للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يَلْزَمُهَا الصَّبْرُ لِلضَّرَرِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ الْمُعْسِرِ الْآتِي بِأَنَّ هَذَا مِنْ شَأْنِهِ الْقُدْرَةُ لِتَيَسُّرِ اقْتِرَاضِهِ فَلَمْ يُنَاسِبْهُ الْإِمْهَالُ بِخِلَافِ الْمُعْسِرِ، وَمِنْ ثَمَّ بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أُحْضِرُهُ، وَأَمْكَنَهُ فِي مُدَّةِ الْإِمْهَالِ الْآتِيَةِ أُمْهِلَ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ عَلَى دُونِهَا (فَلَا) فَسْخَ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْحَاضِرِ (وَيُؤْمَرُ بِالْإِحْضَارِ) عَاجِلًا، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ تَعَذَّرَ إحْضَارُهُ هُنَا لِلْخَوْفِ لَمْ يُفْسَخْ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ لِنُدْرَةِ ذَلِكَ.

(وَلَوْ تَبَرَّعَ رَجُلٌ) لَيْسَ أَصْلًا لِلزَّوْجِ (بِهَا) عَنْهُ، وَسَلَّمَهَا لَهَا (لَمْ يَلْزَمْهَا الْقَبُولُ) بَلْ لَهَا الْفَسْخُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمِنَّةِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ سَلَّمَهَا الْمُتَبَرِّعُ لَهُ، وَهُوَ سَلَّمَهَا لَهَا لَزِمَهَا الْقَبُولُ لِانْتِفَاءِ الْمِنَّةِ، أَمَّا إذَا كَانَ الْمُتَبَرِّعُ أَبَا الزَّوْجِ، أَوْ جَدَّهُ وَهُوَ تَحْتَ حِجْرِهِ فَيَلْزَمُهَا الْقَبُولُ لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِ الزَّوْجِ تَقْدِيرًا، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ مِثْلَهُ وَلَدُ الزَّوْجِ وَسَيِّدُهُ قَالَ: وَلَا شَكَّ فِيهِ إذَا أَعْسَرَ الْأَبُ وَتَبَرَّعَ وَلَدُهُ الَّذِي يَلْزَمُهُ إعْفَافُهُ، أَوْ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ أَيْضًا فِي الْأَوْجَهِ وَفِيمَا بَحَثَهُ فِي الْوَلَدِ الَّذِي لَا يَلْزَمُهُ الْإِعْفَافُ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، وَكَذَا فِي السَّيِّدِ لِانْتِفَاءِ عِلَّتِهِمْ الَّتِي نَظَرُوا إلَيْهَا مِنْ مِلْكِ الزَّوْجِ إلَّا أَنْ يُوَجَّهَ مَا قَالَهُ فِي السَّيِّدِ بِأَنَّ عَلَقَتَهُ بِقِنِّهِ أَتَمُّ مِنْ عَلَقَةِ الْوَلَدِ بِوَالِدِهِ (وَقُدْرَتُهُ عَلَى الْكَسْبِ) الْحَلَالِ اللَّائِقِ، وَكَذَا غَيْرُهُ إذَا أَرَادَ تَحَمُّلَ الْمَشَقَّةِ بِمُبَاشَرَتِهِ فِيمَا يَظْهَرُ (كَالْمَالِ) لِانْدِفَاعِ الضَّرُورَةِ بِهِ فَلَوْ كَانَ يَكْتَسِبُ فِي يَوْمٍ مَا يَفِي بِثَلَاثَةٍ، ثُمَّ يُبَطِّلُ ثَلَاثَةً، ثُمَّ يَكْتَسِبُ مَا يَفِي بِهَا فَلَا فَسْخَ إذْ لَا تَشُقُّ الِاسْتِدَانَةُ حِينَئِذٍ فَصَارَ كَالْمُوسِرِ، وَمِثْلُهُ نَحْوُ نَسَّاجٍ يَنْسِجُ فِي الْأُسْبُوعِ ثَوْبًا تَفِي أُجْرَتُهُ بِنَفَقَةِ الْأُسْبُوعِ، وَمَنْ تُجْمَعُ لَهُ أُجْرَةُ الْأُسْبُوعِ فِي يَوْمٍ مِنْهُ وَهِيَ تَفِي بِنَفَقَةِ جَمِيعِهِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ نَجْعَلَهَا أُسْبُوعًا بِلَا نَفَقَةٍ بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ فِي حُكْمِ وَاجِدِ نَفَقَتِهَا

ــ

[حاشية الشرواني]

هُوَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ السَّبَبَ حِينَئِذٍ إنْ لَمْ يَزِدْ قُوَّةُ مَا نَقَصَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَهَذَا يُعَيِّنُ الْجَزْمَ السَّابِقَ عَنْ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَأَمَّا عِبَارَةُ الْأُمِّ فَيُمْكِنُ حَمْلُهَا عَلَى مَنْ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ فِيمَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ.

سم وَقَدْ مَرَّ آنِفًا مِنْهُ مَا يُوَافِقُهُ بِزِيَادَةِ بَسْطٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهَا الصَّبْرُ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَلَا تُكَلَّفُ الْإِمْهَالَ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ بَحَثَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ ع ش وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: أُحْضِرُهُ) هُوَ بِصِيغَةِ التَّكَلُّمِ وَقَوْلُهُ: وَأَمْكَنَهُ بِصِيغَةِ الْمُضِيِّ (قَوْلُهُ: أُمْهِلَ) أَيْ: وُجُوبًا اهـ.

ع ش (قَوْلُهُ: عَاجِلًا) أَيْ: فَإِنْ أَبَى فُسِخَتْ اهـ.

ع ش (قَوْلُهُ: لَمْ تَفْسَخْ) مُعْتَمَدٌ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ طَالَ زَمَنُ الْخَوْفِ؛ لِأَنَّهُ مُوسِرٌ وَقَدْ يُقَال: هُوَ مُقَصِّرٌ بِعَدَمِ الِاقْتِرَاضِ وَنَحْوِهِ اهـ.

ع ش (قَوْلُهُ: لِنُدْرَةِ ذَلِكَ) أَيْ: التَّعَذُّرِ اهـ. ع ش

(قَوْلُ الْمَتْنِ رَجُلٌ) أَيْ مَثَلًا اهـ.

مُغْنِي (قَوْلُهُ: لَيْسَ أَصْلًا لِلزَّوْجِ) شَمَلَ الْفَرْعَ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ اهـ.

سم (قَوْلُهُ: عَنْهُ) أَيْ عَنْ زَوْجٍ مُعْسِرٍ (تَنْبِيهٌ) يَجُوزُ لَهَا إذَا أَعْسَرَ الزَّوْجُ وَلَهُ دَيْنٌ عَلَى غَيْرِهِ مُؤَجَّلٌ بِقَدْرِ مُدَّةِ إحْضَارِ الْمَالِ الْغَائِبِ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ الْفَسْخُ بِخِلَافِ تَأْجِيلِهِ بِدُونِ ذَلِكَ وَلَهَا الْفَسْخُ أَيْضًا لِكَوْنِ مَالِهِ عُرُوضًا لَا يُرْغَبُ فِيهَا وَلِكَوْنِ دَيْنِهِ حَالًّا عَلَى مُعْسِرٍ وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا فِي حَالِ الْإِعْسَارِ لَا تَصِلُ إلَى حَقِّهَا، وَالْمُعْسِرُ يُنْظَرُ بِخِلَافِهَا فِيمَا إذَا كَانَ دَيْنُهُ عَلَى مُوسِرٍ حَاضِرٍ غَيْرِ مُمَاطَلٍ وَلَوْ غَابَ الْمَدْيُونُ الْمُوسِرُ وَكَانَ مَالُهُ بِدُونِ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَأَوْجَهُ الْوَجْهَيْنِ أَنْ لَا فَسْخَ لَهَا فَإِنْ كَانَ الْمَدْيُونُ حَاضِرًا وَمَالُهُ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ كَانَ لَهَا الْفَسْخُ كَمَا لَوْ كَانَ مَالُ الزَّوْجِ غَائِبًا وَلَا تَفْسَخُ بِكَوْنِ الزَّوْجِ مَدْيُونًا وَإِنْ اُسْتُغْرِقَ مَالُهُ حَتَّى يَصْرِفَهُ إلَيْهَا وَلَا تَفْسَخُ بِضَمَانِ غَيْرِهِ لَهُ بِإِذْنِهِ نَفَقَةَ يَوْمٍ بِيَوْمٍ بِأَنْ جَدَّدَ ضَمَانَ كُلِّ يَوْمٍ وَأَمَّا ضَمَانُهَا جُمْلَةً فَلَا يَصِحُّ فَتَفْسَخُ بِهِ اهـ.

مُغْنِي (قَوْلُهُ: الْمُتَبَرِّعُ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَقَوْلُهُ: لَهُ أَيْ: لِلزَّوْجِ مُتَعَلَّقُ يُسَلِّمُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ سَلَّمَهَا لَهَا إلَخْ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَنْعِ الْفَسْخِ بَلْ مِثْلُهُ مَا إذَا لَمْ يُسَلِّمْهَا لَهَا فَلَا تَفْسَخُ؛ لِأَنَّهُ الْآنَ مُوسِرٌ اهـ.

حَلَبِيٌّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ تَحْتَ حَجْرِهِ) أَخْرَجَ غَيْرَهُ اهـ.

سم (قَوْلُهُ: أَنَّ مِثْلَهُ) أَيْ: مِثْلَ أَصْلِ الزَّوْجِ اهـ.

ع ش (قَوْلُهُ: وَتَبَرَّعَ وَلَدُهُ إلَخْ) فِي التَّعْبِيرِ بِالتَّبَرُّعِ هُنَا تَسَمُّحٌ بَلْ الْأَوْجَهُ لِبَحْثِهِ؛ لِأَنَّ نَصَّ الْمَذْهَبِ كَمَا مَرَّ أَنَّ عَلَيْهِ كِفَايَةَ أَصْلِهِ وَزَوْجَتِهِ اهـ.

رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: أَيْضًا) فِيهِ رَكَّةٌ، وَالْأَوْلَى وَكَذَا الَّذِي لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ فِي الْأَوْجَهِ (قَوْلُهُ: نَظَرٌ ظَاهِرٌ) أَيْ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْقَبُولُ وَلَهَا الْفَسْخُ كَمَا لَوْ تَبَرَّعَ عَنْ الزَّوْجِ أَصْلُهُ الَّذِي لَيْسَ هُوَ فِي وِلَايَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إدْخَالِ الْمَالِ فِي مِلْكِهِ اهـ.

ع ش (قَوْلُهُ: الْحَلَالِ) إلَى قَوْلِهِ: وَيُؤَيِّدُهُ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَكَذَا غَيْرُهُ) أَيْ: غَيْرُ اللَّائِقِ سم عَلَى حَجّ وَمِنْهُ السُّؤَالُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَائِقًا بِهِ اهـ.

ع ش (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ يَكْتَسِبُ إلَخْ) وَكَذَا لَوْ كَانَ يَكْسِبُ كُلَّ يَوْمٍ قَدْرَ النَّفَقَةِ لَمْ تَفْسَخْ؛ لِأَنَّهَا هَكَذَا تَجِبُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَدَّخِرَ لِلْمُسْتَقْبَلِ اهـ.

مُغْنِي (قَوْلُهُ: بِثَلَاثَةٍ) أَيْ: بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مَاضِيَةٍ اهـ.

مُغْنِي (قَوْلُهُ: حِينَئِذٍ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي لِمِثْلِ هَذَا التَّأْخِيرِ الْيَسِيرِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَمَنْ تُجْمَعُ لَهُ أُجْرَةُ الْأُسْبُوعِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْأُسْبُوعَ هُوَ الْغَايَةُ فِي الْإِمْهَالِ فَمَنْ لَهُ غَلَّاتٌ يَسْتَحِقُّهَا آخِرَ كُلِّ شَهْرٍ لَا يُمْهَلُ إلَى حُصُولِهَا حَيْثُ كَانَتْ الْمُدَّةُ تَزِيدُ عَلَى أُسْبُوعٍ وَإِنْ زَادَتْ عَلَى

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

وَبِالْأَوْلَى إذَا غَابَ هُوَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ السَّبَبَ حِينَئِذٍ إنْ لَمْ يَزِدْ قُوَّةَ مَا نَقَصَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَهَذَا يُعَيِّنُ الْجَزْمَ السَّابِقَ عَنْ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَأَمَّا عِبَارَةُ الْأُمِّ فَيُمْكِنُ حَمْلُهَا عَلَى مَنْ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ فِيمَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ إلَخْ) هَذَا الْفَرْقُ مُصَرِّحٌ بِأَنَّ الْفَسْخَ هُنَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِمْهَالِ الْآتِي فِي الْمُعْسِرِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ إلَخْ) كَذَا م ر ش

(قَوْلُهُ لَيْسَ أَصْلًا) شَمِلَ الْفَرْعَ، وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ تَحْتَ حِجْرِهِ) أَخْرَجَ غَيْرَهُ فَيَلْزَمُهَا الْقَبُولُ كَذَا م ر ش (قَوْلُهُ: وَسَيِّدُهُ) أَيْ:؛ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةً قَوِيَّةً عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْهُ بِتَمْلِيكِهِ فَلَيْسَ هَذَا مُتَبَرِّعًا عَلَى أَنَّهُ يَمْلِكُهُ كَمَا يُتَوَهَّمُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا غَيْرُهُ) أَيْ: غَيْرُ اللَّائِقِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ نَحْوُ نَسَّاجٍ يَنْسِجُ إلَخْ) كَذَا م ر ش (قَوْلُهُ: وَمَنْ تُجْمَعُ لَهُ أُجْرَةُ أُسْبُوعٍ) قَالَ فِي الرَّوْضِ كَغَيْرِهِ، ثُمَّ قَالَ مُتَّصِلًا بِهِ: فَلَوْ بَطَلَ أُسْبُوعًا لِعَارِضٍ فُسِخَتْ. اهـ. أَيْ: وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَنَّهُ لَمْ يُنْفِقْ بِنَحْوِ اسْتِدَانَةٍ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ وُقُوعَ هَذَا التَّبْطِيلِ لِعَارِضٍ لَا يُغْتَفَرُ مَعَهُ تَرْكُ الْإِنْفَاقِ، وَيَنْبَغِي تَوَقُّفُ الْفَسْخِ عَلَى الْإِمْهَالِ الْآتِي؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ فِي حُكْمِ الْمُوسِرِ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْكَسْبِ وَالْحَالَةُ مَا ذُكِرَ، وَبِذَلِكَ يُفَارِقُ هَذَا مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: لَا تُفْسَخُ بِهِ وَلَوْ امْتَنَعَ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: بَلْ الْمُرَادُ

<<  <  ج: ص:  >  >>