للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَوْنُ أَكْثَرِ مَنْ وَلِيَ أَمْرَ الْأُمَّةِ بَعْدَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ غَيْرَ مُجْتَهِدِينَ إنَّمَا، هُوَ لِتَغَلُّبِهِمْ فَلَا يَرِدُ (شُجَاعًا) لِيَغْزُوَ بِنَفْسِهِ وَيُدَبِّرَ الْجُيُوشَ وَيَفْتَحَ الْحُصُونَ وَيَقْهَرَ الْأَعْدَاءَ (ذَا رَأْيٍ) يَسُوسُ بِهِ الرَّعِيَّةَ وَيُدَبِّرَ مَصَالِحَهُمْ الدِّينِيَّةَ وَالدُّنْيَوِيَّةَ

قَالَ الْهَرَوِيُّ وَأَدْنَاهُ أَنْ يَعْرِفَ أَقْدَارَ النَّاسِ (وَسَمْعٍ) ، وَإِنْ قَلَّ (وَبَصَرٍ) ، وَإِنْ ضَعُفَ بِحَيْثُ لَمْ يَمْنَعْ التَّمْيِيزَ بَيْنَ الْأَشْخَاصِ أَوْ كَانَ أَعْوَرَ أَوْ أَعْشَى (وَنُطْقٍ) يُفْهِمُ، وَإِنْ فَقَدَ الذَّوْقَ وَالشَّمَّ وَذَلِكَ لِيَتَأَتَّى مِنْهُ فَصْلُ الْأُمُورِ وَعَدْلًا كَالْقَاضِي بَلْ أَوْلَى فَلَوْ اُضْطُرَّ لِوِلَايَةِ فَاسِقٍ جَازَ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَوْ تَعَذَّرَتْ الْعَدَالَةُ فِي الْأَئِمَّةِ وَالْحُكَّامِ قَدَّمْنَا أَقَلَّهُمْ فِسْقًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ إذْ لَا سَبِيلَ إلَى جَعْلِ النَّاسِ فَوْضَى وَيُلْحَقُ بِهَا الشُّهُودُ فَإِذَا تَعَذَّرَتْ الْعَدَالَةُ فِي أَهْلِ قُطْرٍ قُدِّمَ أَقَلُّهُمْ فِسْقًا عَلَى مَا يَأْتِي وَسَلِيمًا مِنْ نَقْصٍ يَمْنَعُ اسْتِيفَاءَ الْحَرَكَةِ وَسُرْعَةَ النُّهُوضِ وَتُعْتَبَرُ هَذِهِ الشُّرُوطُ فِي الدَّوَامِ أَيْضًا إلَّا الْعَدَالَةَ فَقَدْ مَرَّ فِي الْوَصَايَا أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ، وَإِلَّا الْجُنُونَ إذَا كَانَ زَمَنُ الْإِفَاقَةِ أَكْثَرَ وَتَمَكَّنَ فِيهِ مِنْ أُمُورِهِ وَإِلَّا قَطْعَ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ فَيُغْتَفَرُ دَوَامًا لَا ابْتِدَاءً بِخِلَافِ قَطْعِ الْيَدَيْنِ أَوْ الرِّجْلَيْنِ لَا يُغْتَفَرُ مُطْلَقًا

. (وَتَنْعَقِدُ الْإِمَامَةُ) بِطُرُقٍ أَحَدُهَا (بِالْبَيْعَةِ) كَمَا بَايَعَ الصَّحَابَةُ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - (وَالْأَصَحُّ) أَنَّ الْمُعْتَبَرَ، هُوَ (بَيْعَةُ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَالرُّؤَسَاءِ وَوُجُوهِ النَّاسِ الَّذِينَ يَتَيَسَّرُ اجْتِمَاعُهُمْ) حَالَةَ الْبَيْعَةِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ كُلْفَةٌ عُرْفًا فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ يَنْتَظِمُ بِهِمْ وَيَتَّبِعُهُمْ سَائِرُ النَّاسِ وَيَكْفِي بَيْعَةُ وَاحِدٍ انْحَصَرَ الْحَلُّ وَالْعَقْدُ فِيهِ أَمَّا بَيْعَةُ غَيْرِ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ مِنْ الْعَوَامّ فَلَا عِبْرَةَ بِهَا وَيُشْتَرَطُ قَبُولُهُ لِبَيْعَتِهِمْ كَذَا قِيلَ وَلَوْ قِيلَ الشَّرْطُ عَدَمُ الرَّدِّ لَمْ يَبْعُدْ فَإِنْ امْتَنَعَ لَمْ يُجْبَرْ إلَّا إنْ لَمْ يَصْلُحْ غَيْرُهُ (وَشَرْطُهُمْ) أَيْ الْمُبَايِعِينَ (صِفَةُ الشُّهُودِ) مِنْ الْعَدَالَةِ وَغَيْرِهَا مِمَّا يَأْتِي أَوَّلَ الشَّهَادَاتِ قَالَا وَكَوْنُهُ مُجْتَهِدًا إنْ اتَّحَدَ وَإِلَّا فَمُجْتَهِدٌ فِيهِمْ وَرُدَّ بِأَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى ضَعِيفٍ وَإِنَّمَا يَتَّجِهُ إنْ أُرِيدَ حَقِيقَةُ الِاجْتِهَادِ أَمَّا إذَا أُرِيدَ بِهِ ذُو رَأْيٍ وَعِلْمٍ لِيَعْلَمَ وُجُودَ الشُّرُوطِ وَالِاسْتِحْقَاقِ فِيمَنْ يُبَايِعُهُ فَهُوَ ظَاهِرٌ كَمَا يَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُمْ: لَا عِبْرَةَ بِبَيْعَةِ الْعَوَامّ ثُمَّ رَأَيْتُ عَنْ الزَّنْجَانِيُّ أَنَّهُ صَرَّحَ

ــ

[حاشية الشرواني]

الْإِمَامَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَكَوْنُ أَكْثَرِ مَنْ وَلِيَ إلَخْ) جَوَابُ سُؤَالٍ ظَاهِرِ الْبَيَانِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَرِدُ) أَيْ عَلَى اشْتِرَاطِ الِاجْتِهَادِ (قَوْلُ الْمَتْنِ شُجَاعًا) بِتَثْلِيثِ الْمُعْجَمَةِ وَالشَّجَاعَةُ قُوَّةُ الْقَلْبِ عِنْدَ الْبَأْسِ مُغْنِي وَعِ ش (قَوْلُهُ: يَسُوسُ) عَلَى وَزْنِ يَصُونُ أَيْ يَحْكُمُ بِهِ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: أَنْ يَعْرِفَ أَقْدَارَ النَّاسِ) أَيْ بِأَنْ يَعْرِفَ مَنْ يَسْتَحِقُّ الرِّعَايَةَ وَمَنْ لَا يَسْتَحِقُّهَا وَيُعَامِلُهُمْ بِذَلِكَ إذَا وَرَدَ عَلَيْهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: يُفْهِمُ) بِبِنَاءِ الْفَاعِلِ وَيَجُوزُ كَوْنُهُ لِلْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ فَقَدَ الذَّوْقَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَفُهِمَ مِنْ اقْتِصَارِهِ عَلَى مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ فَقْدُ شَمٍّ وَذَوْقٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مَعْصُومًا؛ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ لِلْأَنْبِيَاءِ وَلَا يَضُرُّ قَطْعُ ذَكَرٍ وَأُنْثَيَيْنِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ اشْتِرَاطُ سَمْعٍ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَعَدْلًا) عَطْفٌ عَلَى مُسْلِمًا فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: لَوْ تَعَذَّرَتْ الْعَدَالَةُ فِي الْأَئِمَّةِ) يَعْنِي بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ رَجُلٌ عَدْلٌ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَيُلْحَقُ بِهَا الشُّهُودُ) ضَعِيفٌ اهـ ع ش عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَأُلْحِقَ بِهِمْ الشُّهُودُ اهـ.

(قَوْلُهُ: مِنْ نَقْصٍ يَمْنَعُ إلَخْ) كَالنَّقْصِ فِي الْيَدِ وَالرِّجْلِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِالْفِسْقِ) أَيْ فِي الْأَصَحِّ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَإِلَّا الْجُنُونَ إلَخْ) أَيْ عَدَمَهُ (قَوْلُهُ: وَتَمَكَّنَ فِيهِ مِنْ أُمُورِهِ) أَيْ فَلَا يَنْعَزِلُ بِهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَإِلَّا قَطْعَ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ إلَخْ) وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِالْعَمَى وَالصَّمَمِ وَالْخَرَسِ وَالْمَرَضِ الَّذِي يُنْسِيهِ الْعُلُومَ اهـ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: فَيُغْتَفَرُ دَوَامًا) أَيْ فَلَا يَنْعَزِلُ بِهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ لَا ابْتِدَاءً وَلَا دَوَامًا

(قَوْلُهُ: بِطُرُقٍ) أَيْ ثَلَاثَةٍ وَلَا يَصِيرُ الشَّخْصُ إمَامًا بِتَفَرُّدِهِ بِشُرُوطِ الْإِمَامَةِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ أَحَدِ الطُّرُقِ كَمَا حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ الْجُمْهُورِ وَقِيلَ يَصِيرُ إمَامًا مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ حَكَاهُ الْقَمُولِيُّ قَالَ وَمِنْ الْفُقَهَاءِ مَنْ أَلْحَقَ الْقَاضِيَ بِالْإِمَامِ فِي ذَلِكَ وَقَالَ الْإِمَامُ لَوْ خَلَا الزَّمَانُ عَنْ الْإِمَامِ انْتَقَلَتْ أَحْكَامُهُ إلَى أَعْلَمِ أَهْلِ ذَلِكَ الزَّمَانِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: أَحَدُهَا بِالْبَيْعَةِ) لَا حُسْنَ فِي هَذَا الْمَزْجِ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُ الْمَتْنِ بِالْبَيْعَةِ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ وَوُجُوهِ النَّاسِ) مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ فَإِنَّ وُجُوهَ النَّاسِ عُظَمَاؤُهُمْ بِإِمَارَةٍ أَوْ عِلْمٍ أَوْ غَيْرِهِمَا اهـ ع ش (قَوْلُهُ: حَالَةَ الْبَيْعَةِ) إلَى قَوْلِهِ مِمَّا يَأْتِي فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: فِيمَا يَظْهَرُ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ كَمَا، هُوَ الْمُتَّجِهُ اهـ وَيَتَّبِعُهُمْ سَائِرُ النَّاسِ وَلَا يُشْتَرَطُ اتِّفَاقُ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ مِنْ سَائِرِ الْأَقْطَارِ بَلْ إذَا وَصَلَ الْخَبَرُ إلَى الْأَقْطَارِ الْبَعِيدَةِ لَزِمَهُمْ الْمُوَافَقَةُ وَالْمُتَابَعَةُ أَسْنَى وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَيَكْفِي بَيْعَةُ وَاحِدٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلَا يُشْتَرَطُ عَدَدٌ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ بَلْ لَوْ تَعَلَّقَ الْحَلُّ وَالْعَقْدُ بِوَاحِدٍ مُطَاعٍ كَفَتْ بَيْعَتُهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ قَبُولُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْقَبُولِ بَلْ الشَّرْطُ عَدَمُ الرَّدِّ اهـ (قَوْلُهُ: مِنْ الْعَدَالَةِ) إلَى قَوْلِهِ وَيُشْتَرَطُ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: قَالَ وَكَوْنُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي تَنْبِيهٌ قَضِيَّةُ كَلَامِهِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الِاجْتِهَادِ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُبَايِعُ مُجْتَهِدًا إنْ اتَّحَدَ وَأَنْ يَكُونَ فِيهِ مُجْتَهِدٌ إنْ تَعَدَّدَ مُفَرَّعٌ عَلَى اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ وَالْمُرَادُ بِالْمُجْتَهِدِ هُنَا الْمُجْتَهِدُ بِشُرُوطِ الْإِمَامَةِ لَا أَنْ يَكُونَ مُجْتَهِدًا مُطْلَقًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الزَّنْجَانِيُّ فِي شَرْحِ الْوَجِيزِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَكَوْنُهُ) أَيْ الْمُبَايِعِ وَكَذَا ضَمِيرُ اتَّحَدَ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَمُجْتَهِدٌ فِيهِمْ) أَيْ، وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمُبَايِعُ فَيُشْتَرَطُ وُجُودُ مُجْتَهِدٍ فِيهِمْ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ) أَيْ قَوْلُهُمَا الْمَذْكُورُ وَكَذَا ضَمِيرُ بِأَنَّهُ (قَوْلُهُ: عَلَى ضَعِيفٍ) ، وَهُوَ اشْتِرَاطُ تَعَدُّدِ الْمُبَايِعِ اهـ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَتَّجِهُ) أَيْ الرَّدُّ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا أُرِيدَ إلَخْ) أَقُولُ إنَّ كَلَامَهُمَا صَرِيحٌ فِي تَفْرِيعِ مَا حَكَاهُ الشَّارِحُ عَنْهُمَا بِقَوْلِهِ قَالَا وَكَوْنُهُ إلَخْ عَلَى

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

الْمُرَادُ فَقْدُ الْمُجْتَهِدِينَ الْمُتَّصِفِينَ بِبَقِيَّةِ شُرُوطِ الْإِمَامَةِ

. (قَوْلُهُ: وَيَتَّبِعُهُمْ سَائِرُ النَّاسِ) وَلَا يُشْتَرَطُ اتِّفَاقُ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ فِي سَائِرِ الْبِلَادِ وَإِلَّا ضَاعَ بَلْ إذَا وَصَلَ الْخَبَرُ إلَى أَهْلِ الْبِلَادِ الْبَعِيدَةِ لَزِمَهُمْ الْمُوَافَقَةُ وَالْمُتَابَعَةُ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِأَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى ضَعِيفٍ) كَتَبَ عَلَيْهِ م ر

<<  <  ج: ص:  >  >>