للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَنَّ لَهُ السَّفَرَ، وَإِنْ صَرَّحَ لَهُ بِالْمَنْعِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا قَوْلُهُمْ: لَوْ تَأَجَّلَ نَحْوُ الْمَهْرِ لَمْ يُحْبَسْ لِقَبْضِهِ وَإِنْ حَلَّ؛ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِذِمَّتِهِ قُلْت: أَمَّا كَلَامُهُمْ الْأَوَّلُ فَإِنَّمَا هُوَ فِي الْمَنْعِ ابْتِدَاءً، وَأَمَّا الثَّانِي فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا هُنَا بِأَنَّ مُقْتَضَى التَّأْجِيلِ ثُمَّ الرِّضَا بِتَسَلُّمِهِ الْبُضْعَ قَبْلَ إقْبَاضِهِ مُقَابِلَهُ فَعُومِلَ بِهِ، وَأَمَّا هُنَا فَلَيْسَ قَضِيَّةُ التَّأْجِيلِ مَنْعَ الْمُطَالَبَةِ وَطَلَبَ الْحَبْسِ بَعْدَ الْحُلُولِ فَمَكَّنَاهُ مِنْ ذَلِكَ، وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ إمَّا الِامْتِنَاعُ بِالْمَنْعِ أَوْ عَدَمِهِ وَإِمَّا جَزْمُ بَعْضِهِمْ بِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الْحُلُولِ تَلْزَمُهُ الْإِقَامَةُ، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ اسْتِمْرَارُ السَّفَرِ بِلَا إذْنٍ كَابْتِدَاءِ السَّفَرِ مَعَ الْحُلُولِ فَبَعِيدٌ، بَلْ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ. (فَإِنْ) الْتَقَى الصَّفَّانِ أَوْ (شَرَعَ فِي الْقِتَالِ) ثُمَّ طَرَأَ ذَلِكَ وَعَلِمَهُ (حَرُمَ الِانْصِرَافُ فِي الْأَظْهَرِ) ؛ لِعُمُومِ الْأَمْرِ بِالثَّبَاتِ وَلِانْكِسَارِ الْقُلُوبِ بِانْصِرَافِهِ، نَعَمْ يَكُونُ وُقُوفُهُ آخِرَ الصَّفِّ لِيَحْرُسَ وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا مَرَّ

(الثَّانِي) مِنْ حَالَيْ الْكُفَّارِ (يَدْخُلُونَ) أَيْ: دُخُولُهُمْ عُمْرَانَ الْإِسْلَامِ أَوْ خَرَابَهُ أَوْ جِبَالَهُ كَمَا أَفْهَمَهُ التَّقْسِيمُ، ثُمَّ فِي ذَلِكَ يُفَصَّلُ بَيْنَ الْقَرِيبِ مِمَّا دَخَلُوهُ وَالْبَعِيدِ مِنْهُ.

فَإِنْ دَخَلُوا (بَلْدَةً لَنَا) أَوْ صَارَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ كَانَ خَطْبًا عَظِيمًا؛ (فَيَلْزَمُ أَهْلَهَا) عَيْنًا (الدَّفْعُ) لَهُمْ (بِالْمُمْكِنِ) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ أَطَاقُوهُ، ثُمَّ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ: (فَإِنْ أَمْكَنَ تَأَهُّبٌ لِقِتَالٍ) بِأَنْ لَمْ يَهْجُمُوا بَغْتَةً (وَجَبَ الْمُمْكِنُ) فِي دَفْعِهِمْ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ، (حَتَّى عَلَى) مَنْ لَا يَلْزَمُهُ الْجِهَادُ نَحْوُ: (فَقِيرٍ) بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ (وَوَلَدٍ وَمَدِينٍ وَعَبْدٍ) وَامْرَأَةٍ فِيهَا قُوَّةٌ، (بِلَا إذْنٍ) مِمَّنْ مَرَّ، وَيُغْتَفَرُ ذَلِكَ بِهَذَا الْخَطَرِ الْعَظِيمِ الَّذِي لَا سَبِيلَ لِإِهْمَالِهِ.

(وَقِيلَ: إنْ حَصَلَتْ مُقَاوَمَةُ أَحْرَارٍ) مِنَّا لَهُمْ (اُشْتُرِطَ إذْنُ سَيِّدِهِ) أَيْ الْعَبْدِ لِلْغَنِيَّةِ عَنْهُ، وَالْأَصَحُّ لَا لِتَقْوَى الْقُلُوبُ، (وَإِلَّا) يُمْكِنْ تَأَهُّبٌ لِهُجُومِهِمْ بَغْتَةً (فَمَنْ قَصَدَ) مِنَّا (دَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ بِالْمُمْكِنِ) وُجُوبًا، (إنْ عَلِمَ أَنَّهُ إنْ أُخِذَ قُتِلَ) ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا جِهَادَ عَلَيْهِ؛ لِامْتِنَاعِ الِاسْتِسْلَامِ لِكَافِرٍ.

(وَإِنْ جُوِّزَ الْأَسْرُ وَالْقَتْلُ فَلَهُ) أَنْ يَدْفَعَ (أَنْ وَيَسْتَسْلِمَ) إنْ ظَنَّ أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ مِنْهُ قُتِلَ؛ لِأَنَّ تَرْكَ الِاسْتِسْلَامِ حِينَئِذٍ تَعْجِيلٌ لِلْقَتْلِ. (تَنْبِيهٌ)

مَا ذُكِرَ فِي الْمَتْنِ مِنْ قِسْمَيْ التَّمَكُّنِ وَعَدَمِهِ بِقَيْدِهِ، وَهُوَ إنْ ظَنَّ إلَخْ هُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَعِبَارَتِهَا يَتَعَيَّنُ عَلَى أَهْلِهَا الدَّفْعُ بِمَا أَمْكَنَهُمْ. وَلِلدَّفْعِ مَرْتَبَتَانِ:

إحْدَاهُمَا: أَنْ يَحْتَمِلَ الْحَالُ اجْتِمَاعَهُمْ أَوْ تَأَهُّبَهُمْ لِلْحِزْبِ فَعَلَ كُلَّ

ــ

[حاشية الشرواني]

أَيْ: صَاحِبَ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ (قَوْلُهُ: أَنَّ لَهُ إلَخْ) خَبَرُ قَضِيَّةٍ إلَخْ وَالضَّمِيرُ لِلْمَدِينِ (قَوْلُهُ: قُلْت أَمَّا كَلَامُهُمْ الْأَوَّلُ فَإِنَّمَا هُوَ فِي الْمَنْعِ ابْتِدَاءً) أَيْ: فَلَوْ حَلَّ غَيْرُ الْمُسْتَغْرِقِ كَانَ لَهُ الْمَنْعُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي شَرْحٍ، وَالْمُؤَجَّلُ لَا بِقَوْلِهِ نَعَمْ لَهُ الْخُرُوجُ إلَخْ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الثَّانِي) أَيْ: قَوْلُهُمْ لَوْ تَأَجَّلَ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: بِتَسَلُّمِهِ) أَيْ: الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: فَمَكَّنَّاهُ) أَيْ: الدَّائِنَ (قَوْلُهُ: مِنْ ذَلِكَ) أَيْ: طَلَبِ الْحَبْسِ (قَوْلُهُ: أَمَّا الِامْتِنَاعُ بِالْمَنْعِ) وَهُوَ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْقِيَاسُ عَلَى الدَّيْنِ الْحَادِثِ فِي السَّفَرِ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُهُمْ لَا مَنْعَ لِذِي الْمُؤَجَّلِ عَلَى الِابْتِدَاءِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ (وَقَوْلُهُ أَوْ عَدَمُهُ) أَيْ: عَدَمُ الِامْتِنَاعِ مُطْلَقًا وَإِنْ مَنَعَهُ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُهُمْ لَا مَنْعَ لِذِي الْمُؤَجَّلِ إلَخْ عَلَى إطْلَاقِهِ فَيَشْمَلُ الْحُلُولَ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: بِمُجَرَّدِ الْحُلُولِ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ الدَّائِنُ بِالْمَنْعِ (قَوْلُهُ: الْتَقَى الصَّفَّانِ) إلَى قَوْلِهِ كَمَا أَفْهَمَهُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ طَرَأَ ذَلِكَ) أَيْ: رُجُوعُ مَنْ ذُكِرَ وَإِسْلَامُ الْأَصْلِ وَتَصْرِيحُهُ بِالْمَنْعِ وَعِلْمُهُ أَيْ: عِلْمُ مَنْ حَضَرَ الصَّفَّ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا مَرَّ) أَيْ: فِي شَرْحٍ إلَّا بِإِذْنِ غَرِيمِهِ مِنْ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ لَا وَاجِبٌ

(قَوْلُ الْمَتْنِ يَدْخُلُونَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي مَا تَضَمَّنَهُ قَوْلُهُ يَدْخُلُونَ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَيْ: دُخُولُهُمْ إلَخْ) يُوَجَّهُ بِأَنَّ رَفَعَ يَدْخُلُونَ بَعْدَ حَذْفِ أَنْ الْمَصْدَرِيَّةِ الدَّاخِلَةِ عَلَيْهِ كَمَا فِي تَسْمَعُ بِالْمُعَيْدِيِّ وَحِينَئِذٍ فَيَدْخُلُونَ أُوِّلَ بِالْمَصْدَرِ سم وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ الشَّارِحِ أَيْ: دُخُولُهُمْ بَيَانًا لِحَاصِلِ الْمَعْنَى أَيْ: الثَّانِي مَضْمُونُ يَدْخُلُونَ إلَخْ وَلَا حَاجَةَ إلَى اعْتِبَارِ تَقْدِيرِ أَنْ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ أَيْ: كَمَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُغْنِي.

(قَوْلُهُ: أَوْ خَرَابَهُ أَوْ جِبَالَهُ) أَيْ: وَلَوْ بَعِيدًا عَنْ الْبَلَدِ مُغْنِي وَأَسْنَى (قَوْلُهُ: كَمَا أَفْهَمَهُ) أَيْ: الْعُمُومُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: أَوْ صَارَ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ أَنْ يَسْتَسْلِمَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ عَيْنًا وَإِلَى التَّنْبِيهِ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: كَانَ خَطْبًا إلَخْ) جَوَابُ فَإِنْ دَخَلُوا (قَوْلُهُ: عَيْنًا) أَيْ: فَيَكُونُ الْجِهَادُ فَرْضَ عَيْنٍ اهـ مُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ فَإِنْ أَمْكَنَ) أَيْ: لِأَهْلِهَا تَأَهُّبٌ أَيْ: اسْتِعْدَادٌ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَهْجُمُوهَا) بَابُهُ دَخَلَ انْتَهَى مُخْتَارٌ ع ش (قَوْلُهُ: بِمَا يَقْدُرُ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِالدَّفْعِ بِوَاسِطَةِ حَتَّى أَيْ: حَتَّى يَجِبَ الدَّفْعُ عَلَى مَنْ ذُكِرَ بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَقَدَّرَهُ الْمُغْنِي عَقِبَ الْمُمْكِنِ أَيْضًا فَقَالَ أَيْ: الدَّفْعُ لِلْكُفَّارِ بِحَسَبِ الْقُدْرَةِ حَتَّى عَلَى فَقِيرٍ بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَامْرَأَةٌ إلَخْ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيَجُوزُ أَنْ لَا تَحْتَاجَ الْمَرْأَةُ إلَى إذْنِ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: فِيهَا قُوَّةٌ) وَإِلَّا فَلَا تَحْضُرُ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: مِمَّنْ مَرَّ) مِنْ أَبَوَيْنِ وَرَبِّ دَيْنٍ وَمِنْ سَيِّدٍ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَيُغْتَفَرُ ذَلِكَ) أَيْ: عَدَمُ الْإِذْنِ اهـ ع ش (قَوْلُ الْمَتْنِ فَمَنْ قَصَدَ) أَيْ: مِنْ الْمُكَلَّفِينَ وَلَوْ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً أَوْ مَرِيضًا أَوْ نَحْوَهُ اهـ مُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ إنْ عَلِمَ) أَيْ: ظَنَّ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُ الْمَتْنِ إنْ أُخِذَ قُتِلَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِمَا اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: لِامْتِنَاعِ الِاسْتِسْلَامِ لِكَافِرٍ) أَيْ: فِي الْقَتْلِ فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي فِي الْمَتْنِ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَإِنْ جَوَّزَ) أَيْ: الْمُكَلَّفُ الْمَذْكُورُ اهـ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: إنْ امْتَنَعَ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الِاسْتِسْلَامِ (قَوْلُهُ: مِنْ قِسْمَيْ التَّمَكُّنِ) أَيْ: مِنْ التَّأَهُّبِ وَقَوْلُهُ وَعَدَمُهُ أَيْ: عَدَمُ التَّمَكُّنِ مِنْ التَّأَهُّبِ، وَالْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ وَالْمُقْسَمُ دُخُولُ الْكُفَّارِ فِي دَارِنَا.

(قَوْلُهُ: وَعَدَمُهُ بِقَيْدِهِ وَهُوَ إلَخْ) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ أَنَّ فِي قِسْمَيْ الْعَدَمِ يَتَعَيَّنُ لِكُلٍّ قَيْدٌ، وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ هُنَا قَيْدُ أَحَدِهِمَا الَّذِي زَادَهُ فِي الشَّارِحِ اهـ سم، وَقَدْ يُقَالُ إنَّمَا خَصَّهُ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

مِنْ رُجُوعِهِ نَحْوُ الْهَزِيمَةِ وَانْكِسَارِ الْقُلُوبِ.

(قَوْلُهُ: قُلْت أَمَّا كَلَامُهُمْ الْأَوَّلُ فَإِنَّمَا هُوَ فِي الْمَنْعِ ابْتِدَاءً) أَيْ: فَلَوْ حَلَّ غَيْرُ الْمُسْتَغْرِقِ كَانَ لَهُ الْمَنْعُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي رَأْسِ الصَّفْحَةِ فِي قَوْلِهِ: نَعَمْ لَهُ الْخُرُوجُ إلَخْ

(قَوْلُهُ: أَيْ: دُخُولُهُمْ) يُوَجَّهُ ذَلِكَ بِأَنَّ رَفْعَ يَدْخُلُونَ بَعْدَ حَذْفِ أَنْ الْمَصْدَرِيَّةِ الدَّاخِلَةِ عَلَيْهِ كَمَا فِي: تَسْمَعُ بِالْمُعَيْدِيِّ. وَحِينَئِذٍ فَيَدْخُلُونَ مُؤَوَّلٌ بِالْمَصْدَرِ. (قَوْلُهُ: مِنْ قِسْمَيْ التَّمَكُّنِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْ قِسْمَيْ التَّأَهُّبِ. (قَوْلُهُ: وَعَدَمُهُ بِقَيْدِهِ وَهُوَ إلَخْ) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>