فَلَوْ رَمَى مَنْ بَعْضُهُ فِي الْحِلِّ، وَلَمْ يَعْتَمِدْ عَلَيْهِ وَحْدَهُ وَبَعْضُهُ فِي الْحَرَمِ أَوْ مِنْ الْحِلِّ إنْسَانًا فِيهِ فَمَرَّ السَّهْمُ فِي هَوَاءِ الْحَرَمِ غُلِّظَا (أَوْ) قُتِلَ (فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ ذِي الْقَعْدَةِ وَذِي الْحِجَّةِ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الْحَاءِ عَلَى الْأَفْصَحِ فِيهِمَا (وَالْمُحَرَّمُ) خَصُّوهُ بِالتَّعْرِيفِ إشْعَارًا بِكَوْنِهِ أَوَّلَ السَّنَةِ كَذَا قِيلَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ أَلْ فِيهِ لِلَمْحِ الصِّفَةِ لَا لِلتَّعْرِيفِ فَالْمُرَادُ وَخَصُّوهُ بِأَلْ وَبِالْمُحَرَّمِ مَعَ تَحْرِيمِ الْقِتَالِ فِي جَمِيعِهَا؛ لِأَنَّهُ أَفْضَلُهَا فَالتَّحْرِيمُ فِيهِ أَغْلَظُ وَقِيلَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ الْجَنَّةَ فِيهِ عَلَى إبْلِيسَ (وَرَجَبٍ) قِيلَ لَمْ يُعَذِّبْ اللَّهُ فِيهِ أُمَّةً وَرُدَّ بِأَنَّ جَمْعًا ذَكَرُوا أَنَّ قَوْمَ نُوحٍ أُغْرِقُوا فِيهِ وَمِنْهُمْ مَنْ عَدَّهَا مِنْ سَنَةٍ فَبَدَأَ بِالْمُحَرَّمِ وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ بَلْ صَوَّبَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِتَظَافُرِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ بِهِ فَلَوْ نَذَرَ صَوْمَهَا بَدَأَ بِالْقَعَدَةِ
وَقِيَاسُ مَا تَقَرَّرَ فِي الْحَرَمِ اعْتِبَارُ الْجَرْحِ فِيهَا، وَإِنْ وَقَعَ الْمَوْتُ خَارِجَهَا بِخِلَافِ عَكْسِهِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ، وَإِنْ لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ (أَوْ) قَتَلَ (مُحْرِمًا ذَا رَحِمٍ) كَأُمٍّ وَأُخْتٍ (فَمُثَلَّثَةٌ) كَمَا فَعَلَهُ جَمْعٌ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَأَقَرَّهُمْ الْبَاقُونَ وَلِعِظَمِ حُرْمَةِ الثَّلَاثَةِ زَجَرَ عَنْهَا بِالتَّغْلِيظِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَقَطْ بِخِلَافِ حَرَمِ الْمَدِينَةِ وَالْإِحْرَامِ وَرَمَضَانَ، وَإِنْ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ الْحُرُمِ وَمُحَرَّمُ الرَّضَاعِ وَالْمُصَاهَرَةِ وَبَقِيَّةُ الْأَرْحَامِ كَبَنِي الْعَمِّ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ فِي ذَلِكَ عَلَى التَّوْقِيفِ مَعَ تَرَاخِي حُرْمَةِ غَيْرِ رَمَضَانَ وَيُفْهَمُ مِنْ سِيَاقِ الْمَتْنِ أَنَّ الْمُرَادَ مَحْرَمٌ ذُو رَحِمٍ
ــ
[حاشية الشرواني]
وَسَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ (قَوْلُهُ فَلَوْ رَمَى) إلَى قَوْلِهِ وَقِيَاسُ مَا تَقَرَّرَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَلَمْ يَعْتَمِدْ عَلَيْهِ وَحْدَهُ وَقَوْلُهُ كَذَا قِيلَ إلَى وَبِالْمُحَرَّمِ (قَوْلُهُ أَوْ مِنْ الْحِلِّ إلَخْ) أَيْ رَمَى شَخْصٌ مِنْ الْحِلِّ إلَخْ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَفْصَحِ فِيهِمَا) وَسُمِّيَا بِذَلِكَ لِقُعُودِهِمْ عَنْ الْقِتَالِ فِي الْأَوَّلِ وَلِوُقُوعِ الْحَجِّ فِي الثَّانِي مُغْنِي (قَوْلُهُ إشْعَارًا بِكَوْنِهِ إلَخْ) وَكَأَنَّهُ قِيلَ هَذَا الشَّهْرُ الَّذِي يَكُونُ أَبَدًا أَوَّلَ السَّنَةِ مُغْنِي (قَوْلُهُ لَا لِلتَّعْرِيفِ) أَيْ فَإِنَّ تَعْرِيفَهُ بِ الْعَلَمِيَّةِ لَا بِاللَّامِ (قَوْلُهُ فَالْمُرَادُ) أَيْ بِقَوْلِ الْقَائِلِ خَصُّوهُ بِالتَّعْرِيفِ خَصُّوهُ أَيْ اسْمَ هَذَا الشَّهْرِ بِأَلْ وَقَوْلُهُ وَبِالْمُحَرَّمِ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى بِالتَّعْرِيفِ أَيْ سَمَّوْا هَذَا الشَّهْرَ بِالْمُحَرَّمِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الشُّهُورِ بِالتَّعْرِيفِ (قَوْلُهُ مَعَ تَحْرِيمِ الْقِتَالِ) أَيْ قَبْلَ النَّسْخِ (قَوْلُهُ فِي جَمِيعِهَا) أَيْ: الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَفْضَلُهَا) لَعَلَّهُ مِنْ حَيْثُ الْمَجْمُوعُ فَلَا يُنَافِي أَنَّ يَوْمَ عَرَفَةَ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ ع ش (قَوْلُهُ مَنْ عَدَّهَا إلَخْ) وَهُمْ الْكُوفِيُّونَ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَهَذَا التَّرْتِيبُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي عَدِّ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَجَعْلِهَا مِنْ سَنَتَيْنِ هُوَ الصَّوَابُ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ. اهـ.
(قَوْلُهُ لِتَظَافُرِ الْأَحَادِيثِ) أَيْ تَتَابُعِهَا ع ش (قَوْلُهُ بِهِ) أَيْ بِالْأَوَّلِ مِنْ أَنَّهَا مِنْ سَنَتَيْنِ وَأَنْ أَوَّلَهَا ذُو الْقَعْدَةِ (قَوْلُهُ فَلَوْ نَذَرَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي قَالَ ابْنُ دِحْيَةَ وَيَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا نَذَرَ صَوْمَهَا أَيْ مُرَتَّبَةً فَعَلَى الْأَوَّلِ يُبْتَدَأُ بِذِي الْقَعْدَةِ وَعَلَى الثَّانِي بِالْمُحَرَّمِ. اهـ.
(قَوْلُهُ بَدَأَ بِالْقَعْدَةِ) أَيْ فِيمَا إذَا نَذَرَ الْبُدَاءَةَ بِالْأَوَّلِ كَمَا فِي حَاشِيَةِ الزِّيَادِيِّ بَحْثًا رَشِيدِيٌّ زَادَ ع ش أَمَّا لَوْ أَطْلَقَ فَقَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ يَبْدَأُ بِمَا يَلِي نَذْرَهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ عَكْسِهِ) خِلَافًا لِلْمُغْنِي عِبَارَتُهُ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ رَمَى فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ وَأَصَابَ فِي غَيْرِهِ أَوْ عَكْسَهُ، أَوْ جَرَحَهُ فِيهَا وَمَاتَ فِي غَيْرِهَا، أَوْ عَكْسَهُ أَنْ تُغَلَّظَ الدِّيَةُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَرَمِ وَغَيْرِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْمُقْرِي فِي إرْشَادِهِ اهـ وَرَدَّهُ سم بَعْدَ ذِكْرِهِ كَلَامَ الْإِرْشَادِ بِمَا نَصُّهُ وَقَضِيَّتُهُ أَيْ كَلَامِ الْإِرْشَادِ عَدَمُ التَّثْلِيثِ إذَا وَقَعَ كُلٌّ مِنْ الرَّمْيِ وَالْإِصَابَةِ خَارِجَهَا، وَإِنْ وَقَعَ الْمَوْتُ فِيهَا وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّهُ يُفِيدُ هَذَا الْمُتَّجَهَ الَّذِي قَالَهُ فَفِي قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ وَقْفَةً؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْإِرْشَادِ إنْ لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا فِيهِ كَانَ فِي مَعْنَى الصَّرِيحِ وَوَقَعَ لِبَعْضِهِمْ بَحْثٌ أَنَّ الْإِصَابَةَ فِي غَيْرِهَا وَالْمَوْتَ فِيهَا تَقْتَضِي التَّغْلِيظَ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ فَلْيُحَرَّرْ. اهـ
(قَوْلُهُ كَأُمٍّ وَأُخْتٍ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَالْخَطَأُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَالذِّمِّيُّ وَالْمَجُوسِيُّ وَالْجَنِينُ وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَإِلَّا فَغَالِبٌ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَعَلَيْهِ كَثِيرُونَ أَوْ الْأَكْثَرُونَ (قَوْلُهُ كَأُمٍّ وَأُخْتٍ) كَانَ يَنْبَغِي كَأَبٍ وَأَخٍ إذْ الْكَلَامُ هُنَا فِي دِيَةِ الْكَامِلِ وَأَمَّا غَيْرُهُ كَالْمَرْأَةِ فَسَيَأْتِي رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ وَأَقَرَّهُمْ الْبَاقُونَ) فَكَانَ إجْمَاعًا وَهَذَا لَا يُدْرَكُ بِالِاجْتِهَادِ بَلْ بِالتَّوْقِيفِ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُغْنِي (قَوْلُهُ وَلِعَظَمِ حُرْمَةِ الثَّلَاثَةِ) أَيْ حَرَمِ مَكَّةَ وَالْأَشْهُرِ الْحُرُمِ وَمَحْرَمٍ ذِي رَحِمٍ (قَوْلُهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ) أَيْ التَّثْلِيثِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ حَرَمِ الْمَدِينَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَخَرَجَ بِالْحَرَمِ الْإِحْرَامُ؛ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ عَارِضَةٌ غَيْرُ مُسْتَمِرَّةٍ وَبِمَكَّةَ حَرَمُ الْمَدِينَةِ بِنَاءً عَلَى مَنْعِ الْجَزَاءِ بِقَتْلِ صَيْدِهِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ. اهـ.
(قَوْلُهُ مِنْ الْحُرُمِ) أَيْ مِنْ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ (قَوْلُهُ مَحْرَمٌ ذُو رَحِمٍ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
فِي الْحِلِّ إلَى الْحَرَمِ وَمَاتَ فِيهِ وَقَوْلُهُ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي صَيْدِ الْحَرَمِ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ إذَا جُرِحَ الصَّيْدُ فِي الْحِلِّ ثُمَّ دَخَلَ الْحَرَمَ وَمَاتَ فِيهِ لَمْ يَضْمَنْ وَبِهِ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ فَقَالَ فَرْعٌ لَوْ أَرْسَلْت كَلْبًا أَوْ سَهْمًا مِنْ الْحِلِّ إلَى صَيْدٍ فِيهِ فَوَصَلَ إلَيْهِ فِي الْحِلِّ وَتَحَامَلَ الصَّيْدُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَقْلِ الْكَلْبِ لَهُ إلَى الْحَرَمِ فَمَاتَ فِيهِ لَمْ يَضْمَنْهُ، وَلَمْ يَحِلَّ أَكْلُهُ احْتِيَاطًا لِحُصُولِ قَتْلِهِ فِي الْحَرَمِ نَقَلَ ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ. اهـ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ جَرَحَ إنْسَانًا فِي غَيْرِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ فَمَاتَ بَعْدَ دُخُولِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ لَا تُغَلَّظُ دِيَتُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ كَمَا بَحَثَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ إلَخْ؛ لِأَنَّ غَايَةَ الْأَمْرِ إلْحَاقُ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ بِالْحَرَمِ فَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ التَّغْلِيظِ فِي ذَلِكَ مَمْنُوعٌ فَلْيُحْذَرْ
(قَوْلُهُ: وَهُوَ مُتَّجَهٌ، وَإِنْ لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ) اعْلَمْ أَنَّ فِي الْإِرْشَادِ مَا نَصُّهُ وَمُثَلَّثَةٌ فِي حُرُمِ شُهُورٍ كَمَكَّةَ رَمْيًا، أَوْ إصَابَةً. اهـ وَهُوَ مُصَرِّحٌ بِالِاكْتِفَاءِ فِي التَّثْلِيثِ بِوُقُوعِ الرَّمْيِ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، وَإِنْ وَقَعَتْ الْإِصَابَةُ وَالْمَوْتُ خَارِجَهَا وَبِوُقُوعِ الْإِصَابَةِ فِيهَا وَإِنْ وَقَعَ الرَّمْيُ وَالْمَوْتُ خَارِجَهَا وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ التَّثْلِيثِ إذَا وَقَعَ كُلٌّ مِنْ الرَّمْيِ وَالْإِصَابَةِ خَارِجَهَا، وَإِنْ وَقَعَ الْمَوْتُ فِيهَا وَلِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّهُ يُقَيَّدُ هَذَا الْمُتَّجَهُ الَّذِي قَالَهُ فَفِي قَوْلِهِ، وَإِنْ لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ وَقْفَةٌ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْإِرْشَادِ الْمَذْكُورِ إنْ لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا فِيهِ كَانَ فِي مَعْنَى الصَّرِيحِ فِيهِ نَعَمْ قَدْ اعْتَرَضَهُ فِي شَرْحِهِ حَيْثُ قَالَ وَسَلِمَتْ عِبَارَةُ أَصْلِهِ مِمَّا أَوْهَمَتْهُ عِبَارَتُهُ مِنْ تَعَلُّقِ قَوْلِهِ رَمْيًا، أَوْ إصَابَةً بِالْأَشْهُرِ الْحُرُمِ أَيْضًا وَهُوَ خِلَافُ الْمَعْرُوفِ مِنْ اخْتِصَاصِ