غَيْرَ نَحْوِ عَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ، أَوْ صَلَّتْ غَيْرَ رَاتِبَةٍ (فَنَاشِزَةٌ فِي الْأَظْهَرِ) فَتَسْقُطُ جَمِيعُ مُؤَنِ مَا صَامَتْهُ لِامْتِنَاعِهَا مِنْ التَّمْكِينِ الْوَاجِبِ عَلَيْهَا، وَلَا نَظَرَ إلَى تَمَكُّنِهِ مِنْ وَطْئِهَا، وَلَوْ مَعَ الصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَهَابُ إفْسَادَ الْعِبَادَةِ فَيَتَضَرَّرُ، وَمِنْ ثَمَّ حَرُمَ صَوْمُهَا نَفْلًا، أَوْ فَرْضًا مُوَسَّعًا وَهُوَ حَاضِرٌ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ، أَوْ عِلْمِ رِضَاهُ وَظَاهِرُ امْتِنَاعِهِ مُطْلَقًا إنْ أَضَرَّهَا، أَوْ وَلَدَهَا الَّذِي تُرْضِعُهُ، وَأَخَذَ أَبُو زُرْعَةَ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهَا لَوْ اشْتَغَلَتْ فِي بَيْتِهِ بِعَمَلٍ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ الْحَيَاءُ مِنْ تَبْطِيلِهَا عَنْهُ كَخِيَاطَةٍ بَقِيَتْ نَفَقَتُهَا.
وَإِنْ أَمَرَهَا بِتَرْكِهِ فَامْتَنَعَتْ إذْ لَا مَانِعَ مِنْ تَمَتُّعِهِ بِهَا أَيَّ وَقْتٍ أَرَادَ بِخِلَافِ نَحْوِ تَعْلِيمِ صِغَارٍ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحْيِ عَادَةً مِنْ أَخْذِهَا مِنْ بَيْنِهِنَّ، وَقَضَاءِ وَطَرِهِ مِنْهَا فَإِذَا لَمْ تَنْتَهِ بِنَهْيِهِ فَهِيَ نَاشِزَةٌ، أَمَّا نَحْوُ عَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ فَلَهَا فِعْلُهُمَا بِغَيْرِ إذْنِهِ كَرَوَاتِبِ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ نَحْوِ الِاثْنَيْنِ، وَالْخَمِيسِ وَبِهِ يُخَصُّ الْخَبَرُ الْحَسَنُ «لَا تَصُومُ الْمَرْأَةُ يَوْمًا سِوَى شَهْرِ رَمَضَانَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إلَّا بِإِذْنِهِ» وَلَوْ نَكَحَهَا صَائِمَةً تَطَوُّعًا لَمْ يُجْبِرْهَا عَلَى الْفِطْرِ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ سُقُوطُ مُؤَنِهَا (وَالْأَصَحُّ إنْ قَضَاءً لَا يَتَضَيَّقُ) لِكَوْنِ الْإِفْطَارِ بِعُذْرٍ مَعَ اتِّسَاعِ الزَّمَنِ، وَقَدْ تَشْمَلُ عِبَارَتُهُ قَضَاءَ الصَّلَاةِ فَيُفْصَلُ فِيهِ بَيْنَ التَّضْيِيقِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ (كَنَفْلٍ فَيَمْنَعُهَا) مِنْهُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهِ وَبَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَرَاخٍ وَحَقُّهُ فَوْرِيٌّ، بِخِلَافِ مَا تَضِيقُ لِلتَّعَدِّي بِإِفْطَارِهِ، أَوْ لِضِيقِ زَمَنِهِ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ شَعْبَانَ إلَّا مَا يَسَعُهُ فَلَا يَمْنَعُهَا مِنْهُ، وَنَفَقَتُهَا وَاجِبَةٌ لَكِنَّهُ مُشْكِلٌ فِي صُورَةِ التَّعَدِّي؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ نَشَأَ عَنْ تَقْصِيرِهَا، وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ صَوْمِ نَذْرٍ مُطْلَقٍ كَمُعَيَّنٍ نَذَرَتْهُ فِي نِكَاحِهِ بِلَا إذْنِهِ وَصَوْمِ كَفَّارَةٍ وَلَوْ مِنْ إتْمَامِهِ، وَإِنْ شَرَعَتْ فِيهِ قَبْلَ مَنْعِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ فِي الْمُتَعَدِّيَةِ بِالْإِفْطَارِ أَنَّ الْمُتَعَدِّيَةَ بِسَبَبِ الْكَفَّارَةِ لَا يَمْنَعُهَا، وَتَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ.
وَأَفْتَى الْبُرْهَانُ الْفَزَارِيّ فِي مُسَافِرِينَ بِرَمَضَانَ بِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُهَا مِنْ صَوْمِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ مُتَّجَهٌ إنْ لَمْ يَكُنْ الْفِطْرُ أَفْضَلَ انْتَهَى قِيلَ وَهُوَ أَوْجَهُ مِمَّا نُقِلَ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ الْمُخَالِفِ لِذَلِكَ انْتَهَى. وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ: (وَ) الْأَصَحُّ
ــ
[حاشية الشرواني]
غَيْرَ نَحْوِ عَرَفَةَ إلَخْ) مِنْ النَّحْوِ تَاسُوعَاءُ لَا الْخَمِيسُ، وَالِاثْنَيْنِ وَأَيَّامُ الْبِيضِ كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ اهـ.
ع ش (قَوْلُ الْمَتْنِ: فَنَاشِزَةٌ إلَخْ) ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّ الْمُرَاهِقَةَ الْحَاضِرَةَ أَيْ: الْمُقِيمَةَ كَالْبَالِغَةِ لَوْ أَرَادَتْ صَوْمَ رَمَضَانَ؛ لِأَنَّهَا مَأْمُورَةٌ بِصَوْمِهِ مَضْرُوبَةٌ عَلَى تَرْكِهِ اهـ.
نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: فَتَسْقُطُ) إلَى قَوْلِهِ: وَظَاهِرٌ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: أَوْ فَرْضًا مُوَسَّعًا) أَيْ: وَإِنْ كَانَ لَهَا غَرَضٌ فِي التَّقْدِيمِ كَقِصَرِ النَّهَارِ اهـ.
ع ش (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: مُوَسَّعًا، أَوْ مُضَيَّقًا ع ش أَيْ: وَسَوَاءٌ وُجِدَ الْإِذْنُ، أَوْ الْعِلْمُ بِالرِّضَا أَمْ لَا سم (قَوْلُهُ: مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ) أَيْ قَوْلِهِ: لِأَنَّهُ قَدْ يَهَابُ إلَخْ اهـ.
ع ش (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَمَرَهَا بِتَرْكِهِ) أَيْ: مَا لَمْ يَكُنْ أَمْرُهُ بِالتَّرْكِ لِغَرَضٍ آخَرَ غَيْرِ التَّمَتُّعِ كَرِيبَةٍ تَحْصُلُ لَهُ مِمَّنْ لَهُ الْخِيَاطَةُ مَثَلًا كَتَرَدُّدِهِ عَلَى بَابِ بَيْتِهِ لِطَلَبِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ الْخِيَاطَةِ وَنَحْوِهَا اهـ.
ع ش (قَوْلُهُ: مِنْ بَيْنِهِنَّ) أَيْ: الصِّغَارِ وَكَانَ الْأَوْلَى التَّذْكِيرَ (قَوْلُهُ: بِنَهْيِهِ) أَيْ: عَنْ نَحْوِ تَعْلِيمِ صِغَارٍ (قَوْلُهُ: أَمَّا نَحْوُ عَرَفَةَ) إلَى قَوْلِهِ: بِخِلَافِ نَحْوِ الِاثْنَيْنِ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: أَمَّا نَحْوُ عَرَفَةَ إلَخْ) أَيْ: كَالتَّاسُوعَاءِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: فَلَهَا فِعْلُهُمَا إلَخْ) وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْهُمَا وَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا بِالِامْتِنَاعِ مِنْ فِطْرِهِمَا اهـ.
مُغْنِي (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ إذْنِهِ) أَيْ: إلَّا فِي أَيَّامِ الزِّفَافِ فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ صَوْمِهِمَا فِيهَا اهـ.
ع ش (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَحْوِ الِاثْنَيْنِ إلَخْ) وَمِنْهُ سِتَّةُ شَوَّالٍ وَإِنْ نَذَرَتْهَا بَعْدَ النِّكَاحِ بِلَا إذْنٍ مِنْهُ كَمَا يَأْتِي اهـ.
ع ش (قَوْلُهُ: وَبِهِ) أَيْ: بِقِيَاسِ نَحْوِ عَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ عَلَى رَوَاتِبِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ: شَاهِدٌ) أَيْ: حَاضِرٌ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْأَوْجَهَ إلَخْ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَوِفَاقًا لِلْمُغْنِي عِبَارَتُهُ وَفِي سُقُوطِ نَفَقَتِهَا وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا السُّقُوطُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ؛ لِأَنَّ الْفِطْرَ أَفْضَلُ عِنْدَ طَلَبِ التَّمَتُّعِ اهـ.
(قَوْلُهُ: لِكَوْنِ الْإِفْطَارِ) إلَى قَوْلِهِ: انْتَهَى فِي النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: لَكِنَّهُ مُشْكِلٌ إلَى وَلَهُ مَنْعُهَا (قَوْلُهُ: بَيْنَ التَّضْيِيقِ) أَيْ بِأَنْ فَاتَ بِلَا عُذْرٍ اهـ.
ع ش (قَوْلُهُ: وَلَهُ مَنْعُهَا إلَخْ) نَعَمْ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الِاعْتِكَافِ مِنْ أَنَّهَا لَوْ نَذَرَتْ اعْتِكَافًا مُتَتَابِعًا بِغَيْرِ إذْنِهِ وَدَخَلَتْ فِيهِ بِإِذْنِهِ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا اسْتِثْنَاؤُهُ هُنَا شَرْحُ م ر اهـ.
سم عَلَى حَجّ أَيْ: فَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيلُهَا مِنْهُ حَيْثُ دَخَلَتْ فِيهِ بِإِذْنِهِ وَمِثْلُ الِاعْتِكَافِ سَائِرُ الْعِبَادَاتِ إذَا نَذَرَتْهَا بِلَا إذْنٍ مِنْهُ وَشَرَعَتْ فِيهَا بِإِذْنِهِ اهـ.
ع ش عِبَارَةُ الْمُغْنِي تَنْبِيهٌ: تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا بِالِاعْتِكَافِ إلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا وَهُوَ مَعَهَا، أَوْ بِغَيْرِ إذْنٍ لَكِنْ اعْتَكَفَتْ بِنَذْرٍ مُعَيَّنٍ سَابِقٍ لِلنِّكَاحِ فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا اهـ.
(قَوْلُهُ: مِنْ صَوْمِ نَذْرٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَالنِّهَايَةِ وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ مَنْذُورٍ مُعَيَّنٍ نَذَرَتْهُ بَعْدَ النِّكَاحِ بِلَا إذْنٍ وَمِنْ صَوْمِ كَفَّارَةٍ إنْ لَمْ تَعْصِ بِسَبَبِهِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي وَمِنْ مَنْذُورِ صَوْمٍ، أَوْ صَلَاةٍ مُطْلَقٍ سَوَاءٌ أَنَذَرَتْهُ قَبْلَ النِّكَاحِ أَمْ بَعْدَهُ وَلَوْ بِإِذْنِهِ؛ لِأَنَّهُ مُوَسَّعٌ اهـ.
(قَوْلُهُ: كَمُعَيَّنٍ نَذَرَتْهُ إلَخْ) وَيَكُونُ بَاقِيًا فِي ذِمَّتِهَا إلَى أَنْ تَمُوتَ فَيُقْضَى مِنْ تَرِكَتِهَا، أَوْ يَتَيَسَّرُ لَهَا فِعْلُهُ بِنَحْوِ غَيْبَتِهِ كَإِذْنِهِ لَهَا بَعْدُ اهـ.
ع ش (قَوْلُهُ: وَصَوْمُ كَفَّارَةٍ) إنْ لَمْ يُعْصَ بِسَبَبِهِ كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْأَخْذِ الْآتِي اهـ.
سم (قَوْلُهُ: أَنَّ الْمُتَعَدِّيَةَ بِسَبَبِ الْكَفَّارَةِ) أَيْ كَأَنْ حَلَفَتْ عَلَى أَمْرٍ مَاضٍ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَهِيَ عَالِمَةٌ بِوُقُوعِهِ اهـ.
ع ش (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُتَّجَهٌ إلَخْ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ: مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
كَذَا م ر ش (قَوْلُهُ: غَيْرُ نَحْوِ عَرَفَةَ إلَخْ) هَذَا الصَّنِيعُ حَيْثُ أَطْلَقَ الْمَنْعَ، أَوَّلًا وَفَصَّلَ فِي النُّشُوزِ ثَانِيًا يَدُلُّ عَلَى أَصَالَةِ الْمَنْعِ مُطْلَقًا وَأَنَّ التَّفْصِيلَ بَيْنَ نَحْوِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِ إنَّمَا هُوَ فِي النُّشُوزِ بِالِامْتِنَاعِ، وَلَيْسَ مُرَادًا بِدَلِيلِ قَوْلِ الرَّوْضِ: وَيَمْنَعُهَا مِنْ تَطْوِيلِ الرَّوَاتِبِ وَصَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ، وَنَحْوِهِمَا لَا عَاشُورَاءَ وَعَرَفَةَ. اهـ. بَلْ صَرَّحَ هُوَ بِذَلِكَ فِي أَوَّلِ قَوْلِهِ الْآتِي: أَمَّا نَحْوُ عَرَفَةَ إلَخْ (قَوْلُهُ: نَحْوُ عَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ) يَحْتَمِلُ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ سِتَّةُ شَوَّالٍ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) يَدْخُلُ فِيهِ إذْنُهُ، وَعِلْمُ رِضَاهُ فِيمَا يَضُرُّهَا وَفِي إطْلَاقِهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْأَوْجَهَ) أَيْ: مِنْ وَجْهَيْ سُقُوطِ مُؤَنِهَا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ عَدَمُ السُّقُوطِ م ر ش (قَوْلُهُ: وَنَفَقَتُهَا وَاجِبَةٌ) كَذَا م ر ش (قَوْلُهُ: وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ صَوْمِ نَذْرٍ مُطْلَقٍ إلَخْ) نَعَمْ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الِاعْتِكَافِ مِنْ أَنَّهَا لَوْ نَذَرَتْ اعْتِكَافًا مُتَتَابِعًا بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَدَخَلَتْ فِيهِ بِإِذْنِهِ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا اسْتَثْنَى هَذَا م ر ش (قَوْلُهُ: وَصَوْمِ كَفَّارَةٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْ: إنْ لَمْ تَعْصِ