للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رَجَمَ مَاعِزًا وَالْغَامِدِيَّةَ بِإِقْرَارِهِمَا» وَخَرَجَ بِالْحَقِيقِيِّ الْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ بَعْدَ نُكُولِ الْخَصْمِ فَلَا يَثْبُتُ بِهَا زِنًا لَكِنْ تُسْقِطُ حَدَّ الْقَاذِفِ وَيَكْفِي الْإِقْرَارُ حَالَ كَوْنِهِ (مَرَّةً) وَلَا يُشْتَرَطُ تَكَرُّرُهُ أَرْبَعًا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَّقَ الرَّجْمَ بِمُطْلَقِ الِاعْتِرَافِ حَيْثُ قَالَ «وَاغْدُ يَا أُنَيْسٌ إلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» وَتَرْدِيدُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى مَاعِزٍ أَرْبَعًا؛ لِأَنَّهُ شَكَّ فِي أَمْرِهِ وَلِهَذَا «قَالَ أَبِكَ جُنُونٌ» فَاسْتَثْبَتَ فِيهِ وَلِهَذَا لَمْ يُكَرِّرْ إقْرَارَ الْغَامِدِيَّةِ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ السَّابِقِ فِي اللِّعَانِ ثُبُوتُهُ أَيْضًا عَلَيْهَا بِلِعَانِهِ دُونَهَا وَالْآتِي فِي الْقَضَاءِ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَحْكُمُ فِيهِ بِعِلْمِهِ نَعَمْ لِلسَّيِّدِ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ قِنِّهِ بِعِلْمِهِ لِمَصْلَحَةِ تَأْدِيبِهِ

. (وَلَوْ أَقَرَّ) بِهِ (ثُمَّ رَجَعَ) عَنْهُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْحَدِّ أَوْ بَعْدَهُ بِنَحْوِ كَذَبْتُ أَوْ رَجَعْتُ أَوْ مَا زَنَيْتُ، وَإِنْ قَالَ بَعْدَهُ كَذَبْتُ فِي رُجُوعِي أَوْ كُنْتُ فَاخَذْتُ فَظَنَنْتُهُ زِنًا، وَإِنْ شَهِدَ حَالُهُ بِكَذِبِهِ فِيمَا يَظْهَرُ بِخِلَافِ مَا أَقْرَرْتُ؛ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ تَكْذِيبٍ لِلْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِهِ (سَقَطَ) الْحَدُّ؛ لِأَنَّهُ «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَرَّضَ لِمَاعِزٍ بِالرُّجُوعِ» فَلَوْلَا أَنَّهُ يُفِيدُ لِمَا عَرَّضَ لَهُ بِهِ بَلْ لَمَّا قَالُوا لَهُ إنَّهُ عِنْدَ رَجْمِهِ طَلَبَ الرَّدَّ إلَيْهِ فَلَمْ يَسْمَعُوا قَالَ هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ لَعَلَّهُ يَتُوبُ أَيْ يَرْجِعُ إذْ التَّوْبَةُ لَا تُسْقِطُ الْحَدَّ هُنَا مُطْلَقًا فَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِ وَمِنْ ثَمَّ سُنَّ لَهُ الرُّجُوعُ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: سَقَطَ أَيْ عَنْهُ بَقَاءُ الْإِقْرَارِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ كَحَدِّ قَاذِفِهِ فَلَا يَجِبُ بِرُجُوعِهِ بَلْ يُسْتَصْحَبُ حُكْمُ إقْرَارِهِ فِيهِ مِنْ عَدَمِ حَدِّهِ لِثُبُوتِ عَدَمِ إحْصَانِهِ وَلَوْ وُجِدَ إقْرَارٌ وَبَيِّنَةٌ اُعْتُبِرَ الْأَسْبَقُ

ــ

[حاشية الشرواني]

فِي وَقْتِ كَذَا فِي مَكَانِ كَذَا وَلَوْ قِيلَ لَا حَاجَةَ إلَى تَعْيِينِ ذَلِكَ فِيهِ بَلْ يَكْفِي فِي صِحَّةِ إقْرَارِهِ أَنْ يَقُولَ أَدْخَلْت حَشَفَتِي فِي فَرْجِ فُلَانَةَ عَلَى وَجْهِ الزِّنَا لَمْ يَبْعُدْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقِرُّ إلَّا عَنْ تَحْقِيقٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: رَجَمَ مَاعِزًا وَالْغَامِدِيَّةَ بِإِقْرَارِهِمَا) اُنْظُرْ هَلْ فِي قِصَّةِ مَاعِزٍ وَالْغَامِدِيَّةِ أَنَّهُمَا فَصَّلَا الْإِقْرَارَ اهـ سم (قَوْلُهُ: لَكِنْ تُسْقِطُ) مِنْ الْإِسْقَاطِ وَكَانَ الْأَنْسَبُ يَسْقُطُ بِهَا مِنْ السُّقُوطِ (قَوْلُهُ: لِأَبِي حَنِيفَةَ) أَيْ وَأَحْمَدَ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَتَرْدِيدُهُ إلَخْ) رَدٌّ لِمُسْتَنَدِ أَبِي حَنِيفَةَ (قَوْلُهُ: أَرْبَعًا) لَعَلَّهُ أَرَادَ بِهِ أَجْوِبَةَ قَوْلِهِ: «- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَعَلَّك قَبَّلْتَ لَعَلَّك لَمَسْتَ أَبِكَ جُنُونٌ» مَعَ إقْرَارِهِ الْأَوَّلِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا) أَيْ لِلشَّكِّ فِي أَمْرِهِ (قَوْلُهُ: فَاسْتَثْبَتَ فِيهِ) مُتَفَرِّعٌ عَلَى قَوْلِهِ " شَكَّ " إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا) أَيْ لِأَجْلِ كَوْنِ التَّرْدِيدِ عَنْ الشَّكِّ (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يَرِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ إهْمَالِ طَرِيقٍ ثَالِثٍ عِبَارَةُ الْمُغْنِي: وَأُورِدَ طَرِيقٌ آخَرُ مُخْتَصٌّ بِالْمَرْأَةِ، وَهُوَ مَا إذَا قَذَفَهَا الزَّوْجُ وَلَاعَنَ وَلَمْ تُلَاعِنْ، هِيَ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا الْحَدُّ كَمَا ذَكَرَاهُ فِي بَابِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَالْآتِي) أَيْ وَمِنْ كَلَامِهِ الْآتِي.

(قَوْلُهُ: قَبْلَ الشُّرُوعِ) إلَى قَوْلِهِ وَأَفْهَمَ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ، وَإِنْ قَالَ بَعْدَهُ كَذَبْتُ فِي رُجُوعِي وَقَوْلَهُ وَإِنْ شَهِدَ إلَى بِخِلَافِ وَإِلَى قَوْلِهِ وَلَوْ وُجِدَ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَهُ) فَإِنْ رَجَعَ فِي أَثْنَائِهِ فَكَمَّلَ الْإِمَامُ مُتَعَدِّيًا بِأَنْ كَانَ يَعْتَقِدُ سُقُوطَهُ بِالرُّجُوعِ فَمَاتَ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ بِمَضْمُونٍ وَغَيْرِهِ أَوْ تُوَزَّعُ الدِّيَةُ عَلَى السِّيَاطِ؟ قَوْلَانِ أَقْرَبُهُمَا كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الثَّانِي كَمَا لَوْ ضَرَبَهُ زَائِدًا عَلَى حَدِّ الْقَذْفِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: أَوْ رَجَعْتُ) أَيْ عَمَّا أَقْرَرْتُ بِهِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: أَوْ مَا زَنَيْتُ) أَيْ فَإِقْرَارِي بِهِ كَذِبٌ فَلَا تَكْذِيبَ فِيمَا ذُكِرَ لِلشُّهُودِ فَإِنَّهُمْ إنَّمَا شَهِدُوا بِالْإِقْرَارِ، وَهُوَ لَمْ يُكَذِّبْهُمْ فِيهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ رُجُوعِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ كُنْتُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى كَذَبْتُ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا أَقْرَرْتُ) أَيْ فَلَا يَكُونُ رُجُوعًا فَلَا يَسْقُطُ بِهِ الْحَدُّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ تَكْذِيبٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ وَلَوْ شَهِدُوا بِإِقْرَارِهِ بِالزِّنَا فَكَذَّبَهُمْ كَأَنْ قَالَ مَا أَقْرَرْتُ لَمْ يُقْبَلْ تَكْذِيبُهُ؛ لِأَنَّهُ تَكْذِيبٌ لِلشُّهُودِ وَالْقَاضِي اهـ.

(قَوْلُهُ: الشَّاهِدَةِ بِهِ) أَيْ بِإِقْرَارِهِ اهـ سم (قَوْلُهُ: أَنَّهُ) أَيْ الرُّجُوعَ (قَوْلُهُ: قَالُوا) أَيْ الْمُبَاشِرُونَ بِرَجْمِهِ لَهُ أَيْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّهُ أَيْ مَاعِزًا وَقَوْلُهُ إلَيْهِ أَيْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ: طَلَبَ الرَّدَّ إلَخْ) وَمُجَرَّدُ طَلَبِ الرَّدِّ لَيْسَ رُجُوعًا اهـ سم (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَسْمَعُوا) أَيْ لَمْ يُجِيبُوا لِمَا طَلَبَهُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: فَقَالَ هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ إلَخْ) الْوَجْهُ حَذْفُ الْفَاءِ مِنْ فَقَالَ اهـ رَشِيدِيٌّ أَقُولُ قَدْ صَرَّحَ الْعِصَامُ بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ جَوَابُ " لَمَّا " مَاضِيًا مَقْرُونًا بِالْفَاءِ (قَوْلُهُ: إذْ التَّوْبَةُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلتَّفْسِيرِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ ثَبَتَ الزِّنَا بِالْإِقْرَارِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ: فَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِ) مِنْ تَتِمَّةِ الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ: وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ أَجْلِ تَرْغِيبِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الرُّجُوعِ (قَوْلُهُ: سُنَّ لَهُ الرُّجُوعُ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ وَيُسَنُّ لِمَنْ أَقَرَّ بِزِنًا أَوْ شُرْبِ مُسْكِرٍ الرُّجُوعُ كَالسَّتْرِ ابْتِدَاءً وَلَوْ قَالَ زَنَيْتُ بِفُلَانَةَ فَأَنْكَرَتْ أَوْ قَالَتْ كَانَ تَزَوَّجَنِي فَمُقِرٌّ بِالزِّنَا وَقَاذِفٌ لَهَا فَيَلْزَمُهُ حَدُّ الزِّنَا وَحَدُّ الْقَذْفِ فَإِنْ رَجَعَ سَقَطَ حَدُّ الزِّنَا وَحْدَهُ، وَإِنْ قَالَ: زَنَيْتُ بِهَا مُكْرَهَةً لَزِمَهُ حَدُّ الزِّنَا لَا الْقَذْفِ وَلَزِمَهُ لَهَا مَهْرٌ فَإِنْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ سَقَطَ الْحَدُّ لَا الْمَهْرُ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ اهـ.

(قَوْلُهُ: بَقَاءُ الْإِقْرَارِ إلَخْ) سَيَأْتِي أَنَّهُ يُضْمَنُ بِالدِّيَةِ إذَا قُتِلَ فَلَيْسَ قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ عَلَى عُمُومِهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: فَلَا يَجِبُ إلَخْ) أَيْ حَدُّ قَاذِفِهِ سَوَاءٌ قَذَفَهُ قَبْلَ الرُّجُوعِ أَوْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ سَقَطَتْ حَصَانَتُهُ بِإِقْرَارِهِ بِالزِّنَا، وَغَيْرُ الْمُحْصَنِ لَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ فِي قَاذِفِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ وُجِدَ إقْرَارٌ وَبَيِّنَةٌ) أَيْ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ الْإِقْرَارِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ.

(قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ الْأَسْبَقُ) وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ شَيْخِي أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَى الْبَيِّنَةِ حَيْثُ وُجِدَتْ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ فِي هَذَا الْبَابِ أَقْوَى كَمَا أَنَّ الْإِقْرَارَ فِي الْمَالِ أَقْوَى إلَّا إذَا أُسْنِدَ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

م ر (قَوْلُهُ: «رَجَمَ مَاعِزًا وَالْغَامِدِيَّةَ بِإِقْرَارِهِمَا» ) اُنْظُرْ هَلْ فِي قِصَّةِ مَاعِزٍ وَالْغَامِدِيَّةِ أَنَّهُمَا فَصَّلَا الْإِقْرَارَ

. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَرَّ ثُمَّ رَجَعَ سَقَطَ) هَلْ تَسْقُطُ عَدَالَتُهُ بِإِقْرَارِهِ بِالزِّنَا ثُمَّ يَعُودُ حُكْمُهَا بِرُجُوعِهِ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ تَكْذِيبٍ لِلْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِهِ) أَيْ بِإِقْرَارِهِ (قَوْلُهُ: بَلْ لَمَّا قَالُوا إنَّهُ عِنْدَ رَجْمِهِ طَلَبَ الرَّدَّ إلَيْهِ) لَيْسَ رُجُوعًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ وُجِدَ إقْرَارٌ وَبَيِّنَةٌ اُعْتُبِرَ الْأَسْبَقُ) الْمُعْتَمَدُ اعْتِبَارُ الْبَيِّنَةِ، وَإِنْ تَأَخَّرَتْ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ فِي حُقُوقِ اللَّهِ أَقْوَى مِنْ الْإِقْرَارِ عَكْسُ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ م ر ش.

(قَوْلُهُ: أَيْضًا اُعْتُبِرَ الْأَسْبَقُ) الْمُعْتَبَرُ الْبَيِّنَةُ مُطْلَقًا مَا لَمْ يُسْنَدْ الْحُكْمُ إلَى الْإِقْرَارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>