للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُنْفِقُ مِمَّا اسْتَدَانَهُ لِإِمْكَانِ الْقَضَاءِ.

وَكَذَا قَالُوهُ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّا مَعَ كَوْنِنَا نُمَكِّنُهَا مِنْ مُطَالَبَتِهِ وَنَأْمُرُهُ بِالِاسْتِدَانَةِ، وَالْإِنْفَاقِ لَا تُفْسَخُ عَلَيْهِ لَوْ امْتَنَعَ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ فِي حُكْمِ مُوسِرٍ امْتَنَعَ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ: امْتِنَاعُ الْقَادِرِ عَلَى الْكَسْبِ عَنْهُ كَامْتِنَاعِ الْمُوسِرِ فَلَا فَسْخَ بِهِ، وَلَا أَثَرَ لِعَجْزِهِ إنْ رُجِيَ بُرْؤُهُ قَبْلَ مُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَخَرَجَ بِالْحَلَالِ الْحَرَامُ فَلَا أَثَرَ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ فَلَهَا الْفَسْخُ، وَأَمَّا قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ: الْكَسْبُ بِنَحْوِ بَيْعِ الْخَمْرِ كَالْعَدَمِ وَبِنَحْوِ صَنْعَةِ آلَةِ لَهْوٍ مُحَرَّمَةٍ لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فَلَا فَسْخَ لِزَوْجَتِهِ، وَكَذَا مَا يُعْطَاهُ مُنَجِّمٌ وَكَاهِنٌ؛ لِأَنَّهُ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ فَهُوَ كَالْهِبَةِ فَرَدُّوهُ بِأَنَّ الْوَجْهَ أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ لِصَانِعِ مُحَرَّمٍ لِإِطْبَاقِهِمْ عَلَى أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ لِصَانِعِ آنِيَةِ النَّقْدِ وَنَحْوِهَا، وَمَا يُعْطَاهُ نَحْوُ الْمُنَجِّمِ إنَّمَا يُعْطَاهُ أُجْرَةً لَا هِبَةً فَلَا وَجْهَ لِمَا قَالَاهُ (وَإِنَّمَا تُفْسَخُ بِعَجْزِهِ عَنْ نَفَقَةِ مُعْسِرٍ) ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ حِينَئِذٍ وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ: لَوْ حَلَفَ لَا يَتَغَدَّى، أَوْ لَا يَتَعَشَّى حَنِثَ بِأَكْلِهِ زِيَادَةً يَقِينًا عَلَى نِصْفِ عَادَتِهِ أَيْ: حِينَ أَكْلِهِ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَتْ بِاخْتِلَافِ نَحْوِ زَمَنٍ، أَوْ مَكَان وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ ثَمَّ عَلَى الْعُرْفِ وَهُوَ يَصْدُقُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ أَنَّهُ تَغَدَّى، أَوْ تَعَشَّى، وَهُنَا عَلَى مَا تَقُومُ بِهِ الْبَيِّنَةُ وَهِيَ لَا تَقُومُ بِأَقَلَّ مِنْ مُدٍّ وَلَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا نِصْفَ مُدٍّ غَدَاءً وَنِصْفَهُ عَشَاءً

ــ

[حاشية الشرواني]

النَّفَقَةِ أَضْعَافًا؛ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِتَرْكِ الِاقْتِرَاضِ كَمَا لَوْ غَابَ مَالُهُ اهـ.

ع ش (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ) أَيْ: مِنْ عَدَمِ الْفَسْخِ حِينَ قُدْرَتِهِ أَنْ يَكْتَسِبَ فِي أُسْبُوعٍ مَا يَفِي بِنَفَقَةِ الْأُسْبُوعِ (قَوْلُهُ: وَيُنْفِقُ مِمَّا اسْتَدَانَهُ) قَدْ يُقَال: إذَا كَانَ الْمُرَادُ ذَلِكَ فَلْيَمْتَنِعْ الْفَسْخُ حَيْثُ اسْتَدَانَ وَأَنْفَقَ وَإِنْ لَمْ تُجْمَعْ لَهُ أُجْرَةُ أُسْبُوعٍ بَلْ أُجْرَةُ شَهْرٍ، أَوْ سَنَةٍ مَثَلًا بَلْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ أَحُرَّةٌ مُطْلَقًا وَيُجَابُ بِأَنَّهُ فِيمَا ذَكَرُوهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُوسِرِ حَتَّى لَوْ امْتَنَعَ مِنْ الِاسْتِدَانَةِ، وَالْإِنْفَاقِ لَمْ تَفْسَخْ بِخِلَافِهِ فِيمَا ذُكِرَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.

سم (قَوْلُهُ: لِإِمْكَانِ الْقَضَاءِ) فَلَوْ كَانَ يَكْسِبُ فِي يَوْمٍ كِفَايَةَ أُسْبُوعٍ فَتَعَذَّرَ الْعَمَلُ فِيهِ لِعَارِضٍ فَسَخَتْ لِتَضَرُّرِهَا مُغْنِي وَأَسْنَى أَيْ: وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَنَّهُ لَمْ يُنْفِقْ بِنَحْوِ اسْتِدَانَةٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّ وُقُوعَ هَذَا التَّبْطِيلِ لِعَارِضٍ لَا يُغْتَفَرُ مَعَهُ تَرْكِ الْإِنْفَاقِ وَيَنْبَغِي تَوَقُّفُ الْفَسْخِ عَلَى الْإِمْهَالِ الْآتِي؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ فِي حُكْمِ الْمُوسِرِ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْكَسْبِ، وَالْحَالَةُ مَا ذُكِرَ وَبِذَلِكَ يُفَارِقُ هَذَا مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: لَا تُفْسَخُ بِهِ لَوْ امْتَنَعَ إلَخْ سم (قَوْلُهُ: كَذَا قَالُوهُ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَالْأَسْنَى كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا اهـ.

(قَوْلُهُ: لَوْ امْتَنَعَ) أَيْ: مِنْ الِاقْتِرَاضِ وَقَوْلُهُ: فَلَا فَسْخَ بِهِ أَيْ: وَعَلَيْهِ فَيُجْبِرُهُ الْحَاكِمُ عَلَى الِاكْتِسَابِ فَإِنْ لَمْ يُفِدْ الْإِجْبَارُ فِيهِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَفْسَخَ صَبِيحَةَ الرَّابِعِ لِتَضَرُّرِهَا بِالصَّبْرِ اهـ.

ع ش وَانْظُرْ هَلْ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ عَنْ سم آنِفًا؟ وَلِقَوْلِ الشَّارِحِ السَّابِقِ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ فَإِنْ فُرِضَ عَجْزُهُ عَنْهُ فَنَادِرٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَا أَثَرَ لِعَجْزِهِ) أَيْ: بِمَرَضٍ اهـ. ع ش أَيْ: وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَكَذَا مَا يُعْطَاهُ مُنَجِّمٌ إلَخْ) وَمِثْلُهُ مَا يُعْطَاهُ الطَّبِيبُ الَّذِي لَا يُشَخِّصُ الْمَرَضَ وَلَا يُحْسِنُ الطِّبَّ وَلَكِنْ يُطَالِعُ كُتُبَ الطِّبِّ وَيَأْخُذُ مِنْهَا مَا يَصِفُهُ لِلْمَرِيضِ فَإِنَّ مَا يَأْخُذُهُ لَا يَسْتَحِقُّهُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ فِيهِ؛ لِأَنَّ مَا يُعْطَاهُ أُجْرَةٌ عَلَى ظَنِّ الْمَعْرِفَةِ وَهُوَ عَارٍ مِنْهَا وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَيْضًا وَصْفُ الدَّوَاءِ حَيْثُ كَانَ مُسْتَنَدُهُ مُجَرَّدَ ذَلِكَ انْتَهَى فَتَاوَى حَجّ الْحَدِيثِيَّةِ بِالْمَعْنَى اهـ.

ع ش (قَوْلُهُ: فَرَدُّوهُ) أَيْ: قَوْلُهُمَا، أَوْ بِنَحْوِ صَنْعَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمَا يُعْطَاهُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى الْهَاءِ مِنْ قَوْلِهِ: أَنَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: إنَّمَا يُعْطَاهُ أُجْرَةً إلَخْ) مَحَلُّ تَأَمُّلٍ لَا سِيَّمَا الْعَارِفُ بِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِهِ لَهَا اهـ.

سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُ الْمَتْنِ: وَإِنَّمَا تَفْسَخُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمُعْسِرَ الْقَادِرَ عَلَى نَفَقَةِ الْمُعْسِرِ لَا فَسْخَ بِامْتِنَاعِهِ مِنْهَا وَلَوْ قَدَرَ عَلَى نِصْفِ مُدٍّ مِنْ الْغَالِبِ الَّذِي هُوَ الْوَاجِبُ وَعَلَى بَقِيَّتِهِ مِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ فَيَنْبَغِي أَنَّ لَهَا الْفَسْخَ إذْ هُوَ عَاجِزٌ عَنْ وَاجِبِ الْمُعْسِرِ اهـ.

سم (قَوْلُ الْمَتْنِ بِعَجْزِهِ عَنْ نَفَقَةِ مُعْسِرٍ) فَلَوْ عَجَزَ عَنْ نَفَقَةِ مُوسِرٍ، أَوْ مُتَوَسِّطٍ لَمْ تَفْسَخْ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهُ الْآنَ نَفَقَةُ مُعْسِرٍ فَلَا يَصِيرُ الزَّائِدُ دَيْنًا عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُوسِرِ، أَوْ الْمُتَوَسِّطِ إذَا أَنْفَقَ مُدًّا فَإِنَّهَا لَا تَفْسَخُ وَيَصِيرُ الْبَاقِي دَيْنًا عَلَيْهِ اهـ.

مُغْنِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الضَّرَرَ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَهَا الْفَسْخُ صَبِيحَةَ الرَّابِعِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: يَقِينًا وَقَوْلَهُ: أَيْ: حِينَ أَكْلِهِ إلَى؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ، وَقَوْلَهُ: الْحَالُ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلَهُ: بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ، أَوْ الْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ: أَيْ حِينَ أَكْلِهِ إلَخْ) أَيْ: لَوْ اخْتَلَفَتْ عَادَتُهُ فِي الْأَكْلِ زَمَانًا، أَوْ مَكَانًا اُعْتُبِرَ فِي كُلِّ زَمَانٍ، أَوْ مَكَان مَا هُوَ عَادَتُهُ فِيهِ اهـ.

ع ش (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ: عَدَمُ الْإِشْكَالِ (قَوْلُهُ ثَمَّ) أَيْ: فِي الْأَيْمَانِ وَ (قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ: فِي النَّفَقَاتِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَجِدْ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَفِي إعْسَارِهِ بِالْمَهْرِ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: غَدَاءً) أَيْ: فِي وَقْتِهِ وَقَوْلُهُ عَشَاءً أَيْ: فِي وَقْتِهِ اهـ. .

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَمَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ، وَغَيْرُهُمَا: وَيُنْفِقُ مِمَّا اسْتَدَانَهُ قَدْ يُقَالُ: إذَا كَانَ الْمُرَادُ ذَلِكَ فَلْيُمْتَنَعْ الْفَسْخُ حَيْثُ اسْتَدَانَ وَأَنْفَقَ، وَإِنْ لَمْ يُجْمَعْ لَهُ أُجْرَةُ أُسْبُوعٍ بَلْ أُجْرَةُ شَهْرٍ، أَوْ سَنَةٍ مَثَلًا بَلْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أُجْرَةٌ مُطْلَقًا، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ فِيمَا ذَكَرُوهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُوسِرِ حَتَّى لَوْ امْتَنَعَ مِنْ الِاسْتِدَانَةِ وَالْإِنْفَاقِ لَمْ تُفْسَخْ بِخِلَافِهِ فِيمَا ذُكِرَ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَإِنَّمَا تُفْسَخُ بِعَجْزِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمُعْسِرَ لَا فَسْخَ بِامْتِنَاعِهِ مِنْهَا، وَلَوْ قَدَرَ عَلَى بَعْضِ نَفَقَةِ الْمُعْسِرِ الْقَادِرِ عَلَى نَفَقَةِ الْمُعْسِرِ بِأَنْ قَدَرَ عَلَى نِصْفِ مُدٍّ مِنْ الْغَالِبِ الَّذِي هُوَ الْوَاجِبُ، وَعَلَى بَقِيَّتِهِ مِنْ عَيْنِ الْغَالِبِ فَيَنْبَغِي أَنَّ لَهَا الْفَسْخَ إذْ هُوَ عَاجِزٌ عَنْ وَاجِبِ الْمُعْسِرِ قَالَ فِي الرَّوْضِ: فَإِنْ أَنْفَقَ الْمُوسِرُ أَيْ: أَوْ الْمُتَوَسِّطُ مُدًّا لَمْ تُفْسَخْ وَبَقِيَ الْبَاقِي دَيْنًا. اهـ.

وَقَدْ يُقَالُ مَا فَائِدَةُ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ لَا فَسْخَ إذَا كَانَ مُوسِرًا أَيْ: أَوْ مُتَوَسِّطًا، وَإِنْ لَمْ يُنْفِقْ شَيْئًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا نِصْفَ مُدٍّ غَدَاءً) أَيْ: فِي وَقْتِهِ وَقَوْلُهُ: وَنِصْفَهُ عَشَاءً أَيْ: فِي وَقْتِهِ قَالَ فِي الرَّوْضِ: أَوْ كَانَ يُحَصِّلُ يَوْمًا مُدًّا وَيَوْمًا نِصْفًا فُسِخَتْ قَالَ فِي شَرْحِهِ لِتَضَرُّرِهَا، وَكَذَا لَوْ كَانَ يُحَصِّلُ كُلَّ يَوْمٍ نِصْفَ مُدٍّ وَدُونَهُ، أَوْ يَوْمًا مُدًّا، وَيَوْمًا لَا يُحَصِّلُ شَيْئًا كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى، وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ، وَلَوْ كَانَ يُحَصِّلُ كُلَّ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ مُدٍّ فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهَا الْفَسْخَ، وَإِنْ زَعَمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>