وَفَصَّلَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُغَرِّبُ الْمَالِكَ فَهِيَ عَلَيْهِ أَوْ السُّلْطَانُ فَهِيَ فِي بَيْتِ الْمَالِ (فَإِنْ امْتَنَعَ) حَتَّى بِالْأُجْرَةِ (لَمْ يُجْبَرْ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ فِي إجْبَارِهِ تَعْذِيبَ مَنْ لَمْ يُذْنِبْ (وَ) حَدُّ (الْعَبْدِ) يَعْنِي مَنْ فِيهِ رِقٌّ، وَإِنْ قَلَّ سَوَاءٌ الْكَافِرُ وَغَيْرُهُ (خَمْسُونَ وَتَغْرِيبُ نِصْفِ سَنَةٍ) عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرِّ لِآيَةِ {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: ٢٥] أَيْ غَيْرِ الرَّجْمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنَصَّفُ وَلَا مُبَالَاةَ بِضَرَرِ السَّيِّدِ كَمَا يُقْتَلُ بِنَحْوِ رِدَّتِهِ وَلَا بِكَوْنِ الْكَافِرِ لَمْ يَلْتَزِمْ الْجِزْيَةَ كَمَا فِي الْمَرْأَةِ الذِّمِّيَّةِ وَمُخَالَفَةُ جَمْعٍ فِيهِ مَرْدُودَةٌ بِقَوْلِهِمْ لِلْكَافِرِ حَدُّ عَبْدِهِ الْكَافِرِ وَبِأَنَّهُ تَابِعٌ لِسَيِّدِهِ وَيَأْتِي هُنَا جَمِيعُ فُرُوعِ التَّغْرِيبِ السَّابِقَةِ وَغَيْرِهَا وَمِنْهُ خُرُوجُ نَحْوِ مَحْرَمٍ مَعَ الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ الْأَمْرَدِ (وَفِي قَوْلٍ) يُغَرَّبُ (سَنَةً) لِتَعَلُّقِهِ بِالطَّبْعِ فَلَا يَخْتَلِفَانِ فِيهِ كَمُدَّةِ الْإِيلَاءِ (وَ) فِي (قَوْلٍ لَا يُغَرَّبُ) لِتَفْوِيتِ حَقِّ السَّيِّدِ
(وَيَثْبُتُ) الزِّنَا (بِبَيِّنَةٍ) فُصِّلَتْ بِذِكْرِ الْمَزْنِيِّ بِهَا وَكَيْفِيَّةِ الْإِدْخَالِ وَمَكَانِهِ وَوَقْتِهِ كَأَشْهَدُ أَنَّهُ أَدْخَلَ حَشَفَتَهُ أَوْ قَدْرَهَا فِي فَرْجِ فُلَانَةَ بِمَحَلِّ كَذَا وَقْتَ كَذَا عَلَى سَبِيلِ الزِّنَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَوْ زِنًا يُوجِبُ الْحَدَّ إذَا عَرَفَ أَحْكَامَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَرَى مَا لَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ إهْمَالِ بَعْضِ الشُّرُوطِ أَوْ بَعْضِ كَيْفِيَّتِهِ وَقَدْ يَنْسَى بَعْضَهَا فَالْوَجْهُ وُجُوبُ التَّفْصِيلِ مُطْلَقًا وَلَوْ مِنْ عَالِمٍ مُوَافِقٍ وَسَيَذْكُرُ فِي الشَّهَادَاتِ أَنَّهَا أَرْبَعٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} [النساء: ١٥] وَعَنْ جَمْعٍ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِزِنَاهُ بِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ لَكِنْ اقْتَصَرَ كُلٌّ مِنْهُمْ عَلَى أَنَّهُ رَآهُ يَزْنِي بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ حُدَّ؛ لِأَنَّهُ اُسْتُفِيدَ مِنْ مَجْمُوعِ الشَّهَادَاتِ الْأَرْبَعِ ثُبُوتُ زِنَاهُ بِأَرْبَعَةٍ وَلَيْسَ كَمَا زَعَمُوهُ؛ لِأَنَّ كُلًّا شَهِدَ بِزِنًا غَيْرِ مَا شَهِدَ بِهِ الْآخَرُ فَلَمْ يَثْبُتْ بِهِمْ مُوجِبُ الْحَدِّ بَلْ يُحَدُّ كُلٌّ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُ قَاذِفٌ (أَوْ إقْرَارٍ) حَقِيقِيٍّ مُفَصَّلٍ نَظِيرُ مَا تَقَرَّرَ فِي الشَّهَادَةِ، وَلَوْ بِإِشَارَةِ أَخْرَسَ إنْ فَهِمَهَا كُلٌّ أُحِدَّ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ أَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
ــ
[حاشية الشرواني]
أَيْ السَّيِّدَ مُطْلَقًا أَيْ تَعَذَّرَتْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَفَصَّلَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ إلَخْ) وَيَتَّجِهُ أَنَّهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ سَوَاءٌ أَغَرَّبَ السَّيِّدُ أَمْ لَا كَالْحُرَّةِ الْمُعْسِرَةِ اهـ سُلْطَانٌ وَيَأْتِي عَنْ ع ش مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: فَهِيَ) أَيْ مُؤَنُ السَّفَرِ وَالْإِقَامَةِ (قَوْلُ الْمَتْنِ فَإِنْ امْتَنَعَ إلَخْ) وَلَا يَأْثَمُ بِامْتِنَاعِهِ كَمَا بَحَثَهُ فِي الْمَطْلَبِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ لَمْ يُجْبَرْ إلَخْ) ثُمَّ لَوْ أَرَادَ الزَّوْجُ السَّفَرَ مَعَهَا أَوْ خَلْفَهَا لِيَتَمَتَّعَ بِهَا لَمْ يُمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ النَّفَقَةُ حِينَئِذٍ وَإِنْ لَمْ يَتَمَتَّعْ بِهَا فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يُسَافِرْ مَعَهَا أَوْ سَافَرَ لِغَرَضٍ آخَرَ وَاتَّفَقَ مُصَاحَبَتُهُ لَهَا مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ وَلَا تَمَتُّعٍ فَلَا تَسْتَحِقُّ نَفَقَةً وَلَا كِسْوَةً وَلَا غَيْرَهُمَا اهـ ع ش (قَوْلُهُ: يَعْنِي) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَوْ أَقَرَّ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَمُخَالَفَةُ إلَى وَيَأْتِي (قَوْلُهُ: يَعْنِي مَنْ فِيهِ رِقٌّ إلَخْ) فَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالْمُكَاتَبِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُبَعَّضِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ الْكَافِرُ) إلَى قَوْلِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ فِي الْمُغْنِي قَوْلُهُ لَا يُنَصَّفُ بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنْ التَّنْصِيفِ (قَوْلُهُ وَلَا يَكُونُ الْكَافِرُ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيمَا ذُكِرَ بَيْنَ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَقَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ لَا حَدَّ عَلَى الرَّقِيقِ الْكَافِرِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ الْأَحْكَامَ بِالذِّمَّةِ إذْ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ فَهُوَ كَالْمُعَاهَدِ، وَالْمُعَاهَدُ لَا يُحَدُّ مَرْدُودٌ لِقَوْلِ الْأَصْحَابِ لِلْكَافِرِ أَنْ يَحُدَّ عَبْدَهُ الْكَافِرَ؛ وَلِأَنَّ الرَّقِيقَ تَابِعٌ لِسَيِّدِهِ فَحُكْمُهُ حُكْمُهُ بِخِلَافِ الْمُعَاهَدِ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ لُزُومِ الْجِزْيَةِ عَدَمُ الْحَدِّ كَمَا فِي الْمَرْأَةِ الذِّمِّيَّةِ اهـ.
(قَوْلُهُ: بِقَوْلِهِمْ) أَيْ الْأَصْحَابِ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: خُرُوجُ نَحْوِ مَحْرَمٍ إلَخْ) أَيْ وَنَفَقَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَالَ لِلرَّقِيقِ وَالسَّيِّدُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَالْعَبْدُ الْأَمْرَدُ) يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: الْمَارُّ أَوْ سَيِّدٌ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: لِتَعَلُّقِهِ) أَيْ التَّغْرِيبِ
(قَوْلُهُ: بِذِكْرِ الْمَزْنِيِّ بِهَا) مُتَعَلِّقٌ بِفُصِّلَتْ وَبَيَانٌ لِلتَّفْصِيلِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: كَأَشْهَدُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَيَقُولُونَ رَأَيْنَاهُ أَدْخَلَ ذَكَرَهُ أَوْ قَدْرَ حَشَفَتِهِ مِنْهُ فِي فَرْجِ فُلَانَةَ عَلَى وَجْهِ الزِّنَا وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَنْ يَقُومَ مَقَامَهُ زَنَى بِهَا زِنًا يُوجِبُ الْحَدَّ إذَا كَانُوا عَارِفِينَ بِأَحْكَامِهِ وَيُشْتَرَطُ تَقَدُّمُ لَفْظِ أَشْهَدُ عَلَى أَنَّهُ زَنَى وَيُذْكَرُ الْمَوْضِعُ اهـ.
(قَوْلُهُ: عَلَى سَبِيلِ الزِّنَا) وَيَسُوغُ لَهُ ذَلِكَ بِقَرِينَةٍ قَوِيَّةٍ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ فِعْلَهُ عَلَى وَجْهِ الزِّنَا اهـ ع ش (قَوْلُهُ: أَوْ زِنًا يُوجِبُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَدْخَلَ إلَخْ بِتَقْدِيرِ الْعَامِلِ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُصَرِّحَ بِذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ أَوْ زَنَى بِهَا زِنًا إلَخْ كَمَا مَرَّ عَنْ الْمُغْنِي (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَرَى) أَيْ الشَّاهِدُ اهـ سم (قَوْلُهُ: مَا لَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ) أَيْ إنْ كَانَ الشَّاهِدُ مُخَالِفًا لَهُ فِي مَذْهَبِهِ أَوْ كَانَ مُجْتَهِدًا وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَتِمُّ بِهِ الرَّدُّ عَلَى الزَّرْكَشِيّ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا اكْتَفَى بِعَدَمِ التَّفْصِيلِ فِي الْمُوَافِقِ نَعَمْ قَوْلُهُ: وَقَدْ يَنْسَى بَعْضَهَا يَرُدُّ عَلَى الزَّرْكَشِيّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: فَالْوَجْهُ وُجُوبُ التَّفْصِيلِ إلَخْ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَشَيْخِ الْإِسْلَامِ وَخِلَافًا لِلْمُغْنِي كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: بِأَرْبَعَةٍ) فِيهِ تَأَمُّلٌ (قَوْلُهُ: مُوجِبُ الْحَدِّ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَقَوْلُهُ بَلْ يُحَدُّ كُلٌّ مِنْهُمْ إلَخْ مُعْتَمَدٌ اهـ ع ش (قَوْلُ الْمَتْنِ أَوْ إقْرَارٍ إلَخْ) (فُرُوعٌ)
إنْ رُئِيَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ أَجْنَبِيَّانِ تَحْتَ لِحَافٍ عُزِّرَا وَلَمْ يُحَدَّا وَيُقَامُ الْحَدُّ فِي دَارِ الْحَرْبِ إنْ لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً مِنْ نَحْوِ الْمَحْدُودِ وَالْتِحَاقَهُ بِدَارِ الْحَرْبِ وَيُسَنُّ لِلزَّانِي وَلِكُلِّ مَنْ ارْتَكَبَ مَعْصِيَةً السَّتْرُ عَلَى نَفْسِهِ فَإِظْهَارُهَا لِيُحَدَّ أَوْ يُعَزَّرَ خِلَافُ الْمُسْتَحَبِّ وَأَمَّا التَّحَدُّثُ بِهَا تَفَكُّهًا فَحَرَامٌ قَطْعًا وَكَذَا يُسَنُّ لِلشَّاهِدِ سَتْرُهَا بِتَرْكِ الشَّهَادَةِ إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً فَإِنْ تَعَلَّقَ بِتَرْكِهَا إيجَابُ حَدٍّ عَلَى الْغَيْرِ كَأَنْ شَهِدَ ثَلَاثَةٌ بِالزِّنَا أَثِمَ الرَّابِعُ بِالتَّوَقُّفِ وَيَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ أَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِحَقِّ آدَمِيٍّ كَقَتْلٍ أَوْ قَذْفٍ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُقِرَّ بِهِ لِيُسْتَوْفَى مِنْهُ لِمَا فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ مِنْ التَّضْيِيقِ وَيَحْرُمُ الْعَفْوُ عَنْ حَدِّ اللَّهِ تَعَالَى وَالشَّفَاعَةُ فِيهِ مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ (قَوْلُهُ: حَقِيقِيٍّ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَوْ أَقَرَّ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ إنْ فَهِمَهُ كُلُّ أَحَدٍ.
(قَوْلُهُ: نَظِيرُ مَا تَقَرَّرَ فِي الشَّهَادَةِ) لَعَلَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْمَكَانِ وَالزَّمَانِ إذْ لَا يَظْهَرُ لَهُمَا فَائِدَةٌ فَلْيُرَاجَعْ اهـ رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ ع ش وَمِنْهُ أَنْ يَقُولَ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَرَى) أَيْ الشَّاهِدُ (قَوْلُهُ: فَالْوَجْهُ وُجُوبُ التَّفْصِيلِ) كَتَبَ عَلَيْهِ م ر (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَمَا زَعَمُوهُ) كَتَبَ عَلَيْهِ -