للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَيْهِ أَنَّهُ شَطْرٌ أَوْ شَرْطٌ لِمَا مَرَّ فِي مَعْنَاهُمَا اللَّائِقِ بِمَذْهَبِ الْمُتَكَلِّمِينَ لَا الْفُقَهَاءِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ لَا أَهَمَّ مِنْهُ وَبَقِيَ مِنْ الْمُكَفِّرَاتِ أَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ جَمَعْتُهَا كُلَّهَا بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ عَلَى مَذَاهِبِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ فِي كِتَابٍ مُسْتَوْعِبٍ لَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ وَسَمَّيْته الْإِعْلَامَ بِقَوَاطِعِ الْإِسْلَامِ فَعَلَيْكَ بِهِ فَإِنَّ هَذَا الْبَابَ أَخْطَرُ الْأَبْوَابِ إذْ الْإِنْسَانُ رُبَّمَا فَرَطَ مِنْهُ كَلِمَةٌ قِيلَ بِأَنَّهَا كُفْرٌ فَيَجْتَنِبُهَا مَا أَمْكَنَهُ وَقَدْ بَالَغَ الْحَنَفِيَّةُ فِي التَّكْفِيرِ بِكَثِيرٍ مِنْ كَلِمَاتِ الْعَوَامّ بَيَّنْتُهَا فِيهِ مَعَ مَا فِيهَا

. (وَلَا تَصِحُّ) يَعْنِي تُوجَدُ إذْ الرِّدَّةُ مَعْصِيَةٌ كَالزِّنَا لَا تُوصَفُ بِصِحَّةٍ وَلَا بِعَدَمِهَا (رِدَّةُ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُمَا (وَمُكْرَهٍ) عَلَى مُكَفِّرٍ قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ لِلْآيَةِ وَكَذَا إنْ تَجَرَّدَ قَلْبُهُ عَنْهُمَا فِيمَا يَتَّجِهُ تَرْجِيحُهُ لِإِطْلَاقِهِمْ أَنَّ الْمُكْرَهَ لَا تَلْزَمُهُ التَّوْرِيَةُ (وَلَوْ ارْتَدَّ فَجُنَّ) أُمْهِلَ احْتِيَاطًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْقِلُ وَيَعُودُ لِلْإِسْلَامِ وَ (لَمْ يُقْتَلْ فِي جُنُونِهِ) نَدْبًا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا وَقِيلَ وُجُوبًا وَاعْتَمَدَهُ جَمْعٌ لِوُجُوبِ الِاسْتِتَابَةِ الْمُسْتَلْزِمِ لِوُجُوبِ التَّأْخِيرِ إلَى الْإِفَاقَةِ وَعَلَيْهِمَا لَا شَيْءَ عَلَى قَاتِلِهِ غَيْرُ التَّعْزِيرِ لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ وَلِتَفْوِيتِهِ الِاسْتِتَابَةَ الْوَاجِبَةَ وَخَرَجَ بِالْفَاءِ مَا لَوْ تَرَاخَى الْجُنُونُ عَنْ الرِّدَّةِ وَاسْتُتِيبَ فَلَمْ يَتُبْ ثُمَّ جُنَّ فَإِنَّهُ لَا يَأْتِي فِيهِ وُجُوبُ التَّأْخِيرِ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي

. (وَالْمَذْهَبُ صِحَّةُ رِدَّةِ السَّكْرَانِ) الْمُتَعَدِّي بِسُكْرِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُكَلَّفٍ كَطَلَاقِهِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ وَقَدْ اتَّفَقَ الصَّحَابَةُ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - عَلَى مُؤَاخَذَتِهِ بِالْقَذْفِ، وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى اعْتِبَارِ أَقْوَالِهِ وَيُسَنُّ تَأْخِيرُ اسْتِتَابَتِهِ لِإِفَاقَتِهِ، وَإِنْ صَحَّ إسْلَامُهُ فِي السُّكْرِ لِيَأْتِيَ بِإِسْلَامٍ مُجْمَعٍ عَلَى صِحَّتِهِ وَتَأْخِيرُ الِاسْتِتَابَةِ الْوَاجِبَةِ لِمِثْلِ هَذَا الْعُذْرِ مَعَ قِصَرِ مُدَّةِ السُّكْرِ غَالِبًا غَيْرُ بَعِيدٍ كَذَا قَالُوهُ وَأَوْلَى مِنْهُ اسْتِتَابَتُهُ فِي حَالِ سُكْرِهِ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ فِيهِ ثُمَّ بَعْدَ إفَاقَتِهِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَهَا فِيهِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ تَجِبْ إلَّا بَعْدَ إفَاقَتِهِ وَمَرَّ آخِرَ الْوَكَالَةِ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ لِلْغَاصِبِ مَعَ وُجُوبِ الرَّدِّ عَلَيْهِ فَوْرًا التَّأْخِيرُ لِلْإِشْهَادِ فَهَذَا أَوْلَى فَإِنْ قُتِلَ فِي سُكْرِهِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ أَمَّا غَيْرُ الْمُتَعَدِّي بِسُكْرِهِ فَلَا تَصِحُّ رِدَّتُهُ كَالْمَجْنُونِ (وَإِسْلَامُهُ) سَوَاءٌ ارْتَدَّ فِي سُكْرِهِ أَمْ قَبْلَهُ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ بِأَقْوَالِهِ كَالصَّاحِي فَلَا يَحْتَاجُ لِتَجْدِيدِهِ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ وَالنَّصُّ عَلَى عَرْضِ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِ بَعْدَهَا يُحْمَلُ عَلَى النَّدْبِ وَإِذَا عُرِضَ عَلَيْهِ فَوَصَفَ الْكُفْرَ فَهُوَ كَافِرٌ مِنْ الْآنِ لِصِحَّةِ إسْلَامِهِ

. (وَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِالرِّدَّةِ

ــ

[حاشية الشرواني]

عَلَيْهِ) أَيْ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ لِمَا مَرَّ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لَا يُشْكِلُ (قَوْلُهُ: أَشْيَاءُ كَثِيرَةٌ) وَقَدَّمْنَا فِي أَوَائِلِ الْبَابِ عَنْ الْمُغْنِي وَالْأَسْنَى جُمْلَةً مِنْهَا (قَوْلُهُ: فَرَطَ) أَيْ سَبَقَ

(قَوْلُهُ: يَعْنِي تُوجَدُ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ لَمْ يُقْتَلْ فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَالْمَذْهَبُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: لَا تُوصَفُ بِصِحَّةٍ إلَخْ) إذْ الصِّحَّةُ كَمَا فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ مُوَافَقَةُ ذِي الْوَجْهَيْنِ مِنْ الْعِبَادَةِ أَوْ الْعَقْدِ الشَّرْعَ (قَوْلُ الْمَتْنِ رِدَّةُ صَبِيٍّ) أَيْ وَلَوْ مُمَيِّزًا اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: قَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ) فَإِنْ رَضِيَ بِقَلْبِهِ فَمُرْتَدٌّ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ تَجَرَّدَ إلَخْ) أَيْ كَالْمُطْمَئِنِّ قَلْبُهُ بِالْإِيمَانِ فِي أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: عَنْهُمَا) أَيْ عَنْ الْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ سم وَعِ ش وَرَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: لِإِطْلَاقِهِمْ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي؛ لِأَنَّ الْإِيمَانَ كَانَ مَوْجُودًا قَبْلَ الْإِكْرَاهِ وَقَوْلُ الْمُكْرَهِ مُلْغًى مَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ اخْتِيَارٌ لِمَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الطَّلَاقِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ وُجُوبًا) اعْتَمَدَهُ الْمُغْنِي وَكَذَا النِّهَايَةُ عِبَارَتُهُ وُجُوبًا وَقِيلَ نَدْبًا اهـ.

(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِمَا) أَيْ قَوْلَيْ الْوُجُوبِ وَالنَّدْبِ إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: لَا شَيْءَ عَلَى قَاتِلِهِ إلَخْ) قَدْ يُشْكِلُ التَّعْزِيرُ عَلَى الْأَوَّلِ اهـ سم (قَوْلُهُ: لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ) لَوْ أَعْرَضَ الْإِمَامُ وَنُوَّابُهُ عَنْ قَتْلِهِ رَأْسًا بِحَيْثُ أَيِسَ مِنْ تَعَاطِيهِمْ ذَلِكَ وَأَمْرِهِمْ بِهِ فَهَلْ يَسُوغُ قَتْلُهُ لِلْآحَادِ أَوْ يَجِبُ اُ هـ سم أَقُولُ الْقَلْبُ إلَى الْأَوَّلِ أَمْيَلُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ كُلًّا مِنْ الِاحْتِمَالَيْنِ مَشْرُوطٌ بِعَدَمِ خَوْفِ الْفِتْنَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَأْتِي فِيهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَإِنَّهُ يَجُوزُ قَتْلُهُ اهـ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ حَتْمًا اهـ

(قَوْلُهُ: الْمُتَعَدِّي) إلَى قَوْلِهِ وَجَرْيًا عَلَيْهِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ كَذَا قَالُوهُ إلَى وَمَرَّ وَقَوْلَهُ وَخَطَرُ أَمْرِ الرِّدَّةِ إلَى وَمِنْ ثَمَّ (قَوْلُهُ: الْمُتَعَدِّي) إلَى قَوْلِهِ وَتَأْخِيرُ الِاسْتِنَابَةِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ تَغْلِيظًا إلَى وَيُسَنُّ (قَوْلُهُ: كَطَلَاقِهِ) أَيْ وَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الِاتِّفَاقُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى مِنْهُ إلَخْ) اسْتَحْسَنَهُ الرَّشِيدِيُّ (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَعْدَ إلَخْ) أَيْ ثُمَّ اسْتِتَابَتُهُ ثَانِيًا بَعْدَ إفَاقَتِهِ (قَوْلُهُ: مَنْ مَنَعَهَا فِيهِ) أَيْ مَنَعَ صِحَّةَ اسْتِتَابَتِهِ فِي حَالِ سُكْرِهِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ إلَخْ) أَيْ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: مَعَ وُجُوبِ الرَّدِّ) أَيْ رَدِّ الْمَغْصُوبِ إلَى مَالِكِهِ (قَوْلُهُ: فَهَذَا أَوْلَى) مَحَلُّ تَأَمُّلٍ فَكَيْفَ يَكُونُ تَأْخِيرُ الْكُفْرِ أَوْلَى مِنْ تَأْخِيرِ وَضَعِ الْيَدِ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ، وَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ اهـ سَيِّدُ عُمَرُ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ إزَالَةَ الْكُفْرِ لَيْسَ فِي وُسْعِنَا بِخِلَافِ وَضْعِ الْيَدِ (قَوْلُهُ: أَمَّا غَيْرُ الْمُتَعَدِّي) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَقِيلَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ كَالْمَجْنُونِ وَقَوْلُهُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى وَإِذَا عُرِضَ (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْتَاجُ إلَخْ) خِلَافًا لِلْمُغْنِي عِبَارَتُهُ قَضِيَّةُ الِاعْتِدَادِ بِإِسْلَامِهِ فِي السُّكْرِ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِهِ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ وَلَيْسَ مُرَادًا فَقَدْ حَكَى ابْنُ الصَّبَّاغِ عَنْ النَّصِّ أَنَّهُ إذَا أَفَاقَ عَرَضْنَا عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ فَإِنْ وَصَفَهُ كَانَ مُسْلِمًا مِنْ حِينِ وَصْفِهِ الْإِسْلَامَ فَإِنْ وَصَفَ الْكُفْر إلَخْ (قَوْلُهُ: لِصِحَّةِ إسْلَامِهِ) وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ صِحَّةِ إسْلَامِ السَّكْرَانِ الْمُتَعَدِّي إذَا وَقَعَ سُكْرُهُ فِي رِدَّتِهِ هَلْ يَجْرِي مِثْلُهُ فِي الْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ إذَا سَكِرَ ثُمَّ أَسْلَمَ أَوْ بَاعَ أَوْ طَلَّقَ فَنَحْكُمُ -

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

نَحْوِ خِرْقَةٍ ثُمَّ مَسَحَ بِهَا

(قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ تَجَرَّدَ قَلْبُهُ عَنْهُمَا) كَأَنَّ الْمُرَادَ عَنْ الْإِيمَانِ وَالْكُفْرِ (قَوْلُهُ: لِوُجُوبِ الِاسْتِتَابَةِ الْمُسْتَلْزِمِ لِوُجُوبِ التَّأْخِيرِ إلَخْ) عَلَى الْأَوَّلِ يُجَابُ بِأَنَّ مَحَلَّ وُجُوبِ الِاسْتِتَابَةِ إذَا أَمْكَنَتْ فِي الْحَالِ (قَوْلُهُ: لَا شَيْءَ عَلَى قَاتِلِهِ غَيْرِ التَّعْزِيرِ) قَدْ يُشْكِلُ التَّعْزِيرُ عَلَى الْأَوَّلِ لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ لَوْ أَعْرَضَ الْإِمَامُ وَنُوَّابُهُ عَنْ قَتْلِهِ رَأْسًا بِحَيْثُ أَيِسَ مِنْ تَعَاطِيهِمْ ذَلِكَ وَأَمْرِهِمْ بِهِ فَهَلْ يَسُوغُ قَتْلُهُ لِلْآحَادِ أَوْ يَجِبُ

(قَوْلُهُ: وَتَأْخِيرُ الِاسْتِتَابَةِ الْوَاجِبَةِ لِمِثْلِ هَذَا الْعُذْرِ مَعَ قِصَرِ مُدَّةِ السُّكْرِ غَالِبًا إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَيُمْهَلُ أَيْ السَّكْرَانُ بِالْقَتْلِ حَتَّى يُفِيقَ اهـ وَقَوْلُهُ وَيُمْهَلُ قَالَ فِي شَرْحِهِ احْتِيَاطًا لَا وُجُوبًا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْبَغَوِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>