الْمُتَيَمِّمُ فَلَا يَقْضِي وَإِنْ قَصُرَ سَفَرُهُ لِعُمُومِ الْفَقْدِ فِيهِ وَالتَّعْبِيرُ بِهِمَا لِلْغَالِبِ وَالضَّابِطُ أَنَّهُ مَتَى تَيَمَّمَ بِمَحَلٍّ الْغَالِبُ وَقْتَ التَّيَمُّمِ فِيهِ أَيْ وَفِيمَا حَوَالَيْهِ إلَى حَدِّ الْقُرْبِ مِنْ سَائِرِ الْجَوَانِبِ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ السَّعْيُ لِذَلِكَ عِنْدَ تَيَقُّنِ الْمَاءِ فِيهِ فَلَا تُعْتَبَرُ الْغَلَبَةُ فِيمَا وَرَاءَ ذَلِكَ وُجُودُ الْمَاءِ أَعَادَ وَإِلَّا بِأَنْ غَلَبَ فَقْدُهُ أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ فَلَا وَلَا يُعْتَبَرُ مَحَلُّ الصَّلَاةِ عَلَى الْأَوْجَهِ (إلَّا الْعَاصِيَ بِسَفَرِهِ) كَآبِقٍ وَنَاشِزَةٍ فَإِنَّهُ يَقْضِي سَوَاءٌ تَيَمَّمَ لِفَقْدِ مَاءٍ أَوْ جُرْحٍ أَوْ مَرَضٍ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ سُقُوطَ الْفَرْضِ بِالتَّيَمُّمِ فِيهِ رُخْصَةٌ
ــ
[حاشية الشرواني]
وَقَوْلَهُ أَوْ جُرْحٍ أَوْ مَرَضٍ. (قَوْلُهُ الْمُتَيَمِّمُ) أَيْ لِفَقْدِ الْمَاءِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي. (قَوْلُهُ لِعُمُومِ الْفَقْدِ إلَخْ) يَعْنِي لِعَدَمِ نُدْرَتِهِ فَيَشْمَلُ اسْتِوَاءَ الْأَمْرَيْنِ. (قَوْلُهُ وَالتَّعْبِيرُ بِهِمَا) أَيْ بِالْمُقِيمِ وَالْمُسَافِرِ وَوَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّا لَوْ كَانَ بِمَحَلٍّ مَاؤُهُ قَرِيبٌ بِحَيْثُ لَوْ حَفَرَ الْأَرْضَ حَصَلَ الْمَاءَ أَيْ بِغَيْرِ مَشَقَّةٍ تُبِيحُ التَّيَمُّمَ هَلْ يُكَلَّفُ ذَلِكَ وَلَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ حِينَئِذٍ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ لَائِقٍ بِهِ الْحَفْرُ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ يُغْتَفَرُ فِي جَانِبِ الْعِبَادَةِ ع ش. (قَوْلُهُ لِلْغَائِبِ) فَلَوْ صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ، ثُمَّ شَكَّ فِي أَنَّ الْمَحَلَّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ أَوْ لَا فَهَلْ يَسْقُطُ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَوَّلُ غَيْرُ بَعِيدٍ سم وَعِ ش. (قَوْلُهُ وَقْتَ التَّيَمُّمِ) يَأْتِي مَا فِيهِ. (قَوْلُهُ وُجُودُ الْمَاءِ) فَاعِلُ قَوْلِهِ السَّابِقِ الْغَالِبُ. (قَوْلُهُ وَلَا يُعْتَبَرُ إلَخْ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي عِبَارَتُهُمَا وَاللَّفْظُ لِلْأَوَّلِ وَتَعْبِيرُهُمْ بِمَكَانِ التَّيَمُّمِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ مِنْ عَدَمِ اخْتِلَافِ مَكَانِ التَّيَمُّمِ وَالصَّلَاةِ بِهِ فِي نُدْرَةِ فَقْدِ الْمَاءِ وَعَدَمِ نُدْرَتِهِ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ فَالِاعْتِبَارُ حِينَئِذٍ بِمَكَانِ الصَّلَاةِ بِهِ كَمَا أَفْتَى بِذَلِكَ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اهـ. (قَوْلُهُ عَلَى الْأَوْجَهِ) الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ اعْتِبَارُ مَحَلِّ الصَّلَاةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ الْإِحْرَامُ بِالصَّلَاةِ حَتَّى لَوْ أَحْرَمَ فِي مَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ الْفَقْدُ وَانْتَقَلَ فِي بَقِيَّتِهَا إلَى مَحَلٍّ بِخِلَافِهِ فَلَا قَضَاءَ (تَنْبِيهٌ)
إذَا اعْتَبَرْنَا مَحَلَّ الصَّلَاةِ فَهَلْ يُعْتَبَرُ فِي زَمَنِ الصَّلَاةِ حَتَّى لَوْ وَقَعَتْ فِي صَيْفٍ وَكَانَ الْغَالِبُ فِي صَيْفِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ الْعَدَمُ وَفِي شِتَائِهِ الْوُجُودُ فَلَا قَضَاءَ وَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ وَجَبَ الْقَضَاءُ أَوْ فِي جَمِيعِ الْعَامِ أَوْ غَالِبِهِ أَوْ جَمِيعِ الْعُمُرِ أَوْ غَالِبِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ وَعَلَيْهِ فَلَوْ غَلَبَ الْوُجُودُ صَيْفًا وَشِتَاءً فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ لَكِنْ غَلَبَ الْعَدَمُ فِي خُصُوصِ ذَلِكَ الصَّيْفِ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ فَهَلْ يُعْتَبَرُ ذَلِكَ فَيَسْقُطُ الْقَضَاءُ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ اعْتِبَارُهُ وَيَجْرِي جَمِيعُ ذَلِكَ فِي مَحَلِّ التَّيَمُّمِ إنْ اعْتَبَرْنَاهُ سم عَلَى حَجّ أَقُولُ وَمَا ذَكَرَ أَنَّهُ الْأَقْرَبُ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِ حَجّ وَقْتَ التَّيَمُّمِ وَهُوَ مُرَادُ الشَّارِحِ م ر فَإِنَّهُ لَمْ يُخَالِفْ إلَّا فِي كَوْنِ الْمَكَانِ مُعْتَبَرًا فِيهِ التَّيَمُّمُ أَوْ الصَّلَاةُ ع ش قَوْلُ الْمَتْنِ (بِسَفَرِهِ) خَرَجَ بِهِ الْعَاصِي فِي سَفَرِهِ كَأَنْ زَنَى أَوْ سَرَقَ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمُرَخِّصَ غَيْرُ مَا بِهِ الْمَعْصِيَةُ نِهَايَةٌ. (قَوْلُهُ كَآبِقٍ إلَخْ) وَمَنْ سَافَرَ لِيُتْعِبَ نَفْسَهُ أَوْ دَابَّتَهُ عَبَثًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِالتَّيَمُّمِ وَيَقْضِيَ مُغْنِي. (قَوْلُهُ لِفَقْدِ مَاءٍ) يُحْتَمَلُ تَقْيِيدُ الْفَقْدِ بِعَدَمِهِ فَإِنْ كَانَ لِمَانِعٍ حِسِّيٍّ كَسَبُعٍ حَائِلٍ وَتَأَخُّرِ نَوْبَتِهِ فِي بِئْرٍ تَنَاوَبُوهُ عَنْ الْوَقْتِ لَمْ يَبْعُدْ عَدَمُ الْقَضَاءِ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ أَوْ جُرْحٍ) أَوْ مَرَضٍ قَدْ يُقَالُ إنْ فُرِضَ تَيَمُّمُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ قَبْلَ التَّوْبَةِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا سَيَأْتِي فَصَلَاتُهُ حِينَئِذٍ بِلَا تَيَمُّمٍ وَكَلَامُنَا فِي الْمُتَيَمِّمِ أَوْ بَعْدَهَا فَلَا وَجْهَ لِلْقَضَاءِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْصِيَةُ لِانْقِطَاعِهَا وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مُرَادَهُ الْأَوَّلُ وَاكْتَفَى بِوُجُودِ التَّيَمُّمِ صُورَةً بَصْرِيٌّ أَيْ وَلَوْ حَذَفَهُ كَغَيْرِهِ لَكَانَ أَسْلَمَ مِنْ السُّؤَالِ وَتَكَلُّفِ الْجَوَابِ قَوْلُ الْمَتْنِ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي لَا يَقْضِي لِأَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ صَارَ عَزِيمَةً وَفِي وَجْهٍ ثَالِثٍ لَا يَسْتَبِيحُ التَّيَمُّمَ أَصْلًا وَيُقَالُ لَهُ إنْ تُبْتَ اسْتَبَحْتَ وَإِلَّا أَثِمْت بِتَرْكِ الصَّلَاةِ مُغْنِي فَمَا يَأْتِي مِنْ التَّعْلِيلَيْنِ رَدٌّ لِهَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ لِلْأَوَّلِ وَالثَّانِي لِلثَّانِي وَيَنْدَفِعُ بِذَلِكَ تَوَقُّفُ سم فِي التَّعْلِيلِ الثَّانِي وَقَوْلُ الرَّشِيدِيِّ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ مَعْنًى هُنَا لِأَنَّهُ مُسَاوٍ لِتَعْلِيلِ الْوَجْهِ الثَّانِي اهـ.
[حاشية ابن قاسم العبادي]
الْبَغَوِيّ فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ.
. (قَوْلُهُ وَلَا يُعْتَبَرُ مَحَلُّ الصَّلَاةِ عَلَى الْأَوْجَهِ) الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ اعْتِبَارُ مَحَلِّ الصَّلَاةِ وَمَنْ عَبَّرَ بِمَحَلِّ التَّيَمُّمِ فَهُوَ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَإِنَّ الْغَالِبَ اتِّحَادُ مَحِلِّهِمَا وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ الْإِحْرَامُ بِالصَّلَاةِ حَتَّى لَوْ أَحْرَمَ فِي مَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ الْفَقْدُ وَانْتَقَلَ فِي بَقِيَّتِهَا إلَى مَحَلٍّ بِخِلَافِهِ فَلَا قَضَاءَ فَلْيُتَأَمَّلْ فَلَوْ صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ، ثُمَّ شَكَّ فِي أَنَّ الْمَحَلَّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ أَوْ لَا فَهَلْ يَسْقُطُ الْقَضَاءُ؛ لِأَنَّهُ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ غَلَبَةِ الْوُجُودِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَوَّلُ غَيْرُ بَعِيدٍ (تَنْبِيهٌ)
إذَا اعْتَبَرْنَا مَحَلَّ الصَّلَاةِ فَهَلْ يُعْتَبَرُ زَمَنُ الصَّلَاةِ حَتَّى لَوْ وَقَعَتْ فِي صَيْفٍ وَكَانَ الْغَالِبُ فِي صَيْفِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ الْعَدَمُ وَفِي شِتَائِهِ الْوُجُودُ فَلَا قَضَاءَ وَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ وَجَبَ الْقَضَاءُ أَوْ فِي جَمِيعِ الْعَامِ أَوْ غَالِبِهِ أَوْ جَمِيعِ الْعُمُرِ أَوْ غَالِبِهِ فِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّ الْأَوْجَهَ الْأَوَّلُ وَعَلَيْهِ فَلَوْ غَلَبَ الْوُجُودُ صَيْفًا وَشِتَاءً فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ لَكِنْ غَلَبَ الْعَدَمُ فِي خُصُوصِ ذَلِكَ الصَّيْفِ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ فَهَلْ يُعْتَبَرُ ذَلِكَ فَيَسْقُطُ الْقَضَاءُ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ اعْتِبَارُهُ وَيَجْرِي جَمِيعُ ذَلِكَ فِي مَحَلِّ التَّيَمُّمِ إنْ اعْتَبَرْنَاهُ (قَوْلُهُ لِفَقْدِ مَاءٍ) يُحْتَمَلُ تَقْيِيدُهُ بِالْفَقْدِ وَعَدَمِهِ فَإِنْ كَانَ لِمَانِعٍ حِسِّيٍّ كَسَبُعٍ حَائِلٍ وَتَأَخُّرِ نَوْبَتِهِ فِي بِئْرٍ تَنَاوَبُوهُ عَنْ الْوَقْتِ فَلَا يَبْعُدُ عَدَمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute