مُطْلَقًا) كَمَا صَحَّحَاهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَيْضًا فَلَا يَحْتَاجُ الشَّاهِدُ لِتَفْصِيلِهَا؛ لِأَنَّهَا لِخَطَرِهَا لَا يُقْدِمُ الْعَدْلُ عَلَى الشَّهَادَةِ بِهَا إلَّا بَعْدَ مَزِيدِ تَحَرٍّ (وَقِيلَ يَجِبُ التَّفْصِيلُ) بِأَنْ يَذْكُرَ مُوجِبَهَا، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَالِمًا مُخْتَارًا خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ لِاخْتِلَافِ الْمَذَاهِبِ فِي الْكُفْرِ وَخَطَرِ أَمْرِ الرِّدَّةِ وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ لَا سِيَّمَا فِي الْعَامِّيِّ وَمَنْ رَأْيُهُ يُخَالِفُ رَأْيَ الْقَاضِي فِي هَذَا الْبَابِ وَمِنْ ثَمَّ أَطَالَ كَثِيرُونَ فِي الِانْتِصَارِ لَهُ نَقْلًا وَمَعْنًى وَجَرْيًا عَلَيْهِ فِي الدَّعَاوَى وَذِكْرًا فِي مَسَائِلِ مَا يُؤَيِّدُهُ كَالشَّهَادَةِ بِنَحْوِ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَالشُّرْبِ وَيَتَعَيَّنُ تَرْجِيحُهُ فِي خَارِجِيٍّ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّ ارْتِكَابَ الْكَبِيرَةِ رِدَّةٌ مُطْلَقًا
وَقَدْ يُقَرِّبُ الْأَوَّلَ أَنَّ سُكُوتَهُ عَنْ الْإِسْلَامِ الَّذِي لَا كُلْفَةَ فِيهِ بِوَجْهٍ دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِ الشُّهُودِ فَلَمْ يَجِبْ التَّفْصِيلُ لِسُهُولَةِ رَفْعِ أَثَرِ الشَّهَادَةِ بِالْمُبَادَرَةِ بِالْإِسْلَامِ بِخِلَافِ تِلْكَ الْمَسَائِلِ فَإِنَّهُ لَمَّا لَمْ يُمْكِنْهُ رَفْعُ أَثَرِ الشَّهَادَةِ أَوْجَبْنَا تَفْصِيلَهَا حَتَّى لَا يُقْدَمَ عَلَى مُؤَاخَذَتِهِ إلَّا بَعْدَ الْيَقِينِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إنْ قَالَا ارْتَدَّ عَنْ الْإِيمَانِ أَوْ كَفَرَ بِاَللَّهِ أَمَّا مُجَرَّدُ ارْتَدَّ أَوْ كَفَرَ فَلَا يُقْبَلُ قَطْعًا أَيْ لِاحْتِمَالِهِ لَكِنَّ ظَاهِرَ الْمَتْنِ الْآتِي الِاكْتِفَاءُ بِقَوْلِهِمَا لَفَظَ لَفْظَ كُفْرٍ وَهُوَ مُشْكِلٌ وَلَا يُحْمَلُ عَلَى فَقِيهَيْنِ مُوَافِقَيْنِ لِلْقَاضِي فِي هَذَا الْبَابِ عَلَى مَا يَأْتِي أَوَاخِرَ الشَّهَادَاتِ؛ لِأَنَّ الْأَلْفَاظَ وَالْأَفْعَالَ الْمُكَفِّرَةَ كَثُرَ الِاخْتِلَافُ فِيهَا لَا سِيَّمَا بَيْنَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ الْوَاحِدِ فَلَا يُتَصَوَّرُ هُنَا الِاتِّفَاقُ لِأَنَّ اللَّفْظَ الْمَسْمُوعَ قَابِلٌ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ فَلْيَجِبْ بَيَانُهُ مُطْلَقًا
(فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ شَهِدُوا بِرِدَّةٍ) إنْشَاءً (فَأَنْكَرَ) بِأَنْ قَالَ كَذَبَا أَوْ مَا ارْتَدَدْتُ (حَكَمَ بِالشَّهَادَةِ) وَلَمْ يُنْظَرْ لِإِنْكَارِهِ فَيُسْتَتَابُ ثُمَّ يُقْتَلُ مَا لَمْ يُسْلِمْ وَكَذَا
ــ
[حاشية الشرواني]
بِنُفُوذِ ذَلِكَ مِنْهُ لِتَعَدِّيهِ بِالسُّكْرِ؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ بِعَدَمِ الشُّرْبِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّا نُقِرُّهُ عَلَى شُرْبِ الْمُسْكِرِ مَا لَمْ يُظْهِرْهُ بِمَعْنَى أَنَّا لَا نُقِيمُ عَلَيْهِ الْحَدَّ وَلَا نَتَعَرَّضُ لَهُ وَإِطْلَاقُهُمْ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الْأَوَّلِ اهـ ع ش وَفِيهِ وَقْفَةٌ فَلْيُرَاجَعْ
(قَوْلُ الْمَتْنِ مُطْلَقًا) أَيْ عَلَى وَجْهِ الْإِطْلَاقِ وَيَقْضِي بِهَا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ مُغْنِي وَرَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ ع ش أَيْ إشْهَادًا مُطْلَقًا فَلَا يُقَالُ كَأَنَّ الصَّوَابَ أَنْ يَقُولَ مُطْلَقَةً لِأَنَّ لَفْظَ الشَّهَادَةِ مُؤَنَّثٌ فَتَجِبُ الْمُطَابَقَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صِفَتِهِ؛ لِأَنَّ الْحَالَ صِفَةٌ فِي الْمَعْنَى اهـ.
(قَوْلُهُ: كَمَا صَحَّحَاهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَيْضًا إلَخْ) هَذَا، هُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ نِهَايَةٌ وَاعْتَمَدَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَالْمُغْنِي وُجُوبَ التَّفْصِيلِ وَكَذَا الشَّارِحُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: إلَّا بَعْدَ مَزِيدِ تَحَرٍّ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي عَدْلٍ يَعْرِفُ الْمُكَفِّرَ مِنْ غَيْرِهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَلَا بُدَّ مِنْ التَّفْصِيلِ، وَهُوَ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا أَوْجَهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ أَطَالَ كَثِيرُونَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا أَيْ وُجُوبُ التَّفْصِيلِ، هُوَ الْمَذْهَبُ الَّذِي يَجِبُ الْقَطْعُ بِهِ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ الْمَعْرُوفُ عَقْلًا وَنَقْلًا قَالَ وَمَا نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ بَحْثٌ لَهُ وَقَالَ الدَّمِيرِيِّ وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ تَبِعَ فِيهِ الْإِمَامَ، وَهُوَ لَمْ يَنْقُلْهُ عَنْ أَحَدٍ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ تَخْرِيجِهِ اهـ
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ قَوْلًا أَوْ فِعْلًا وَمَعَ التَّصْدِيقِ الْبَاطِنِيِّ وَبِدُونِهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَرِّبُ الْأَوَّلَ) أَيْ قَبُولَ الشَّهَادَةِ بِالرِّدَّةِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: أَنَّ سُكُوتَهُ) أَيْ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ بِالِارْتِدَادِ (قَوْلُهُ: عَنْ الْإِسْلَامِ) أَيْ النُّطْقِ بِكَلِمَتَيْ الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ: رَفْعِ أَثَرِ الشَّهَادَةِ) أَيْ الْحُكْمِ بِالرِّدَّةِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُعَبِّرَ بِالدَّفْعِ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ الْمُغْنِي دُونَ النِّهَايَةِ عِبَارَتُهُ وَاقْتَضَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِمَا ارْتَدَّ عَنْ الْإِيمَانِ أَوْ كَفَرَ بِاَللَّهِ أَوْ ارْتَدَّ أَوْ كَفَرَ فَهُوَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ اهـ (قَوْلُهُ: أَيْ لِاحْتِمَالِهِ) أَيْ الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ (قَوْلُهُ: ظَاهِرُ الْمَتْنِ الْآتِي) ، وَهُوَ قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَا: لَفَظَ لَفْظَ كُفْرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُشْكِلٌ) أَيْ ظَاهِرُ الْمَتْنِ الْآتِي مِنْ الِاكْتِفَاءِ وَكَذَا ضَمِيرُ وَلَا يُحْمَلُ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا يَأْتِي إلَخْ) رَاجِعٌ لِلْحَمْلِ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَلْفَاظَ إلَخْ رَاجِعٌ لِنَفْيِهِ (قَوْلُهُ: الِاتِّفَاقُ) أَيْ بَيْنَ الشُّهُودِ وَالْقَاضِي (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ قَالَا ارْتَدَّ عَنْ الْإِيمَانِ أَوْ كَفَرَ بِاَللَّهِ أَوْ قَالَا ارْتَدَّ أَوْ كَفَرَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ سَوَاءٌ كَانَا فَقِيهَيْنِ مُوَافِقَيْنِ لِلْقَاضِي أَوْ لَا بَلْ هُوَ الْأَقْرَبُ مِنْ حَيْثُ السِّيَاقُ (قَوْلُ الْمَتْنِ فَعَلَى الْأَوَّلِ) ، وَهُوَ قَبُولُهَا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: لَوْ شَهِدُوا) الْمُرَادُ اثْنَانِ فَأَكْثَرُ عَلَى شَخْصٍ بِرِدَّةٍ وَلَمْ يُفَصِّلُوا اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: إنْشَاءً) إلَى قَوْلِهِ وَكَذَا عَلَى الثَّانِي فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى قَوْلِهِ وَيُرَدُّ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ كَالْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: إنْشَاءً) سَيَذْكُرُ مُحْتَرَزَهُ بِقَوْلِهِ أَمَّا لَوْ شَهِدُوا بِإِقْرَارِهِ إلَخْ (قَوْلُ الْمَتْنِ حَكَمَ بِالشَّهَادَةِ) (فُرُوعٌ)
لَوْ ارْتَدَّ أَسِيرٌ أَوْ غَيْرُهُ مُخْتَارًا ثُمَّ صَلَّى فِي دَارِ الْحَرْبِ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ لَا إنْ صَلَّى فِي دَارِنَا؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ فِي دَارِنَا قَدْ تَكُونُ تَقِيَّةً بِخِلَافِهَا فِي دَارِهِمْ لَا تَكُونُ إلَّا عَنْ اعْتِقَادٍ صَحِيحٍ وَلَوْ صَلَّى كَافِرٌ أَصْلِيٌّ وَلَوْ فِي دَارِهِمْ لَمْ يُحْكَمْ بِإِسْلَامِهِ بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ؛ لِأَنَّ عُلْقَةَ الْإِسْلَامِ بَاقِيَةٌ فِيهِ وَالْعَوْدُ أَهْوَنُ مِنْ الِابْتِدَاءِ فَسُومِحَ فِيهِ إلَّا أَنْ يُسْمَعَ تَشَهُّدُهُ فِي الصَّلَاةِ فَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ وَلَوْ أُكْرِهَ أَسِيرٌ أَوْ غَيْرُهُ عَلَى الْكُفْرِ بِبِلَادِ الْحَرْبِ لَمْ يُحْكَمْ بِكُفْرِهِ كَمَا مَرَّ فَإِنْ مَاتَ هُنَاكَ وَرِثَهُ وَارِثُهُ الْمُسْلِمُ فَإِنْ قَدِمَ عَلَيْنَا عُرِضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ اسْتِحْبَابًا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَانَ مُخْتَارًا كَمَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْكُفْرِ بِدَارِنَا فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِسْلَامِ بَعْدَ عَرْضِهِ عَلَيْهِ حَكَمْنَا بِكُفْرِهِ مِنْ حِينِ كُفْرِهِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ كَافِرًا مِنْ حِينَئِذٍ فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الْعَرْضِ وَالتَّلَفُّظِ بِالْإِسْلَامِ فَهُوَ مُسْلِمٌ كَمَا لَوْ مَاتَ قَبْلَ قُدُومِهِ عَلَيْنَا مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ وَيَظْهَرُ أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلِهِمْ أَنَّ دَارَ الْكُفْرِ بِأَنْ يَكُونَ الْمُتَوَلِّي كَافِرًا حُكْمُهُ حُكْمُ دَارِ الْحَرْبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَنْظُرْ لِإِنْكَارِهِ) ؛ لِأَنَّ الْحُجَّةَ قَامَتْ وَالتَّكْذِيبَ وَالْإِنْكَارَ لَا يَرْفَعُهُ كَمَا لَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِالزِّنَا فَأَنْكَرَهُ أَوْ كَذَّبَهُمْ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الْحَدُّ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: فَيُسْتَتَابُ إلَخْ) فَإِنْ أَتَى بِمَا يَصِيرُ بِهِ مُسْلِمًا قَبْلَ الْحُكْمِ امْتَنَعَ الْحُكْمُ بِالشَّهَادَةِ بِالرِّدَّةِ كَمَا
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَوْلُهُ: كَمَا صَحَّحَاهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا) كَتَبَ عَلَيْهِ م ر (قَوْلُهُ: قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إلَخْ) مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ مَمْنُوعٌ وَمَا ذُكِرَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ أَيْضًا م ر ش (قَوْلُهُ: حَكَمَ بِالشَّهَادَةِ وَلَمْ يَنْظُرْ لِإِنْكَارِهِ فَيُسْتَتَابُ ثُمَّ يُقْتَلُ مَا لَمْ يُسْلِمْ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَلَوْ ارْتَدَّ أَسِيرٌ مُخْتَارًا ثُمَّ صَلَّى فِي دَارِ الْحَرْبِ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ لَا فِي دَارِنَا وَلَوْ صَلَّى حَرْبِيٌّ فِي