مَا يُفْعَلُ مِنْهُ لِمَا كَانَ يَفْعَلُهُ النَّبِيُّ الَّذِي عُلِّمَهُ، وَأَنَّى يُظَنُّ ذَلِكَ فَضْلًا عَنْ عِلْمِهِ وَشَعِيرٍ وَحَصًى وَشَعْبَذَةٍ وَالتَّفَرُّجُ عَلَى فَاعِلِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كَمَا، هُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ ثُمَّ رَأَيْتُ فِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ وَالْخَبَرُ الصَّحِيحُ «مَنْ أَتَى عَرَّافًا لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ يَوْمًا» يَشْمَلُهُ وَنَفْيُ الْقَبُولِ فِيهِ نَفْيٌ لِلثَّوَابِ لَا لِلصِّحَّةِ وَمَرَّ قُبَيْلَ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْقَاتِلِ بِالْعَيْنِ، وَإِنْ تَعَمَّدَ وَنَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ أَفْتَى بِأَنَّ لِوَلِيِّ الدَّمِ قَتْلَ وَلِيٍّ قَتَلَ مُوَرِّثَهُ بِالْحَالِ؛ لِأَنَّ لَهُ فِيهِ اخْتِيَارًا كَالسَّاحِرِ وَحِينَئِذٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ تَفْصِيلُهُ انْتَهَى وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الَّذِي يَتَّجِهُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ كَعَائِنٍ تَعَمَّدَ وَقَدْ اُعْتِيدَ مِنْهُ دَائِمًا قَتْلُ مَنْ تَعَمَّدَ النَّظَرَ إلَيْهِ عَلَى أَنَّ الْقَتْلَ بِالْحَالِ حَقِيقَةً إنَّمَا يَكُونُ لِمُهْدَرٍ لِعَدَمِ نُفُوذِ حَالِهِ فِي مُحَرَّمٍ إجْمَاعًا
(وَلَوْ شَهِدَ لِمُوَرِّثِهِ) غَيْرُ أَصْلٍ وَفَرْعٍ (بِجَرْحٍ) يُمْكِنُ إفْضَاؤُهُ لِلْهَلَاكِ (قَبْلَ الِانْدِمَالِ لَمْ يُقْبَلْ) وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لِتُهْمَتِهِ إذْ لَوْ مَاتَ كَانَ الْأَرْشُ لَهُ فَكَأَنَّهُ شَهِدَ لِنَفْسِهِ وَلَا نَظَرَ لِوُجُودِ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ وَقَدْ يُبْرِئُ الدَّائِنُ أَوْ يُصَالِحُ وَكَوْنُهُ لِمَنْ لَا يُتَصَوَّرُ إبْرَاؤُهُ كَزَكَاةٍ نَادِرٍ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ وَالْعِبْرَةُ بِكَوْنِهِ مُوَرِّثَهُ حَالَ الشَّهَادَةِ فَإِنْ كَانَ عِنْدَهَا مَحْجُوبًا ثُمَّ زَالَ الْمَانِعُ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْحُكْمِ بِالشَّهَادَةِ بَطَلَتْ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا (وَبَعْدَهُ يُقْبَلُ) إذْ لَا تُهْمَةَ (وَكَذَا تُقْبَلُ) شَهَادَتُهُ لِمُوَرِّثِهِ (بِمَالٍ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ بِالسَّبَبِ النَّاقِلِ لِلشَّاهِدِ بِتَقْدِيرِ الْمَوْتِ بِخِلَافِ الْجَرْحِ؛ وَلِأَنَّ الْمَالَ يَجِبُ هُنَا حَالًا وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ الْمَرِيضُ كَيْفَ أَرَادَ وَثَمَّ لَا يَجِبُ إلَّا بِالْمَوْتِ فَيَكُونُ لِلْوَارِثِ
(وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْعَاقِلَةِ بِفِسْقِ شُهُودِ قَتْلٍ) أَوْ نَحْوِهِ (يَحْمِلُونَهُ) أَوْ بِتَزْكِيَةِ شُهُودِ الْفِسْقِ لِدَفْعِهِمْ بِذَلِكَ الْغُرْمِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَكَذَا إنْ لَمْ يَحْمِلُوهُ لِفَقْرِهِمْ لَا لِكَوْنِ الْأَقْرَبِينَ يَفُونَ بِالْوَاجِبِ لِأَنَّ الْغَنِيَّ قَرِيبٌ فِي الْفَقِيرِ بِخِلَافِ الْمَوْتِ وَلَا نَظَرَ إلَى تَحَمُّلِ الْبَعِيدِ لِفَقْرِ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ كَثِيرًا يُقَرِّبُ غِنَى نَفْسِهِ وَيُعْرِضُ عَنْ أَمْرِ غَيْرِهِ غِنًى وَفَقْرًا فَالتُّهْمَةُ الْمَبْنِيَّةُ عَلَى تَقْدِيرِ غِنَى نَفْسِهِ أَظْهَرُ مِنْ التُّهْمَةِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى فَقْرِ غَيْرِهِ الْغَنِيِّ أَمَّا قَتْلٌ لَا يَحْمِلُونَهُ كَبَيِّنَةٍ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِأَنَّهُ قَتَلَ عَمْدًا فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ بِنَحْوِ فِسْقِهِمْ إذْ لَا تُهْمَةَ (وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى اثْنَيْنِ بِقَتْلِهِ) أَيْ الْمُدَّعَى بِهِ (فَشَهِدَا عَلَى الْأَوَّلَيْنِ بِقَتْلِهِ) مُبَادِرَيْنِ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ بَعْدَهُ
(فَإِنْ صَدَّقَ الْوَلِيُّ) الْمُدَّعِي (الْأَوَّلَيْنِ) يَعْنِي اسْتَمَرَّ عَلَى تَصْدِيقِهِمَا حَتَّى لَوْ سَكَتَ جَازَ لِلْحَاكِمِ الْحُكْمُ بِهَا؛ لِأَنَّ طَلَبَهُ مِنْهُمَا الشَّهَادَةَ كَافٍ فِي جَوَازِ الْحُكْمِ بِهَا كَذَا قِيلَ وَيَرُدُّهُ مَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْقَضَاءِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْحُكْمُ بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ إلَّا إنْ سَأَلَ الْمُدَّعِي فِيهِ فَالْمُرَادُ سَكَتَ عَنْ التَّصْدِيقِ
ــ
[حاشية الشرواني]
الضَّرْبِ بِرَمْلٍ وَكَذَا ضَمِيرُ مِنْهُ وَضَمِيرُ عُلِّمَهُ (قَوْلُهُ: مَا يُفْعَلُ) بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ: عُلِّمَهُ) بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنْ التَّعْلِيمِ (قَوْلُهُ: ذَلِكَ) أَيْ الْمُوَافَقَةُ نَائِبُ فَاعِلِ يُظَنُّ (قَوْلُهُ: وَشَعِيرٍ إلَخْ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى رَمْلٍ (قَوْلُهُ: وَشَعْبَذَةٍ) عَطْفٌ عَلَى كَهَانَةٍ (قَوْلُهُ: وَالتَّفَرُّجُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى تَعَلُّمُ إلَخْ عِبَارَةُ ع ش عَنْ الدَّمِيرِيِّ وَيَحْرُمُ الْمَشْيُ إلَى أَهْلِ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ وَتَصْدِيقُهُمْ وَكَذَلِكَ تَحْرُمُ الْقِيَافَةُ وَالطَّيْرُ وَعَلَى فَاعِلِ ذَلِكَ التَّوْبَةُ مِنْهُ اهـ
(قَوْلُهُ: بِذَلِكَ) أَيْ بِحُرْمَةِ التَّفَرُّجِ (قَوْلُهُ: عَرَّافًا) مَرَّ تَفْسِيرُهُ آنِفًا (قَوْلُهُ: وَيَشْمَلُهُ) أَيْ الْمُتَفَرِّجَ (قَوْلُهُ: وَنَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ) إلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ إلَخْ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ لَهُ) أَيْ الْوَلِيِّ فِيهِ أَيْ فِي الْحَالِ أَوْ الْقَتْلِ بِهَا (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ إلَخْ) أَيْ فِي فَتْوَى الْبَعْضِ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِهِ وَلَا بِالدُّعَاءِ عَلَيْهِ كَمَا نُقِلَ ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ السَّلَفِ اهـ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ غَايَتَهُ إلَخْ) أَيْ الْوَلِيِّ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: مِنْهُ) أَيْ الْعَائِنِ (قَوْلُهُ: غَيْرُ أَصْلٍ وَفَرْعٍ) أَيْ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَابِ الشَّهَادَاتِ لِأَنَّ شَهَادَتَهُمَا لَا تُقْبَلُ مُطْلَقًا لِلْبَعْضِيَّةِ اهـ مُغْنِي
(قَوْلُهُ: يُمْكِنُ إفْضَاؤُهُ) إلَى قَوْلِهِ كَذَا قِيلَ فِي الْمُغْنِي قَوْلُهُ: فِي الْمَجْلِسِ أَوْ بَعْدَهُ وَإِلَى قَوْلِهِ وَلَا يُنَافِي مُرَاجَعَةُ الْأُولَى فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَلَا نَظَرَ إلَى أَمَّا قَتْلٌ لَا يَحْمِلُونَهُ (قَوْلُهُ: يُمْكِنُ إفْضَاؤُهُ لِلْهَلَاكِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْجَرْحُ لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَسْرِيَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَسْرِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مُوَرِّثِهِ وَكَذَا ضَمِيرُ مَاتَ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُبْرِئُ الدَّائِنُ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ أَوْصَى بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ لِآخَرَ فَإِنَّ الْمُوصَى لَهُ قَدْ لَا يَقْبَلُ فَيَثْبُتُ الْمُوصَى بِهِ لِلْوَارِثِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: لِمَنْ لَا يُتَصَوَّرُ إلَخْ) أَيْ أَوْ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِصِبًا وَجُنُونٍ مُغْنِي وَعِ ش (قَوْلُهُ: كَزَكَاةٍ) أَيْ وَوَقْفٍ عَامٍّ اهـ مُغْنِي
(قَوْلُهُ: لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ التُّهْمَةَ مَوْجُودَةٌ لِاحْتِمَالِ ظُهُورِ مَالٍ لِمُوَرِّثِهِ كَانَ مَخْفِيًّا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَشَهَادَتُهُمْ بِتَزْكِيَةِ الشُّهُودِ كَشَهَادَتِهِمْ بِالْجَرْحِ اهـ مَغْنَى (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ) أَيْ الزَّوَالُ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَبَعْدَهُ) أَيْ الِانْدِمَالِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ إلَخْ) عِبَارَةُ الْجَلَالِ فِي تَعْلِيلِ مُقَابِلِ الْأَصَحِّ نَصُّهَا وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْجَرْحَ سَبَبُ الْمَوْتِ النَّاقِلِ لِلْحَقِّ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْمَالِ اهـ رَشِيدِيٌّ زَادَ الْمُغْنِي عَقِبَ مِثْلِ مَا مَرَّ عَنْ الْجَلَالِ فَإِذَا شَهِدَ بِالْجَرْحِ فَكَأَنَّهُ شَهِدَ بِالسَّبَبِ الَّذِي يَثْبُتُ بِهِ الْحَقُّ وَهَاهُنَا بِخِلَافِهِ اهـ
(قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوِهِ) أَيْ كَقَطْعِ طَرَفٍ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ اهـ مُغْنِي وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلْفِسْقِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ لَمْ يَحْمِلُوهُ لِفَقْرِهِمْ) أَيْ لَا تُقْبَلُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمَوْتِ) أَيْ مَوْتِ الْقَرِيبِ.
(قَوْلُهُ: كَبَيِّنَةٍ بِإِقْرَارِهِ) أَيْ كَشَهَادَةِ الْعَاقِلَةِ بِفِسْقِ بَيِّنَةِ إقْرَارِهِ بِالْقَتْلِ الْعَمْدِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: إذْ لَا تُهْمَةَ) أَيْ إذْ لَا تَحَمُّلَ فِيهِ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ السَّلَامَةُ مِنْ التَّكَاذُبِ وَحِينَئِذٍ لَوْ شَهِدَ إلَخْ (قَوْلُ الْمَتْنِ بِقَتْلِهِ) أَيْ شَخْصٍ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: أَيْ الْمُدَّعَى بِهِ) تَفْسِيرٌ لِقَتْلِهِ (قَوْله عَلَى الْأَوَّلَيْنِ) أَوْ عَلَى غَيْرِهِمَا مُغْنِي وَأَسْنَى (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ طَلَبَهُ) أَيْ الْمُدَّعِي اهـ ع ش (قَوْلُهُ: إنْ سَأَلَهُ) أَيْ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ الْحُكْمِ وَعِبَارَةُ الْمُغْنِي؛ لِأَنَّ دَعْوَاهُ الْقَتْلَ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِمَا وَطَلَبَهُ الشَّهَادَةَ كَافٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَالْمُرَادُ سَكَتَ عَنْ التَّصْدِيقِ) أَيْ مُرَادُ الْقِيلِ بِسُكُوتِ الْوَلِيِّ سُكُوتُهُ عَنْ -
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
التَّعْيِينِ فِي مَعْنَى الْعَفْوِ عَنْهُ فَلَا يُشْكِلُ بِأَنَّ الْوَاجِبَ الْقَوَدُ عَيْنًا
(قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ لَمْ يَحْمِلُوهُ لِفَقْرِهِمْ لَا لِكَوْنِ الْأَقْرَبِينَ إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ كَانَ الْأَبْعَدُونَ أَغْنِيَاءَ وَالْأَقْرَبُونَ فُقَرَاءَ فَهَلْ تُرَدُّ شَهَادَةُ الْأَبْعَدِينَ لِأَنَّهُمْ الْمُتَحَمِّلُونَ