للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَ) هَيْئَةِ (سُكْرٍ وَقَيْءٍ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ احْتَقَنَ أَوْ اسْتَعَطَ بِهَا أَوْ أَنَّهُ شَرِبَهَا مَعَ عُذْرٍ لِغَلَطٍ أَوْ إكْرَاهٍ وَحَدُّ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِالْقَيْءِ اجْتِهَادٌ لَهُ (وَيَكْفِي فِي إقْرَارٍ وَشَهَادَةٍ شَرِبَ خَمْرًا) أَوْ شَرِبْتُ أَوْ شَرِبَ مِمَّا شَرِبَ مِنْهُ فُلَانٌ فَسَكِرَ وَسَاغَ لَهُ ذَلِكَ فِي شُرْبِ النَّبِيذِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُسَمَّى خَمْرًا شَرْعًا وَكَوْنُهُ قَدْ يَكُونُ حَنَفِيًّا فَلَا يَفْسُقُ بِهِ بِخِلَافِ الْخَمْرِ أَمْرٌ خَارِجٌ عَمَّا هُوَ الْمَقْصُودُ الَّذِي هُوَ الْحَدُّ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِي تَعْبِيرِ الشَّاهِدِ عَنْهُ بِالْخَمْرِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ مُخْتَارًا عَالِمًا كَمَا فِيهِمَا فِي نَحْوِ بَيْعٍ وَطَلَاقٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِكْرَاهِ وَالْغَالِبُ مِنْ حَالِ الشَّارِبِ عِلْمُهُ بِمَا يَشْرَبُهُ.

(وَقِيلَ يُشْتَرَطُ) فِي كُلٍّ مِنْ الْمُقِرِّ وَالشَّاهِدِ أَنْ يَقُولَ شَرِبَهَا (وَهُوَ عَالِمٌ) بِهِ (مُخْتَارٌ) لِاحْتِمَالِ مَا مَرَّ كَالشَّهَادَةِ بِالزِّنَا وَاخْتَارَهُ الْأَذْرَعِيُّ لِأَنَّهُ أَنَّمَا يُعَاقَبُ بِيَقِينٍ، وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الزِّنَا قَدْ يُطْلَقُ عَلَى مُقَدَّمَاتِهِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ مَرَّ أَنَّ السَّرِقَةَ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ التَّفْصِيلِ وَكَمَا أَنَّهَا تُطْلَقُ عَلَى مَا لَمْ يُوجَدْ فِيهِ الشُّرُوطُ كَذَلِكَ الشُّرْبُ يُطْلَقُ عَلَى مَا لَمْ يُوجَدْ فِيهِ الشُّرُوطُ فَلَا فَارِقَ بَيْنَهُمَا وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُمْ سَامَحُوا فِي الْخَمْرِ بِسُهُولَةِ حَدِّهَا مَا لَمْ يُسَامِحُوا فِي غَيْرِهَا، وَأَيْضًا فَالِابْتِلَاءُ بِكَثْرَةِ شُرْبِهَا يَقْتَضِي التَّوَسُّعَ فِي سَبَبِ الزَّجْرِ عَنْهَا فَوُسِّعَ فِيهِ مَا لَمْ يُوَسَّعْ فِي غَيْرِهِ، وَعَلَى الثَّانِي لَا بُدَّ أَنْ يُرِيدَ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ احْتِرَازًا مِنْ الْإِسَاغَةِ وَالشُّرْبِ لِنَحْوِ تَدَاوٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ حَيْثُ لَمْ يُرَتِّبْ الْحَاكِمُ فِي الشُّهُودِ وَإِلَّا وَجَبَ الاستفصال جَزْمًا وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ إذَا ارْتَابَ فِي عَقْلِ الشَّارِبِ لَزِمَهُ ذَلِكَ أَيْضًا.

(وَلَا يُحَدُّ حَالَ سُكْرِهِ) فَيَحْرُمُ ذَلِكَ لِفَوَاتِ مَقْصُودِهِ مِنْ الزَّجْرِ مَعَ فَوَاتِ رُجُوعِهِ إنْ كَانَ أَقَرَّ فَإِنْ حُدَّ وَلَمْ يَصِرْ مُلْقًى لَا حَرَكَةَ فِيهِ اُعْتُدَّ بِهِ كَمَا صَحَّحَهُ جَمْعٌ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ الظَّاهِرُ فِيهِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ لَا خِلَافَ فِيهِ وَكَانَ قَضِيَّةُ الْحَدِيثِ عَدَمَ الْحُرْمَةِ وَكَأَنَّهُمْ نَظَرُوا إلَى إمْكَانِ تَأْوِيلِهِ فَاحْتَاطُوا فِيهَا لِحَقِّ اللَّهِ نَظَرًا لِفَوَاتِ مَا ذُكِرَ وَفِي الِاعْتِدَادِ لِحَقِّ الْآدَمِيِّ، وَكَذَا يُجْزِئُ فِي الْمَسْجِدِ وَإِنْ كُرِهَ فِيهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُمْ خِلَافًا لِلْبَنْدَنِيجِيِّ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ فِيهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِقْذَارٍ فِيهِ لَهُ.

(وَسَوْطُ الْحُدُودِ) وَالتَّعَازِيرِ يَكُونُ (بَيْنَ قَضِيبٍ) أَيْ غُصْنٍ رَقِيقٍ جِدًّا (وَعَصًا) غَيْرِ مُعْتَدِلَةٍ (وَ) بَيْنَ (رَطْبٍ وَيَابِسٍ) بِأَنْ

ــ

[حاشية الشرواني]

وَعَلِمَ الْقَاضِي فَلَا يَسْتَوْفِيه بِعِلْمِهِ عَلَى الصَّحِيحِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ فِي حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَهَيْئَةِ سُكْرٍ) تَقْدِيرُ هَيْئَةِ الظَّاهِرِ أَنَّهُ غَيْرُ ضَرُورِيٍّ سم عَلَى حَجّ أَيْ:؛ لِأَنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْ عَدَمِ الْحَدِّ بِالسُّكْرِ عَدَمُهُ بِهَيْئَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ بِالْأَوْلَى اهـ ع ش (قَوْلُهُ لِغَلَطٍ) الْأَوْلَى مِنْ غَلَطٍ كَمَا فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ وَحَدُّ عُثْمَانَ إلَخْ) جَوَابُ سُؤَالٍ غَنِيٍّ عَنْ الْبَيَانِ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَيَكْفِي فِي إقْرَارٍ وَشَهَادَةٍ إلَخْ) أَيْ: لَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِقْرَارِ وَالشَّهَادَةِ التَّفْصِيلُ بَلْ يَكْفِي فِيهِمَا الْإِطْلَاقُ مُغْنِي وع ش (قَوْلُ الْمَتْنِ شَرِبَ خَمْرًا) أَيْ: حَيْثُ عَرَفَ الشَّاهِدُ مُسَمَّى الْخَمْرِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ فَسَكِرَ) أَيْ الْفُلَانُ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ وَسَاغَ لَهُ) أَيْ لِلشَّاهِدِ ذَلِكَ أَيْ: التَّعْبِيرُ بِالْخَمْرِ وَلَعَلَّهُ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْقَاضِي حَنَفِيًّا (قَوْلُهُ قَدْ يُسَمَّى خَمْرًا) أَيْ: مَجَازًا عِنْدَ الْكَثِيرِ وَحَقِيقَةً عِنْد الْقَلِيلِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَكَوْنُهُ) أَيْ: الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ عَنْهُ) أَيْ: النَّبِيذِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ) إلَى قَوْلِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ كَمَا فِيهِمَا فِي نَحْوِ بَيْعٍ وَطَلَاقٍ وَقَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ إلَى وَاخْتَارَهُ وَإِلَى قَوْلِهِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ فِيهِمَا وَقَوْلُهُ وَاخْتَارَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ إلَى وَقَدْ يُفَرَّقُ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ إلَخْ) أَيْ: كُلٌّ مِنْ الْمُقِرِّ وَالشَّاهِدِ وَهُوَ غَايَةٌ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ كَمَا فِيهِمَا إلَخْ) أَيْ: كَمَا يَكْفِي إطْلَاقُ الْإِقْرَارِ وَالشَّهَادَةِ فِي نَحْوِ بَيْعٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصْلَ إلَخْ) الْأَوْلَى وَلِأَنَّ إلَخْ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ كَمَا فِيهِمَا إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِكْرَاهِ وَالْغَالِبُ إلَخْ) أَيْ: فَيُنَزَّلُ الْإِقْرَارُ وَالشَّهَادَةُ عَلَيْهِ اهـ مُغْنِي. .

(قَوْلُهُ فِي كُلٍّ مِنْ الْمُقِرِّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي يُشْتَرَطُ التَّفْصِيلُ بِأَنْ يُزَادَ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا كَقَوْلِ الْمُقِرِّ وَأَنَا عَالِمٌ مُخْتَارٌ وَكَقَوْلِ الشَّاهِدِ وَهُوَ عَالِمٌ إلَخْ (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ مَا مَرَّ) أَيْ: مِنْ أَنَّهُ شَرِبَهُ لِعُذْرٍ مِنْ غَلَطٍ أَوْ إكْرَاهٍ (قَوْلُهُ كَالشَّهَادَةِ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ كَالْإِقْرَارِ وَالشَّهَادَةِ بِالزِّنَا (قَوْلُهُ وَاخْتَارَهُ) أَيْ: اشْتِرَاطِ ذِكْرِ الْعِلْمِ وَالِاخْتِيَارِ (قَوْلُهُ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ هَذَا الْفَرْقِ فَإِنَّ ذِكْرَ الْعِلْمِ وَالِاخْتِيَارِ لَا يَنْفِي احْتِمَالَ الْمُقَدِّمَاتِ سم أَقُولُ وَالْجَوَابُ أَنَّ قَوْلَهُمْ شَرِبَ خَمْرًا لَا يُطْلَقُ عَادَةً عَلَى مُقَدَّمَاتِ الشُّرْبِ بِخِلَافِ الزِّنَا فَإِنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى مُقَدَّمَاتِهِ وَمِنْهُ زِنَا الْعَيْنَيْنِ بِالنَّظَرِ فَيُقَالُ زَنَى إذَا قَبَّلَ أَوْ نَظَرَ فَاحْتِيجَ لِلتَّفْصِيلِ فِيهِ دُونَ الشُّرْبِ اهـ ع ش وَلَك أَنْ تَقُولَ أَنَّ هَذَا الْجَوَابَ وَإِنْ نَفَعَ فِي ذِكْرِ الْعِلْمِ لَا يَسْلَمُ نَفْعُهُ فِي ذِكْرِ الِاخْتِيَارِ (قَوْلُهُ كَمَا فِي الْحَدِيثِ) أَيْ: حَدِيثِ الْعَيْنَانِ يَزْنِيَانِ.

(تَنْبِيهٌ) سَكَتَ الْمُصَنِّفُ هُنَا عَنْ حُكْمِ رُجُوعِ الْمُقِرِّ بِشُرْبِ خَمْرٍ وَهُوَ عَلَى مَا سَبَقَ فِي حَدِّ الزِّنَا فَإِنَّ كُلَّ مَا لَيْسَ مِنْ حَقِّ آدَمِيٍّ يُقْبَلُ الرُّجُوعُ فِيهِ اهـ مُغْنِي وَسَيَأْتِي فِي شَرْحِ وَلَا يُحَدُّ حَالَ سُكْرِهِ الْإِشَارَةُ إلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَعَلَى الثَّانِي) أَيْ: اشْتِرَاطِ ذِكْرِ الْعِلْمِ وَالِاخْتِيَارِ (قَوْلُهُ أَنْ يَزِيدَ) أَيْ: كُلٌّ مِنْ الْمُقِرِّ وَالشَّاهِدِ (قَوْلُهُ لِنَحْوِ تَدَاوٍ) أَيْ: كَالْعَطَشِ وَالْجُوعِ (قَوْلُهُ فِي عَقْلِ الشَّارِبِ) أَيْ: الْمُقِرِّ بِالشُّرْبِ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ ذَلِكَ) أَيْ: الاستفصال. .

(قَوْلُهُ فَيَحْرُمُ ذَلِكَ) إلَى قَوْلِهِ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ فِي النِّهَايَةِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَلَمْ يَصِرْ إلَى اعْتَدَّ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَصِرْ مُلْقًى إلَخْ) أَيْ: فَإِنْ صَارَ كَذَلِكَ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْحَدِّ الزَّجْرُ وَمَنْ وَصَلَ لِهَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَتَأَثَّرُ فَكَيْفَ يَنْزَجِرُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ الظَّاهِرِ فِيهِ) أَيْ: فِي الِاعْتِدَادِ (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ: الظُّهُورِ (قَوْلُهُ لَا خِلَافَ فِيهِ) أَيْ: الِاعْتِدَادِ (قَوْلُهُ فِيهَا) أَيْ: الْحُرْمَةِ (قَوْلُهُ لِفَوَاتِ مَا ذُكِرَ) أَيْ: الزَّجْرِ (قَوْلُهُ وَكَذَا) إلَى قَوْلِهِ وَإِنَّمَا فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَإِنْ كُرِهَ فِيهِ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ مَعَ الْكَرَاهَةِ حَيْثُ لَا تَلْوِيثَ اهـ، قَالَ الرَّشِيدِيُّ وَعِ ش قَوْلُهُ حَيْثُ لَا تَلْوِيثَ قَيْدٌ لِلْكَرَاهَةِ أَيْ: وَإِلَّا حَرُمَ أَمَّا الْإِجْزَاءُ فَهُوَ حَاصِلٌ فِي الْمَسْجِدِ مُطْلَقًا اهـ.

(قَوْلُهُ فِيهِ) أَيْ: فِي الْحَدِّ فِي الْمَسْجِدِ لَهُ أَيْ: لِلْمَسْجِدِ. .

(قَوْلُهُ وَالتَّعَازِيرِ) إلَى قَوْلِهِ وَلَا يُلْقَى عَلَى وَجْهِهِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

قَوْلُهُ وَهَيْئَةُ سُكْرٍ) تَقْدِيرُ هَيْئَةٍ الظَّاهِرِ أَنَّهُ غَيْرُ ضَرُورِيٍّ.

(قَوْلُهُ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ هَذَا الْفَرْقِ فَإِنَّ ذِكْرَ الْعِلْمِ وَالِاخْتِيَارِ لَا يَنْفِي احْتِمَالَ الْمُقَدَّمَاتِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>