْهَارُهُ مَشَقَّةً لَا تُحْتَمَلُ اهـ.

سم (قَوْلُهُ: لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً) أَيْ: لِمِثْلِهَا اهـ.

ع ش (قَوْلُهُ: الْمَنْعَ) مَفْعُولُ الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ: وَجَرَى عَلَيْهِ) أَيْ: إطْلَاقِ مَنْعِ إرْكَابِ الزَّوْجَةِ الْبَحْرَ الْمِلْحَ، أَوْ مَنْعِ النُّشُوزِ (قَوْلُهُ: وَإِرْكَابُهَا) أَيْ: الزَّوْجَةِ الْبَحْرَ (قَوْلُهُ: أَوْ التَّوَكُّلِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى حَبْسِهَا وَلَعَلَّهُ مَجَازٌ فِي التَّكَفُّلِ أَوْ مُحَرَّفٌ عَنْهُ (قَوْلُهُ: لَوْ أَقَامَ) أَيْ الزَّوْجُ (قَوْلُهُ: وَقَبُولُهُ) أَيْ: الزَّوْجِ وَبَيِّنَتِهِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ) أَيْ: قَبُولُ بَيِّنَةِ الزَّوْجِ حِينَ تَوَفُّرِ الْقَرَائِنِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَعْرِفُونَهُ) أَيْ: يَعْرِفُ الشُّهُودُ قَصْدَهَا الْفِرَارَ مِنْ السَّفَرِ (قَوْلُهُ: مَا ذَكَرَهُ إلَخْ) أَيْ: مِنْ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ حَقَّ الزَّوْجِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِتَخْطِئَةٍ (قَوْلُهُ: بِدَيْنٍ قَبْلَهُ) أَيْ: الْحَجْرِ (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ: الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُنْظَرْ وَإِلَخْ) أَيْ: وَالْحَالُ لَمْ يَنْظُرْ أَصْحَابُنَا إلَى احْتِمَالٍ لِمُوَاطَأَةٍ وَظُهُورِهَا (قَوْلُهُ: ذَكَرْت ذَلِكَ) أَيْ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ أَوَاخِرَ التَّفْلِيسِ إلَخْ حَاصِلُ مَا رَجَّحَهُ هُنَاكَ أَنَّهُ يُقْبَلُ إقْرَارُهَا بِدَيْنٍ لِآخَرَ وَتُمْنَعُ مِنْ السَّفَرِ مَعَهُ وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ أَنَّهَا قَصَدَتْ بِذَلِكَ عَدَمَ السَّفَرِ مَعَهُ عَلَى أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ وَإِنْ تَوَفَّرَتْ الْقَرَائِنُ بِذَلِكَ وَلَوْ طَلَبَ مِنْ الزَّوْجَةِ، أَوْ الْمُقَرِّ لَهُ الْحَلِفَ عَلَى أَنَّ بَاطِنَ الْأَمْرِ كَظَاهِرِهِ أُجِيبَ فِي الْمُقَرِّ لَهُ دُونَ الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهَا بِأَنَّ ذَلِكَ حِيلَةٌ لَا يَجُوزُ سَفَرُهَا مَعَهُ بِغَيْرِ رِضَا الْمُقَرِّ لَهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَإِقْرَارُهَا بِإِجَارَةِ إلَخْ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ: كَهُوَ بِالدَّيْنِ (قَوْلُهُ: لَهَا عَلَيْهِ) أَيْ: لِلزَّوْجَةِ عَلَى الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُ الْقَفَّالِ) أَيْ: بِمَفْهُومِهِ (قَوْلُهُ: إذَا دَفَعَ إلَخْ) بَدَلٌ مِنْ قَوْلِ الْقَفَّالِ (قَوْلُهُ: وَالْقَاضِي إلَخْ) أَيْ: وَأَفَادَهُ قَوْلُ الْقَاضِي إلَخْ أَيْ: بِمَنْطُوقِهِ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُهُ) أَيْ قَوْلِ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: فَهَذِهِ) أَيْ: مَسْأَلَةُ سَفَرِ الْبَالِغَةِ الْمَقِيسَةِ أَوْلَى أَيْ: بِالتَّوَقُّفِ مِنْ مَسْأَلَةِ حَمْلِ الْوَلِيِّ لِمُوَلِّيَتِهِ الْمَقِيسِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: الْمَهْرُ وَغَيْرُهُ) شَامِلٌ لِمَهْرٍ حَلَّ بَعْدَ التَّمْكِينِ وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ: الْآتِي إلَّا فِي مَهْرِ إلَخْ خِلَافُهُ فَلْيُحَرَّرْ اهـ.

سَيِّدُ عُمَرَ (أَقُولُ) وَلَا مُخَالَفَةَ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمَضَرَّةَ فِيمَا يَأْتِي أَشَدُّ فَلِذَا اُحْتِيجَ هُنَاكَ إلَى مُسَوِّغٍ قَوِيٍّ وَهُوَ الْمَهْرُ الْحَالُّ بِالْعَقْدِ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَلِذَا جَازَ بِمُطْلَقِ الدَّيْنِ الْحَالِّ وَلَوْ مَهْرًا حَلَّ بَعْدَ التَّمْكِينِ (قَوْلُهُ: مَنَعَهُ مِنْهُ) أَيْ: مَنَعَ الزَّوْجُ مِنْ السَّفَرِ لِأَجْلِ دَيْنِهَا وَكَذَا الضَّمِيرُ فِي عَلَيْهِ رَاجِعٌ لِلسَّفَرِ سم وَكُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ) أَيْ: فِي كَوْنِ الدَّيْنِ الْحَالِّ عُذْرًا فِي امْتِنَاعِهَا مِنْ السَّفَرِ (قَوْلُهُ: سَفَرُ الْوَلِيِّ) أَيْ: حَمْلُهُ لِمُوَلِّيَتِهِ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ لِحَاجَتِهَا) إلَى قَوْلِهِ: وَقَوْلُهُمْ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ حَاجَةِ غَيْرِهِ) شَامِلٌ لِحَاجَةِ الزَّوْجَةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: عَلَى مَا يَأْتِي) أَيْ: آنِفًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مُمَكِّنَةٌ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي مُمَكِّنَةٌ فِي الْأُولَى وَفِي غَرَضِهِ فِي الثَّانِيَةِ فَهُوَ الْمُسْقِطُ لِحَقِّهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَخَرَجَ) إلَى قَوْلِهِ: وَالظَّاهِرُ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ اهـ.

ع ش (قَوْلُهُ: إنَّ مَحَلَّهُ) أَيْ: الْوُجُوبِ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ بِالْأَوْلَى حَبْسُهَا لَهُ وَلَوْ بِحَقٍّ لِلْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَدُخُولُ الْحَبْسِ لَهُ فِيهِ غَايَةُ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ مَقْصُودِهِ فِيهِ غَالِبًا.

(قَوْلُهُ: أَوْ يَشُقُّ مَشَقَّةً لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً) وَيَتَّجِهُ أَنَّ مِنْ الْمَشَقَّةِ الَّتِي لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً أَنْ لَا يُعِدَّ لَهَا فِي السَّفِينَةِ مَعْزِلًا عَنْ الرِّجَالِ تَأْمَنُ فِيهِ مِنْ اطِّلَاعِهِمْ عَلَيْهَا، وَهَلْ مَا يَجِبُ كَتْمُهُ مِمَّا يَشُقُّ إظْهَارُهُ مَشَقَّةً لَا تُحْتَمَلُ؟ (قَوْلُهُ: مَنْعُهُ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ السَّفَرِ وَكَذَا الضَّمِيرُ فِي عَلَيْهِ رَاجِعٌ لِلسَّفَرِ

(قَوْلُهُ: أَوْ بِإِذْنِهِ) أَيْ: وَحْدَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>