للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابْتِدَاءً وَرَدًّا.

وَسَلَامُ ذِمِّيٍّ فَيَجِبُ رَدُّهُ بِعَلَيْك كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ، لَكِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ: إنَّهُ يُسَنُّ وَلَا يَجِبُ، وَسَلَامُ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ مُمَيِّزٍ فَيَجِبُ رَدُّهُ أَيْضًا، وَكَذَا سَكْرَانَ مُمَيِّزٍ لَمْ يَعْصِ بِسُكْرِهِ.

وَقَوْلُ الْمَجْمُوعِ: لَا يَجِبُ رَدُّ سَلَامِ مَجْنُونٍ أَوْ سَكْرَانَ يُحْمَلُ عَلَى غَيْرِ الْمُمَيِّزِ، وَزَعَمَ أَنَّ الْجُنُونَ وَالسُّكْرَ يُنَافِيَانِ التَّمْيِيزَ غَفْلَةً عَمَّا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ عَدَمِ التَّنَافِي، أَمَّا الْمُتَعَدِّي فَفَاسِقٌ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُمَيَّزِ فَلَيْسَ فِيهِ أَهْلِيَّةٌ لِلْخِطَابِ كَالْمَجْنُونِ، وَالْمُلْحَقُ بِالْمُكَلَّفِ إنَّمَا هُوَ الْمُتَعَدِّي، فَإِنْ قُلْت: قَضِيَّةُ هَذَا وُجُوبُ الرَّدِّ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُمَيِّزْ كَالصَّلَاةِ، قُلْت: فَائِدَةُ الْوُجُوبِ فِي نَحْوِ الصَّلَاةِ مِنْ انْعِقَادِ السَّبَبِ فِي حَقِّهِ حَتَّى يَلْزَمَهُ الْقَضَاءُ مُنْتَفِيَةٌ هُنَا؛ لِأَنَّ الرَّدَّ لَا يُقْضَى كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فَانْدَفَعَ مَا لِلشَّارِحِ هُنَا، نَعَمْ لَوْ قِيلَ: فَائِدَتُهُ الْإِثْمُ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ لَمْ يَبْعُدْ. وَلَعَلَّهُ مُرَادُ ذَلِكَ الشَّارِحِ، وَخَرَجَ بِهِ السَّلَامُ عَلَى قَاضِي الْحَاجَةِ وَمَنْ مَعَهُ، فَلَا يَجِبُ رَدُّهُ كَمَا يَأْتِي، وَإِنَّمَا يُجْزِئُ الرَّدُّ إنْ اتَّصَلَ بِالسَّلَامِ كَاتِّصَالِ قَبُولِ الْبَيْعِ بِإِيجَابِهِ، وَخَرَجَ بِغَيْرِ مُتَحَلِّلٍ إلَخْ سَلَامُ التَّحَلُّلِ مِنْ الصَّلَاةِ، إذَا نَوَى الْحَاضِرُ عِنْدَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ رَدُّهُ عَلَى الْأَوْجَهِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَلَامِ التَّلَاقِي بِأَنَّ الْقَصْدَ بِهِ الْأَمْنُ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالرَّدِّ، وَهُنَا التَّحَلُّلُ مِنْ الصَّلَاةِ مَعَ قَصْدِ الْحَاضِرِ بِهِ لِتَعُودَ عَلَيْهِ بَرَكَتُهُ، وَذَلِكَ حَاصِلٌ وَإِنْ لَمْ يَرُدَّ، وَإِنَّمَا حَنِثَ بِهِ الْحَالِفُ عَلَى تَرْكِ الْكَلَامِ وَالسَّلَامِ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ فِيهِمَا عَلَى صِدْقِ الِاسْمِ لَا غَيْرٍ، وَلَا رَدَّ سَلَامِ فَاسِقٍ أَوْ مُبْتَدِعٍ زَجْرًا لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ، وَإِنْ شَرَعَ سَلَامُهُ، وَخَرَجَ بِجَمَاعَةٍ الْوَاحِدُ فَالرَّدُّ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَيْهِ. وَلَا بُدَّ فِي الِابْتِدَاءِ وَالرَّدِّ مِنْ رَفْعِ الصَّوْتِ بِقَدْرِ مَا يَحْصُلُ بِهِ السَّمَاعُ

ــ

[حاشية الشرواني]

ابْتِدَاءً وَرَدًّا) أَيْ فَيُسَنُّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا سَلَامٌ عَلَى الْآخَرِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الرَّدُّ (قَوْلُهُ: وَسَلَامُ ذِمِّيٍّ) عُطِفَ عَلَى سَلَامِ امْرَأَةٍ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ إلَخْ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: بِعَلَيْك) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي بِوَعَلَيْك بِزِيَادَةِ الْوَاوِ ثُمَّ نَبَّهَ الْمُغْنِي عَلَى جَوَازِ إسْقَاطِهَا أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَسَلَامُ صَبِيٍّ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى سَلَامِ امْرَأَةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ مَجْنُونٍ مُمَيِّزٍ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَلِظَاهِرِ الْمُغْنِي وَقَوْلُهُ: مُمَيِّزٍ رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَكَذَا سَكْرَانُ مُمَيِّزٌ خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: أَمَّا الْمُتَعَدِّي) أَيْ بِسُكْرِهِ (قَوْلُهُ: فَفَاسِقٌ) أَيْ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ رَدُّ سَلَامِهِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا غَيْرُ الْمُمَيِّزِ) أَيْ السَّكْرَانُ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ (قَوْلُهُ: كَالْمَجْنُونِ) أَيْ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ (قَوْلُهُ: قَضِيَّةُ هَذَا) أَيْ الْإِلْحَاقِ.

(قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) أَيْ السَّكْرَانِ الْمُتَعَدِّي وَالْجَارُّ مُتَعَلِّقٌ بِوُجُوبٍ.

(قَوْلُهُ: فِي حَقِّهِ) أَيْ الْمُتَعَدِّي (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ) أَيْ لِسُكْرِهِ (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِهِ) أَيْ بِقَوْلِهِ مَسْنُونٌ (قَوْلُهُ: وَمَنْ مَعَهُ) أَيْ عُطِفَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يُجْزِئُ) إلَى قَوْلِهِ وَخَرَجَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: إنْ اتَّصَلَ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَضُرُّ الْفَصْلُ بِلَفْظٍ أَجْنَبِيٍّ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ الْآتِي؛ لِأَنَّ الْفَصْلَ لَيْسَ بِأَجْنَبِيٍّ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ بِالسَّلَامِ وَكَذَا ضَمِيرُ بَرَكَتِهِ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ عَوْدُ الْبَرَكَةِ لِلْحَاضِرِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا حَنِثَ بِهِ) أَيْ بِقَصْدِ الْحَاضِرِ بِسَلَامِ التَّحَلُّلِ (قَوْلُهُ: وَالسَّلَامُ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ الْمُنَوِّعَةِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا رَدُّ سَلَامٍ) إلَى قَوْلِهِ وَلَا بُدَّ فِي الْمُغْنِي لَا قَوْلُهُ وَإِنْ شُرِعَ سَلَامُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا رَدُّ سَلَامٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ رَدُّهُ مِنْ قَوْلِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ رَدُّهُ إلَخْ وَلَا يُخْفَى مَا فِيهِ مِنْ إيهَامِ تَفْرِيعِهِ عَلَى مَا قَبْلَهُ فَكَانَ الْأَوْلَى وَكَذَا لَا يَلْزَمُهُ رَدُّ سَلَامٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: زَجْرًا إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي إذَا كَانَ فِي تَرْكِهِ زَجْرٌ إلَخْ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَوْ لِغَيْرِهِ إلَخْ) الْأَوْلَى التَّثْنِيَةُ لِمَا مَرَّ عَنْ سم أَنَّ الْمَعْطُوفَ بِأَوْ الْمُنَوِّعَةِ كَالْمَعْطُوفِ بِالْوَاوِ (قَوْلُهُ: فَرْضُ عَيْنٍ عَلَيْهِ) أَيْ إلَّا إنْ كَانَ الْمُسَلِّمُ أَوْ الْمُسَلَّمُ عَلَيْهِ مُشْتَهَاةً وَالْآخَرُ رَجُلًا وَلَا نَحْوُ مَحْرَمِيَّةٍ بَيْنَهُمَا فَلَا يَجِبُ الرَّدُّ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: مِنْ رَفْعِ الصَّوْتِ إلَخْ) فَإِنْ شَكَّ أَيْ الرَّادُّ فِي سَمَاعِهِ أَيْ الْمُسَلِّمِ زَادَ فِي الرَّفْعِ فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ نِيَامٌ خَفَضَ صَوْتَهُ. اهـ. نِهَايَةٌ أَيْ نَدْبًا مَعَ الْإِسْمَاعِ لِلْمُسَلِّمِ وَإِنْ أَدَّى إلَى إيقَاظِ النَّائِمِينَ ع ش (قَوْلُهُ:

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

نِسْوَةٍ أَوْ عَجُوزٍ أَيْ: لَا يُكْرَهُ ابْتِدَاءً وَلَا رَدًّا عَلَيْهِنَّ مَا نَصُّهُ: بَلْ يُنْدَبُ الِابْتِدَاءُ مِنْهُنَّ عَلَى غَيْرِهِنَّ وَعَكْسُهُ وَيَجِبُ الرَّدُّ كَذَلِكَ اهـ. (قَوْلُهُ: وَسَلَامُ ذِمِّيٍّ) عَطَفَ عَلَى سَلَامِ امْرَأَةٍ فِي قَوْلِهِ: وَدَخَلَ فِي قَوْلِي إلَخْ وَقَضِيَّتُهُ اسْتِحْبَابُ سَلَامِ الذِّمِّيِّ عَلَى الْمُسْلِمِ وَلَمْ أَرَهُ فَرَاجِعْهُ. (فَائِدَةٌ)

فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ فِي الْبَابِ الْجَامِعِ آخِرَهَا مَا نَصُّهُ: مَسْأَلَةُ رَجُلٍ سَلَّمَ عَلَى جَمَاعَةٍ مُسْلِمِينَ وَفِيهِمْ نَصْرَانِيٌّ فَأَنْكَرَ عَلَى ذَلِكَ، فَقَالَ: مَا قَصَدْت إلَّا الْمُسْلِمِينَ فَقِيلَ لَهُ مِنْ حَقِّك أَنْ تَقُولَ: السَّلَامُ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى فَهَلْ يُجْزِئُ اللَّفْظُ الْأَوَّلُ أَوْ يَتَعَيَّنُ الثَّانِي؟ (الْجَوَابُ) لَا يُجْزِئُ فِي السَّلَامِ إلَّا اللَّفْظُ الْأَوَّلُ وَلَا يَسْتَحِقُّ الرَّدَّ إلَّا بِهِ، وَيَجُوزُ السَّلَامُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَفِيهِمْ نَصْرَانِيٌّ إذَا قَصَدَ الْمُسْلِمِينَ فَقَطْ، وَأَمَّا السَّلَامُ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى فَإِنَّمَا شُرِعَ فِي صُدُورِ الْكُتُبِ إذَا كُتِبَتْ لِلْكَافِرِ كَمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ. (مَسْأَلَةٌ)

إذَا قَالَ مَنْ يُشَمِّتُ الْعَاطِسَ: يَرْحَمُ اللَّهُ سَيِّدِي، أَوْ قَالَ مَنْ يَبْتَدِئُ: السَّلَامُ عَلَى سَيِّدِي، أَوْ الرَّادُّ: وَعَلَى سَيِّدِي السَّلَامُ. هَلْ يَتَأَدَّى بِذَلِكَ السُّنَّةُ أَوْ الْفَرْضُ؟ . (الْجَوَابُ) قَالَ ابْنُ صُورَةَ فِي كِتَابِ الْمُرْشِدِ: وَلْيَكُنْ التَّشْمِيتُ بِلَفْظِ الْخِطَابِ؛ لِأَنَّهُ الْوَارِدُ، قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي شَرْحِ الْإِلْمَامِ: وَهَؤُلَاءِ الْمُتَأَخِّرُونَ إذَا خَاطَبُوا مَنْ يُعَظِّمُونَهُ قَالُوا: يَرْحَمُ اللَّهُ سَيِّدَنَا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ خِطَابٍ، وَهُوَ خِلَافُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْأَمْرُ فِي الْحَدِيثِ، قَالَ: وَبَلَغَنِي عَنْ بَعْضِ عُلَمَاءِ زَمَانِنَا أَنَّهُ قِيلَ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ: قُلْ يَرْحَمُك اللَّهُ يَا سَيِّدَنَا، قَالَ: وَكَأَنَّهُ قَصَدَ الْجَمْعَ بَيْنَ لَفْظِ الْخِطَابِ وَبَيْنَ مَا اعْتَادُوهُ مِنْ التَّعْظِيمِ. اهـ. وَيُقَاسُ بِذَلِكَ مَسَائِلُ السَّلَامِ. (مَسْأَلَةٌ)

رَجُلٌ قَالَ: اللَّهُمَّ اجْمَعْنَا فِي مُسْتَقَرِّ رَحْمَتِك فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ شَخْصٌ فَمَنْ الْمُصِيبُ؟ الْجَوَابُ هَذَا الْكَلَامُ أَنْكَرَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ وَرَدَّ عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ مِنْهُمْ النَّوَوِيُّ وَقَالَ: الصَّوَابُ جَوَازُ ذَلِكَ وَمُسْتَقَرُّ الرَّحْمَةِ هُوَ الْجَنَّةُ. اهـ. (قَوْلُهُ: إنْ اتَّصَلَ بِالسَّلَامِ كَاتِّصَالِ قَبُولِ الْبَيْعِ بِإِيجَابِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَضُرُّ الْفَصْلُ بِلَفْظٍ أَجْنَبِيٍّ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: الْآتِي؛ لِأَنَّ الْفَصْلَ لَيْسَ بِأَجْنَبِيٍّ م ر (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُهُ رَدُّهُ عَلَى الْأَوْجَهِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>