للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُهُ إذْ لَوْ تَعَلَّقَ بِهِ لَاقْتَضَى أَنَّ الْكَامِلَ الْحُرَّ الْمُكَلَّفَ إذَا زَنَى بِنَاقِصٍ مُحْصَنٍ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ التَّغْيِيبُ السَّابِقُ، وَهُوَ بَاطِلٌ بِنَصِّ كَلَامِهِ فَتَعَيَّنَ تَعَلُّقُهُ بِمَا ذُكِرَ وَلَمْ يُصِبْ مَنْ اعْتَرَضَهُ، وَإِنْ كَثُرُوا وَلَا مَنْ غَيَّرَ الزَّانِيَ بِالْبَانِي عَلَى أَنَّهُ خَطِئَ بِأَنَّ الْمَعْرُوفَ بَنَى عَلَى أَهْلِهِ لَا بِهِمْ وَلِظُهُورِ هَذَا مِنْ كَلَامِهِ كَمَا قَرَّرْتُهُ لَمْ يَحْتَجْ لِتَقْدِيمِ بِنَاقِصٍ إثْرَ مُتَعَلَّقِهِ (مُحْصَنٌ) ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ مُكَلَّفٌ وَطِئَ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ فَلَمْ يُؤَثِّرْ نَقْصُ الْمَوْطُوءَةِ كَعَكْسِهِ لِوُجُودِ الْمَقْصُودِ، وَهُوَ التَّغْيِيبُ حَالَ كَمَالِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ بِالْإِحْصَانِ مِنْهُمَا

. (وَ) حَدُّ الْمُكَلَّفِ وَمِثْلُهُ السَّكْرَانُ (الْبِكْرُ) وَهُوَ غَيْرُ الْمُحْصَنِ السَّابِقِ (الْحُرُّ) الذَّكَرُ وَالْمَرْأَةُ (مِائَةُ جَلْدَةٍ) لِلْآيَةِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِوُصُولِهِ إلَى الْجِلْدِ (وَتَغْرِيبُ عَامٍ) أَيْ سَنَةٍ هِلَالِيَّةٍ وَآثَرَهُ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تُطْلَقُ عَلَى الْجَدْبِ وَذَلِكَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ بِهِ وَعَطَفَ بِالْوَاوِ لِإِفَادَةِ أَنَّهُ لَا تَرْتِيبَ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ كَانَ تَقْدِيمُ الْجَلْدِ أَوْلَى فَيُعْتَدُّ بِتَقْدِيمِ التَّغْرِيبِ وَتَأَخُّرِ الْجَلْدِ، وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ وَعَبَّرَ بِالتَّغْرِيبِ لِإِفَادَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَغْرِيبِ الْحَاكِمِ فَلَوْ غَرَّبَ نَفْسَهُ لَمْ يَكْفِ إذْ لَا تَنْكِيلَ فِيهِ وَابْتِدَاءُ الْعَامِ مِنْ ابْتِدَاءِ السَّفَرِ وَيُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ مَضَى عَلَيْهِ عَامٌ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ وَيَحْلِفُ نَدْبًا إنْ اُتُّهِمَ لِبِنَاءِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْمُسَامَحَةِ وَتُغَرَّبُ مُعْتَدَّةٌ وَأُخِذَ مِنْهُ تَغْرِيبُ الْمَدِينِ وَمُسْتَأْجَرِ الْعَيْنِ وَفِي الْأَخِيرِ نَظَرٌ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ مُعْظَمَ الْحَقِّ فِيهَا لِلَّهِ تَعَالَى وَفِيهِ الْحَقُّ مُتَمَحِّضٌ لِلْآدَمِيِّ

وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُعَدَّى عَلَيْهِ ثُمَّ رَأَيْتُ شَيْخَنَا رَجَّحَ أَنَّهُ لَا يُغَرَّبُ إنْ تَعَذَّرَ عَمَلُهُ فِي الْغُرْبَةِ كَمَا لَا يُحْبَسُ لِغَرِيمِهِ إنْ تَعَذَّرَ عَمَلُهُ فِي الْحَبْسِ وَيُوَجَّهُ تَغْرِيبُ الْمَدِينِ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا بِأَنَّهُ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ قَضَى مِنْهُ وَإِلَّا لَمْ تُفِدْ إقَامَتُهُ عِنْدَ الدَّائِنِ فَلَمْ يَمْنَعْ حَقُّهُ تَوَجُّهَ التَّغْرِيبِ إلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ التَّغْرِيبُ (إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ) مِنْ مَحَلِّ زِنَاهُ (فَمَا فَوْقَهَا) مِمَّا يَرَاهُ الْإِمَامُ بِشَرْطِ أَمْنِ الطَّرِيقِ وَالْمَقْصِدِ عَلَى الْأَوْجَهِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ بِالْبَلَدِ طَاعُونٌ لِحُرْمَةِ دُخُولِهِ ذَلِكَ اقْتِدَاءً بِالْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَلِأَنَّ مَا دُونَهَا فِي حُكْمِ الْحَضَرِ (وَإِذَا عَيَّنَ الْإِمَامُ جِهَةً فَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ غَيْرِهَا فِي الْأَصَحِّ)

ــ

[حاشية الشرواني]

قَوْلُهُ: كَمَا أَفَادَهُ) أَيْ عَدَمَ تَعَلُّقِهِ بِالزَّانِي (قَوْلُهُ: لَاقْتَضَى أَنَّ الْكَامِلَ إلَخْ) اقْتِضَاءُ ذَلِكَ مَمْنُوعٌ لِعِلْمِ اعْتِبَارِ وُجُودِ مَا ذُكِرَ مِمَّا تَقَدَّمَ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَنَّ الزَّانِيَ بِنَاقِصٍ مُحْصَنٌ بِمَعْنَى أَنَّ زِنَاهُ بِالنَّاقِصِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ حُكْمِ الْإِحْصَانِ الَّذِي ثَبَتَ فَيُحَدُّ، وَإِنْ كَانَ الْمَزْنِيُّ بِهِ نَاقِصًا فَلَا يُشْتَرَطُ فِي تَأْثِيرِ إحْصَانِهِ كَمَالُ الْمَزْنِيِّ بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ مُبَالَغَتُهُ مَعَ ذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَرِضِينَ اهـ سم.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُصِبْ مَنْ اعْتَرَضَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي تَنْبِيهٌ

عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ لَا يُفْهَمُ الْمُرَادُ مِنْهَا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ بِنَاقِصٍ لَا يَخْلُو أَمَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالزَّانِي أَوْ بِالْكَامِلِ فَإِنْ عَلَّقَهُ بِالْأَوَّلِ فَسَدَ الْمَعْنَى إذْ يَقْتَضِي إلَخْ، وَإِنْ عَلَّقَهُ بِالثَّانِي يَصِير قَوْله: الزَّانِي ضَائِعًا فَلَوْ قَالَ، وَأَنَّ الْكَامِلَ بِنَاقِصٍ مُحْصَنٌ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَقْرَبَ إلَى الْمُرَادِ وَمِنْ الشُّرَّاحِ مَنْ أَجَابَ بِأَنَّ قَوْلَهُ بِنَاقِصٍ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ، وَأَنَّ الْكَامِلَ الزَّانِيَ إذَا كَانَ كَمَالُهُ بِنَاقِصٍ مُحْصَنٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: بِالْبَانِي) أَيْ النَّاكِحِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْمَعْرُوفَ بَنَى عَلَى أَهْلِهِ إلَخْ) كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ اهـ مُغْنِي

(قَوْلُهُ: وَحَدُّ الْمُكَلَّفِ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَإِذَا عَيَّنَ الْإِمَامُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَفِي الْأَخِيرِ إلَى لَا يُغَرَّبُ وَقَوْلَهُ اقْتِدَاءً بِالْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ (قَوْلُهُ: السَّكْرَانُ) أَيْ الْمُتَعَدِّي اهـ نِهَايَةٌ (قَوْلُ الْمَتْنِ مِائَةُ جَلْدَةٍ) وَلَاءً فَلَوْ فَرَّقَهَا نُظِرَ فَإِنْ لَمْ يَزُلْ الْأَلَمُ لَمْ يَضُرَّ وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ خَمْسِينَ لَمْ يَضُرَّ، وَإِنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ ضَرَّ وَعُلِّلَ بِأَنَّ الْخَمْسِينَ حَدُّ الرَّقِيقِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَآثَرَهُ) أَيْ التَّعْبِيرَ بِالْعَامِ؛ لِأَنَّهَا أَيْ السُّنَّةَ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ) إلَى قَوْلِهِ وَابْتِدَاءُ الْعَامِّ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَتَأَخُّرِ الْجَلْدِ) لَعَلَّ الْأَوْلَى وَتَأْخِيرِ الْجَلْدِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ غَرَّبَ إلَخْ) بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَلَا يُعْتَدُّ بِتَغْرِيبِهِ نَفْسَهُ اهـ وَعِبَارَةُ الْمُغْنِي حَتَّى لَوْ أَرَادَ الْإِمَامُ تَغْرِيبَهُ فَخَرَجَ بِنَفْسِهِ وَغَابَ سَنَةً ثُمَّ عَادَ لَمْ يَكْفِ اهـ.

(قَوْلُهُ: مِنْ ابْتِدَاءِ السَّفَرِ) وِفَاقًا لِلْأَسْنَى وَخِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُغْنِي عِبَارَتُهُ وَابْتِدَاءُ الْعَامِ مِنْ حُصُولِهِ فِي بَلَدِ التَّغْرِيبِ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ أَجَابَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْوَجْهُ الثَّانِي مِنْ خُرُوجِهِ مِنْ بَلَدِ الزِّنَا اهـ.

(قَوْلُهُ: وَيُصَدَّقُ) إلَى قَوْلِهِ اُتُّهِمَ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَيَحْلِفُ نَدْبًا) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يُثْبِتَ فِي دِيوَانِهِ أَوَّلَ زَمَانِ التَّغْرِيبِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَمُسْتَأْجَرِ الْعَيْنِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ أَمَّا مُسْتَأْجَرُ الْعَيْنِ فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ تَغْرِيبِهِ إنْ تَعَذَّرَ عَمَلُهُ إلَخْ قَالَ ع ش قَوْلُهُ: فَالْأَوْجَهُ عَدَمُ تَغْرِيبِهِ أَيْ إلَى انْتِهَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ اهـ (قَوْلُهُ: وَفِي الْأَخِيرِ) أَيْ مُسْتَأْجَرِ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ: وَيُفَرَّقُ) أَيْ بَيْنَ الْأَخِيرِ وَالْمُعْتَدَّةِ (قَوْلُهُ: فِيهَا) أَيْ الْمُعْتَدَّةِ (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ الْأَخِيرِ (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ) أَيْ الْفَرْقَ (قَوْلُهُ: لَا يُعَدَّى عَلَيْهِ) أَيْ لَا يُحْضِرُهُ لِلدَّعْوَى عَلَيْهِ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يُغَرَّبُ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ وَقَعَتْ الْإِجَارَةُ بَعْدَ ثُبُوتِ الزِّنَا وَقَدْ يُقَالُ بِعَدَمِ صِحَّتِهَا لِوُجُوبِ تَغْرِيبِهِ قَبْلَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: مِمَّا يَرَاهُ الْإِمَامُ) أَيْ، وَإِنْ طَالَ بِحَيْثُ يَزِيدُ الذَّهَابُ وَالْإِيَابُ عَلَى سَنَةٍ وَقَوْلُهُ لِحُرْمَةِ دُخُولِهِ وَمِثْلُهُ الْخُرُوجُ حَيْثُ كَانَ وَاقِعًا فِي نَوْعِهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: ذَلِكَ) الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ كَمَا فِي النِّهَايَةِ أَوْ زِيَادَةُ الْوَاوِ مَعَهُ.

(قَوْلُهُ: اقْتِدَاءً بِالْخُلَفَاءِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي؛ لِأَنَّ عُمَرَ غَرَّبَ إلَى الشَّامِ وَعُثْمَانُ إلَى مِصْرَ وَعَلِيًّا إلَى الْبَصْرَةِ وَلْيَكُنْ تَغْرِيبُهُ إلَى بَلَدٍ مُعَيَّنٍ فَلَا يُرْسِلُهُ الْإِمَامُ إرْسَالًا اهـ.

(قَوْلُ الْمَتْنِ وَإِذَا عَيَّنَ الْإِمَامُ إلَخْ) أَيْ وَيَجِبُ ذَهَابُهُ إلَيْهِ فَوْرًا امْتِثَالًا لِأَمْرِ الْإِمَامِ وَيُغْتَفَرُ لَهُ التَّأْخِيرُ لِتَهْيِئَةِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ وَمِنْهُ الْأَمَةُ الَّتِي يَسْتَصْحِبُهَا لِلتَّسَرِّي اهـ ع ش (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ) إلَى قَوْلِهِ وَمِنْ ثَمَّ وَجَبَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إلَى لَهُ اسْتِصْحَابُ أَمَةٍ

(قَوْلُهُ:.

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

التَّكْلِيفَ بِالْقُوَّةِ حَاصِلُهُ التَّجَوُّزُ فِي الْوَصْفِ بِهِ كَمَا أَنَّ الْحُكْمَ بِهِ حَالَ النَّوْمِ حَاصِلٌ بِالِاسْتِصْحَابِ وَحَاصِلُهُ التَّجَوُّزُ فِي الْوَصْفِ بِهِ أَيْضًا فَدَعْوَى أَوْلَوِيَّةِ مَا ذَكَرَهُ يُحْتَاجُ إلَى بَيَانِهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ التَّغْيِيبُ إلَخْ) اقْتِضَاءُ ذَلِكَ مَمْنُوعٌ لِعِلْمِ اعْتِبَارِ وُجُودِ مَا ذُكِرَ مِمَّا تَقَدَّمَ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَنَّ الزَّانِيَ بِنَاقِصٍ مُحْصَنٌ بِمَعْنَى أَنَّ زِنَاهُ بِالنَّاقِصِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ حُكْمِ الْإِحْصَانِ الَّذِي ثَبَتَ فَيُحَدُّ وَإِنْ كَانَ الْمَزْنِيُّ بِهِ نَاقِصًا فَلَا يُشْتَرَطُ فِي تَأْثِيرِ إحْصَانِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>