وَرَوِيَّةٍ كَمَا يُفْهِمُهُ قَوْلُهُ الْآتِي اسْتِهْزَاءً إلَخْ فَلَا أَثَرَ لِسَبْقِ لِسَانٍ أَوْ إكْرَاهٍ وَاجْتِهَادٍ وَحِكَايَةِ كُفْرٍ لَكِنْ شَرَطَ الْغَزَالِيُّ أَنْ لَا يَقَعَ إلَّا فِي مَجْلِسِ الْحَاكِمِ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ يَنْبَغِي أَنَّهُ حَيْثُ كَانَ فِي حِكَايَتِهِ مَصْلَحَةٌ جَازَتْ وَشَطْحِ وَلِيٍّ حَالَ غَيْبَتِهِ أَوْ تَأْوِيلِهِ بِمَا هُوَ مُصْطَلَحٌ عَلَيْهِ بَيْنَهُمْ، وَإِنْ جَهِلَهُ غَيْرُهُمْ إذْ اللَّفْظُ الْمُصْطَلَحُ عَلَيْهِ حَقِيقَةٌ عِنْدَ أَهْلِهِ فَلَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِمْ بِمُخَالَفَتِهِ لِاصْطِلَاحِ غَيْرِهِمْ كَمَا حَقَّقَهُ أَئِمَّةُ الْكَلَامِ وَغَيْرُهُمْ وَمِنْ ثَمَّ زَلَّ كَثِيرُونَ فِي التَّهْوِيلِ عَلَى مُحَقِّقِي الصُّوفِيَّةِ بِمَا هُمْ بَرِيئُونَ مِنْهُ وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِيمَنْ تَكَلَّمَ بِاصْطِلَاحِهِمْ الْمُقَرَّرِ فِي كُتُبِهِمْ قَاصِدًا لَهُ مَعَ جَهْلِهِ بِهِ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي بَلْ يَتَعَيَّنُ وُجُوبُ مَنْعِهِ مِنْهُ بَلْ لَوْ قِيلَ بِمَنْعِ غَيْرِ الْمُشْتَهَرِ بِالتَّصَوُّفِ الصَّادِقِ مِنْ التَّكَلُّمِ بِكَلِمَاتِهِمْ الْمُشْكِلَةِ إلَّا مَعَ نِسْبَتِهَا إلَيْهِمْ غَيْرَ مُعْتَقِدٍ لِظَوَاهِرِهَا لَمْ يَبْعُدُ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَفَاسِدَ لَا تَخْفَى
وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ يُعَزَّرُ وَلِيٌّ قَالَ أَنَا اللَّهُ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ وِلَايَتَهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْصُومٍ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ غَائِبًا فَهُوَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ لَا يُعَزَّرُ كَمَا لَوْ أُوِّلَ بِمَقْبُولٍ وَإِلَّا فَهُوَ كَافِرٌ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا شَكَكْنَا فِي حَالِهِ فَيُعَزَّرُ فَطْمًا لَهُ وَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِالْكُفْرِ لِاحْتِمَالِ عُذْرِهِ وَلَا بِعَدَمِ الْوِلَايَةِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْصُومٍ وَقَوْلُ الْقُشَيْرِيِّ مِنْ شَرْطِ الْوَلِيِّ الْحِفْظُ كَمَا أَنَّ مِنْ شَرْطِ النَّبِيِّ الْعِصْمَةَ فَكُلُّ مَنْ لِلشَّرْعِ عَلَيْهِ اعْتِرَاضٌ مَغْرُورٌ مُخَادِعٍ مُرَادُهُ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ مِنْهُ مُخَالِفٌ عَلَى النُّدْرَةِ بَادَرَ لِلتَّنَصُّلِ مِنْهُ فَوْرًا لَا أَنَّهُ يَسْتَحِيلُ وُقُوعُ شَيْءٍ مِنْهُ أَصْلًا (تَنْبِيهٌ)
قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِ مَشَايِخِنَا مِمَّنْ جَمَعَ بَيْنَ التَّصَوُّفِ وَالْعُلُومِ النَّقْلِيَّةِ وَالْعَقْلِيَّةِ لَوْ أَدْرَكْتُ أَرْبَابَ تِلْكَ الْكَلِمَاتِ لَلُمْتُهُمْ عَلَى تَدْوِينِهَا مَعَ اعْتِقَادِي لِحَقِّيَّتِهَا؛ لِأَنَّهَا مَزِلَّةٌ لِلْعَوَامِّ وَالْأَغْبِيَاءِ الْمُدَّعِينَ لِلتَّصَوُّفِ انْتَهَى
وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ غَرَضٌ صَحِيحٌ فِي تَدْوِينِهَا كَخَشْيَةِ انْدِرَاسِ اصْطِلَاحِهِمْ وَتِلْكَ الْمَفَاسِدُ يَدْرَؤُهَا أَئِمَّةُ الشَّرْعِ فَلَا نَظَرَ إلَيْهَا. قِيلَ فِي الْمَتْنِ دَوْرٌ فَإِنَّ الرِّدَّةَ أَحَدُ نَوْعَيْ الْكُفْرِ فَكَيْفَ تُعَرَّفُ بِأَنَّهَا قَوْلُ كُفْرٍ وَرُدَّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْكُفْرِ الْمُضَافِ إلَيْهِ الْكُفْرُ الْأَصْلِيُّ وَاعْتُرِضَ أَيْضًا تَوْسِيطُهُ لِكُفْرٍ بِأَنَّ تَقْدِيمَهُ لِيُحْذَفَ مِمَّا بَعْدُ لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ أَوْ عَكْسَهُ أَوْلَى وَيُجَابُ
ــ
[حاشية الشرواني]
قَوْلُهُ: وَرَوِيَّةٍ) تَأَمَّلْ؛ فَإِنَّ الْقَصْدَ كَافٍ فِي حُصُولِ الرِّدَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَنْ تَأَمُّلٍ وَنَظَرٍ فِي الْعَوَاقِبِ فَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِالرَّوِيَّةِ مُجَرَّدَ الِاخْتِيَارِ فَهُوَ تَأْكِيدٌ لِلْقَصْدِ اهـ ع ش
(قَوْلُهُ: فَلَا أَثَرَ) إلَى قَوْلِهِ إذْ اللَّفْظُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَاجْتِهَادٍ وَقَوْلُهُ لَكِنْ شَرَطَ إلَى وَشَطْحِ وَلِيٍّ (قَوْلُهُ: وَاجْتِهَادٍ) أَيْ فِيمَا لَمْ يَقُمْ الدَّلِيلُ الْقَاطِعُ عَلَى خِلَافِهِ بِدَلِيلِ كُفْرِ نَحْوِ الْقَائِلِينَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ مَعَ أَنَّهُ بِالِاجْتِهَادِ رَشِيدِيٌّ وَسَمِّ وَعِ ش (قَوْلُهُ: وَاجْتِهَادٍ إلَخْ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (قَوْلُهُ: وَحِكَايَةِ كُفْرٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَخَرَجَ أَيْضًا مَا إذَا حَكَى الشَّاهِدُ لَفْظَ الْكُفْرِ لَكِنَّ الْغَزَالِيَّ ذَكَرَ فِي الْإِحْيَاءِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حِكَايَتُهُ إلَّا فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ فَلْيُتَفَطَّنْ لَهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَقَعَ) أَيْ حِكَايَةُ الْكُفْرِ (قَوْلُهُ: وَشَطْحِ وَلِيًّ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ سَبْقِ لِسَانٍ (قَوْلُهُ: أَوْ تَأْوِيلِهِ) عَطْفٌ عَلَى غَيْبَتِهِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ لِأَجْلِ الْمُخَالَفَةِ لِاصْطِلَاحِ غَيْرِهِمْ
(قَوْلُهُ: زَلَّ كَثِيرُونَ إلَخْ) وَجَرَى ابْنُ الْمُقْرِي تَبَعًا لِغَيْرِهِ عَلَى كُفْرِ مَنْ شَكَّ فِي كُفْرِ طَائِفَةِ ابْنِ عَرَبِيٍّ الَّذِينَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الِاتِّحَادُ، وَهُوَ بِحَسَبِ مَا فَهِمُوهُ مِنْ ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ وَلَكِنَّ كَلَامَ هَؤُلَاءِ جَارٍ عَلَى اصْطِلَاحِهِمْ وَأَمَّا مَنْ اعْتَقَدَ ظَاهِرَهُ مِنْ جَهَلَةِ الصُّوفِيَّةِ فَإِنَّهُ يُعَرَّفُ فَإِنْ اسْتَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ صَارَ كَافِرًا وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى هَذَا فِي كِتَابِ السِّيَرِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ فِيهِ) أَيْ التَّكَلُّمِ بِكَلِمَاتِهِمْ الْمُشْكِلَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ) أَيْ قَوْلُهُ: أَنَا اللَّهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ غَائِبًا وَلَا مُؤَوِّلًا بِمَقْبُولٍ (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إلَخْ) أَقُولُ أَوْ عَلَى مَا إذَا عَلِمْنَا حُضُورَهُ وَتَأْوِيلَهُ وَالتَّعْزِيرُ لِلْفَطْمِ عَنْ هَذَا اللَّفْظِ الْخَطِرِ اهـ سم
(قَوْلُهُ: عَلَى مَا إذَا شَكَكْنَا إلَخْ) مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يُسْتَفْصَلُ مِنْهُ وَلَا يَخْلُو عَنْ شَيْءٍ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الْقُشَيْرِيِّ إلَخْ) جَوَابُ سُؤَالٍ مَنْشَؤُهُ قَوْلُهُ: وَلَا بِعَدَمِ الْوِلَايَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَغْرُورٌ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَهُوَ مَغْرُورٌ مُخَادِعٌ فَالْوَلِيُّ الَّذِي تَوَالَتْ أَفْعَالُهُ عَلَى الْمُوَافَقَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ: مُرَادُهُ) أَيْ الْقُشَيْرِيِّ مِنْ قَوْلِهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِلتَّنَصُّلِ مِنْهُ) أَيْ التَّبَرُّؤِ مِنْهُ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: لَلُمْتُهُمْ) جَوَابُ لَوْ
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَتَّجِهُ إنْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ) أَقُولُ الْقَلْبُ إلَى مَا قَالَهُ ذَلِكَ الشَّيْخُ أَمْيَلُ؛ لِأَنَّ بَقَاءَ الْعِلْمِ يُتَصَوَّرُ بِالْإِلْقَاءِ إلَى الْمُتَأَهِّلِ لَهُ وَالتَّدْوِينِ، وَإِنْ كَانَ أَبْلَغَ فِي حِفْظِ الْعِلْمِ وَبَقَائِهِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ لَكِنَّ هَذِهِ الْأَوْلَوِيَّةَ لَا تُقَاوِمُ الْمَفَاسِدَ الْمُتَرَتِّبَةَ عَلَيْهِ مَعَ مَا هُوَ مُقَرَّرٌ مِنْ أَنَّ دَرْءَ الْمَفَاسِدِ مُقَدَّمٌ عَلَى جَلْبِ الْمَصَالِحِ وَأَمَّا قَوْلُ الشَّارِحِ وَتِلْكَ إلَخْ فَمَحَلُّ تَأَمُّلٍ؛ لِأَنَّ قُصَارَى مَا يَتَأَتَّى مِنْ أَئِمَّةِ الشَّرْعِ إظْهَارُ فَسَادِهَا لَا دَرْؤُهَا وَإِزَالَتُهَا سِيَّمَا فِي زَمَانِنَا الَّذِي عُرِفَ فِيهِ الْمُنْكَرُ وَأُنْكِرَ الْمَعْرُوفُ وَاعْتَقَدَتْ الْعَامَّةُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْفَسَقَةِ أَنَّهُ بِالْوِلَايَةِ مَوْصُوفٌ نَسْأَلُ اللَّهَ الْهِدَايَةَ وَالتَّوْفِيقَ، وَأَنْ يَمْنَحَنَا سُلُوكَ أَقْوَمِ طَرِيقٍ اهـ سَيِّدُ عُمَرُ (قَوْلُهُ: كَخَشْيَةِ انْدِرَاسِ اصْطِلَاحِهِمْ) أَيْ وَمَعْرِفَةِ اصْطِلَاحِهِمْ بِمُطَالَعَتِهَا فَاجْتِنَابٌ عَنْ تَكْفِيرِ الْعَارِفِينَ فِي عَصْرٍ أَوْ قُطْرٍ خَالٍ ظَاهِرًا عَنْ التَّصَوُّفِ الصَّادِقِ وَدَفْعِ نِزَاعٍ بِهَا فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَ عُلَمَاؤُهُ فِيمَنْ تَكَلَّمَ بِهَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ بِكُفْرِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ مُصْطَلَحَاتِهِمْ وَبَعْضُهُمْ بِعَدَمِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا مِنْهَا وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا مَرَّ آنِفًا عَنْ مَيْلِ السَّيِّدِ عُمَرَ إلَى مَا قَالَهُ بَعْضُ الْمَشَايِخِ
(قَوْلُهُ: قِيلَ) إلَى قَوْلِهِ وَيُجَابُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ أَوْ عَكْسَهُ.
(قَوْلُهُ: الْكُفْرُ الْأَصْلِيُّ) قَدْ يُقَالُ أَوْ الْمُطْلَقُ اهـ سم أَيْ؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ إنَّمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى أَنْوَاعِهِ وَأَفْرَادِهِ فِي التَّحَقُّقِ وَالْوُجُودِ الْخَارِجِيِّ لَا فِي التَّصَوُّرِ وَالْوُجُودِ الذِّهْنِيِّ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ تَقْدِيمَهُ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ بِنِيَّةِ كُفْرٍ أَوْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ (قَوْلُهُ: أَوْ عَكْسَهُ) كَأَنَّ مُرَادَهُ تَأْخِيرُهُ اهـ سم أَيْ بِأَنْ يَقُولَ بِنِيَّةِ أَوْ قَوْلِ أَوْ فِعْلِ كُفْرٍ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
أَيْ بِالنِّيَّةِ فِيمَا يَنْبَغِي (قَوْلُهُ: وَاجْتِهَادٍ) أَيْ لَا مُطْلَقًا كَمَا، هُوَ ظَاهِرٌ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ نَحْوِ كُفْرِ الْقَائِلِينَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ مَعَ أَنَّهُ بِالِاجْتِهَادِ وَالِاسْتِدْلَالِ (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا شَكَكْنَا فِي حَالِهِ) أَقُولُ أَوْ عَلَى مَا إذَا عَلِمْنَا حُضُورَهُ وَتَأْوِيلَهُ وَالتَّعْزِيرُ لِلْفَطْمِ عَنْ هَذَا اللَّفْظِ الْخَطِرِ
(قَوْلُهُ: الْكُفْرُ الْأَصْلِيُّ) قَدْ يُقَالُ أَوْ أَطْلَقَ أَوْ كَانَ مُرَادُهُ