وَلَا قَبُولُ هِبَةٍ فَإِنْ فَعَلَ وَفَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ عَمَّا مَرَّ أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْهُ.
(وَلَا تَجِبُ) الْمُؤَنُ (لِمَالِكِ كِفَايَتِهِ وَلَا) لِشَخْصٍ (مُكْتَسِبِهَا) لِاسْتِغْنَائِهِ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى كَسْبٍ وَلَمْ يَكْتَسِبْ كُلِّفَهُ إنْ كَانَ حَلَالًا لَائِقًا بِهِ وَإِلَّا فَلَا (وَتَجِبُ لِفَقِيرٍ غَيْرِ مُكْتَسِبٍ إنْ كَانَ زَمِنًا) ، أَوْ أَعْمَى، أَوْ مَرِيضًا (أَوْ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا) لِعَجْزِهِ عَنْ كِفَايَةِ نَفْسِهِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَطَاقَ صَغِيرٌ الْكَسْبَ، أَوْ تَعَلَّمَهُ، وَلَاقَ بِهِ جَازَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَحْمِلَهُ عَلَيْهِ وَيُنْفِقَ عَلَيْهِ مِنْهُ فَإِنْ امْتَنَعَ، أَوْ هَرَبَ لَزِمَ الْوَلِيَّ إنْفَاقُهُ (وَإِلَّا) يَكُنْ غَيْرُ الْمُكْتَسِبِ كَذَلِكَ (فَأَقْوَالٌ: أَحْسَنُهَا: تَجِبُ) لِلْأَصْلِ وَالْفَرْعِ وَلَا يُكَلَّفَانِ الْكَسْبَ لِحُرْمَتِهِمَا، وَثَانِيهَا: لَا تَجِبُ؛ لِأَنَّهُ غَنِيٌّ (وَالثَّالِثُ) تَجِبُ (لِأَصْلٍ) فَلَا يُكَلَّفُ كَسْبًا
(لَا فَرْعٌ) بَلْ يُكَلَّفُ الْكَسْبَ نَعَمْ لَا تُكَلَّفُ الْأُمُّ أَوْ الْبِنْتُ التَّزَوُّجَ؛ لِأَنَّ حَبْسَ النِّكَاحِ لَا غَايَةَ لَهُ بِخِلَافِ سَائِرِ الْأَكْسَابِ، وَبِتَزَوُّجِهَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا بِالْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ مُعْسِرًا مَا لَمْ تَفْسَخْ لِتَعَذُّرِ إيجَابِ نَفَقَتَيْنِ كَذَا قِيلَ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهَا عَلَى الزَّوْجِ إنَّمَا تَجِبُ بِالتَّمْكِينِ كَمَا مَرَّ فَكَانَ الْقِيَاسُ اعْتِبَارَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهَا بِقُدْرَتِهَا عَلَيْهِ مُفَوِّتَةٌ لِحَقِّهَا وَعَلَيْهِ فَمَحَلُّهُ فِي مُكَلَّفَةٍ فَغَيْرُهَا لَا بُدَّ مِنْ التَّمْكِينِ وَإِلَّا لَمْ تَسْقُطْ عَنْ الْأَبِ فِيمَا يَظْهَرُ (قُلْت الثَّالِثُ أَظْهَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِتَأَكُّدِ حُرْمَةِ الْأَصْلِ؛ وَلِأَنَّ تَكْلِيفَهُ الْكَسْبَ مَعَ كِبَرِ سِنِّهِ لَيْسَ مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ الْمَأْمُورِ بِهَا، وَمَحَلُّ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَشْتَغِلْ بِمَالِ الْوَلَدِ وَمَصَالِحِهِ، وَإِلَّا وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ جَزْمًا، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ وُجُوبَهَا لِفَرْعٍ كَبِيرٍ لَمْ تَجْرِ عَادَتُهُ بِالْكَسْبِ، أَوْ شَغَلَهُ عَنْهُ اشْتِغَالٌ بِالْعِلْمِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ انْتَهَى. وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الزَّكَاةَ مُوَاسَاةٌ
ــ
[حاشية الشرواني]
فَإِنَّهُ إنَّمَا دَفَعَ لِلْفَقِيرِ مَا أَوْجَبَهُ الشَّرْعُ عَلَيْهِ فَأَشْبَهَ الدُّيُونَ اهـ.
ع ش (قَوْلُهُ: وَلَا قَبُولِ هِبَةٍ) أَيْ: أَوْ وَصِيَّةٍ اهـ.
مُغْنِي وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْهِبَةِ هُنَا مَا يَشْمَلُ الصَّدَقَةَ، وَالْهَدِيَّةَ
(قَوْلُ الْمَتْنِ: وَلَا تَجِبُ لِمَالِكِ كِفَايَتِهِ) أَيْ: وَلَوْ زَمِنًا، أَوْ صَغِيرًا، أَوْ مَجْنُونًا اهـ.
مُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ وَلَا مُكْتَسِبِهَا) أَيْ بِالْفِعْلِ وَكَذَا قَوْلُهُ: بَعْدُ غَيْرِ مُكْتَسِبٍ اهـ.
سم (قَوْلُهُ: كَلَّفَهُ) أَيْ حَيْثُ كَانَ فَرْعًا بِخِلَافِ الْأَصْلِ لِيُوَافِقَ مَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ع ش وَسَمِّ (قَوْلُ الْمَتْنِ زَمِنًا) وَفِي الْمُخْتَارِ الزَّمَانَةُ آفَةٌ فِي الْحَيَوَانَاتِ وَرَجُلٌ زَمِنٌ أَيْ: مُبْتَلًى بَيِّنُ الزَّمَانَةِ اهـ.
وَعَلَيْهِ فَذِكْرُ الْأَعْمَى وَمَا بَعْدَهُ مِنْ ذِكْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ اهـ. ع ش (قَوْلُ الْمَتْنِ، أَوْ مَجْنُونًا) أَيْ: أَوْ سَلِيمًا مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ لَكِنَّهُ لَا يُحْسِنُ كَسْبًا وَلَا يَقْدِرُ عَلَى تَعَلُّمِهِ اهـ.
ع ش (قَوْلُهُ: فَإِنْ امْتَنَعَ إلَخْ) أَيْ: فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ اهـ.
مُغْنِي (قَوْلُهُ: غَيْرُ الْمُكْتَسِبِ) أَيْ: بِالْفِعْلِ اهـ.
سم (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ: زَمِنًا إلَخْ (قَوْلُهُ: غَنِيٌّ) أَيْ: بِالْقُدْرَةِ عَلَى الْكَسْبِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُكَلَّفُ كَسْبًا) أَيْ: وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ اهـ.
ع ش (قَوْلُهُ: بَلْ يُكَلَّفُ الْكَسْبَ) يَنْبَغِي وَلَوْ صَغِيرًا يَقْدِرُ عَلَيْهِ فَيُؤَجِّرُهُ الْأَصْلُ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ أُجْرَتِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ آنِفًا اهـ.
سم أَيْ إنْ كَانَ لَائِقًا بِهِ كَمَا مَرَّ أَيْضًا (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَا تُكَلَّفُ الْأُمُّ) فِيهِ شَيْئًا اهـ.
سم وَلَعَلَّهُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى اسْتِثْنَائِهَا عَلَى طَرِيقَةِ الْمُصَنِّفِ اهـ.
سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: لَا غَايَةَ لَهُ) أَيْ فَفِيهِ إضْرَارٌ بِهِمَا مَعَ أَنَّهُ قَدْ لَا يَكُونُ لَهُمَا غَرَضٌ فِيهِ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ بِحُقُوقِ الزَّوْجِ اهـ.
ع ش (قَوْلُهُ: وَبِتَزَوُّجِهَا تَسْقُطُ إلَخْ) هَذَا وَاضِحٌ إنْ كَانَ الزَّوْجُ حَاضِرًا فَلَوْ كَانَ غَائِبًا فَقَدْ سَلَفَ أَنَّ الْوُجُوبَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِرْسَالِ لِيَحْضُرَ فَتَجِبَ مِنْ وَقْتِ حُضُورِهِ، وَالْمُتَّجَهُ أَنْ تَكُونَ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ عَلَى مَنْ كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ النِّكَاحِ وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ قَوْلُهُمْ لِئَلَّا تَجْمَعَ بَيْنَ النَّفَقَتَيْنِ وَكَمَا فِي الصَّغِيرَةِ، وَالْمَجْنُونَةِ إذَا أَعْسَرَ زَوْجُهُمَا بِهَا سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ.
ع ش (قَوْلُهُ: اعْتِبَارَهُ) أَيْ: التَّمْكِينِ اهـ.
سم (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُقَالَ: إلَخْ) مُعْتَمَدٌ اهـ.
ع ش (قَوْلُهُ: أَنَّهَا) أَيْ: الْأُمَّ، أَوْ الْبِنْتَ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ: التَّمْكِينِ اهـ.
ع ش (قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَمَحَلُّهُ) أَيْ مَحَلُّ سُقُوطِ نَفَقَتِهَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ ذَلِكَ) أَيْ: الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَشْتَغِلْ) أَيْ: الْأَصْلُ، وَقَوْلُهُ: جَزْمًا أَيْ: لِأَنَّهَا تُنَزَّلُ حِينَئِذٍ مَنْزِلَةَ أُجْرَتِهِ اهـ.
ع ش (قَوْلُهُ: لَمْ تَجْرِ عَادَتُهُ بِالْكَسْبِ) أَيْ: وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْكَسْبِ وَتَعَلُّمِهِ وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ إلَى بَحْثِهِ لِمَا مَرَّ فِي الشَّارِحِ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ اخْتَلَفَ دِينُهُمَا وَعَنْ ع ش عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، أَوْ مَجْنُونًا (قَوْلُهُ: أَوْ شَغَلَهُ عَنْهُ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ الْوُجُوبُ حِينَئِذٍ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَسْتَفِيدَ مِنْ الِاشْتِغَالِ فَائِدَةً يُعْتَدُّ بِهَا عُرْفًا بَيْنَ الْمُشْتَغِلِينَ وَيَظْهَرُ فِيمَنْ حَفِظَ الْقُرْآنَ، ثُمَّ نَسِيَهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَكَانَ اشْتِغَالُهُ بِحِفْظِهِ يَمْنَعُهُ مِنْ الْكَسْبِ، إنَّ اشْتِغَالَهُ بِالْحِفْظِ حِينَئِذٍ كَالِاشْتِغَالِ بِالْعِلْمِ إنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ الْحِفْظُ فِي غَيْرِ أَوْقَاتِ الْكَسْبِ اهـ.
ع ش (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُحْتَمَلٌ) أَقُولُ بَحْثُهُ فِي الثَّانِي مُتَّجَهٌ بِخِلَافِهِ فِي الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ بَعِيدٌ جِدًّا
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
لَا يَلْزَمُهُ لَهَا أُدْمٌ، وَلَا نَفَقَةُ خَادِمِهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَفْسَخُ بِذَلِكَ.
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ: وَلَا مُكْتَسِبِهَا) أَيْ: بِالْفِعْلِ وَكَذَا قَوْلُهُ بَعْدُ: غَيْرِ مُكْتَسِبٍ (قَوْلُهُ: كُلِّفَهُ إلَخْ) شَامِلٌ لِلْأَصْلِ وَهُوَ مُشْكِلٌ مَعَ مَا يَأْتِي مِنْ تَصْحِيحِ لُزُومِ مُؤْنَةِ الْأَصْلِ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْكَسْبِ؛ لِأَنَّ تَكْلِيفَهُ الْكَسْبَ لَيْسَ مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ الْمَأْمُورِ بِهَا، وَلِذَا عَبَّرَ فِي الْمَنْهَجِ بِقَوْلِهِ: كِفَايَةُ أَصْلٍ وَفَرْعٍ لَمْ يَمْلِكَاهَا وَعَجَزَ الْفَرْعُ عَنْ كَسْبٍ يَلِيقُ، وَقَالَ فِي شَرْحِهِ: وَبِمَا ذُكِرَ عُلِمَ أَنَّهُمَا لَوْ قَدَرَا عَلَى كَسْبٍ لَائِقٍ بِهِمَا وَجَبَ لِأَصْلٍ لَا فَرْعٍ. اهـ. إلَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا مَحْمُولًا عَلَى الْفَرْعِ، أَوْ مَبْنِيًّا عَلَى طَرِيقِ الْمُحَرَّرِ وَيَرِدُ عَلَى الثَّانِي أَنَّ السِّيَاقَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهِ بَيْنَ الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ إطْلَاقَ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَيَلْزَمُ كَسُوبًا كَسْبُهَا، وَقَوْلِهِ هُنَا قُلْت: الثَّالِثُ: وُجُوبُ كَسْبِهَا لِأَصْلٍ كَسُوبٍ (قَوْلُهُ: غَيْرَ الْمُكْتَسِبِ) أَيْ: بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: بَلْ يُكَلَّفُ الْكَسْبَ) يَنْبَغِي وَلَوْ صَغِيرًا يَقْدِرُ عَلَيْهِ فَيُؤَجِّرُهُ الْأَصْلُ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ أُجْرَتِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ آنِفًا (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَا تُكَلَّفُ الْأُمُّ) فِيهِ شَيْءٌ (قَوْلُهُ: اعْتِبَارُهُ) أَيْ: التَّكْلِيفِ (قَوْلُهُ: بِقُدْرَتِهَا عَلَيْهِ) الْقِيَاسُ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ التَّمْكِينُ فِي الْحَالِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ تَزْوِيجِ مَنْ بِتَعِزَّ مَنْ هِيَ بِزَبِيدَ الْمَذْكُورَةِ بِهَامِشِ فَصْلِ التَّمْكِينِ أَنْ تَجِبَ نَفَقَتُهَا إلَى مَكَانِ التَّمْكِينِ فَفِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ تَجِبُ قَبْلَ وُصُولِهَا إلَى تَعِزَّ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ) ظَاهِرُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلصُّورَتَيْنِ وَخَصَّهُ م ر بِالثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: