للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهَذَا؛ لِأَنَّ الْبَغْيَ خُرُوجٌ عَلَى الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ الْقَائِمِ بِخِلَافَةِ النُّبُوَّةِ فِي حِرَاسَةِ الدِّينِ وَسِيَاسَةِ الدُّنْيَا وَمِنْ ثَمَّ اُشْتُرِطَ فِيهِ مَا شُرِطَ فِي الْقَاضِي وَزِيَادَةٌ كَمَا قَالَ (شَرْطُ الْإِمَامِ كَوْنُهُ مُسْلِمًا) لِيُرَاعِيَ مَصْلَحَةَ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ (مُكَلَّفًا) ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ فِي وِلَايَةِ غَيْرِهِ وَحَجْرِهِ فَكَيْفَ يَلِي أَمْرَ الْأُمَّةِ وَرَوَى أَحْمَدُ خَبَرَ «نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ إمَارَةِ الصِّبْيَانِ» (حُرًّا) ؛ لِأَنَّ مَنْ فِيهِ رِقٌّ لَا يُهَابُ وَخَبَرُ «اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، وَإِنْ وُلِّيَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ» مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْإِمَامَةِ الْعُظْمَى أَوْ لِلْمُبَالَغَةِ فَقَطْ (ذَكَرًا) لِضَعْفِ عَقْلِ الْأُنْثَى وَعَدَمِ مُخَالَطَتِهَا لِلرِّجَالِ وَصَحَّ خَبَرُ «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً» وَأُلْحِقَ بِهَا الْخُنْثَى احْتِيَاطًا فَلَا تَصِحُّ وِلَايَتُهُ، وَإِنْ بَانَ ذَكَرًا كَالْقَاضِي بَلْ أَوْلَى (قُرَشِيًّا) لِخَبَرِ «الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ» إسْنَادُهُ جَيِّدٌ لَا هَاشِمِيًّا اتِّفَاقًا

فَإِنْ فُقِدَ قُرَشِيٌّ جَامِعٌ لِلشُّرُوطِ فَكِنَانِيٌّ فَرَجُلٌ مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَرَّ فِي ذَلِكَ كَلَامٌ فِي الْفَيْءِ وَالْكَفَاءَةِ فَعَجَمِيٌّ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ وَفِي التَّتِمَّةِ بَعْدَ وَلَدِ إسْمَاعِيلِ فَجُرْهُمِيٌّ؛ لِأَنَّ جُرْهُمًا أَصْلُ الْعَرَبِ وَمِنْهُمْ تَزَوَّجَ إسْمَاعِيلُ فَمِنْ وَلَدِ إِسْحَاقَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مُجْتَهِدًا) كَالْقَاضِي بَلْ أَوْلَى بَلْ حُكِيَ فِيهِ الْإِجْمَاعُ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الْقَاضِي عَدْلٌ جَاهِلٌ أَوْلَى مِنْ فَاسِقٍ عَالِمٍ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يُمْكِنُهُ التَّفْوِيضُ لِلْعُلَمَاءِ فِيمَا يَفْتَقِرُ لِلِاجْتِهَادِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ عِنْدَ فَقْدِ الْمُجْتَهِدِينَ

ــ

[حاشية الشرواني]

هُوَ الْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ اهـ.

(قَوْلُهُ: بِهَذَا) أَيْ بِالْكَلَامِ عَلَى الْبُغَاةِ اهـ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْبَغْيَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلتَّبَعِيَّةِ (قَوْلُهُ: الْقَائِمِ بِخِلَافَةِ النُّبُوَّةِ) يُشْعِرُ التَّعْبِيرُ بِخِلَافَةِ النُّبُوَّةِ أَنَّهُ إنَّمَا يُقَالُ لِلْإِمَامِ خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ أَوْ نَبِيِّهِ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الدَّمِيرِيِّ أَنَّهُ قِيلَ لِأَبِي بَكْرٍ يَا خَلِيفَةَ اللَّهِ فَقَالَ لَسْت بِخَلِيفَةِ اللَّهِ بَلْ خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَوَّزَ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الأَرْضِ} [فاطر: ٣٩] اهـ

وَالْأَصَحُّ عَدَمُ الْجَوَازِ كَمَا فِي الْعُبَابِ وَسَمِّ عَلَى الْمَنْهَجِ اهـ ع ش عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ وَيَجُوزُ تَسْمِيَةُ الْإِمَامِ خَلِيفَةً وَخَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ الْبَغَوِيّ، وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا وَأَوَّلُ مَنْ سُمِّيَ بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَلَا يَجُوزُ تَسْمِيَتُهُ بِخَلِيفَةِ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَخْلِفُ مِنْ يَغِيبُ وَيَمُوتُ وَاَللَّهُ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَلَا يُسَمَّى أَحَدٌ خَلِيفَةَ اللَّهِ بَعْدَ آدَمَ وَدَاوُد - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - وَعَنْ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَا خَلِيفَةَ اللَّهِ فَقَالَ أَنَا خَلِيفَةُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَا رَاضٍ بِذَلِكَ اهـ

(قَوْلُ الْمَتْنِ شَرْطُ الْإِمَامِ) ، وَهُوَ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ كُلَّ شَرْطٍ أَيْ شُرُوطُهُ حَالَ عَقْدِ الْإِمَامَةِ أَوْ الْعَهْدِ بِهَا أُمُورٌ أَحَدُهَا (كَوْنُهُ مُسْلِمًا) فَلَا تَصِحُّ تَوْلِيَةُ كَافِرٍ وَلَوْ عَلَى كُفَّارٍ ثَانِيهِمَا كَوْنُهُ مُكَلَّفًا فَلَا تَصِحُّ إمَامَةُ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ بِالْإِجْمَاعِ اهـ مُغْنِي عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَةَ لَا تَنْعَقِدُ لِكَافِرٍ وَعَلَى أَنَّهُ لَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ الْكُفْرُ انْعَزَلَ وَكَذَا لَوْ تَرَكَ إقَامَةَ الصَّلَوَاتِ وَالدُّعَاءَ إلَيْهَا قَالَ وَكَذَلِكَ عِنْدَ جُمْهُورِهِمْ الْبِدْعَةُ قَالَ وَقَالَ بَعْضُ الْبَصْرِيِّينَ تَنْعَقِدُ لَهُ وَتُسْتَدَامُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَأَوِّلٌ قَالَ الْقَاضِي فَلَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ كُفْرٌ وَتَغْيِيرٌ لِلشَّرْعِ أَوْ بِدْعَةٌ خَرَجَ عَنْ حُكْمِ الْوِلَايَةِ وَسَقَطَتْ طَاعَتُهُ وَوَجَبَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الْقِيَامُ عَلَيْهِ وَخَلْعُهُ وَنَصْبُ إمَامٍ عَادِلٍ إنْ أَمْكَنَهُمْ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَقَعْ ذَلِكَ إلَّا لِطَائِفَةٍ وَجَبَ عَلَيْهِمْ الْقِيَامُ بِخَلْعِ الْكَافِرِ وَلَا يَجِبُ فِي الْمُبْتَدِعِ إلَّا إذَا ظَنُّوا الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ فَإِنْ تَحَقَّقُوا الْعَجْزَ لَمْ يَجِبْ الْقِيَامُ وَيُهَاجِرُ الْمُسْلِمُ عَنْ أَرْضِهِ إلَى غَيْرِهَا وَيَفِرُّ بِدِينِهِ اهـ

(قَوْلُهُ: خَبَرَ نَعُوذُ بِاَللَّهِ إلَخْ) مِنْ إضَافَةِ الْأَعَمِّ إلَى الْأَخَصِّ (قَوْلُهُ: أَوْ لِلْمُبَالَغَةِ) أَيْ فِي وُجُوبِ بَذْلِ الطَّاعَةِ لِلْإِمَامِ قَالَ ع ش وَالْبُجَيْرِمِيُّ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُتَغَلِّبِ الْآتِي اهـ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ بَانَ ذَكَرًا) هَلْ هَذَا عَلَى إطْلَاقِهِ أَوْ مَحَلُّهُ إذَا تَوَلَّى، وَهُوَ خُنْثَى ثُمَّ اتَّضَحَ ذَكَرًا مَحَلُّ تَأَمُّلٍ فَلْيُرَاجَعْ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الثَّانِيَ، هُوَ الْمُرَادُ اهـ سَيِّدُ عُمَرُ أَقُولُ وَيُصَرِّحُ بِالثَّانِي قَوْلُ الرَّشِيدِيِّ أَيْ فَيُحْتَاجُ إلَى تَوْلِيَتِهِ بَعْدَ التَّبَيُّنِ كَمَا، هُوَ ظَاهِرٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: لَا هَاشِمِيًّا اتِّفَاقًا) فَإِنَّ الصِّدِّيقَ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - لَمْ يَكُونُوا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: فَإِنْ فُقِدَ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ، وَإِنْ بَعُدَتْ مَسَافَتُهُ جِدًّا اهـ ع ش (قَوْلُهُ: فَرَجُلٌ مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ إلَخْ) شَمِلَ ذَلِكَ جَمِيعَ الْعَرَبِ بَعْدَ كِنَانَةَ فَهُمْ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ) وَهُمْ الْعَرَبُ كَمَا فِي الرَّوْضِ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: فَعَجَمِيٌّ كَذَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَإِنْ عُدِمَ فَرَجُلٌ جُرْهُمِيٌّ كَمَا فِي التَّتِمَّةِ وَجُرْهُمٌ أَصْلُ الْعَرَبِ إلَخْ وَإِنْ عُدِمَ فَرَجُلٌ مِنْ وَلَدِ إِسْحَاقَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ غَيْرُهُمْ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَفِي التَّتِمَّةِ إلَخْ) وَهَذَا، هُوَ الرَّاجِحُ؛ لِأَنَّ جَرَّهُمَا مِنْ الْعَرَبِ فِي الْجُمْلَةِ اهـ ع ش (قَوْلُ الْمَتْنِ مُجْتَهِدًا) أَيْ وَلَوْ فَاسِقًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ إلَخْ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِيهِ) أَيْ قَوْلُ الْمَتْنِ مُجْتَهِدًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَحَلَّهُ) قَدْ يُقَالُ يُنَافِي هَذَا الْحَمْلَ قَوْلُهُ: أَيْ الْقَاضِي فِيمَا يَفْتَقِرُ لِلِاجْتِهَادِ فَلْيُتَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْتُ الْفَاضِلَ الْمُحَشِّيَ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ اهـ سَيِّدُ عُمَرُ ثُمَّ قَالَ أَيْ الْمُحَشِّي إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ فَقْدُ الْمُجْتَهِدِينَ الْمُتَّصِفِينَ بِبَقِيَّةِ شُرُوطِ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

شَرْطُ الْإِمَامِ كَوْنُهُ مُسْلِمًا مُكَلَّفًا إلَخْ) (قَوْلُهُ: وَفِي التَّتِمَّةِ بَعْدَ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ إلَخْ) جَزَمَ فِي الرَّوْضِ بِمَا فِي التَّتِمَّةِ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ قُرَيْشٌ مِنْ وَلَدِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ فَكَمَا قَالُوا إذَا فُقِدَ قُرَشِيٌّ وَلِيَ كِنَانِيٌّ هَلَّا قَالُوا إذَا فُقِدَ كِنَانِيٌّ وَلِيَ خُزَيْمِيٌّ وَهَكَذَا يَرْتَقِي إلَى أَبٍ أَبٍ بَعْدَ حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى إسْمَاعِيلِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْقَاضِي فَمَا ذَكَرُوهُ مِثَالٌ يُقَاسُ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ الْأَخِيرِ وَقْفَةٌ ظَاهِرَةٌ إذْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَنْ فَوْقَ عَدْنَانَ لَا يَصِحُّ فِيهِ شَيْءٌ وَلَا يُمْكِنُ حِفْظُ النَّسَبِ فِيهِ مِنْهُ إلَى إسْمَاعِيلَ اهـ كَلَامُ شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ إلَخْ) فِيهِ حَزَازَةٌ؛ لِأَنَّ أَوْلَوِيَّةَ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ عَلَى الْآخَرِ تَقْتَضِي وُجُودَهُمَا إذْ مَعَ فَقَدْ أَحَدِهِمَا لَا مَعْنَى لِأَوَّلِيَّةِ الْآخَرِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِالْعَالِمِ غَيْرِ الْمُجْتَهِدِ لَكِنَّ قَوْلَهُ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ إلَى فِيمَا يَفْتَقِرُ لِلِاجْتِهَادِ يَقْتَضِي وُجُودَ الْمُجْتَهِدِينَ فَيُنَافِي قَوْلَهُ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ إلَخْ إلَّا أَنْ يُقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>