(أَوْ مَالٍ) وَإِنْ لَمْ يَتَمَوَّلْ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ كَحَبَّةِ بُرٍّ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الِاخْتِصَاصَ هُنَا كَالْمَالِ مَعَ قَوْلِهِمْ: قَلِيلُ الْمَالِ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرِ الِاخْتِصَاصِ، وَيُحْتَمَلُ تَقْيِيدُ نَحْوِ الضَّرْبِ بِالْمُتَمَوِّلِ عَلَى أَنَّهُ اُسْتُشْكِلَ عَدَمُ تَقْدِيرِ الْمَالِ هُنَا مَعَ أَدَاءِ الدَّفْعِ إلَى الْقَتْلِ بِتَقْدِيرِهِ فِي الْقَطْعِ بِالسَّرِقَةِ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ لَا يُؤَدِّي إلَيْهِ، وَجَوَابُهُ أَنَّ ذَيْنِكَ قَدْرُ حَدِّهِمَا فَقُدِّرَ مُقَابِلُهُ، وَهَذَا لَمْ يُقَدَّرْ حَدُّهُ فَلَمْ يُقَدَّرْ مُقَابِلُهُ، وَكَانَ حِكْمَةُ عَدَمِ التَّقْدِيرِ هُنَا أَنَّهُ لَا ضَابِطَ لِلصِّيَالِ بِخِلَافِ ذَيْنِك، وَذَلِكَ لِمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّ مَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ لَهُ الْقَتْلَ وَالْقِتَالَ وَإِذَا صِيلَ عَلَى الْكُلِّ قَدَّمَ النَّفْسَ أَيْ: وَمَا يَسْرِي إلَيْهَا كَالْجُرْحِ فَالْبُضْعَ فَالْمَالَ الْخَطِيرَ فَالْحَقِيرَ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِذِي الْخَطِيرِ غَيْرُهُ أَوْ عَلَى صَبِيٍّ بِلِوَاطٍ وَامْرَأَةٍ بِزِنًا، قِيلَ: يُقَدَّمُ الْأَوَّلُ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ إبَاحَتُهُ، وَقِيلَ: الثَّانِي لِلْإِجْمَاعِ عَلَى وُجُوبِ الْحَدِّ فِيهِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَمِيلُ إلَيْهِ كَلَامُهُمْ، وَلَوْ قِيلَ: إنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ فِي مَظِنَّةِ الْحَمْلِ قُدِّمَ الدَّفْعُ عَنْهَا؛ لِأَنَّ خَشْيَةَ اخْتِلَاطِ الْأَنْسَابِ أَغْلَظُ فِي نَظَرِ الشَّارِعِ مِنْ غَيْرِهَا وَإِلَّا قُدِّمَ الدَّفْعُ عَنْهُ لَمْ يَبْعُدْ. (فَإِنْ قَتَلَهُ) بِالدَّفْعِ عَلَى التَّدْرِيجِ الْآتِي (فَلَا ضَمَانَ) بِشَيْءٍ وَإِنْ كَانَ صَائِلًا عَلَى نَحْوِ مَالِ الْغَيْرِ خِلَافًا لِأَبِي حَامِدٍ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِدَفْعِهِ، وَذَلِكَ لَا يُجَامِعُ الضَّمَانَ أَيْ: غَالِبًا لِمَا يَأْتِي فِي الْجَرَّةِ، نَعَمْ يَحْرُمُ دَفْعُ الْمُضْطَرِّ لِمَاءٍ أَوْ طَعَامٍ وَيَلْزَمُ صَاحِبَ الْمَالِ تَمْكِينُهُ وَالْمُكْرَهُ عَلَى إتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ، بَلْ يَلْزَمُ مَالِكَهُ أَنْ يَقِيَ رُوحَهُ
ــ
[حاشية الشرواني]
مَعْصُومُونَ مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ، وَقَوْلُهُ: مَا وَيُسْتَثْنَى إلَى قَوْلِهِمَا بَلْ يَلْزَمُ يَأْتِي فِي الشَّارِحِ مِثْلُهُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُتَمَوَّلْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَمَالٌ وَإِنْ قَلَّ وَاخْتِصَاصٌ كَجِلْدِ مَيْتَةٍ اهـ. أَقُولُ وَوَظِيفَةٌ بِيَدِهِ بِوَجْهٍ صَحِيحٍ فَلَهُ دَفْعُ مَنْ يَسْعَى عَلَى أَخْذِهَا مِنْهُ بِغَيْرِ وَجْهٍ صَحِيحٍ، وَإِنْ أَدَّى إلَى قَتْلِهِ كَمَا هُوَ قِيَاسُ الْبَابِ ثُمَّ بَلَغَنِي أَنَّ الشِّهَابَ حَجّ أَفْتَى بِذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ سم عَلَى حَجّ اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ) أَيْ: الْعُمُومَ الْمَذْكُورَ بِالْغَايَةِ. (قَوْلُهُ: أَنَّ الِاخْتِصَاصَ) كَالْكَلْبِ الْمُقْتَنَى وَالسِّرْجِينِ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: كَالْمَالِ) يُفِيدُ جَوَازَ دَفْعِ الصَّائِلِ عَلَى جُلُودِ الْمَيْتَةِ وَالسِّرْجِينِ وَلَوْ بِقَتْلِهِ اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ عَنْ سم عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: نَحْوَ الضَّرْبِ) أَيْ: جَوَازُ الدَّفْعِ بِهِ، وَقَوْلُهُ: بِالْمُتَمَوِّلِ أَيْ: بِكَوْنِ الصِّيَالِ عَلَى الْمُتَمَوِّلِ. (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ) لَا يَظْهَرُ لَهُ مَوْقِعٌ هُنَا فَالْأَسْبَكُ الْأَخْصَرُ وَاسْتَشْكَلَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: بِتَقْدِيرِهِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِاسْتَشْكَلَ مَعَ أَنَّهُ إلَخْ أَيْ: كُلًّا مِنْ الْقَطْعَيْنِ. (قَوْلُهُ: إلَيْهِ) أَيْ: الْقَتْلِ. (قَوْلُهُ: وَجَوَابُهُ إلَخْ) وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ قَطْعَ الطَّرَفِ مُحَقَّقٌ فَاعْتُبِرَ فِيهِ ذَلِكَ بِخِلَافِ هَلَاكِ النَّفْسِ اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ ذَيْنِكَ) اسْتَشْكَلَهُ سم. (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) إلَى قَوْلِهِ: إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِهِ: وَلَوْ قِيلَ فِي النِّهَايَةِ. (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ إلَخْ) رَاجِعٌ إلَى الْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ: دُونَ دَمِهِ إلَخْ) أَيْ: فِي الْمَنْعِ عَنْ الْوُصُولِ إلَى دَمِهِ إلَخْ اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُ مِنْهُ إلَخْ) وَجْهُ اللُّزُومِ أَنَّهُ لَمَّا جَعَلَهُ شَهِيدًا دَلَّ عَلَى أَنَّ لَهُ الْقَتْلَ وَالْقِتَالَ كَمَا أَنَّ مَنْ قَتَلَهُ أَهْلُ الْحَرْبِ لَمَّا كَانَ شَهِيدًا كَانَ لَهُ الْقَتْلُ وَالْقِتَالُ مُغْنِي وَزِيَادِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا صِيلَ عَلَى الْكُلِّ) أَيْ: وَلَمْ يُمْكِنْ الدَّفْعُ عَنْ الْكُلِّ. اهـ. سم عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلَوْ صَالَ قَوْمٌ عَلَى النَّفْسِ وَالْبُضْعِ وَالْمَالِ قُدِّمَ الدَّفْعُ عَلَى النَّفْسِ عَلَى الدَّفْعِ عَنْ الْبُضْعِ وَالْمَالِ وَالدَّفْعُ عَنْ الْبُضْعِ عَلَى الْمَالِ وَالْمَالِ الْكَثِيرِ عَلَى الْقَلِيلِ، وَلَوْ صَالَ اثْنَانِ عَلَى مُتَسَاوِيَيْنِ مِنْ نَفْسَيْنِ أَوْ بُضْعَيْنِ أَوْ مَالَيْنِ وَلَمْ يَتَيَسَّرْ دَفْعُهُمَا مَعًا دَفَعَ أَيُّهُمَا شَاءَ اهـ. (قَوْلُهُ: قَدَّمَ النَّفْسَ) أَيْ: وُجُوبًا اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: قَدَّمَ النَّفْسَ) أَيْ: نَفْسَ غَيْرِهِ أَوْ نَفْسَهُ حَيْثُ لَمْ يُنْدَبْ الِاسْتِسْلَامُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ. رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: قِيلَ يُقَدَّمُ) إلَى الْمَتْنِ، عِبَارَةُ النِّهَايَةِ قَدَّمَ الدَّفْعَ أَيْ: وُجُوبًا عَنْهَا أَيْ: الْمَرْأَةِ كَمَا هُوَ أَوْجَهُ احْتِمَالَيْنِ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ؛ لِأَنَّ حَدَّ الزِّنَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَلِمَا يُخْشَى مِنْ اخْتِلَاطِ الْأَنْسَابِ أَيْ: وَلِذَلِكَ كَانَ الزِّنَا أَشَدُّ حُرْمَةً مِنْ اللِّوَاطِ اهـ. بِزِيَادَةٍ مِنْ ع ش. (قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الَّذِي إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ كَمَا مَرَّ آنِفًا لَا الْمُغْنِي عِبَارَتُهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَبْدَأُ بِأَيُّهُمَا شَاءَ وَهُوَ أَوْجَهُ لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ اهـ. (قَوْلُهُ: بِالدَّفْعِ) إلَى قَوْلِهِ: وَقَيَّدْتَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَتَوَقَّفَ الْأَذْرَعِيُّ إلَى الْمَتْنِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ أَيْ: غَالِبًا إلَى نَعَمْ، وَقَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ إلَى نَعَمْ. (قَوْلُهُ: بِشَيْءٍ) أَيْ: لَا بِقِصَاصٍ وَلَا دِيَةٍ وَلَا كَفَّارَةٍ نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي وَلَا قِيمَةٍ وَلَا إثْمٍ حَتَّى لَوْ صَالَ الْعَبْدُ الْمَغْصُوبُ أَوْ الْمُسْتَعَارُ عَلَى مَالِكِهِ فَقَتَلَهُ دَفْعًا لَمْ يَبْرَأْ الْغَاصِبُ وَلَا الْمُسْتَعِيرُ.
(تَنْبِيهٌ)
دَخَلَ فِي كَلَامِهِمْ مَا لَوْ صَالَتْ حَامِلٌ عَلَى إنْسَانٍ فَدَفَعَهَا فَأَلْقَتْ جَنِينَهَا مَيِّتًا، فَالْأَصَحُّ لَا يَضْمَنُهُ اهـ. وَقَوْلُهُ: تَنْبِيهٌ إلَخْ فِي ع ش عَنْ سم عَلَى الْمَنْهَجِ عَنْ م ر مِثْلُهُ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِكَلَامِ الْمَتْنِ اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ: الْأَمْرُ بِالدَّفْعِ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ يَحْرُمُ دَفْعُ الْمُضْطَرِّ إلَخْ) أَيْ: مَا لَمْ يَضْطَرَّ لَهُ مَالِكُهُ أَيْضًا وَيَكْفِي فِي حُرْمَةِ الدَّفْعِ وُجُودُ عَلَامَةٍ قَوِيَّةٍ عَلَى الْإِضْرَارِ اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُ صَاحِبَ الْمَالِ إلَخْ) فَإِذَا قَتَلَهُ دَفْعًا فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: تَمْكِينُهُ) أَيْ: بِعِوَضٍ حَيْثُ كَانَ غَنِيًّا اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: وَالْمُكْرَهِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُضْطَرِّ. (قَوْلُهُ: بَلْ يَلْزَمُ مَالِكَهُ إلَخْ) وَكُلٌّ مِنْ الْمُكْرَهِ وَالْمُكْرِهِ طَرِيقٌ فِي الضَّمَانِ وَقَرَارُهُ عَلَى
[حاشية ابن قاسم العبادي]
شَامِلٌ لِإِتْلَافِهِ نَفْسِهِ وَلِإِتْلَافِ مَنْفَعَتِهِ، فَلَا حَاجَةَ إلَى زِيَادَةٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ وَجَعَلَهُ خَارِجًا عَنْ الْمَتْنِ زَائِدًا عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ: أَوْ مَالٍ إنْ لَمْ يَتَمَوَّلْ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَمَالٍ وَإِنْ قَلَّ وَاخْتِصَاصٍ كَجِلْدِ مَيْتَةٍ. اهـ. أَقُولُ: وَوَظِيفَةٍ بِيَدِهِ بِوَجْهٍ صَحِيحٍ فَلَهُ دَفْعُ مَنْ يَسْعَى عَلَى أَخْذِهَا مِنْهُ بِغَيْرِ وَجْهٍ صَحِيحٍ وَإِنْ أَدَّى إلَى قَتْلِهِ كَمَا هُوَ قِيَاسُ الْبَابِ، ثُمَّ بَلَغَنِي أَنَّ الشِّهَابَ ابْنَ حَجَرٍ أَفْتَى بِذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ ذَيْنِك) فِيهِ نَظَرٌ، إنْ أَرَادَ أَنَّ السَّرِقَةَ وَقَطْعَ الطَّرِيقِ لَا يَكُونَانِ إلَّا عَلَى الْوَجْهِ الْمَخْصُوصِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ أَوْ أَنَّ أَحَدَهُمَا لَا يَثْبُتُ إلَّا لِمَا كَانَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَخْصُوصِ فَهَذَا هُوَ الْمَسْئُولُ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْ الْحُكْمَ بِالْوَجْهِ الْمَخْصُوصِ فِيمَا دُونَ الصِّيَالِ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا صِيلَ عَلَى الْكُلِّ) لَمْ يُمْكِنْ الدَّفْعُ عَنْ الْكُلِّ دَفْعَةً. (قَوْلُهُ: وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَمِيلُ إلَيْهِ كَلَامُهُمْ) كَتَبَ عَلَيْهِ م ر. (قَوْلُهُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute