أَيْ: مَثَلًا بِمَالِهِ وَتَوَقَّفَ الْأَذْرَعِيُّ فِي مَالِ الْغَيْرِ إذَا كَانَ حَيَوَانًا، وَيُجَابُ بِأَنَّ حُرْمَةَ الْآدَمِيِّ أَعْظَمُ مِنْهُ، وَحَقُّ الْغَيْرِ ثَابِتٌ فِي الْبَدَلِ فِي الذِّمَّةِ، نَعَمْ لَوْ قِيلَ: إنْ عَدَّ الْمُكْرَهَ بِهِ حَقِيرًا مُحْتَمَلًا عُرْفًا فِي جَنْبِ قَتْلِ الْحَيَوَانِ لَمْ يَجُزْ قَتْلُهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَبْعُدْ
(وَلَا يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْ مَالٍ) غَيْرِ ذِي رُوحٍ لِنَفْسِهِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مَالًا؛ لِأَنَّهُ يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ، نَعَمْ يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْ مَالِ نَفْسِهِ إذَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لِلْغَيْرِ كَرَهْنٍ وَإِجَارَةٍ، وَأَمَّا ذُو الرُّوحِ فَيَجِبُ دَفْعُ مَالِكِهِ وَغَيْرِهِ عَنْ نَحْوِ إتْلَافِهِ لِتَأَكُّدِ حَقِّهِ، وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ الْإِمَامَ وَنُوَّابَهُ يَلْزَمُهُمْ الدَّفْعُ عَنْ أَمْوَالِ رَعَايَاهُمْ، وَقَيَّدْتُ بِتِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ رَدًّا لِمَا تُوُهِّمَ مِنْ مُنَافَاةِ هَذَا لِمَا يَأْتِي أَنَّ إنْكَارَ الْمُنْكَرِ وَاجِبٌ، وَبَيَانُهُ أَنَّ نَفْيَ الْوُجُوبِ هُنَا مِنْ حَيْثُ الْمَالُ، وَإِثْبَاتُهُ ثَمَّ مِنْ حَيْثُ إنْكَارُ الْمُنْكَرِ، وَكَلَامُ الْغَزَالِيِّ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ
(وَيَجِبُ) إنْ لَمْ يَخَفْ عَلَى نَحْوِ نَفْسِهِ أَوْ عُضْوِهِ أَوْ مَنْفَعَتِهِ الدَّفْعُ (عَنْ بُضْعٍ) وَلَوْ لِأَجْنَبِيَّةٍ مُهْدَرَةٍ؛ إذْ لَا سَبِيلَ لِإِبَاحَتِهِ وَهَلْ يَجِبُ عَنْ نَحْوِ الْقُبْلَةِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ وُجُوبُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ ثُمَّ رَأَيْت التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ وَمَرَّ أَنَّ الزِّنَا لَا يُبَاحُ بِالْإِكْرَاهِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا الِاسْتِسْلَامُ لِمَنْ صَالَ عَلَيْهَا لِيَزْنِيَ بِهَا مَثَلًا وَإِنْ خَافَتْ عَلَى نَفْسِهَا.
(وَكَذَا نَفْسٌ قَصَدَهَا كَافِرٌ) مُحْتَرَمٌ أَوْ مُهْدَرٌ فَيَجِبُ الدَّفْعُ عَنْهَا؛ لِأَنَّ الِاسْتِسْلَامَ لَهُ ذُلٌّ دِينِيٌّ
ــ
[حاشية الشرواني]
الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: أَيْ: مَثَلًا) يَشْمَلُ جُرْحًا أَوْ ضَرْبًا يَسِيرًا لَا يَشُقُّ احْتِمَالُهُ مَشَقَّةً عَظِيمَةً وَمَالًا قَلِيلًا وَفِي لُزُومِ وِقَايَةِ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْمُكْرَهُ عَلَى قَتْلِهِ حَيَوَانًا خَطِيرًا نَظَرٌ ظَاهِرٌ، وَهَذَا مَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي قَوْلِهِ الْآتِي نَعَمْ إلَخْ اهـ. سم. (قَوْلُهُ: فِي مَالِ الْغَيْرِ إلَخْ) أَيْ: فِي الْإِكْرَاهِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فِي الذِّمَّةِ) أَيْ: ذِمَّةِ الْمُكْرَهِ. (قَوْلُهُ: حَقِيرًا إلَخْ) أَيْ: كَضَرْبٍ أَوْ مَالٍ يَسِيرٍ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ قَتْلُهُ إلَخْ) اسْتَظْهَرَهُ سم كَمَا مَرَّ آنِفًا
. (قَوْلُهُ: لِنَفْسِهِ) وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى مَالِ غَيْرِهِ سم اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: يَجِبُ الدَّفْعُ إلَخْ) أَيْ: مَا لَمْ يَخْشَ عَلَى نَحْوِ نَفْسِهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي، وَكَذَا الْأَمْرُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي: فَيَجِبُ دَفْعُ مَالِكِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: كَرَهْنٍ) هُوَ فِي رَهْنِ التَّبَرُّعِ ظَاهِرٌ إذَا كَانَ فِي يَدِ الْمَالِكِ وَكَانَ قَدْ لَزِمَ بِأَنْ قَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ سم عَلَى حَجّ، وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ ثُمَّ رَدَّهُ إلَخْ أَنَّهُ لَوْ جَنَى الْمَرْهُونُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَالِكِ دَفْعُ الْجَانِي وَيَنْبَغِي خِلَافُهُ، إذْ غَايَتُهُ أَنَّهُ كَمَالِ الْغَيْرِ، وَهُوَ يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْهُ اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا ذُو الرُّوحِ إلَخْ) يَشْمَلُ الرَّقِيقَ الْمُسْلِمَ وَيُحْتَمَلُ اسْتِثْنَاؤُهُ لِغَرَضِ الشَّهَادَةِ سم عَلَى حَجّ أَقُولُ: وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ اهـ. ع ش أَقُولُ: وَيُصَرِّحُ بِالشُّمُولِ مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ كَالنِّهَايَةِ وَكَأَنَّهُمْ إنَّمَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ دَفْعُ مَالِكِهِ إلَخْ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى مَفْعُولِهِ عِبَارَةُ الْمُغْنِي أَمَّا مَا فِيهِ رُوحٌ فَيَجِبُ الدَّفْعُ عَنْهُ إذَا قَصَدَ إتْلَافَهُ مَا لَمْ يَخْشَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ بُضْعِهِ لِحُرْمَةِ الرُّوحِ حَتَّى لَوْ رَأَى أَجْنَبِيٌّ شَخْصًا يُتْلِفُ حَيَوَانَ نَفْسِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ دَفْعُهُ عَلَى الْأَصَحِّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ اهـ. (قَوْلُهُ:؛ لِتَأَكُّدِ حَقِّهِ) أَيْ: ذِي الرُّوحِ. (قَوْلُهُ: وَبَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْأَوْجَهُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: يَلْزَمُهُمْ الدَّفْعُ إلَخْ) وَسَيَأْتِي وُجُوبُ دَفْعِهِمْ عَنْ نَفْسِ رَعَايَاهُمْ آخِرَ الصَّفْحَةِ سم وع ش. (قَوْلُهُ: وَقَيَّدْتُ) بِضَمِّ التَّاءِ أَيْ: الْمَتْنَ بِتِلْكَ الْحَيْثِيَّةِ أَيْ: حَيْثِيَّةِ كَوْنِهِ مَالًا. (قَوْلُهُ: لِمَا تُوُهِّمَ مِنْ مُنَافَاةِ هَذَا لِمَا يَأْتِي إلَخْ) لَا يَخْفَى عَلَى مُتَأَمِّلٍ مُنْصِفٍ ظُهُورُ الْمُنَافَاةِ وَقُوَّتُهَا وَضَعْفُ الْجَوَابِ وَبِيَدِهِ اهـ. سم. (قَوْلُهُ: وَبَيَانُهُ) أَيْ: عَدَمِ الْمُنَافَاةِ. (قَوْلُهُ: وَإِثْبَاتُهُ) أَيْ: الْوُجُوبِ. (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ) يَظْهَرُ أَنَّ الْمُشَارَ إلَيْهِ مَجْمُوعُ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ
. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَخَفْ) إلَى قَوْلِهِ: ثُمَّ رَأَيْتُ فِي الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَخَفْ عَلَى نَحْوِ نَفْسِهِ إلَخْ) مَحَلُّهُ فِي الصِّيَالِ عَلَى بُضْعِ الْغَيْرِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ الْآتِي: فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا الِاسْتِسْلَامُ إلَخْ اهـ. رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُ الْمَتْنِ عَنْ بُضْعٍ) أَيْ: وَلَوْ بُضْعَ بَهِيمَةٍ كَمَا أَفَادَهُ الْمُؤَلِّفُ م ر اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ لِأَجْنَبِيَّةٍ إلَخْ) الْأَوْلَى حَذْفُ هَذِهِ الْغَايَةِ؛ لِأَنَّهَا سَتَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالدَّفْعُ عَنْ غَيْرِهِ كَهُوَ عَنْ نَفْسِهِ اهـ. رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَهَلْ يَجِبُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَمِثْلُ الْبُضْعِ مُقَدِّمَاتُهُ اهـ. عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَيُتَّجَهُ وُجُوبُهُ أَيْضًا عَنْ مُقَدِّمَاتِ الْوَطْءِ كَقُبْلَةٍ اهـ. (قَوْلُهُ: وَمَرَّ أَنَّ الزِّنَا) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ: وَقِيلَ: يَجِبُ فِي النِّهَايَةِ. (قَوْلُهُ: مَثَلًا) أَيْ: أَوْ لِيُقَبِّلَهَا. (قَوْلُ الْمَتْنِ، وَكَذَا نَفْسٌ إلَخْ) أَيْ: لِلشَّخْصِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ عُضْوَهُ وَمَنْفَعَتَهُ كَنَفْسِهِ اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: مُحْتَرَمٌ) إلَى قَوْلِهِ: وَكَأَنَّهُمْ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَوُجُوبُ الدَّفْعِ إلَى الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الِاسْتِسْلَامَ لَهُ ذُلٌّ دِينِيٌّ) . (تَنْبِيهٌ)
مَحَلُّ مَنْعِ جَوَازِ اسْتِسْلَامِ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ إذَا لَمْ يُجَوِّزْ الْأَسْرَ فَإِنْ جَوَّزَهُ لَمْ يَحْرُمْ كَمَا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي السِّيَرِ مُغْنِي وَسَمِّ. (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَمُقْتَضَى هَذِهِ الْعِلَّةِ جَوَازُ اسْتِسْلَامِ الْكَافِرِ لِلْكَافِرِ وَبَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ اهـ. عِبَارَةُ الْبُجَيْرَمِيِّ عَنْ سم عَلَى الْمَنْهَجِ، وَقَضِيَّةُ هَذَا الْكَلَامِ أَيْ: كَلَامِ الْمَتْنِ أَنَّهُ يَجِبُ دَفْعُ الذِّمِّيِّ عَنْ الذِّمِّيِّ لَا الْمُسْلِمِ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
أَيْ: مَثَلًا) يَشْمَلُ جُرْحًا أَوْ ضَرْبًا يَسِيرًا لَا يَشُقُّ احْتِمَالُهُ مَشَقَّةً عَظِيمَةً وَمَالًا قَلِيلًا وَفِي لُزُومِ رِوَايَةِ ذَلِكَ إنْ كَانَ الْمُكْرَهُ عَلَى قَتْلِهِ حَيَوَانًا خَطِيرًا نَظَرٌ ظَاهِرٌ، وَهَذَا مَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي قَوْلِهِ: الْآتِي نَعَمْ إلَخْ فَفِي إطْلَاقِ زِيَادَتِهِ قَوْلُهُ: أَيْ: مَثَلًا ثُمَّ الِاسْتِدْرَاكُ عَلَيْهَا مَا فِيهِ
(قَوْلُهُ لِنَفْسِهِ) وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى مَالِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: كَرَهْنٍ) هُوَ فِي رَهْنِ التَّبَرُّعِ ظَاهِرٌ إذَا كَانَ فِي يَدِ الْمَالِكِ وَكَانَ قَدْ لَزِمَ بِأَنْ كَانَ قَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: أَمَّا ذُو الرُّوحِ) يَشْمَلُ الرَّقِيقَ الْمُسْلِمَ وَيُحْتَمَلُ اسْتِثْنَاؤُهُ لِغَرَضِ الشَّهَادَةِ لَهُ. (قَوْلُهُ يَلْزَمُهُمْ الدَّفْعُ عَنْ أَمْوَالِ رَعَايَاهُمْ) وَسَيَأْتِي وُجُوبُ دَفْعِهِمْ عَنْ أَنْفُسِ رَعَايَاهُمْ آخِرَ الصَّفْحَةِ. (قَوْلُهُ: لِمَا تُوُهِّمَ مِنْ مُنَافَاةِ إلَخْ) لَا يَخْفَى عَلَى مُتَأَمِّلٍ مُنْصِفٍ ظُهُورُ الْمُنَافَاةِ وَقُوَّتُهَا وَضَعْفُ الْجَوَابِ الْمَذْكُورِ عَنْهَا وَبُعْدُهُ، وَإِنَّ وَصْفَ الْمُنَافَاةِ بِالتَّوَهُّمِ تَحَامُلٌ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ
(قَوْلُهُ: فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا الِاسْتِسْلَامُ) كَذَا شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَإِنْ خَافَتْ عَلَى نَفْسِهَا) هَذَا مَعَ قَوْلِهِ قَبْلَهُ إنْ لَمْ يَخَفْ عَلَى نَحْوِ نَفْسِهِ إلَخْ يَقْتَضِي الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَزْنِيِّ بِهَا وَغَيْرِهَا، وَإِنَّ خَوْفَهَا لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الدَّفْعِ عَلَيْهَا بِخِلَافِ خَوْفِ