للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(تَنْبِيهٌ)

جَزَمَ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ بِحِلِّ إسْقَائِهَا لِلْبَهَائِمِ وَلِلزَّرْكَشِيِّ احْتِمَالٌ أَنَّهَا كَالْآدَمِيِّ فِي امْتِنَاعِ إسْقَائِهَا إيَّاهَا لِلْعَطَشِ قَالَ لِأَنَّهَا تُثِيرُهُ فَيُهْلِكَهَا فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ إتْلَافِ الْمَالِ انْتَهَى وَالْأَوْلَى تَعْلِيلُهُ بِأَنَّ فِيهِ إضْرَارًا لَهَا وَإِضْرَارُ الْحَيَوَانِ حَرَامٌ وَإِنْ لَمْ يَتْلَفْ قَالَ وَالْمُتَّجَهُ مَنْعُ إسْقَائِهَا لَهَا لَا لِعَطَشٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ التَّمْثِيلِ بِالْحَيَوَانِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ وَفِي وَجْهٍ غَرِيبٍ حَلَّ إسْقَاؤُهَا لِلْخَيْلِ لِتَزْدَادَ حَمْوًا أَيْ شِدَّةً فِي جَرْيِهَا قَالَ وَالْقِيَاسُ حَلُّ إطْعَامِهَا نَحْوَ حَشِيشٍ وَبَتَحٍ لِلْجُوعِ وَإِنْ تَخَدَّرَتْ، وَيَظْهَرُ جَوَازُهُ لِآدَمِيٍّ جَاعَ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَ ذَلِكَ وَإِنْ تَخَدَّرَ؛ لِأَنَّ الْمُخَدِّرَ لَا يَزِيدُ فِي الْجُوعِ انْتَهَى مُلَخَّصًا.

(وَحَدُّ الْحُرِّ أَرْبَعُونَ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ أَنَّ عُثْمَانَ أَمَرَ عَلِيًّا بِجَلْدِ الْوَلِيدِ فَأَمَرَ الْحَسَنَ فَامْتَنَعَ فَأَمَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَجَلَدَهُ وَعَلِيٌّ يَعُدُّ حَتَّى بَلَغَ أَرْبَعِينَ فَقَالَ أَيْ عَلِيٌّ أَمْسِكْ ثُمَّ قَالَ «جَلَدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعِينَ» وَأَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ وَعُمَرُ ثَمَانِينَ أَيْ بِإِشَارَةِ ابْنِ عَوْفٍ لَمَّا اسْتَشَارَ عُمَرُ النَّاسَ فِي ذَلِكَ، وَكُلٌّ سُنَّةٌ وَهَذَا أَحَبُّ إلَيَّ وَبِهِ يُرَدُّ زَعْمُ بَعْضِهِمْ إجْمَاعَ الصَّحَابَةِ عَلَى الثَّمَانِينَ، وَاسْتُشْكِلَ ذِكْرُ الْأَرْبَعِينَ بِمَا فِي الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ جَلَدَهُ ثَمَانِينَ وَجُمِعَ بِأَنَّ السَّوْطَ لَهُ رَأْسَانِ وَالْقَصَبَةُ وَاحِدَةٌ، وَقَوْلُهُ وَكُلٌّ سُنَّةٌ بِمَا صَحَّ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَسُنَّهُ وَلِهَذَا كَانَ فِي نَفْسِهِ مِنْ الثَّمَانِينَ شَيْءٌ

وَقَالَ لَوْ مَاتَ وَدَيْتُهُ وَكَانَ يَحُدُّ فِي إمَارَتِهِ أَرْبَعِينَ، وَيُجَابُ بِحَمْلِ النَّفْيِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ أَوَّلًا وَالْإِثْبَاتُ عَلَى أَنَّهُ بَلَغَهُ ثَانِيًا أَوْ لَمْ يَسُنَّهُ بِلَفْظٍ عَامٍّ يَشْمَلُ كُلَّ قَضِيَّةٍ بَلْ فَعَلَهُ فِي وَقَائِعَ عَيْنِيَّةٍ وَهِيَ لَا عُمُومَ لَهَا ثُمَّ رَأَيْتُ مَا يُؤَيِّدُ هَذَا وَهُوَ مَا فِي جَامِعِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَلَدَ فِي الْخَمْرِ ثَمَانِينَ» (وَرَقِيقٍ) أَيْ مَنْ فِيهِ رِقٌّ وَإِنْ قَلَّ (عِشْرُونَ) ؛ لِأَنَّهُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرِّ

ــ

[حاشية الشرواني]

لِشُبْهَةِ قَصْدِ التَّدَاوِي وَمِثْلُهُ شُرْبُهَا لِلْعَطَشِ اهـ أَيْ: أَوْ الْجُوعِ. .

(قَوْلُهُ جَزَمَ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ الْمُتَّجَهُ مَا قَالَهُ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ نَعَمْ يُتَّجَهُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَلْزَمْهَا فِيهِ ضَرَرٌ فَإِنْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ إضْرَارُهَا بِهِ لَمْ يَبْعُدْ التَّحْرِيمُ اهـ سَيِّدْ عُمَرْ (قَوْلُهُ بِحِلِّ إسْقَائِهَا لِلْبَهَائِمِ) وَإِطْفَاءِ الْحَرِيقِ بِهَا اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ قَالَ) أَيْ: الزَّرْكَشِيُّ (قَوْلُهُ حَلَّ إطْعَامُهَا) أَيْ: الْبَهَائِمِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمُخَدِّرَ إلَخْ) لَعَلَّهُ فِي بَعْضِ الْمُخَدِّرَاتِ، وَأَمَّا فِي بَعْضِهَا فَاَلَّذِي تَقْتَضِي بِهِ الْقَوَاعِدُ الطِّبِّيَّةُ أَنَّهُ يَزِيدُ فِي الْجُوعِ فَلْيُحَرَّرْ اهـ سَيِّدْ عُمَرْ. .

(قَوْلُهُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَالزِّيَادَةُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَبِهِ يُرَدُّ إلَى وَاسْتَشْكَلَ وَقَوْلُهُ وَنَقَلَ غَيْرُ وَاحِدٍ إلَى، وَأَمَّا النِّضْوُ وَقَوْلُهُ لِمَا مَرَّ عَنْ عَلِيٍّ إلَى الْأَكْثَرِ مِنْ أَحْوَالِهِ (قَوْلُهُ فَأَمَرَ) أَيْ: عَلِيٌّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ «جَلَدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعِينَ» إلَخْ) فَإِنْ قُلْت إذَا قُلْنَا بِالرَّاجِحِ فِي الصَّحَابَةِ مِنْ عَدَالَةِ جَمِيعِهِمْ أَشْكَلَ شُرْبُهُمْ الْخَمْرَ فَإِنَّهُ يُنَافِي الْعَدَالَةَ وَيُوجِبُ الْفِسْقَ قُلْت: يُمْكِنُ أَنَّ مَنْ شَرِبَ مِنْهُمْ عَرَضَتْ لَهُ شُبْهَةٌ تَصَوَّرَهَا فِي نَفْسِهِ تَقْتَضِي جَوَازَهُ فَشَرِبَ تَعْوِيلًا عَلَيْهَا وَلَيْسَتْ هِيَ كَذَلِكَ عِنْدَ مَنْ رُفِعَ لَهُ فَحَدَّهُ عَلَى مُقْتَضَى اعْتِقَادِهِ وَذَاكَ شَرِبَ عَلَى مُقْتَضَى اعْتِقَادِهِ وَالْعِبْرَةُ بِعَقِيدَةِ الْحَاكِمِ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَاحْفَظْهُ إنَّهُ دَقِيقٌ، عَلَى أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَالَتِهِمْ أَنَّ مَنْ شَهِدَ مِنْهُمْ أَوْ رَوَى حَدِيثًا لَا يُبْحَثُ عَنْ عَدَالَتِهِ فَتُقْبَلُ رِوَايَتُهُ وَشَهَادَتُهُ، أَوْ رَوَى شَخْصٌ عَنْ مُبْهَمٍ مِنْ الصَّحَابَةِ فَقَالَ حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ كَذَا قُبِلَ مِنْهُ وَمَنْ ارْتَكَبَ شَيْئًا يُوجِبُ رُتِّبَ عَلَيْهِ مُقْتَضَاهُ مِنْ حَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَفْسُقُ بِارْتِكَابِ مَا يَفْسُقُ بِهِ غَيْرُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَحَلِّيُّ فِي شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ هـ ع ش وَقَوْلُهُ أَيْ: بِإِشَارَةِ إلَخْ بَيَانُ فَائِدَةِ ذِكْرِهَا فِي خِلَالِ كَلَامِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - اهـ رَشِيدِيٌّ.

(قَوْلُهُ وَكُلٌّ سُنَّةٌ إلَخْ) بَقِيَّةُ كَلَامِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (قَوْلُهُ سُنَّةٌ) أَيْ: طَرِيقَةٌ (قَوْلُهُ وَهَذَا أَحَبُّ إلَيَّ) أَيْ: الْأَرْبَعُونَ صَرَّحَ بِهِ الْكَمَالُ الْمَقْدِسِيَّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ كَذَا بِهَامِشِ شَرْحِ الْبَهْجَةِ بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الْبُرُلُّسِيِّ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش عِبَارَةُ الْبُجَيْرَمِيِّ أَيْ الْأَرْبَعُونَ كَمَا فِي ع ش وَالْحَلَبِيِّ وَقَالَ الشَّوْبَرِيُّ أَيْ: الثَّمَانُونَ وَهُوَ الظَّاهِرُ اهـ أَقُولُ وَهَذَا أَيْ: الثَّمَانُونَ صَرِيحُ صَنِيعِ الْمُغْنِي فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى الثَّمَانِينَ الْآتِي حَيْثُ جَعَلَ مَا هُنَا وَمَا يَأْتِي حَدِيثًا وَاحِدًا فَقَالَ عَقِبَ هَذَا أَحَبُّ إلَيَّ؛ لِأَنَّهُ إذَا شَرِبَ مُسْكِرًا إلَخْ (قَوْلُهُ وَبِهِ يُرَدُّ) أَيْ بِقَوْلِهِ ثُمَّ قَالَ جَلَدَ النَّبِيُّ إلَخْ (قَوْلُهُ زَعَمَ بَعْضُهُمْ إجْمَاعَ الصَّحَابَةِ إلَخْ) قَالَ الْحَلَبِيُّ وَأُجِيبَ عَنْهُ أَيْ: بَعْدَ تَسْلِيمِ دَعْوَى الْإِجْمَاعِ بِأَنَّ الْإِجْمَاعَ عَلَى جَوَازِ الزِّيَادَةِ لَا عَلَى تَعْيِينِهَا اهـ.

(قَوْلُهُ وَاسْتُشْكِلَ ذِكْرُ الْأَرْبَعِينَ) أَيْ: فِي الرِّوَايَةِ الْمَذْكُورَةِ.

(قَوْلُهُ أَنَّهُ جَلَدَ) أَيْ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ لَهُ رَأْسَانِ) أَيْ: كَانَ لَهُ رَأْسَانِ (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ إلَخْ) أَيْ وَاسْتُشْكِلَ قَوْلُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَكَذَا ضَمَائِرُ عَنْهُ وَنَفْسُهُ وَقَالَ وَكَانَ يَحُدُّ فِي إمَارَتِهِ (قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِحَمْلِ النَّفْيِ إلَخْ) أَيْ: لَمْ يَسُنَّهُ وَيَمْنَعُ هَذَا الْحَمْلُ كَوْنُ رُجُوعِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ الثَّمَانِينَ إلَى الْأَرْبَعِينَ فِي خِلَافَتِهِ (قَوْلُهُ وَالْإِثْبَاتُ) أَيْ: وَكُلٌّ سُنَّةٌ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ) أَيْ: جَلْدُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الثَّمَانِينَ وَقَوْلُهُ لَمْ يَبْلُغْهُ أَيْ: عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَسُنَّهُ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ لَمْ يَبْلُغْهُ إلَخْ (قَوْلُهُ مَا يُؤَيِّدُ بِهِ) أَيْ: أَنَّهُ لَمْ يَسُنَّهُ بِلَفْظٍ عَامٍّ يَشْمَلُ كُلَّ قَضِيَّةٍ بَلْ فَعَلَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ مَا فِي جَامِعِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ إلَخْ) هَذَا قَدْ يُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ أَيْضًا فَتَأَمَّلْهُ اهـ سم أَيْ: أَنَّهُ بَلَغَهُ ثَانِيًا وَيَظْهَرُ أَنَّ مَا فِي جَامِعِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ مَحْمُولٌ أَيْضًا عَلَى سَوْطٍ لَهُ رَأْسَانِ وَالْقَصَبَةُ وَاحِدَةٌ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَرَقِيقٌ عِشْرُونَ) .

(تَنْبِيهٌ) لَوْ تَعَدَّدَ الشُّرْبُ كَفَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَحَدِيثُ الْأَمْرِ بِقَتْلِ الشَّارِبِ فِي الرَّابِعَةِ مَنْسُوخٌ بِالْإِجْمَاعِ وَيُرْوَى أَنَّ أَبَا مِحْجَنٍ الثَّقَفِيَّ الْقَائِلَ

إذَا مِتّ فَادْفِنِّي إلَى أَصْلِ كَرْمَةٍ ... تَرْوِي عِظَامِي بَعْدَ مَوْتِي عُرُوقُهَا

وَلَا تَدْفِنَنِّي فِي الْفَلَاةِ فَأَنَّنِي ... أَخَافُ إذَا مَا مِتّ أَنْ لَا أَذُوقُهَا

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

وَإِلَّا وَجَبَ، نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ إجْمَاعِ الْأَصْحَابِ.

(قَوْلُهُ وَهَذَا أَحَبُّ إلَيَّ) أَيْ الْأَرْبَعُونَ صَرَّحَ بِهِ الْكَمَالُ الْمَقْدِسِيَّ فِي شَرْحِهِ لِلْإِرْشَادِ مَعَ حِكَايَةِ الْقِصَّةِ بِأَبْسَطِ مِمَّا هُنَا عَنْ صَحِيحِ مُسْلِمٍ كَذَا بِهَامِشِ شَرْحِ الْبَهْجَةِ بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الْبُرُلُّسِيِّ (قَوْلُهُ رَأَيْتُ مَا يُؤَيِّدُ هَذَا) قَدْ يُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ أَيْضًا فَتَأَمَّلْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>