للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذَلِكَ بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ. ثَانِيَتُهُمَا: أَنْ يَغْشَاهُمْ الْكُفَّارُ وَلَا يَتَمَكَّنُوا مِنْ اجْتِمَاعٍ وَتَأَهُّبٍ، فَمَنْ وَقَفَ عَلَيْهِ كَافِرٌ أَوْ كُفَّارٌ وَعَلِمَ أَنَّهُ يُقْتَلُ إنْ أُخِذَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ بِمَا أَمْكَنَ، ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ كَانَ يَجُوزُ أَنْ يُقْتَلَ وَأَنْ يُؤْسَرَ، وَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ الِاسْتِسْلَامِ لِقَتْلٍ جَازَ أَنْ يَسْتَسْلِمَ، فَإِنَّ الْمُكَافَحَةَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ اسْتِعْجَالٌ لِلْقَتْلِ. وَالْأَسْرَ يَحْتَمِلُ الْخَلَاصَ انْتَهَتْ مُلَخَّصَةً. وَيُسْتَفَادُ مِنْهَا فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ مَنْ عَلِمَ أَيْ: ظَنَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَنَّ مَنْ أُخِذَ قُتِلَ عَيْنًا امْتَنَعَ عَلَيْهِ الِاسْتِسْلَامُ، وَكَذَا إنْ جَوَّزَ الْأَسْرَ وَالْقَتْلَ وَلَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ يُقْتَلُ إنْ امْتَنَعَ عَنْ الِاسْتِسْلَامِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ ذُلٌّ دِينِيٌّ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ عَلَى النَّفْسِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَ ذَلِكَ لِعِلَّةِ الرَّوْضَةِ الْمَذْكُورَةِ. وَعَجِيبٌ مِنْ شَيْخِنَا مَعَ جَرَيَانِهِ عَلَى حَاصِلِ مَا ذُكِرَ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ وَإِنْ لَمْ يَخْلُ عَنْ إيهَامٍ أَنَّهُ لَمْ يُنَبِّهْ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَلَى مَا أَخَلَّ بِهِ مِنْ عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ الْمَذْكُورَةِ، كَمَا يُعْلَمُ بِالْوُقُوفِ عَلَيْهِمَا.

وَيَلْزَمُ الدَّفْعُ امْرَأَةً عَلِمَتْ وُقُوعَ فَاحِشَةٍ بِهَا الْآنَ بِمَا أَمْكَنَهَا وَإِنْ أَدَّى إلَى قَتْلِهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تُبَاحُ بِخَوْفِ الْقَتْلِ، قَالَا: فَإِنْ أَمِنَتْ ذَلِكَ حَالًا لَا بَعْدَ الْأَسْرِ اُحْتُمِلَ جَوَازُ اسْتِسْلَامِهَا، ثُمَّ تَدْفَعُ إذَا أُرِيدَ مِنْهَا ذَلِكَ.

(وَمَنْ هُوَ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ مِنْ الْبَلَدِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ (كَأَهْلِهَا) فِي تَعَيُّنِ وُجُوبِ الْقِتَالِ وَخُرُوجِهِ بِلَا إذْنِ مَنْ مَرَّ، إنْ وَجَدَ زَادًا أَوْ يَلْزَمُهُ مَشْيٌ أَطَاقَهُ وَإِنْ كَانَ فِي أَهْلِهَا كِفَايَةٌ؛ لِأَنَّهُمْ فِي حُكْمِهِمْ.

(وَمَنْ) هُمْ (عَلَى الْمَسَافَةِ) الْمَذْكُورَةِ فَمَا فَوْقَهَا (يَلْزَمُهُمْ) إنْ وَجَدُوا زَادًا وَسِلَاحًا وَمَرْكُوبًا وَإِنْ أَطَاقُوا الْمَشْيَ (الْمُوَافَقَةُ) لِأَهْلِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ فِي الدَّفْعِ (بِقَدْرِ الْكِفَايَةِ إنْ لَمْ يَكْفِ أَهْلُهَا وَمَنْ يَلِيهِمْ) دَفْعًا عَنْهُمْ وَإِنْقَاذًا لَهُمْ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: بِقَدْرِ الْكِفَايَةِ. أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْكُلَّ الْخُرُوجُ، بَلْ يَكْفِي فِي سُقُوطِ الْحَرَجِ عَنْهُمْ خُرُوجُ قَوْمٍ مِنْهُمْ فِيهِمْ كِفَايَةٌ.

(قِيلَ) تَجِبُ الْمُوَافَقَةُ عَلَى مَنْ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ فَمَا فَوْقَهَا (وَإِنْ كَفَوْا) أَيْ: أَهْلُ الْبَلَدِ وَمَنْ يَلِيهِمْ فِي الدَّفْعِ لِمُعْظَمِ الْخَطْبِ وَرَدُّوهُ، بِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الْإِيجَابِ عَلَى جَمِيعِ الْأُمَّةِ، وَفِيهِ أَشَدُّ الْحَرَجِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ، لَكِنْ قِيلَ: هَذَا الْوَجْهُ لَا يُوجِبُ ذَلِكَ، بَلْ يُوجِبُ الْمُوَافَقَةَ عَلَى الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ بِلَا ضَبْطٍ حَتَّى يَصِلَ الْخَبَرُ بِأَنَّهُمْ قَدْ كُفُوا

. (وَلَوْ أَسَرُوا مُسْلِمًا فَالْأَصَحُّ وُجُوبُ النُّهُوضِ إلَيْهِمْ) فَوْرًا عَلَى كُلِّ قَادِرٍ وَلَوْ نَحْوَ قِنٍّ بِغَيْرِ إذْن نَظِيرُ مَا مَرَّ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ؛ (لِخَلَاصِهِ إنْ تَوَقَّعْنَاهُ) وَلَوْ عَلَى نُدُورٍ فِيمَا يَظْهَرُ وُجُوبَ عَيْنٍ كَدُخُولِهِمْ دَارَنَا، بَلْ أَوْلَى؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْمُسْلِمِ أَعْظَمُ، وَيُسَنُّ لِلْإِمَامِ، بَلْ وَكُلِّ مُوسِرٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَيَأْتِي فِي الْهُدْنَةِ مَزِيدٌ لِذَلِكَ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ خَلَاصِهِ مُفَادَاتُهُ بِالْمَالِ، فَمَنْ قَالَ لِكَافِرٍ: أَطْلِقْ أَسِيرَكَ وَعَلَيَّ كَذَا فَأَطْلَقَهُ لَزِمَهُ. وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْأَسِيرِ إلَّا إنْ أَذِنَ لَهُ فِي مُفَادَاتِهِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ لَهُ الرُّجُوعَ عَلَى مَا مَرَّ قُبَيْلَ الشَّرِكَةِ.

ــ

[حاشية الشرواني]

بَيَانُهُ لِسُكُوتِ الْمَتْنِ عَنْهُ بِخِلَافِ قَيْدِ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَهُوَ إنْ عَلِمَ إلَخْ فَمَوْجُودٌ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ ذَلِكَ) أَيْ: التَّأَهُّبُ (قَوْلُهُ: ثَانِيهِمَا) الْمُنَاسِبُ التَّأْنِيثُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَالَ) أَيْ: صَاحِبُ الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ) أَيْ: مَنْ وَقَفَ عَلَيْهِ الْكَافِرُ، (قَوْلُهُ: وَلَوْ امْتَنَعَ إلَخْ) حَالٌ مِنْ فَاعِلِ يَجُوزُ يَعْنِي: إنْ ظَنَّ أَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ إلَخْ فَإِنَّ الْمُكَافَحَةَ أَيْ: الْمُقَابَلَةَ (قَوْلُهُ وَالْأَسْرُ يُحْتَمَلُ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى اسْمِ إنَّ وَخَبَرِهِ. (قَوْلُهُ: مِنْهَا) أَيْ: عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ (قَوْلُهُ: فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ) أَيْ: الْمَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ إلَخْ) أَيْ: التَّفْسِيرُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: عَيْنًا) أَيْ: قَتْلًا مُتَعَيَّنًا بِلَا تَجْوِيزِ أَسْرٍ (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ جُوِّزَ إلَخْ) هَذَا مَفْهُومُ الْقَيْدِ الَّذِي زَادَهُ الشَّارِحُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ، وَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ الِاسْتِسْلَامِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَ ذَلِكَ) أَيْ: أَنَّهُ يُقْتَلُ إنْ امْتَنَعَ مِنْ الِاسْتِسْلَامِ أَيْ: فَيَجُوزُ لَهُ الِاسْتِسْلَامُ لِعِلَّةِ الرَّوْضَةِ الْمَذْكُورَةِ وَهِيَ قَوْلُهَا: فَإِنَّ الْمُكَافَحَةَ إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا أَخَلَّ) أَيْ: الرَّوْضُ بِهِ إلَخْ وَلَعَلَّهُ قَوْلُهَا فَمَنْ وَقَفَ إلَى قَوْلِهِ ثُمَّ قَالَ وَقَوْلُهَا: وَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ الِاسْتِسْلَامِ لِقَتْلٍ (قَوْلُهُ: عَلَيْهِمَا) أَيْ: الرَّوْضَةِ وَالرَّوْضِ.

(قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُ) إلَى قَوْلِهِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى قَوْلِ: الْمَتْنِ وَلَوْ أُسِرُوا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَسِلَاحًا وَقَوْلُهُ قِيلَ (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُ الدَّفْعَ امْرَأَةٌ إلَخْ) وَمِثْلُهُ الْأَمْرَدُ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ اهـ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: احْتَمَلَ جَوَازَ اسْتِسْلَامِهَا إلَخْ) جَزَمَ بِهِ ع ش أَخْذًا مِنْ صَنِيعِ النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ ثُمَّ تَدْفَعُ إلَخْ) أَيْ: وَإِنْ أَدَّى إلَى قَتْلِهَا اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَخُرُوجُهُ إلَى وَإِنْ كَانَ، وَقَوْلُهُ: لِلْإِمَامِ إلَى عِنْدَ الْعَجْزِ (قَوْلُ الْمَتْنِ كَأَهْلِهَا) وَلَيْسَ لِأَهْلِ الْبَلْدَةِ ثُمَّ الْأَقْرَبِينَ فَالْأَقْرَبِينَ إذَا قَدَرُوا عَلَى الْقِتَالِ أَنْ يَلْبَثُوا إلَى لُحُوقِ الْآخَرِينَ.

(تَتِمَّةٌ)

لَا تَتَسَارَعُ الْآحَادُ وَالطَّوَائِفُ مِنَّا إلَى دَفْعِ مَلِكٍ مِنْهُمْ عَظِيمٍ شَوْكَتُهُ دَخَلَ أَطْرَافَ بِلَادِنَا لِمَا فِيهِ مِنْ عَظِيمِ الْخَطَرِ مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ.

(قَوْلُهُ: بِلَا إذْنِ مَنْ مَرَّ) أَيْ: مِنْ الْأَصْلِ وَالدَّائِنِ وَالسَّيِّدِ وَالزَّوْجِ (قَوْلُهُ هَذَا الْوَجْهُ لَا يُوجِبُ ذَلِكَ إلَخْ) جَزَمَ بِهِ الْمُغْنِي ثُمَّ قَالَ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ: وَمَنْ عَلَى الْمَسَافَةِ قِيلَ: يَلْزَمُهُمْ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ، وَالْأَصَحُّ إنْ كَفَى أَهْلَهَا لَمْ يَلْزَمْهُمْ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ نَحْوَ قِنٍّ) كَالْوَلَدِ وَالْمَرْأَةِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ اهـ (قَوْلُ الْمَتْنِ فَالْأَصَحُّ وُجُوبُ النُّهُوضِ إلَيْهِمْ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَدْخُلُوا دَارَنَا وَقَوْلُهُ إنْ تَوَقَّعْنَاهُ أَيْ: بِأَنْ يَكُونُوا قَرِيبِينَ، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ تَخْلِيصُهُ بِأَنْ لَمْ نَرْجُوهُ فَلَا يَتَعَيَّنُ جِهَادُهُمْ بَلْ يُنْتَظَرُ لِلضَّرُورَةِ اهـ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ أَعْظَمُ) أَيْ: مِنْ حُرْمَةِ الدَّارِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: مَزِيدٌ لِذَلِكَ) وَمِنْهُ أَنَّ مَحَلَّ النَّدْبِ عِنْدَ عَدَمِ تَعْذِيبِ الْأَسْرَى وَإِلَّا وَجَبَتْ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: مُفَادَاتِهِ بِالْمَالِ) يَنْبَغِي بِغَيْرِ آلَةِ الْحَرْبِ لِمَا مَرَّ مِنْ حُرْمَةِ بَيْعِهَا لَهُمْ وَلَوْ كَانَ قُوتًا يَأْكُلُونَهُ، وَنَحْوَ حَدِيدٍ يُمْكِنُ اتِّخَاذُهُ سِلَاحًا، وَلَوْ قِيلَ هُنَا بِجَوَازِ دَفْعِ السِّلَاحِ لَهُمْ إنْ ظَهَرَتْ فِيهِ مَصْلَحَةٌ تَامَّةٌ لَمْ يَبْعُدْ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي رَدِّ سِلَاحِهِمْ لَهُمْ فِي تَخْلِيصِ أَسْرَانَا مِنْهُمْ اهـ ع ش وَمَا ذَكَرَهُ آخِرًا هُوَ الظَّاهِرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(قَوْلُهُ: فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ إلَخْ) يَنْبَغِي إذَا لَمْ يَشْرِطْ نَحْوَ عَدَمِ الرُّجُوعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا مَرَّ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ كَمَا عُلِمَ مِنْ آخِرِ الضَّمَانِ اهـ.

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

فِي قِسْمِ الْعَدَمِ يَتَعَيَّنُ كُلُّ قَيْدٍ، وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ هُنَا قَيْدُ أَحَدِهِمَا الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُمْ قَدْ كُفُوا) اُنْظُرْهُ مَعَ: وَإِنْ كُفُوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>